مستشار وزارة المالية: أحداث المنطقة أنقذت اليمنيين من جُرعة قاتلة
بقلم/ مأرب برس - متابعات
نشر منذ: 13 سنة و 3 أسابيع و 3 أيام
الخميس 03 مارس - آذار 2011 06:04 م

الخبير الإقتصادي ومستشار وزير المالية سعد الورد:

- توجيهات الرئيس الأخيرة ستسبب اعباء كبيرة على الموازنة ولا يمكن تنفيذها

- أحداث مصر وتونس أنقذت اليمنيين من جُرعة قاتلة كانت تعد لها الحكومة

- إعداد ميزانية الدولة يخضع للعشوائية والمزاجية وليس على أسس ومعايير معروفة

- وزير المالية شخصية قديرة وهو مقرب من نجل رئيس الجمهورية

أكد الخبير الاقتصادي ومستشار وزير المالية سعد الورد أنه لا يوجد توجها حقيقيا لإصلاح الأوضاع الاقتصادية والسياسية أو التخفيف من آثارها الضارة، مشيرا إلى أن ما أظهرته مشاريع موازنة عام 2011 بان هناك تراجعا في العجز إلى 312 مليار ريال أي ما نسبته 3.7% بعد أن وصل في ربط موازنة عام 2010 إلى 800 مليار ريال غير صحيح.

وأضاف الورد أن توجيهات الأخ الرئيس الأخيرة بزيادة الأجور وزيادة حالات الضمان الاجتماعي والتوظيف كلها أعباء إضافية على موازنة الدولة وسوف تضاعف نسبة العجز، حيث يتوجب توفير هذه الأموال والبالغة (89) مليار تقريبا الزيادة في الأجور شهريا ومبلغ الرسوم الموازي لطلاب الجامعات ما يقارب من (3) مليار وما يقارب (18) مليار سنويا لمواجهة حالة الضمان الاجتماعي على افتراض أن متوسط الراتب 3000 ريال وما يقارب من (3) مليار لمواجهة توظيف 60 ألف شخص، وهذا لاشك سوف يسبب إرباكا كبيرا للمسئولين داخل وزارة المالية.

نص الحوار

حاوره عبدالله بن عامر

* كخبير اقتصادي، هل تعبِّر موازنة عام 2011م عن طموحات المواطن اليمني وتعكس ما جاء في البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية؟

- الموازنة العامة للدولة عبارة عن الخطة المالية السنوية للدولة، فهي تحتوي على التقديرات المالية للسنة القادمة, وتحتوي على جميع مصادر التمويل الرافدة لخزينة الدولة وكيفية إنفاق واستغلال هذه الأموال بالشكل الصحيح خلال السنة القادمة، ولذلك فان جميع فئات الشعب بأكمله تتأثر بتقديرات الموازنة العامة لأنه من سيستفيد من الخدمات المقدمة من الدولة، بالإضافة إلى انه من سيدفع فاتورة النفقات العامة من خلال الضرائب.

ومن خلال هذه المعيار فانه يجب على الموازنة العامة أن توضح لجميع أفراد الشعب الكيفية التي بُنيت عليها تقديراتها بكافة الوسائل، سواءً من خلال الإعلام الرسمي أو الأهلي، أو من خلال السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس النواب.

وعند الإطلاع على أرقام موازنة عام 2011 والبالغة (1,821) واحد تريليون وثمانمائة وواحد وعشرون مليار تقريبا في جانب الاستخدامات بعد أن كانت في عام 2010م ما يقارب (2,300) تريليونين وثلاثمائة مليار بعد إضافة الاعتماد الإضافي, أي جاءت موازنة عام 2011م بنقص نسبته 28%، خلافا لما جاء في البيان المالي، وذلك من خلال التقليص العشوائي للنفقات العامة والمشاريع الاستثمارية ومخصصات الضمان الاجتماعي, وهي السياسة الانكماشية التي اتخذتها الحكومة في الاقتصاد، الأمر الذي يعني زيادة البطالة التي يصل معدلها إلى 40%، وانخفاض مستوى الدخل وتدهور الخدمات العامة، وكذا يساهم في زيادة نسبة الفقر والبالغة 45% وربما ينهار الاقتصاد برمته، ناهيك أن هذا التقليص لا يتفق لا مع برنامج الإصلاح المالي والإداري ولا مع برنامج رئيس الجمهورية, كما أن هذا التدهور ربما يؤجِّج الشارع اليمني ويخلق نوعا من التذمر والسخط على الدولة بأكملها..!!.

