قانون تشريع للجريمة
د شوقي الميموني
د شوقي الميموني

خلال زيارتنا الى رئاسة الوزراء للاعتراض على قانون العدالة الانتقالية بصيغته الحالية طرح علينا موضوع جدير بدراسته الا وهو وجود طرف لا يريد لقانون العدالة ان يرى النور هذا ما اخبرونا به كي يزيدوا من حماسنا للقبول بمشروع القانون.

لكني اود توضيح المسالة من وجهة نظر اصحاب المبادئ الثورية وليس من وجهة نظر ولي دم قتل ابنه او اخوه او ابوه.

نحن خرجنا الى الساحات والميادين في ثورة شعبية عارمة شاركت فيها كل شرائح المجتمع ومن جميع محافظات الجمهورية.

ولتوضيح الامر لدينا في مجلس أسر شهداء الثورة قاعدة بيانات متكاملة عن الشهداء في جميع محافظات الجمهورية ، لكل شهيد ملف خاص به يحوي قصة حياته من يوم مولده حتى لحظة استشهاده بالصوت والصورة وتصريحات اقاربه وشهادة زملاءه واصدقاءه.

لم يكن جمع البيانات سهل علينا بل كان الامر فيه مشقه وجهد وتكاليف فقد تم اعداد وتدريب فريق عمل متكامل وتم ارسالهم الى كل مكان تتواجد فيه أسرة الشهيد على اراضي اليمن الحبيب.

الشاهد عند مراجعة تلك البيانات وجدنا انه ما من محافظة من محافظات الجمهورية الا ومنها شهيد معنى هذا ان الثورة مجتمعية بامتياز كذلك لو راجعنا بيانات الشهداء نجد ان الشهداء منهم الطبيب والمهندس والمعلم والدكتور في الجامعة والمدير العام وغيرهم من وجاهات المجتمع معنى ان الثورة ايضا ثقافية وليست ثورة جياع .

هؤولا خرجوا لتحقيق اهداف محددة الكل متفق عليها لم يخالفوا قانون ولا دستور ولم يحدثوا مشكلة فقابلهم النظام في ذلك الحين بأشد انواع القسوة فقتل وجرح وقصف ودمر وشرد الاف الأسر وعاقب المجتمع عقاب جماعي .

اذا هي جريمة مكتملة الاركان الجاني فيها معلوم والمجني عليه معلوم وادوات الجريمة معلومة والادلة والشهود معلومة.

من خلال الحيثيات السابقة المفروض ان تقوم الحكومة ومن وراءها المجتمع بتقديم الجناة وادوات الجريمة الى قضاء عادل ونزيه حتى يقضي فيهم بما يستحقونه.

لكن الذي حدث اذهل الثوار وذوي الشهداء والجرحى على السواء فقد تم اصدار قانون حصانة للجاني لمنع أي احد من مسائلته في المستقبل (تشريع للجريمة للأسف) ولكنهم حينما فاقو من سكرتهم وجدوا ان قانون الحصانة لا يرقى الى ما كانوا يطمحون اليه وادركوا انه قانون هزيل يمكن الطعن فيه وابطاله فأرادوا ان يعضدوه بأخيه حتى تكون المناعة اقوى والاطمئنان اشد فبحثوا فلم يجدوا افضل من قانون العدالة الانتقالية الذي سوف يحقق لهم ما اردوه ان استطاعوا فرضه بالشكل الذي يناسبهم.

فقولكم ان هناك جهات لا تريد لقانون العدالة ان يرى النور فانا أأكد لكم العكس تماما فالجناة يتمنون صدوره بصيغته الحالية لكن الرفض منهم حيلة من حيلهم التي فاقت حيل ابليس نفسه.

نحن نتحدث عن مبدا من مبادئ ثورتنا خرجنا من اجلها ومنها اقامة العدل والانصاف وسيادة القانون على الجميع فاذا فرطنا ورضينا بخرق هذه المبادئ العظيمة وتقزيمها فقد احدثنا ثلمة في اليمن الحديث الذي ننشده واعدنا انتاج قاتل اخر متكئ على احد القوانين المذكورة.

هل يعني ان القانون في حالة عدم إقراره ستضيع العدالة ويغيب الانصاف وبالتالي تضيع دماء الناس؟

نحن لا يعنينا قانون العدالة الانتقالية اذا لم يحقق طموحات شهدائنا ومبادئ وأهداف ثورتنا فمن الافضل ان لا يقر قانون يحمي المجرم من المسائلة والعقاب ولا يعترف بثورة ولا بشهيد ثورة ، اي قانون هذا الذي صور ثورة الشعب اليمني من اقصاه الى اقصاه بخلاف بين طرفين سياسيين ادى الى حدوث ضحايا ، أي قانون هذا الذي غيب القضاء تماما ولم يشر فيه الى محاكمة او ادانة ، أي قانون هذا الذي اختزل الدماء وجعلها ماء .من الافضل الا يصدر قانون بهدة المواصفات المفصلة سلفا.

نحن نعمل ايضا فلدينا فريق قانوني يعمل ليل نهار من اجل فرز الوقائع وتجهيز الملفات بالأدلة الدامغة لتقديمها الى القضاء المحلي أما القضاء الدولي فنحن جاهزون لإرسال 9 قضايا الى المانيا والسويد وسويسرا مع العلم ان الشخص المتبني للقضية في احدى هذه الدول هو مواطن من اصل يمني وهو ابو احد الشهداء .

ومع هذا كله فنحن مستعدون لان نضع ايدينا بأيدي الحكومة بشرط ان تستوعب ما حدث خلال ثورة الشباب الشعبية السلمية وتقر قانون يرقى الى مستوى الانصاف يحفظ الحقوق ويدين المتهم بعد ثبوت الجرم عليه حتى يصبح معطلا ومنبوذ في المجتمع ويجرده من كل قوة كان يمتلكها في السابق ويقيد حركته فلا يستطيع الترشح لممارسة اي عمل ولا يستطيع ان يتقلد اي منصب مدني سواء او عسكري عندها ستجدون ان الانسان اليمني يتعالى على جراحة ويظهر الرحمة والسماحة التي لديه.

almaimooni@gmail.com


في الثلاثاء 15 مايو 2012 12:27:12 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=15548