كيف يمكن أن نساعد حسين؟ .. قصة مبتعث
بقلم/ محمد جواد عبد الصمد أحمد
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 16 يوماً
الأحد 11 يوليو-تموز 2010 07:31 م

ألتقيتُ ببعض الزملاء القدامى الذين كانوا في زيارة قصيرة لمدينة جدة ، وكان بينهم أحد الأشخاص عشريني العمر ألتقي به للمرة الأولى يدعى "حسين" ، أتسم حسين بالهدوء و الإبتسامة التي لم تكن تفارق ثناياه، كلما نظرت إليه أرى بريقاً لا معاً في عينيه، سألت نفسي : "ترى ما سر ذلك البريق؟!" وقد كان بجانبه عكاز للمعاقين ما زادني إندهاشاً وتساؤل!!

فلمّا ترجلنا عن السيارة رأيت الشاب يمشي على رجليه ويتكّأ على العكاز وكأنه مصاب بهشاشة في العظام أو ما شابه ، فدفعني فضولي إلى سؤاله عن سبب العكاز فصمت لبرهة ثم أجاب :"إني مصاب بمرض سرطان الدم – اللوكيميا- واتعالج بجرعات من العلاج الكيماوي ،وهذا ما أفقدني قواي وأضطرني إلى إستخدام العكاز أثناء المشي".

حسين ذلك الشاب اليافع هو من محافظة رداع أصيب بسرطان الدم – اللوكيميا - وهو في مازال في الثانوية العامة فعالجه والدهُ طويلاً بما توفّرت لديهم من موارد محدودة، وبعد مرحلة طويلة وبطيئة جداً من العلاج الكيماوي في المستشفيات اليمنية قال الأطباء بأن المرض قد تلاشى بقدرة قادر وأن "حسين" أصبح معافى تماماً من المرض، وبعد أن أنتهى الشاب من الثانوية العامة بمعدل مرتفع حصل على منحة للإبتعاث في المملكة العربية السعودية في جامعة أم القرى بمكة المكرمة وهو مفعم بالأمل والعزيمة متسم بالطموح والإرادة ، كيف لا؟ وهو ذلك الشاب القوي الذي قهر المرض وهزم الداء بإيمانه وعزيمته.

لكن كل تلك الاحلام وقفت عاجزة أمام إرادة الله وقضاءه حين علم حسين وبعد دخوله للمملكة بعدة أشهر ودراسته فصل جامعي كامل بأن ذلك المرض الخبيث قد عاد إليه مجدداً وأصبح يهدد حياته ورحلة إبتعاثه ومستقبله.

"حسين" لم ييأس بل زاده ذلك إصراراً على المقاومة والنضال ضد مرضه فأَعلم إدارة الجامعة بالأمر وأصرّ على مواصلة إبتعاثه وإكمال دراسته في الجامعة ، وبعد محاولات عديدة سمحت له إدراة الجامعة بمواصلة الدراسة لإيمانها ربما بتلك الإرادة الصلدة و العزيمة الصامدة التي يتحلى بها ذلك الشاب اليمني الطموح.

ليس هذا فحسب بل أحالت حالته للعلاج والمتابعة مجاناً في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة وكذا مركز الأورام بمستشفى الملك سعود بجدة الذي يعتبر واحداً من أكبر المراكز المعنية بعلاج حالات السرطان في الشرق الأوسط، الذين أخبروه بضرورة إجراء عملية زراعة للنخاع والعملية المذكورة نسبة نجاحها ضيئلة جداً فضلاً عن كون المتبرع لا بد أن يكون أحد أخوته الأشقاء لضرورة تطابق الأنسجة والجينات بنسبة عالية.

وعن المعاناة التي يتكبدها حسين وحيداً قال : "إلى الآن لم أخبر أهلي في اليمن بأمر رجوع المرض مرة أخرى وأني دائماً أطمأنهم عني وأني بحالة صحية جيدة، وذلك خوفاً من قلقهم علي من ناحية ومن ناحية أخرى إصرارهم على عودتي لليمن وتركي للدراسة الجامعية في حال علمهم بالأمر"، لكنه عزم أخيراً على إخبارهم بالأمر عند نزوله بعد أيام لقضاء الإجازة الصيفية معهم،لأنه يقول:"أني أيقن بضرورة دعم والديَّ لي معنوياً لمقاومة مرضي وهزيمته بإذن الله".

وبشأن جلسات العلاج الكيماوي ذكر حسين بأنه يعاني كثيراً بعد كل جلسة علاج لعدة أيام حيث يتم حقنه بالجرعات الكيماوية في النخاع الشوكي بالعمود الفقري وقد يصاب أحياناً بالشلل المؤقت لعدة ساعات بعد الجرعة ، كما أن تلك البقع السوداء التي تظهر على الجسم نتيجة الكيماوي كانت واضحة على يديه وعنقه ، وذكر أن زملاؤه غالباً ما يساعدوه ويدعموه معنوياً كل منهم بما يستطيع خاصة وأن العلاج في جدة وإقامة الطلاب في السكن الجامعي بمكة المكرمة.

وبعد كل ما عرفت عن الشاب "حسين" وجدت أخيراً إجابة تشبع تساؤلي عن سر ذلك البريق في عينيّ الشاب الطموح، ولكنه أيقظ في داخلي تساؤلاً أشد حيرة "كيف يمكن أن نساعد ذلك الشاب؟؟" فأحببت أن أشارككم معي هذا التساؤل.