* ما هي الأسس والمعايير التي تستند إليها وزارة المالية في إعداد الموازنة؟

- يمكن القول أنه في السنوات الأخيرة انعدمت أي مبادئ أو معايير عند إعداد موازنة الدولة، سواءً عند إعدادها في الجهات والمحافظات أو عند مناقشتها وتجميعها في قطاع الموازنة في وزارة المالية، بل تخضع للوساطة والمجاملة، وهذا رئيس الجهة صاحبي نجامله ونعطيه أكثر والآخر لا.... الخ, أما عام 2011م لم يتم مناقشتها مع الجهات إطلاقا بخلاف ما كان معمول به في السابق، حيث كان يتم إرسال التعميمات إلى كل الجهات للبدء في إعداد الموازنات، موضحين ما هي المبادئ والأسس، وكان يعتمد على المنصرف الفعلي للنصف الأول من كل عام كمعيار للاسترشاد بميزانية ثلاث سنوات سابقه للجهة وكذلك بعض المستندات مثل الفواتير والعقود وغيرها وفقا لأسس فنية كافية ووفقا لمعايير متعارف عليها دوليا.

* من خلال اطلاعك على موازنة 2011م هل مازال العجز في الحدود الآمنة أم لا؟

- من خلال ما ذكرته سابقاً وما أظهرته تقديرات موازنة عام 2011 لا يوجد توجها حقيقيا لإصلاح الأوضاع الاقتصادية والسياسية أو التخفيف من آثارها الضارة، حتى لو أظهرت مشاريع موازنة عام 2011 تراجعا في العجز إلى 312 مليار ريال أي ما نسبته 3.7% بعد أن وصل في ربط موازنة عام 2010 إلى 800 مليار ريال فان ذلك غير صحيح.

ومن غير المتوقع أن يتراجع إلى هذه النسبة وأرجح أن العجز يفوق هذه الرقم بثلاثة أضعاف والآن بعد توجيهات رئيس الجمهورية سوف يتضاعف، مما يعني انه يفوق الحدود الآمنة، وعندما يكون العجز بهذه النسبة ستكون له آثار خطيرة على الوطن، ويرجع ذلك إلى تراجع الموارد النفطية والتي كانت تمثل نسبة 70% وكذلك عدم البحث عن موارد أخرى، إضافة إلى ارتفاع الدين المحلي مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة أسعار الفائدة بهدف توفير الأموال لتغطيه العجز، وان معدل الاستثمار سيتراجع، ولا شك أن ذلك سيؤدي إلى تراجع معدل النمو الاقتصادي، الأمر الذي يعني زيادة حدة الانكماش في الاقتصاد اليمني مما يعني استمرار تدهور الدخل الحقيقي وتنامي معدل البطالة وتوسع ظاهرة الفقر.

ولا شك أن ذلك كله سيعمل على تفاقم الأوضاع الاجتماعية، ومن الواضح أن التفاوت بين فئات المجتمع يتسع لصالح فئات قليلة من المتنفذين وعلى حساب غالبية أفراد الشعب وإلغاء الطبقة الوسطى.

توجيهات الرئيس..!!

* وجه رئيس الجمهورية مؤخراً بعدد من التوجيهات منها اعتماد 500 ألف حالة ضمان اجتماعية جديدة وتنفيذ المرحلة الثالثة للأجور، تُرى هل ستستطيع الموازنة العامة تغطية ذلك؟

- ببساطه شديدة، قبل أشهر كانت هناك محاولة لتخفيض العجز في الموازنة العامة لعام 2011 والبالغة ما نسبته 9% إلى أدنى حد لها، وقامت بتقليص بعض النفقات وتم إقرار الموازنة على ذلك التخفيض، والآن جاءت توجيهات الأخ الرئيس بأعباء إضافية على موازنة الدولة سوف تضاعف نسبة العجز وسوف يسبب للمالية حرجا كبير، حيث يتوجب عليها توفير هذه الأموال والبالغة (89) مليار تقريبا الزيادة في الأجور شهريا ومبلغ الرسوم الموازي لطلاب الجامعات ما يقارب من (3) مليار وما يقارب (18) مليار سنويا لمواجهة حالة الضمان الاجتماعي على افتراض أن متوسط الراتب 3000 ريال وما يقارب من (3) مليار لمواجهة توظيف 60 ألف شخص، وهذا لاشك سوف يسبب إرباكا كبيرا للمسئولين داخل وزارة المالية ومؤكد بأنه سوف يتم معالجة تلك العجوزات عندما يتم الاعتماد الإضافي أو استغلال ذلك من المبالغ التي ما زالت لدى المانحين ولم يستغل منها سوى 10% بسبب ضعف الإدارة.

