مأزق الحبيب الجفرى بعد زيارة الأقصى
جهان مصطفى
جهان مصطفى
 
 

ما إن قام الداعية الإسلامي اليمني الأصل الحبيب علي الجفري بزيارة إلى المسجد الأقصى في 4 إبريل، إلا وأكد كثيرون أن هذا التطور من شأنه أن يشعل مجددا الحرب الكلامية التي اندلعت قبل أسابيع بين رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي والرئيس الفلسطيني محمود عباس على خلفية فتوى "زيارة القدس".

وكانت الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر سارعت لانتقاد زيارة الجفري إلى المسجد الأقصى مع بعض الشخصيات الرسمية من الأردن تحت حماية الاحتلال الإسرائيلي.

ونقل المركز الفلسطيني للإعلام التابع لحركة حماس عن صالح لطفي المتحدث باسم الحركة الإسلامية القول :" نستنكر زيارة الجفري إلى المسجد الأقصى، كنا نتوقع من السادة العلماء في ربوع وطننا العربي والإسلامي بغض النظر عن انتماءاتهم المدرسية أن يقفوا صفا واحدا في مواجهة المؤسسة الاحتلالية التي تدنس بجنودها ومجنداتها يوميا ساحات المسجد الأقصى المبارك".

وأضاف لطفي" كنا نأمل من هؤلاء العلماء والدعاة أن يصلوا في المسجد الأقصى الحر وليس المسجد الأقصى الذي يعاني من الاحتلال الإسرائيلي، وما نزال نتمنى على علماء الأمة أن تنجب كالقاضي محيي الدين بن الزكي القرشي الذي أبى ألا يخطب الجمعة وألا يصلي في الأقصى إلا وهو محرر من الاحتلال الصليبي".

وبجانب انتقادات لطفي السابقة، فقد ذكر المركز الفلسطيني للإعلام أن عدداً من المصلين في المسجد الأقصى استنكروا دخول الجفري للأقصى تحت حماية الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف المركز في بيان له" الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أكد في أكثر من فتوى أن زيارة القدس بتأشيرة إسرائيلية تطبيع مع الاحتلال ، كما أوضح أن زيارة العرب والمسلمين للمدينة المقدسة ستخفف الضغوط على الاحتلال، وستخدم الاقتصاد الإسرائيلي أكثر من خدمتها لاقتصاد أبناء القدس".

وفي مواجهة الانتقادات السابقة، نشر الجفري بيانا قال فيه:" قمت بالزيارة شوقاً إلى القبلة الأولى ومسرى الحبيب المصطفى، واستجابة لدعوة الشيخ محمد حسين، مفتي القدس والديار الفلسطينية، للمسلمين لزيارة المسجد الأقصى نصرة له ودفاعاً عن قضيته".

وأشار إلى أنه شاور بعض كبار علماء الأمة و"استخار الله" في الرحلة، فانشرح الصدر لذلك وتيسرت أسبابها، واختتم بيانه السابق، قائلاً:"أسأل الله أن يعجل في تحرير المسجد الأقصى ومقدساتنا السليبة وأرض فلسطين الحبيبة وأن يوقظ الأمة من غفلتها عن نصرتها وأن يفرج عن أهلها والمسلمين عامة".

وبعد أن وردت انتقادات كثيرة للجفري على صفحته في موقع "فيسبوك" ، أصدر بيانا جديدا دافع فيه عن زيارته، قائلا:" إن النبي محمد أسري به إلى المسجد الأقصى وهو محتل من قبل الروم، واعتمر عمرة القضاء مع الصحابة ومكة تحت حكم كفار قريش واعتمر وصلى والأصنام منصوبة في الكعبة وحواليها.. فلم يكن ذلك تطبيعا ولا استسلاما".

وأضاف الجفري" إسرائيل تنظم رحلات مكثفة لليهود من أنحاء العالم لزيارة القدس حتى صار حائط البراق مزدحما بهم وبدأوا يطالبون بتوسعته على حساب المسجد الأقصى الذي صار شبه مهجور من المسلمين بسبب خوف التطبيع".

