بل كلنا كرت... يا فخامة الرئيس
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و 10 أيام
الجمعة 15 سبتمبر-أيلول 2006 04:20 م

" مأرب برس - خاص "

سيدي فخامة الرئيس ،وفقك الله وأطال عمرك

أحسست بالوجع في صدري وحال من الدوار لسماعي منك كلمة (كرت )في حوارك القريب مع الجزيرة منصور ..

أكل هذه الفترة التي انقضت في حساباتك بشخوصها وأحداثها ومراحلها لم يسعها إلا أن تكون مجرد كرت ؟ ،هي شهادة منك للتاريخ ،ولن تحسب زلة أو في سياق الزخم للدعايات الانتخابية ..

وهل ستدون ذلك في مذكراتك الشخصية الشاهدة للعصر حينما يوفقك الله لكتاباتها حسبما ذكرت في ذات لقاء للجزيرة .؟

الحقيقة يا صاحب الفخامة أن من أسميتهم الإخوان كرت ،كانوا قد اتفقوا معك واختلفوا اليوم ،كما اختلفوا مع الاشتراكي واتفقوا اليوم ،انطلاقا مما حسبوه ورصدوه واعتقدوه خدمة لليمن ،ولما فيه المظنة لتحقيق المصالح للبلاد والعباد ،حيث القضية العامة هي الشاغل وذات الأولوية ،ولو كانت على حساب المتغير الشخصي مهما كان .وفي ظل منظومة عقدية وفكرية تخضع الشخصي للعام وترفض بالمطلق التوقف عند الأشخاص على حساب الحركة نحو الغايات العامة ،(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل افائن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ،ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين )صدق الله العظيم ..

وكذلك فعل الاشتراكي ،اتفقوا معك ومن ثم اختلفوا ،واختلفوا مع الإصلاح ،ثم اتفقوا ،في ظل ما حسبوه في منظومتهم الموجهة تحقيقا للصالح العام .

وهذه جميعا تحسب لهم لا عليهم ،تبعا لما رشدوا لأجله ،ولم يجعلوها في سياق الشخصي والصفقات المرهونة ..

ولعل الشيخ حميد الأحمر في حواره مع الناس استفز واستنشط الذاكرة ،حول متغير الوحدة والوحدوي ،والشخصي والعام ،في سؤاله المثير هل كان الرئيس الصالح سيقبل بالوحدة لو أن البيض اشترط أن يكون هو الرئيس ليكون الصالح هو النائب .؟

وتحققت الوحدة بفضل الله ،وكان لكم يا فخامة الرئيس في ذلك دورا ورصيدا ونحن نشهد ،وكان للآخرين فعلا ورصيدا ،وقد شهدت أنت بذلك ،ولن أتعرض هنا للدور الوحدوي المشهود للاشتراكي حزبا أو قيادة ،وإنما للإخوان كرت –والتعبير لفخامتكم – لما يقتضيه الحال والتحليل ..

كانوا حسب ما قلتموه في أكثر من خطاب أو حوار ،هم الحلفاء الإستراتيجيون ،وهم أصحاب الدور الكبير والفاعل في قضايا كثيرة ،منها الأمن والاستقرار وتمتين وترسيخ قواعد النظام ،والوحدة والعملية الديمقراطية ،وهم دوما حسب تعبيراتكم الوجه الآخر للحكم والنظام السياسي ..

والإستراتيجية في التعريف فيما يتعلق بأمسها تعني بطبيعة الحال ما هو عليه اليوم .فهل نحن ويومنا في حساب الكرت .

الإخوان كرت هم الذين منحتهم بقرارات جمهورية وسام الوحدة ،ممثلين في قياداتهم (يسين ،اليدومي ،الزنداني )

أما يسن واليدومي ،فقد اعتذرا يومها عن قبول التوسيم ،مع تقديمهم الشكر والامتنان لفخامتكم ،غير أنهم اعتبروا أنفسهم لايستحقون أي محمدة في إطار ما يعد واجب ،على غرار لا شكر على واجب ،وهم ومعهم صفوفهم لا يسالون على واجب عملوه منزلة أو مغنم ،سوى رضوان ومثوبة الله سبحانه ،وأما بالنسبة للشيخ الزنداني فقد قبل ذلك كضرورة يحتمها الوضع حينها وفي مواجهة ما هو ليس مستبعدا في المستقبل فيما يتعلق بالطعن في وحدويته ولأجل إخراس تلك الألسن المشككة .

فإذا اعتبرت هؤلاء اليوم في خطاب عام ومفتوح كرتا ،فهل الوحدة ووسامها معها هي الأخرى في ذات الكرت .

تجمع الإصلاح –أو إخوان كرت – هم اليوم أصحاب النسبة في الحضور الجماهيري ،وهم الأعلى سقفا في حواضر المدن الرئيسة ،وهم القيادة للنقابات والتمثيل النخبوي والمهني ،في المعلمين والطلاب ،وفي أساتذة الجامعات ،والصحفيين ،ولدى المحامين ،والأطباء والصيادلة والصحيين ...الخ..فهل هذه النسب في هذه المساحات الجغرافية أو الكمية ،أو النوعية تدخل في سياق الكرت .

المشكلة أن الكرت تنتهي قيمته بعد استفراغ ما فيه من وحدات رقمية ،حتى يصبح عبئا على البيئة بدخانه إن اتلف حرقا ،أو بتشويهه لجمال البيئة إن بقي على حاله ركاما ملقى ..