رفع المشتقات النفطية

* هل فعلا أن هُناك توجها حكوميا لرفع الدعم نهائياً عن المشتقات النفطية وهل ما زلت عند موقفك الرافض لهذا، وما هي البدائل والمعالجات التي تحول دون ذلك؟

- عندما تعاني أي موازنة في العالم من العجز فمن الطبيعي يجب البحث عن موارد تخفف من هذا العجز من قبل الحكومة لكن مش على حساب قوت المساكين وحياة أبناء الشعب التي هي تبحث عن أسهل الطرق للحصول على الموارد ورفع سعر المشتقات أو ما يسمي برفع الدعم عن المشتقات النفطية الذي يعد أسهل ما يمكن فعله، ولولا الأحداث السياسية التي حصلت في تونس ومصر لكانت بدأت بتنفيذه.

هذا بالنسبة للشق الأول من السؤال، أما الشق الثاني فأكيد أنني مازلت علي موقفي كون إلغاء سياسة الدعم من شأنها أن تخلق مشكلات من نوع آخر تتمثل بدرجه رئيسية في رفع كلفة المعيشة حتى لو كانت سياسة دعم أسعار المشتقات النفطية تعكس كثيراً من السلبيات على واقع الاقتصاد اليمني في اعتقاد بعض من يقوم بالمطالبة ممن يتبنون الفكر الليبرالي بإلغاء سياسة الدعم وقد قدمت عدة مقترحات إلى الأخ وزير المالية..

* ماهي تلك المقترحات؟

- العمل على تقليص الهدر في النفقات العامة وضبط عملية تخصيص واستعمال السيارات الحكومية وخاصة لكبار المسئولين، والقضاء على الفساد أو الحد منه ما أمكن، وخاصة الفساد الكبير المتمثل في الصفقات الكبيرة والعمولات والسمسرة، وإعادة الاعتبار لمراقبة الأسعار والأسواق، والربط ما بين الأسعار والأجور والقضاء على التضخم، وترشيد استهلاك المشتقات النفطية، وتشجيع استخدام البدائل، والقضاء على الفاقد الكهربائي، إضافة إلى إصلاح القطاع العام الصناعي، والتوقف عن الترويج لخصخصته، وإعادة الاعتبار لسياسات الاستثمار العام، وتفعيل القوانين المالية وقوانين تحصيل الرسوم والإيرادات الأخرى والقوانين الجزائية، وإعادة النظر في القوانين المنظمة للضريبة العقارية وضريبة الإيجارات.

وهناك العمل على إيجاد وتطوير المناخ السياحي لجذب السياح كون السياحة هي المورد الذي لا ينضب واخذ تجارب من الدول المعتمدة على السياحة في رفد موازنتها، والاهتمام بالقطاع السمكي فخيرات البحار كثيرة والحمد لله تتمتع بلادنا بما يقارب 1800 كم على البحر الأحمر وخليج عدن.

* لماذا لم يتم الالتفات إلى هذه المقترحات ومناقشتها؟

- أنا بدوري رفعت ما يملي عليّ ضميري إلى الأخ الوزير وقد ربما كان مشغول أو الإخوة في السكرتارية لم يقدموها له كما حصل مع ما قدمته بشأن نفط الكلفة والذي تم احتجازه لدى مدير السكرتارية...

وزارة المالية

* كيف تقيم أداء وزارة المالية إجمالاً وهل فعلاً تستجيب لمتطلبات الواقع اليمني؟

- المال عصب الحياة كما يقال، وهو متمثل بوزارة المالية التي إذا صلحت صلح بقية أجهزة الدولة والعكس صحيح، ومن الواضح جليا خلال الفترة الأخيرة من الأعوام السابقة فان العمل المالي تراجع كثيرا إن لم نقول انعدم، ابتداءً من إعداد الموازنات بطريقة عشوائية والتي تخضع للمزاجية والإسراف مع بعض الجهات، والتقشف مع بعض الجهات الأخرى، كذلك توقيف المشاريع الاستثمارية مما يعني توقف التنمية في البلاد, مرورا بالإدارة المعنية بتنفيذ الموازنة وكيفية احتجاز مبالغ كبيرة من اعتمادات الجهات ولا تطلق إلا بعد جهد جهيد، رغم أن ميزانية بعض الجهات ضئيلة جدا ولا تحتاج إلى أن يتم قصقصتها عند إعداد الموازنة ثم الحجز عند التنفيذ.

