الوعي الوطني هو من حطم الشعارات المزيفة
عباس الضالعي
عباس الضالعي

اثبت الشعب اليمني بمختلف فئاته وتوجهاته وشرائحه وعيا مسبوقا اليوم وفهم المواطنين ان هناك جماعة حاولت استغلال المتغيرات الطارئة على الحالة المعيشية بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها اليمن وانعكاساتها على الوضع الاقتصادي بشكل عام.

المواطن رفض رفضا صريحا تسويق حالته المعيشية لصالح شعارات واجندات غير وطنية تبنتها جماعة الحوثي وقوى النظام القديم التي انزعجت من عملية رفع الدعم عن المشتقات النفطية واعلنت استنفارها - زيفا - لاستعادة الدعم حفاظا على مصالحها التي تضررت بعد تحرير المشتقات النفطية من الدعم الحكومي الذي تجاوز اكثر من ثلاثة مليار دولار.

هناك متضررين حقيقيين من عملية رفع الدعم وهناك غضب حقيقي ومشروع ومفهوم دوافع غضبه ، لكنه لا يمكن ان يتساوى مع الضرر الذي اصاب المتاجرين بقوت المواطنين والمتسلقين على أناته وجراحه من اجل الحفاظ على مصالحهم للاستحواذ على مبالغ الدعم التي تصرفها الخزينة العامة لدعم المشتقات النفطية وقيام هذه الجماعة بتهريب البترول والديزل للخارج والمتاجرة به في السوق السوداء والحصول على اموال طائلة تقدر بالمليارات .

قلنا .. ان الدعم الحكومي عملية فساد ومن يدافع عن استمرار الدعم هو دفاع عن الفساد ومصالح الفاسدين ورفع الدعم هو احباط لاكبر عمليات فساد وسد ثغرة كانت تمنح المال والثراء لمجموعة قليلة من المتاجرين بحقوق الشعب.

سأصدق جماعة الحوثي وشعاراتها وسأعلن تأييدي لها وقد افكر بالانظمام لها في حال اثبتت صدق شعاراتها ( عين على الوطن وعين على المسيرة القرآنية! !!!) وتقوم بإعادة المواطنين المشردين والمهجرين واللاجئين من ابناء محافظة صعده ومحافظة عمران ومديريات حجة والجوف وصنعاء واعادة ممتلكاتهم المنهوبة وتعويضهم عن الخسائر والدمار الذي تعرضوا له نتيجة الاعتداءات المسلحة عليهم وعلى اموالهم وممتلكاتهم ، بدون هذه المبادرة فالجوع مفضل على الموت ومقدم على المسيرة القرآنية ، سأصدق شعارات جماعة الحوثي في حال التزمت بما توافق عليه اليمنيين ووقعت عليه المتمثلة بمخرجات الحوار الوطني وتطبيقها وسأصدقها اذا جنحت للسلم واعلنت التعايش مع الوطن وابنائه بسلام .

القرآن الكريم وشريعة الاسلام المحمدية جاءت لتحرير الانسان من اي عبودية وجاءت لرفع الظلم والمظالم عن الانسان مهما كان مصدر وطبيعة ودوافع هذا الظلم ولا يوجد في القرآن الكريم آية واحدة اجازة الظلم لا تصريحا ولاتلميحا وان الاستظلال تحت شعار المسيرة القرآنية لقتل الابرياء وتشريدهم وتدمير ممتلكاتهم هي شرعية فرعونية ( انا ربكم الاعلي .... وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ... وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ... ) ولا ننسى ان كل الطواغيت عبر التاريخ رفعوا راية الاصلاح والسعادة والعدل والربوبية من اجل توفير غطاء عام لجرائمهم بحق البشرية ورغم هذا انتصرت العدالة وانتصر الحق ولو بعد حين ..

لو ان جماعة الحوثي صادقة مع نفسها اولا وصادقة بشعاراتها وحرصها على المواطن لتوقفت عن ممارسة انتهاك انسانية المواطن وحريته فالدعوة للتحرر لا يلزمها سجن مئات المواطنين وتعذيبهم وتشريد الاف الاسر والعائلات ونهب اموالهم وحقوقهم وتدمير مساكنهم ومدارسهم.

القتل والتفجير والتهجير والبطش كلها اعمال ليس للاديان والعقائد اي علاقة بهذه الاعمال وليس هناك اي فوارق بين القتل والتهجير والتفجير والتدمير الذي يمارس على ابناء غزة في فلسطين المحتلة وبين القتل والتهجير والتفجير والتدمير الذي يمارس على ابناء اليمن في صعده وعمران وحجة والجوف وصنعاء ، القتل والتفجير والتهجير والتدمير ملة واحدة بغض النظر عن الجهة التي تمارسه وليس هناك فرق بين الجريمة هنا او بفلسطين ولا فرق بين اسرائيل او جماعة الحوثي وجميعهم يستند الى معطيات دينية واستعلائية تفضلهم عن باقي البشر.

يجب على جماعة الحوثي ان لا تتجاهل وعي الشعب وان تستوعب ان ليس كل الشعارات ستنجح في تسويقها لان وعي المواطن متقدم وسابق ويقظ لاي تسلل من هذا النوع ، المواطن لم يعد سلعة رخيصة تتقاذفه التيارات والاحزاب وتبرمجه وفقا لشعاراتها ومشاريعها .

يجب على جماعة الحوثي ومن يزينون لها الطريق ان يستوعبوا درس اليوم وان يستوعبوا الفشل الناتج عن رفض المواطن والشعب للاستغلال السيء للاوضاع الاقتصادية وان يدركوا جيدا ان سوق الشعارات ليس مفتوحا على مصراعيه .. واخيرا على الحوثي وجماعته ان يفهموا قول الله عز وجل في محكم كتابه (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) وعليه ان يتدبر معانيها وهي كافيه لمراجعة المسيرة المزيفة ...


في الإثنين 04 أغسطس-آب 2014 12:46:48 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=40171