لماذا يثير طلاب اليمن الفوضى في برلين؟
عمار بدر الدين
عمار بدر الدين

- تمشي ببطء ودقات قلبك في تزايد مستمر .. تحاول الخروج من التفكير السلبي الذي يملأ رأسك..  لكن عقلك يخونك و ذاكرتك  تعود بك إلى الوراء لتتذكر أخر مرة كنت فيها هناك .. هناك في ذاك المبنى الذي يتوسط العاصمة برلين .. مع تزايد توترك و شعورك بحالة رعب تعرف أنك وصلت إلى المكان المنشود .. ما تضرب بأناملك جرس بوابته حتى تفتح لك الباب سيدة جميلة ذات وجه بشوش و ابتسامة مطمئنة .. ترحب بك و تسأل عنك و عن أحوالك ..لتعيش مع هذه السيدة الراقية بضع دقائق تشعر فيها بإنسانيتك .. بعدها يأتي من يجردك من إنسانيتك هذه بتعامل فج لا يحترمك كإنسان فضلا على أنك طالب علم و في مقام ابن لمن يفترض أنه هنا لخدمتك 

يخرج إليك رجل لا تكاد السيجارة تفارق يده .. يبدأ يثور و يصرخ حين يرى وجهك رغم أنك صامت لم تتكلم بعد .. أضف إلى أنك قد تكون تقابله لأول مرة في حياتك .. و إن تكلمت .. ما أن تبدأ في النطق حتى يقول كلمته المشهورة و التي يبسمل كلامه بها ( لا ) .. فأداة الرفض هذه هي الكلمة الأولى التي يقولها لك و لغيرك .. و بعد أن تسمع رفضه المسبق على كلامك او طلبك .. يمكنك حينها أن تبدأ في طلبك أو شكواك .. الذي في العادة ينتهي بتأكيد كلمة لا إلى جانب أخذ واجب الضيافة التقليدي ببضع كلمات من الشتائم و الجمل التي لا تتوقع أن يقولها مراهق فما بالك بشخص يحمل درجة بروفيسور .. عندها عليك أن تجر نفسك خارجاً و ألا تزيد في إلحاحك على طلبك حتى و إن كان حقا مشروعا و حتى و إن كان من واجباته تجاهك أن يقوم بهذا الأمر .. لأنك إن بقيت لدقيقة أخرى سيبدأ في ممارسة هوايته المفضلة عليك فتجد دخان السجارة الخارجة من فيه بشكل مستفز بإتجاه وجهك يشكل ضبابا أمام عينيك .. ضباب لا يكاد ينقشع الا و قد سبقته كلمات غليظة من فم غليظ و هو يصرخ في وجهك ( اطلع بره )

أيها السادة هذا هو ملحقنا الثقافي و هذه هي ملحقيتنا الثقافية بيت الأشباح الذي تظل مرتعداً من الخوف و أنت بداخلها ..

- يأتيك اتصال من أحد معارفك بأن شخصا سيأتي من اليمن إلى ألمانيا للعلاج أو للسياحة.. تبدأ في التفكير كيف ستجد له سكن بسعر رخيص .. كيف ستوفر له تذكر المواصلات بسعر معقول .. كيف ستحاول أن تكسب تخفيضا من المستشفى الذي سيتعالج فيه .. و كيف و كيف و كيف .. و بعد أيام يأتي ذاك الشخص الذي في الغالب يكون من رجال الدولة .. و لا نقصد هنا مسئولا من الدرجة الأولى .. بل قد يكون موظفا برتبه متوسطة او ضابطا في الجيش لكنه من أحد المقربين لأحد طرفي القوة في اليمن .. حين يصل هذا الشخص يبدأ في تبديد كل أفكارك التي فكرت فيها من أجله .. يبدأ في التأفف من الشقة او غرفة الفندق الذي ظللت تبحث له أياما عنها .. كيف تريد منه يا ساذج أن يسكن في مثل هكذا سكن ... صحيح أنك لا تحلم أن تسكن فيه ليلة واحدة .. و لكن من أنت لتقارن نفسك به .. تحرك و ابحث على الفور في البحث عن سكن أرقى .. و ان كنت قد دفعت الإيجار مقدما للشقة الأولى فهذا لا يهم .. و بدل أن تفكر في تذكرة المواصلات كان الأجدر بك أن تفكر له في رحلة مكوكية في أوروبا .. فهو هذه المرة ككل مرة يأتي فيها ألمانيا لا بد من زيارة للدول الأوربية المجاورة و البعيدة ..

أيام تعيشها برفقة هذا المسئول .. تشعر فيها فعلا بالذل .. فالـ 400 يورو الذي تصرف لك شهريا بعد أن تطلع الملحقية عينك من طلبات أوراق و نتائج مواد و انتظام في الدراسة و و .. يصرف صديقك الزائر نصفها في وجبة غداء و النصف الأخر أجرة سيارة تاكسي فقط لأنه لا يريد أن ينتظر 5 دقائق للباص ..  

أجرة يومك حين تعمل منظف في شركة أو عاملا في مصنع لتغطي نفقات دراستك .. ينفقها صديقك الضيف بقشيشا على نادلة المطعم فقط لأنها جميلة و حرام مثلها يشتغل في مطعم على حد تعبيره .

حالة الرعب التي تشعر بها و أنت في السفارة تسعى جاهدا لتكمل أوراقك التي تطلب منك بشكل مستفز كي لا تنقطع عليك مساعدة الـ 400 يورو .. تقابلها حالة من الزهو و الغرور يشعر بها صديقك القادم للعلاج و هو يدخل السفارة للحظات يخرج منها حاملا مبلغا بألاف الدولارات حولت له من الداخل ..

أيها السادة .. هذه هي خطة التقشف التي تمارسها الحكومة .. و التي تطلب من أبنائها الطلاب المساعدة فيها

نكمل في الجزء 2

amar33us@hotmail.com


في الجمعة 18 يناير-كانون الثاني 2013 03:59:04 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=18864