هل يصبح الفساد القنبلة الموقوتة التي حان انفجارها ؟؟

* خاص ( مأرب برس )

 

تعانى الدول الآخذة في النمو من تفشى ظاهرة الفساد في أجهزة الدولة المختلفة, وتختلف صور ودرجة استشراء الفساد وتغلغلة في الاجهز ة الحكومية من بلد لأخر بحسب درجة الاستقرار السياسي , وأوضاعها الاقتصادية , وأوضاع مؤسساتها وبحسب معايير النزاهة والقيم والضوابط الأخلاقية والثقافية السائدة فيها. وعندما يستشرى الفساد في الجهاز الادارى للحكومات ويؤدى إلى انحرافة عن هدفة الرسمي لصالح أهداف خاصة بدلا عن الاستجابة لطلبات الجمهور العامة ,يصبح كالسرطان الذي ينهك بنية الإدارة الحكومية ويضعف أدائها ويهدر مواردها مما يؤدى إلى أعاقة أهداف الإصلاح والتطوير ويحمل المجتمع تكاليف مادية ومعنوية ,تؤدى في النهاية إلى أعاقة مسار التنمية الشاملة . والفساد في اليمن بلغ من الاستشراء والخطورة لدرجة بشعة لتدق معها ناقوس الخطر, ولتنذر بمستقبل يهدد أ من واستقرار البلاد والعباد, حيث منحت منظمة الشفافية الدولية اليمن درجات من 2.4 -3.2، مبقية مؤشرها عند 2.7في العام2005م وتوزع المنظمة الدول على مؤشر يبدأ من 10 (نظيف جداً) حتى صفر (فاسد جداً)، ويعتبر المستوى (5) هو الفاصل بين نظيف، وفاسد .

و جاء في تقرير للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة  UND أن اليمن تشهد عجزا إداريا "امتد إلى وظائف الحكومة ليشمل وظيفة الرقابة "في الوقت الذي يفترض أن تسعى فيه الحكومة إلى إتباع ترتيبات واقية لفضح وتضييق الخناق على الفساد، وتفتقد البيئة التنظيمية في الوحدات التنظيمية التي تمتلك آليات الرقابة إلى القدرات والوسائل اللازمة لفضح الفساد والانتهاكات المصاحبة إلى اتخاذ الإجراءات التنفيذية الداخلية في الوحدات الإدارية ". وأضاف التقرير الصادر عن برنامج إدارة الحكم الرشيدة الذي أطلقه المكتب الإقليمي للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2000 (الإدارة الرشيدة لخدمة التنمية اليمن 2005) أن اليمن حصلت على درجة قيمتها 19 في مؤشر المساءلة العامة ( IPA ) في حين بلغ متوسط الدرجة التي حصلت عليها دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 32 ووصل هذا المتوسط إلى 38 في مجموعة الدول منخفضة الدخل .

و عبر التقريرعن أن الحالة الإدارية في اليمن "أصبحت سيئة بسبب تنامي أشكال مختلفة من الفساد وتعترف الحكومةبوجود الفساد واستشراءة في الإدارة العامة , حيث أكدت في برنامجها الذي قدمتة للبرلمان بعد انتخابات ابريل في العام2003م أن للفساد منابعة و أسبابة وبيئتة ,وتزدهر مكتبة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالملفات وبوقائع نهب المال العام.

و مع جود ثقافة وقيم م ؤ سسية متهاونة مع ممارسات الفساد , من خلال عدم مساءلة أو محاسبة الفاسدين عندما ترصد ضدهم وقائع استغلال للسلطة ونهب للمال العام , بل على العكس يتم ترقيتهم وتعينهم في أماكن أخرى , وفى أحسن الأحوال عندما تفوح الرائحة بشكل مزري يتم ركنهم لوقت الحاجة , فأن الفساد يصبح ثقافة سائدة تهدم قيم وأخلاق الناس , وفي هذة الحالة فأن التقليل من شان المأزق التنموي الذي نعيشة في كل المجالات ((اقتصاديا , وسياسيا , واجتماعيا , وثقافيا))والقول بأن التحذيرات و التقارير الدولية من انهيار وشيك للاقتصاد اليمني بناء على معاييرها الدولية لا تمت إلى المعايير اليمنية بصلة, فاليمنيون منذ قرون يعانون من انهيار اقتصادي لم يشهد تحسنا حقيقيا وجوهريا في أي مرحلة من المراحل ,يبدوا أنة منافي للواقع ويتجاهل تغير القيم الاجتماعية والثقافية والسياسية التي افرزها الفساد .

والحقيقة أنة عندما يعكس فساد الدولة والمجتمع أخلاق الناس ويعبر عن فقدان الإخلاص للوطن, وعندما يصبح الفساد أمرا مؤسسيا ونظاميا أو عنصر أساسيا في الحياة اليومية ,فأنة سيكون له إثارة المدمرة على المجتمعويصبح كالقنبلة الموقوتة المهددة بالانفجار لتلقي بظلالها على جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

فسياسيا يؤدى الفساد إلى الأضرار بمصداقية الدولة وأجهزتها فانتشار الفساد يؤدي إلي إضعاف قواعد العمل الرسمية والحيلولة دون تحقيق الأهداف الرسمية مما يؤدى إلى عدم الثقة بالدولة , و انعدام الثقة لة إثارة في المجتمع حيث يؤدى إلى نقص الفعل الجماعي ,كما أن افتقاد روح العدالة في قلوب الموطنين قد يؤدى ذلك إلي اليأس من اى مبادرات للإصلاح والتطوير, وهذا إذا ما صبح ظاهرة متنامية قد يقوض النظام السياسي برمتة.

