المال السياسي وال(شقاة) في المشهد الجنوبي
عبدالقوي الشامي
عبدالقوي الشامي

في حركة التفافية على الأفكار المطروحة لحل القضية الجنوبية, وفي ميلودراما اعلامية ممنتجة بسطوة ايدلوجيا حزب ومال ايقونته القيادية, قمعت ارادة المواطن في عدة ساحات جنوبية في عدن وحضرموت, عند احياء ذكرى ثورة اكتوبر المجيدة هذا العام, لأن المواطن لم يحصل على اذن من قيادة الحزب الوريث للمؤتمر الشعبي العام كما افاد مصدره المسئول في عدن, فكانت اجابة الحزب مدوية .. هذا هو الحل لقضيتكم, ومن لم لم يعجبه يحضر حضوره لساحة حضرة الحزب الموعود .. في تكرار واضح لما اقدم عليه صالح في ساحة العروض بخورمكسر العام 2007م حين غير اسم الساحة الى (الحرية) وشحنها يوم 14 اكتوبر بافراد الأمن المركزي بعد ان البسهم (المعاوز) وسخر لهم كل الفضاء الاعلامي وحماية اللواء 56 (دبابات) ليصور احتفال الجنوبيون من خلالهم بذات الذكرى, ومع ذلك فلا معاوز على عبدالله صالح الـ (تايوان) وحدت الشكل ولا نزعة الأحتلال الوحدوية التي استعصت على فهمنا لها وحدت المظمون او حتى غيرة اسم الساحة!!

 تكرار اجابات على عبدالله صالح في الحل للقضية الجنوبية, القائمة على مواجهة الساحة بساحة الحشود الـ(سفري) وتحدي الارادة الجماهيرية بالمال السياسي, في محاولة للتعمية على الرأي الشعبي الجنوبي ولحرف مساره المؤتلف من ست محافظات و4 ملايين مواطن واختزالة ببضع مئات او بضعة الآف يتم تجميعهم كيفما اتفق, من خلف ما كان يعرف بالاطراف الـ "شقاة" او من الـ (حراج) للعمالة الباطلة في نواصي عدن, بالتواطؤ مع طيفهم الساسي المؤدلج على الارض الجنوبية .. اجابات حزبية وقبلية كهذه يمكن لها ان تحدث فرقعة لتصويرها فيما يتــ (سّهل) من الفضاء التلفزيوني اليمني وقناة الجزيرة, الا انها لن تعكس واقع جنوبي مهما كانت المبالغ المصروفة والأعداد المشحونة.

 بل ولعمري انها الدعوة للـ لا وفاق مع الجنوبيين في مرحلة ما بعد صالح, مما يولد قناعة بأن: هناك مراكز ذات ثقل في المشهد الربيعي اليمني, لم تعد معنية بحل القضية الجنوبية, وانما معنية حصرآ في تأزيم المشهد الجنوبي, كخطوة استباقية لفرض اجندتهم في الحل, هذه القوى مصممة على ان تموضع نفسها ضد ارادة الشعب في الجنوب, وان كان من خلال الجملة الثورية والعبارة الوطنية وكلمة الديمقراطية التي يريدون تقييدها باسم الحزب ولصالح مجهول وايصالها في هذا الظرف الملتبس الى الجنوب على قاعدة علم ولا ينفذ!!

 اي بمعنى اخر ان هؤلاء القادمون على عربه يجرها الثواريضمرون في تكتيكهم لؤمآ يتقصى تجليات صالح في الظم والالحاق والتهميش واعادة انتاج سياسة الكروت المشحونة ليس بالفلوس فقط كما كان يفعل صالح وانما هذه المر بالفلوس المعززة بالأيديلوجيا الاقصائية التي لا تقبل القسمة الا على الـ (انا), وهنا يكمن خطر اصحاب السيولة اللزجة الذين يدفعون (20 مليون ريال), لأعداد وانتاج مظاهرة في مدينة عدن لاحياء ذكرى ثورة بما يتناسب! .. الم يتعض هؤلاء من مآل شراء الذمم الذي وصل اليه علي عبدالله صالح, الا يدركون ان حق الغداْ والقات او الشنطة المدرسية ولحمة العيد لا يمكن ان تكون قيمة لوطن وهوية!!!

 الا يدرك هؤلاء انهم بما اقدموا عليه من المصادرة الاعلامية لبعض الساحات في الشارع الجنوبي في ذكرى ثورته المجيدة 14 اكتوبر, قد اعادوا الكثير من الجنوبيين التي المفترق الذي كانوا فيه قبل ثورة الشباب السلمية, وأنهم بذلك انما يخاطرون بفصم ما تبقى من عرى الوحدة في نفوس بعض الجنوبيين, كما ويصرون على توسيع الشرخ الذي اوجده صالح, الذي جرب كل السبل لطمس الهوية الجنوبية بالأقناع اولآ, ثم بالمال ثانيآ, وبالتفل ثالثآ, وختمها بقوة السلاح, ولكن صالح فشل وفشلت كل احابيله, وبقى الجنوب هوية ووطن لأبنائه ..

 فالقضية الجنوبية لن تحل في اطار اللجنة المركزية, ولا الهيئة الاستشارية او القيادية لهذا الحزب او ذاك, والا ما كانت غلبت اللجنتين العامة والدائمة, ولا في اطار هيئة البيعة لعائلة الحكم والا ما كان غلب ال صالح منذ العام 1994م, فالحامل الوحيد للقضية الجنوبية هم ابناء الجنوب قاطبة, الصامدين في الساحات والميادين للمحافظات الجنوبية التاريخية: عدن, لحج, ابين, شبوة, حضرموت, والمهرة, ومن لديه حلآ جذريآ وعادلآ عليه التوجه الى العنوان الذي تجاهله صالح اكثر من عقدين الزمن, بدلآ من البحث عن سراب في المتاهات الأسرية القبلية او السرادب الحزبية الجهوية .. لسنا ضد الوحدة بمفهومها الحقوقي الجامع, وانما ضد كل من صادر حقوقنا بأسم الوحدة, وضد كل من يحاول مصادرة حقوقنا للمرة الثانية تحت ذات الشعار ....

وحتى نكون منصفين نقول: ان اجزاء مهمة من النخب الساسية وأكثرية شعبية شمالية ملموسة, قد ايدت الحراك الشعبي الجنوبي باعتباره ثورة الحق على المغتصب, الا ان هناك من النخب (السياقبلية), ان جاز لنا التعبير, تمزج بين السياسة والقبيلة, تتعاطف مع الجنوبيين من حيث كونهم ضحايا يمكن استثمارهم لأدانة النظام, ابدوا مناصرة لفظية للحراك السلمي الجنوبي ولكنها من النوع الذي كان يستحث المياه الراكدة على الحركة في الشارع الشمالي, ولم يكن تعاطفهم مع الهدف الذي سفكت في سبيله الدماء وسقط من اجله المئات من الشهداء, وعلى هذه الخلفية يمكن لنا ان نفهم لماذا هذا التنكر لدور الشارع الجنوبي في الثورة التي اطلق عليها مجازآ ثورة الشباب السلمية! ومن المناسب ان نذكر هنا بأن: ما يشهده الشارع الجنوبي منذ العام 2007م هو ثورة شعبية جنوبية ليس بساحة دون اخرى ولا بمحافظة دون سواها وانما ثورة الشعب بكل مكوناته والكل تقريبآ هتف للجنوب وليس لأسقاط الحاكم اوالنظام وحسب.


في الثلاثاء 25 أكتوبر-تشرين الأول 2011 04:51:00 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=12066