واعتبر رجل الدين الذي يعتبر مقرباً من التيارات الصوفية واشتهر عبر الظهور في عدة برامج تليفزيونية أنه ينبغي تشجيع المسلمين والمسيحيين من مواطني الدول الغربية والدول الإسلامية غير العربية على شد الرحل أفواجا مع مرشدين مستوعبين والتنسيق مع المرابطين هناك لترتيب الزيارة للصلاة في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة.

وبرر الجفري وجود عناصر الشرطة الإسرائيلية حول الوفد الذي كان يضمه، مشيراً إلى أن الأمر غير مستغرب باعتبار أنه كان برفقه الأمير الأردني هاشم ، الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي جاء متفقدا لأعمال الترميم التي يقوم بها الأردن للمسجد وقبة الصخرة.

واختتم الجفري بيان الثاني، قائلا:" هذا التوضيح حول هذه الجزئية لمرة واحدة ولن أعود إليه مرة أخرى، فلا وقت لدينا لنضيعه في أمثال هذه المهاترات الصغيرة والقدس يصرخ في وجوهنا: أما تخجلون؟".

وبالنظر إلى أن زيارة الجفري للمسجد الأقصى جاءت بعد أيام قليلة من دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس مجددا خلال القمة العربية في بغداد في 29 مارس الماضي إلى زيارة القدس الشرقية المحتلة، فقد رجح كثيرون تصاعد الحرب الكلامية خلال الأيام المقبلة بين القرضاوي من جهة وعباس والجفري من جهة أخرى.

وكان عباس دعا خلال القمة العربية إلى إيجاد حالة تواصل دائم مع القدس وأهلها وإخراجها من عزلتها، وانتقد بشدة الفتاوى التي تحرم زيارة القدس ،قائلا :"إنه يجب التواصل مع القدس وليس تحريم زيارتها، فلا يوجد هناك نصوص في القرآن أو السنة، ولم يحصل في التاريخ أن مفتيا أو قاضيا أو رجل دين، حرم زيارة القدس، فكيف نحرمها؟! وقعت تحت احتلالات كثيرة ولم يأت شخص يقول حرام عليكم أن تزوروا القدس".

وقبل ذلك، وتحديدا أثناء المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة في 26 فبراير الماضي، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس القادة العرب أيضا إلى زيارة القدس، قائلا :" زيارة القدس لا يمكن أن تكون تطبيعا مع الاحتلال الإسرائيلي، بل هي حالة من التواصل مع القدس وأهلها، وأن زيارة السجين ليست اعترافًا بالسجان أو تطبيعا معه"، الأمر الذي رفضه القرضاوي على الفور وأصدر حينها فتوى جديدة تحرم زيارة القدس لغير الفلسطينيين، كونها تضفي شرعية على كيان غاصب لأراضي المسلمين، وتجبر على التعامل مع سفارة العدو للحصول على تأشيرة منها.

وقال القرضاوي في تأكيد لفتوى أطلقها في وقت سابق في هذا الصدد:"إن من حق الفلسطينيين أن يدخلوا القدس كما يشاءون، لكن بالنسبة إلى غير الفلسطينيين، لا يجوز لهم أن يدخلوها، تحريم الزيارة لعدم إضفاء شرعية على المحتل".

واللافت إلى الانتباه أن الأمر لم يقف حينها عند فتوى القرضاوي، حيث أعلنت حركة حماس أيضا رفضها دعوة عباس القادة العرب لزيارة القدس، ووصفت زيارة المسئولين العرب للمدينة، وهي تحت الاحتلال، بأنها تطبيع واعتراف بإسرائيل.

وبصفة عامة، يجمع كثيرون أن دعوات عباس المتكررة لزيارة القدس لا مبرر لها في هذا التوقيت تحديدا، خاصة أن إسرائيل تسابق الزمن لتهويد المدينة المقدسة، مستغلة انشغال العالم بالربيع العربي والأزمة السورية.


في الأربعاء 11 إبريل-نيسان 2012 05:37:55 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=15035