أما طريقة صرف قيمة المستخلصات للمشاريع فحدث ولا حرج، ناس ترجع ملفاتهم من البوابة الخاصة بخدمات الجمهور، والمشنب يوصل بملفه إلى الوزير ويحصل علي توجيه باستكمال الإجراءات ثم يفاجأ بأن التوجيه ليس المطلوب، ويتم الرد بالاعتذار ثم يعاود الكرة مرة أخرى وتتم نفس العملية ويظل على هذا الحال حتى نهاية العام ولم يستلم المقاول المسكين فلوسه وأحيانا الردود غير منطقيه إطلاقا، معتقدين أن هذه شطارة وأنهم سوف يحققون وفورات، والعكس هو الصحيح إذ أنهم يحملون الدولة التزامات كبيرة وتتراكم سنة بعد أخرى، وتنهك موازنة الدولة، بالإضافة إلى فقدان المصداقية لدى المتعاملين معهم أو المقاولين.

لقد تفاقم الوضع المالي في القطاعات والإدارات العامة داخل وزارة المالية وكثير جدا ما تحصل تداخلات بين مهام الإدارات مع بعضها البعض مما أدى إلى ضعف تحصيل إيرادات الدولة بشكل عام وعدم البحث على موارد أخرى.

* هل تتعاون الوزارة في تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة على ممثلي الوزارة في الجهات الحكومية؟

- أولا لايوجد معايير واضحة ومحدده في اختيار ممثلي وزارة المالية في الجهات، بل العشوائية مسيطرة علي كافة التعيينات والمستويات وأؤكد لك بأن ممثلي وزارة المالية الآن مساكين ملطومين من الجهتين، أي من وزارة المالية والجهة المعين فيها، فالمالية تريد من ممثليها أن يعمل وفقا للأنظمة والقوانين والتعميمات الواردة منها وعدم استكمال الإجراءات غير القانونية وكذلك عدم متابعة أو استخراج أي اعتمادات لهذه الجهة، وفي نفس الوقت هو غير محمي ولا تقف معه المالية إذا اعترض على أي مخالفة وهو على الحق، إما إذا كان عليه غلطة بسيطة فكثيرة هي السكاكين التي ستحد داخل الإدارات المختلفة في المالية وقد يتغير من عمله باتصال, أما رغبة الجهة فلا بد لممثل وزارة المالية أن يكمل أي معاملة دون اعتراض على أي مخالفة وكأنه هو محلل فقط وإلا فسوف يقع اتصال وروح البيت!، بالإضافة إلى إنهم يُهانون من قبل رؤساء الجهات من اجل صرف مستحقاتهم فيعتبروهم دخلاء عليهم وكأنه من كوكب آخر، فكيف بالله عليك يتم تفعيل الرقابة علي هذا المسكين ولم يوفر له الحماية، ناهيك أن مبدأ الثواب والعقاب غائب تماما في وزارة المالية فالمسيء يُضاعف له الأجر ويرقى المراتب العالية والمحسن يهمش ولايلقى أي نوع من الرعاية والتشجيع.

* العديد من الصحف تناولت قضايا حساسة منها تعميق المناطقية بوزارة المالية، سواء بالتوظيف أو التعيين والصرف، ماصحة ذلك كشخصية محايدة؟

- لا أعتقد ذلك.. فالأخ وزير المالية من ألطف الناس ويتعامل مع الجميع، إلا أن له أصحاب كثيرون يقومون بإحراجه فهو يتمتع بصداقه واسعة جدا.

* هناك توجه لتشكيل حكومة وحدة وطنية، برأيك هل سيبقى نعمان الصهيبي وزيراً للمالية؟

- في اعتقادي أن التوجه نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية هو الحل الصائب للخروج من هذه الأزمات إذا كان هناك مصداقية من جميع الأطراف، ويقدمون مصلحة الوطن على المصلحة الشخصية، أمّا مسألة رأيي في بقاء

الأستاذ نعمان وزيرا للمالية فأعتقد انه باقي كونه رجل مهذب ومتعاون مع جميع أطياف المجتمع وكما يحظى بدعم كبير جدا من القيادة ومن أصحاب القرار وخاصة نجل الرئيس.

* رسالتك الأخيرة؟

- أتمنى من الأخ رئيس الجمهورية ألا يتسرع في قراراته وان يدرس كل ما يقدم له من قرارات كون المصداقية فقدت وان ينظر إلى أبناء اليمن جميعا نظرة متساوية دون الانحياز إلى أبناء محافظة بعينها كونه أب وأخ لأبناء اليمن بالكامل

* وبماذا تنصح وزير المالية؟

- الأخ نعمان لا يحتاج النصيحة منا كونه يحظى بمستشارين كثر..!.

** ايلاف اليمنية