ديمقراطية الكفر العالمية ..والموعد الحق ..!!
عبدالجبار سعد
عبدالجبار سعد

مأرب برس ـ خاص

المسلمون بالنسبة للديمقراطية بين رافضين لها جملة وتفصيلا وشكلا ومضمونا واسما ومسمى وبين من يقبلون بها جملة وتفصيلا وشكلا ومضمونا واسما ومسمى .. وفريق ثالث بينهما يتعامل مع دين الملك..

 ذلك الدين الذي راعاه سيدنا يوسف عليه السلام وهو في موقع عزيز مصر .. حين أراد أن يستبقي أخاه فاحتال بوضع صواع الملك في رحل أخيه ثم جعلهم يحكمون عليه بأن يؤخذ ويحتجز لدى يوسف عليه السلام ..جزاء فعلته وهكذا ظفربأخيه ولكن بشريعة غير شريعة الملك الذي يعمل هو تحت سلطانه .. ولم يكن بإمكانه ان يظفر بأخيه في دين الملك لولا هذه الحيلة ..

 .. ودين الملك بالنسبة لنا هو دين الهيمنة العالمية الكافرة لدول الغرب على وجه التحديد التي أضحت تقيم موازينها على أساس المعايير الديمقراطية وليتهم يحترمونها رغم كل اختلالاتها ولكنهم لا يحترمونها ويتعاملون مع الشعوب والأنظمة على أسا س مصالحهم الذاتية باسم هذه الديمقراطية فمن رفضها أو لم يرضها كماهي أو أراد أن يقيم نظامه مستقلا عنها استحق غضبه وتحركت جيوشه لتدك سلطانه كما فعلت في أفغانستان والعراق.

 ومن قَبِلها استحق رضاه كماهو حال الكثير من الدول الخاضعة لسلطان أمريكا بمافيها الديمقراطيات الناشئة في المعسكر الشرقي من أوربا .. وبين هذا وذاك تقف أنظمة تمارس عليها الهيمنة الغربية بقيادة أمريكا كل أنواع الابتزاز الاقتصادي والسياسي والتشريعي .. فهي في منازلة دائمة مع أمريكا ومن لف لفها ومن الغريب أن يدخل ضمن هذه الأنظمة التي تقع تحت الابتزاز الغربي قوى عظمى مثل حكومة روسيا الاتحادية التي ورثت الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية التي كانت القطب الشيوعي الثاني الذي يواجه الغرب

***

الذين يقبلون بالديمقراطية في هذه الأوضاع من المسلمين إنما يقبلون بدين الملك المهيمن على كل جوانب الحياة العالمية المعاصرة .. وهم يعلمون ان الديمقراطية لا تغني من الحق شيئا رغم تقارب الكثير من أنظمتها مع نظام حكم الخلافة الإسلامية الراشدة الذي تأصل اعتقادا وتشريعا وواقعا في أزهى عصور الحكم الإسلامي وبقيت ظلاله تحكم المسلمين بعد ذلك عبر عصور مابعد الخلافة الراشدة و حتى سقوط الخلافة العثمانية وبهذا المستوى من التقليد والمحاكاة لنموذج الخلافة الراشدة كانت الأنظمة الإسلامية أكثر الأنظمة تسامحا و عدلا من بين أنظمة الحكم العالمية ..

***

في بلداننا العربية والإسلامية توجد هذه الفرق الثلاث في تعاملها مع الديمقراطية ..

• أولها تمثلها مجموعة من التوجهات الإسلامية المختلفة حزبية وغير حزبية و الرافضة لكل أنماط وأساليب الحياة الغربية .. باعتبارها بدع وضلالات ماأنزل الله بها من سلطان .. وهي في نظر هؤلاء كلها في النار

• وتوجه آخر تمثله قوى الحداثة والمتأثرين بأنماط الحياة الغربية المعاصرة حزبية وغير حزبية .. وهم الذين انسلخوا من اعتقاداتهم الشرعية الإسلامية إما بعد علمهم الظاهري وعدم استيقانهم بها وهم القلة وإما عن جهل كامل بها وافتتان بالتوجهات العلمانية والفلسفات المادية المعاصرة خصوصا الفلسفة الماركسية اللينينية .. وما نشأ تحت تأثيرها من توجهات فلسفية واتجاهات إصلاحية عالمية