والأكثر إشكالا وتعقيدا في التشويه لجمال البيئة اليمنية ،في أنهم ليسوا وحدهم الإخوان كرت ،بل إن هناك كروت أو قل كراريت مختلفة منها ما هو في طور الاستعمال ،ومنها ما هو منتهي الصلاحية ،ومنها ما هو قيد التحضير

 

 

الكروت القريبة

هي كثيرة و متعددة وسنتعرض للبعض منها كعينة ممثلة .

--الارياني كرت عبد الكريم الارياني،عبر عن كرته المستفرغ والملقى بمقولته التاريخية (مكافئة نهاية الخدمة ) كان يعد أهم الكروت الفاعلة ،وصالحا للاستخدام الداخلي والخارجي ،وبوحدات كثيرة ،رغم انه ساعد في إرساء وترسيخ قواعد النظام ،ومتخصصا في مقارعة الكروت الداخلية ،إلا انه تمدد في الداخل ،وأصبح لرقمه حضورا وتغطية في الخارج ،وبدعم وتعزيز ،وتسجيل ماركة اريانية مسجلة ،ربما تغطيته في الفضاء الدولي غطت على تغطية الشركة المستخدمة له في الداخل ،وفي ظل اتجاهات وحركة السير لرياح العولمة ،كان لابد من التخلص من هذا الكرت –ارياني كرت – واستبداله بكروت أخرى صالحة للاستخدام الداخلي والإقليمي والدولي ،ولكن دون أن تتسبب في تشويش أو في حصول أخطار مستقبلية .فكان البديل باجمال كرت ..

العجيب في هذا الكرت ،انه محروق تماما ،غير انه صالح في مواجهة الارياني كرت ،والإخوان كرت ،وفي التغطية الإقليمية والدولية ،هدار على كل اللغات والثقافات والتخصصات وكل ألوان الحياة ،رغم هذه الفاعلية الغير مكلفة إلا أن هناك بعض المؤشرات توحي باقتراب استبداله لصالح باصرة كرت .

وهكذا ليسوا كرتا ولا كرتين ولا ثلاثة ،بل كروت وكروت.

 --حينما ظهرت بعض بوادر التأزم بين عبد ربه والرئيس صالح عقب ما أعلن عن منتدى أبناء الجنوب بسبب استحقاقات ومواقف شخصية ،سارع الصالح إلى الإمارات في زيارة مفاجئة وعاجلة وعاد في يومه ومعه سالم صالح احد أهم كروت الطغمة في مواجهة احد أهم كروت الزمرة ،وهو الآن كرتا قيد الاحتياط والتجهيز ،وحينما تمدد الشيخ الأحمر بفعل جمهور الإصلاح ،وساعد هو الآخر في توسيع الإصلاح وتسويقه قبليا ،سارع النظام في استقطاب نجله حسين الأحمر كأهم وأفضل كرت لمواجهة أخيه حسين الأحمر بل وأبيه والأسرة الاحمرية في مجموعها.،ولان الشيخ المقداد في ذمار به أنفة وترفعا وصلابة ،كان لابد من استخدام الراعي كرت في مواجهته .

وهكذا كم ياكروت وكم .

 

 

كروتة الاحزاب 

كان الناصريون أصحاب جلبة وخطاب وقيادة ومشروع ،فكان لابد من كروتتهم ،فكان الجندي كرت ،أهم وابرز كرت في مواجهة المخلافي والقيادات الأخرى ،وكان الدكتور يسن عبده سعيد كرتا لكنه ظل مغمورا ومطمورا وضعيفا حتى استنفضته الانتخابات الرئاسية اليوم ،فتم تفعيله في مواجهة العزب وبن شملان ولمآرب أخرى ،الأخطر هنا أن وحداته فعلت وان تغطيته توسعت حتى اعتقد بعض المختصين انه قد يستخدم في مواجهة الجندي كرت ،إذ أن زيادة عدد وحدات هذا ستكون على حساب وحدات ذك ،وهذا ما فطن له الجندي كرت فزاد من جلبته وتفعيل الخدمة .

أما بالنسبة للبعث فقد تكروت هو الآخر ،فهذا محمود كرت في مواجهة سلام ,،ولما أحس سلام بتوقف رصيدة وانتهاء التفعيل الصدامي لها أعلن انطوائه مع الصالح ،غير أن محمود كرت هو الخسران هنا على أية حال ..

وعلى مستوى الجهاز الحكومي يستخدم وكيل الوزارة ككرت في مواجهة معالي الوزير ،ووكيل المحافظة في مواجهة السيد المحافظ ،حتى استسيغت الكروته عند الجميع فأصبح كل مسئول هو الآخر يحسن فن الكروته مع من هم دونه ،مع المدير العام ونائبه ،والمدير العام يستخدمها مع رئيس القسم ونائبه ،ومدير الناحية يستخدمها مع الشيخ وأمين عزلته ،ومدير المدرسة يستخدم المراقب في مواجهة الوكيل ،ومدرس العلوم في مواجهة أستاذ الرياضيات ،والأستاذ في الفصل يستخدمها مع طلابه ،فرئيس الفصل من الطلاب بحاجة إلى كرت من زملائه ..

وهكذا تكروتنا في كل شيء ،حتى أنني أنا الآخر أفكر في قضية الكروته ليل نهار ،حيث أنني أفكر أن أتزوج بغانية فاتنة,ذات مال ودلال وغنج ككرت في مواجهة أم العيال التي قرحت قلبي مطالب وصياح ،وما فيش احد أحسن من احد وكل واحد يكروت الذي يقدر عليه .

ولله في خلقه كروت ،وهكذا يافخامة الرئيس فلسنا وحدنا في ظل عهدكم ،قدس الله سركم الإخوان كرت ،إنما كلنا شعب مكروت و مكروت .