واقتصاديا فإن المنافع التي تتحقق للقلة الفاسدة تتم ضد معايير الرشادة الاقتصادية ومخالفة للمنطق الاقتصادي , حيث تستأثر القلة الفاسدة بمقدرات الأمة وتذهب إلى جيوب الفساد بدلا من إعمالها في التنمية , ومن خلال الاحصائات الرسمية للجهاز المركزي للإحصاء فإن نسبة الفقر في اليمن وصلت الى49%كما أن نسبة أعداد السكان المتعطلين وغير النشطين اقتصاديا بلغ65.6% ويبلغ المتوسط السنوي لنصيب الفرد من الإنفاق على الصحة عام2003م ألف وسبعمائة ريال اى ما يعادل اقل من عشرة دولارات. ويشهد قطاع الخدمات الصحية والوقائيةعدم القدرة على تغطية أكثر من 42%من السكان. وتصل نسبة الأمية في اليمن عام2000م الى47.2% ويبلغ عدد المتسربين من التعليم الأساسي 65% من المستوى الأول أساسي فقط , ومن المفارقات احتلت اليمن المرتبة الثالثة عربيا في مجال الإنفاق العسكري، مقارنة بعمان، التي احتلت المرتبة الأولى، بنسبة 12.3 في المائة، تليها الأردن بنسبة 8.4 في المائة .

كما أنة يخفض حوافز الاستثمار , حيث يعتبر أصحاب المشروعات ما يدفعونة من رشاوى وغيرها من عمولات نوعا من الضرائب , كما إن البعض يحجم عن الاستثمار في الدول التي يستشرى فيها الفساد مما يضعف النمو الاقتصادي , حيث تقل فرص ازدهار الاستثمارات فيها, وهذا ما أكد ة التقرير السنوي لمناخ الاستثمار في الدول العربية 2004م الصادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار أن مناخ الاستثمار في اليمن لا يزال محاطاً بدرجة مخاطر عالية وتقع ضمن سبع دول ذات حرية اقتصادية ضعيفة، ووفق التقويم الدولي ضمن الدول(( ذات شفافية منخفضة)) .

واجتماعيا فأن المجتمع وهو يرى الفساد قد عم جهاز الدولة بأكمة سيدخل اللعبة هو الأخر فتضيع الذمم وتنتشر طرق الكسب غير المشروع وتضيع القيم الأخلاقية ((كالأمانة والنزاهة لتحل محلها قيم فاسدة , كما أنة يؤدى إلى تقديم المصلحة الخاصة للإفراد على المصلحة العامة وتظهر السلبية ولامبالاة في المجتمع نجاة قضايا الوطن. وفى ظل تفاقم الأوضاع عادة ما نسمع من المسؤلين في الحكومة وبعض أعلامين السلطة . بأنة من المهم النظر إلى نصف الكوب الملئان وعدم إنكار المنجزات التي حققتها الحكومة حتى نصبح منصفين ,,وحتى احياينا لنثبت وطنيتنا وبراءتنا من الخيانة!! والحقيقة بان ذلك صحيحا في ظل المنظومات الغير ديمقراطية والتي تختزل الدولة في الحاكم ,والتي لا يكون الإنسان هو محور وغاية التنمية .

والذي يجب أن نقبل بالنصف الملئان ونحمد الله على تفضل الحكومةبانجازة.

أما في ظل قيم ومبادئ المنظومة الديمقراطية ((في ظل سيادة القانون , واستقلال القضاء , وفاعلية المؤسسات الديمقراطية))

فأن الحكومة عليها أن تملئ الكوب كاملا وألا فلتتنحى وتفسح المجال لحكومة أخرى أكثر فاعلية وكفاءة .

وعلى هذا الأساس فان اى حديث عن إصلاح الخلل القائم لا يتناول إصلاح القيم والمبادئ التي تحدد سلوك الحكم , يجعلنا ندور في دائرة مفرغة .

وعلى جميع المصلحين والشرفاء والنخب السياسية والاجتماعية من جميع الأحزاب ((المؤتمر , والإصلاح, والاشتراكي ,وكل الأحزاب)) ومنظمات المجتمع المدني ورؤساء القبايل والمثقفين ورجال الأعمال, توجيه الجهود إلي دعم وتعزيز قيم ومبادئ الحكم الرشيد , والالتزام بالاتي:-

- التمسك بالحقوق الدستورية والقانونية كغاية عليا وعدم التنازل أو المساومة فيها ((كالحق في ضمان الانتخابات المباشرة للرئاسة ومجلس النواب والمجالس المحلية بنزاهة وشفافية وإلزام الحكومة بذالك , وكل الحقوق والحريات التي كفلها القانون والدستور)), وتبنى برنامج التوعية العامة وإقامة الندوات والفعاليات والنزول إلى الجماهير وتوعيتهم بحقوقهم القانونية وأثار التنازل أو السلبية تجاهها,وأهمها الفساد .

- التوجة إلى تفعيل دور القضاء باعتبارة المؤسسة الضامنة لسيادة القانون ,والعمل على اصلاحة واستقلالية .

- المساهمة الفعالة من الأحزاب وشرائح المجتمع المختلفة بتكوين ودعم منظمات المجتمع المدني لاداء أدوارها .


في السبت 29 إبريل-نيسان 2006 07:17:02 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=172