• وأما الاتجاه الثالث فيحاول المواءمة بين حركة المجتمع وتأثيرات الثقافات الوافدة عليه .. والضغوط التي تفرضها الهيمنة العالمية للغرب الكافر بكل القيم وتوجهاته الصليبية الصهيونية الإباحية على كل المجتمعات العربية والإسلامية وهو يتعامل مع الديمقراطية باعتبارها دين الكفر المهيمن الذي لا مناص من طاعته والتعامل معه ولا فكاك من المثول بين يديه طوعا أو كرها لكنه بالمقابل يعلم أن مقتضيات الواقع المعاش واقع شعوبنا العربية والإسلامية لا ينسجم مع معطيات هذا النظام وثقافاته حتى النهاية ويستحيل أن يقبل بها حتى النهاية ـ ورحلة تركيا العلمانية وهي أقدم ديمقراطية في دولة إسلامية تؤكد هذه الحقيقة ـ وإن أرضت هذه التوجهات القلة من المفتونين بالغرب والمتأثرين بثقافاته والمرتبطين به فكرا ومسلكا ..حالا ومآلا .. ذلك أن الديمقراطية تبدأ بدعوى حرية التعبير وحقوق الإنسان وتنتهي بمحو الشرائع وتذويب القيم والمثل وقواعد السلوك الإنساني السوي .. وفرض الإباحية على بني الإنسان ..

 لنتذكر أن تركيا العلمانية لكي تدخل الاتحاد الأوربي كدولة ديمقراطية قد فرض عليها إلغاء الكثير من التشريعات لعل أهمها عقوبة الزنا التي كانت عبارة عن سجن ثلاث سنوات وليس فيها أي قضاء إسلامي ولكنها أكرهت على إلغائها وكذلك إلغاء عقوبة الإعدام .. وقد علم من قبل ذلك تحريم اللباس الإسلامي في أرفع مستويات التشريع والحكم .. والعلوم.. وهذا قليل من كثير كله غريب على الفطرة وعلى التشريع الإسلامي ..

إذن فالتوجه الثالث هو توجه واقعي التعامل أصولي المنطلقات غير مفرط بتراثه الإسلامي وذو قدرة على المبادرة لقطع الطريق على أولئك الذين يرغبون في إحداث اختلالات وتصادمات تنتهي بتدخل الغرب المكشوف وإملاء تفضيلاته على مجتمعاتنا .. 

***

نحن إذن في مواجهة حقيقية وهذه أطرافها ..

• المفتونون بالغرب يستنصرون بأمريكاوالغرب ومؤسساتهم لمحابهة أنظمة الحكم والتضليل عليها .. والإثارة لفتح الباب واسعا لتأثير القوى العالمية على مجتمعاتنا بشكل مماثل لماجرى في كل من العراق وأفغانستان ..

• والرافضون للغرب وأنظمته ينكرون توجهات هؤلاء مثلما ينكرون توجهات الأنظمة والتيارات التي تحاول أن توائم بين واقع المجتمع وإملاءات النظام العالمي الجديد..وتعادي كل مادونها من توجهات .

• ويبقى الاتجاه الثالث والذي يمثله الحكماء والعقلاء والمؤمنون من سائر التوجهات والذي يقدر لكل شيئ قدره ويحاول أن يتعامل مع المعطيات الداخلية والخارجية على أساس أنها شرٌّ لا بد منه .. لكنه بالمقابل لا يذهب مع مقتضيات المواءمة إلى الحد الذي يفقده تماسكه الاجتماعي وهويته الدينية والثقافية واستقلاليته السياسية والفكرية ..

فلينظر كل منا أين يجد نفسه من هذه الاتجاهات وليختبر قربه من دينه وقيمه العروبية والإسلامية أو بعده عنها ..فنحن في مفترق الطريق . فلن يدوم هذا الوضع طويلا فنحن المؤمنون بانتظار سقوط الهيمنة الكافرة على العالم مثلما ينتظر المفتونون سيادة هذه الهيمنة على العالم والوصول إلى مالم تصل إليه من مجتمعاتنا .. والموعد بغداد.. ولا شيئ غير بغداد فمن حازها وانتصر فيها سيحكم تاريخ العالم لقرون قادمة ..

suhailyamany@yahoo.com


في الثلاثاء 26 يونيو-حزيران 2007 07:32:46 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=2032