المقالح .. والعصفور
بقلم/ مفيد الحالمي
نشر منذ: 9 سنوات و 6 أشهر و 7 أيام
الجمعة 19 سبتمبر-أيلول 2014 02:57 م
 

الكتابه عن د.عبدالعزيزالمقالح تشبه الكتابه عن الذات ، بل هي كذلك فعلاً .. فأنت تشعر بالتوحد مع هذا الانسان الباذخ الروعه فروحه الثريه التي يقترض منها الجمال مقوماته الاساسيه التي تمنحه القدره على مواجهة القبح ..

روح المقالح الرقراقه تتوغل فيك حتى تشعر انه انت على حد تعبير الشاعر العالمي السعدي الشيرازي : ( قال لي المحبوب لما جئتهُ .. من بابي ؟؟..قلتُ : بالباب انا قال لي : أخطأت تعريف الهوى .. حينما فرقت فيه بيننا ومضى عامٌ فلما جئتهُ اطرق الباب عَلَيْهِ موهنا قال لي : من أنت ؟ ، قلت : انظر فما ثم الا انت في الباب هنا قال لي : أحسنت تعريف الهوى وعرفت الحب فادخل يا أنا ) تيقنت من شعوري بهذا التوحد ذات ثلاثاء حيث سارت بي الظروف الى غير منزل ومنتدى المقالح ..

لحظتئذٍ شعرت بالضيق التام يشد بخناقه علي و ( كأنما يصعد في السماء ) واكتشفت اني اذا لم أرى هذا الكائن الضوئي يستبد بي الضيق وكأني في مدينه يقل فيها الأكسجين .. بالتالي قفز الى راسي سؤال مخيف لا يفتقر الى الخطوره فحواه : ماذا لو فقدنا الدكتور لاقدر الله .. اين سنذهب الثلاثاء القادم ؟ وهكذا وجدتني غارقاً في ورطة إدماني على هذا الانسان العزيز على القلب القريب الى الروح الى الحد الذي يجعلني أخاف عليه كشعور استباقي يفرضه علي عشقي المتفاقم له .. ( ومافي الارض أشقى من محبٍ وان وجد الهوى حلو المذاق ِ تراه باكياً في كل حين ٍ مخافة فرقةٍ أو لاشتياقي فيبكي ان نأوا حزناً عليهم ويبكي ان دنوا خوف الفراق فتدمع عينه عند التنائي وتدمع عينه عند التلاقي ) وليست هذه هي ورطتي الاولى في علاقتي مع هذه القامه الأدبيه الوطنيه العربيه العالميه .. فلقد وقعت في غير ورطه مُذ بداية العلاقه التي أفتخر بها وأعدها أحد المنجزات التي يجدر ضمها الى سيرتي الذاتيه ..

قل لي من أحبائك ، أقل لك من أنتِ ؟ أما أولى الورطات هي أن كنت سابقاً أكذب على العامه والسواد الأعظم إذ كنت أوحي لهم ( تعريضاً لا تصريحاً ) بأني الأديب الذي لايشق لهم له غبار والشاعر الذي يترجل أمامه الشعراء والكاتب الماهر والروائي القاهر والمفكر الشاهر والمبدع الباهر .. لكن بغته انقلب السحر على الساحر فعندما قادتني الأقدار الى بين يديه ( أي عملاق الأدب المقالح ) وجدتني في مأزقٍ لايحسد عليه وحدثتني نفسي قائلةً ( هاقد انكشفت وانكشف أمرك أيها الأديب المزيف ) ..

خالجني شعور بأن أعلى نتاجاتي الأدبيه والفكريه لن يكون بمقدورها الارتقاء الى مستوى ذائقة هذا الهرم الادبي العظيم .. فأنى لنتاجاتي المتواضعه أن تنطلي عليه كماوانطلت على الكثيرون ممن هم دونه . لذلك وفي لقاءاتنا الاولى عندما طلب مني الدكتور إلقاء بعض نتاجاتي .. اعتذرت موضحاً أننا نلقي نتاجاتنا في حضرة العامه ، أما في حضرة المقالح ومقام هذه القمه الأدبيه الشاهقة فإننا نخجل أن نقدم مالدينا ، وبالتالي لا نملك الا نلوذ بالصمت لئلا تنكشف عورتنا الأدبيه فاللغه تقف عاجزه عن استيعاب كل هذا الزخم الأدبي المكثف : ( ياسيد الكلمات هبني فرصةً .. حتى يذاكر درسه العصفور من أين تأتي بالفصاحة كلها.. وانا يموت علو فمي التعبيرُ انا لا أفرق بين أنفي أو فمي .. في حين انت على الحوار قديرُ ياسيد الكلمات هبني فرصةً .. حتى يذاكر درسه العصفورُ ) أما الورطه الثانيه .. جرت العاده أن أصطحب معي كتاباً أهديه الى أي صديق أزوره حتى لو كانت الزيارة متكرره .. لكن المقالح هو الاستثناء الوحيد من هذا السلوك الشخصي الذي اعتدت عليه ، فأي كتاب يمكن أن أهديه لهذا الأديب الإنساني العالمي الذي هو الزوج الشرعي لأمهات الكتب وأخواتها وبنات أفكارها ..

وهو الذي قد هضم جل الكتب والمؤلفات .. أي كتاب يا ترى يمكن أن لا يكون قد مر عليه ؟ .. وهكذا حدثتني نفسي قائلةً : ( لاتبيع الماء في حارة السقائين ) . وفي ختام هذه الخاطره يلزم التنويه الى كون .. الكثير من الأدباء أن تتعاطى مع شخوصهم على الورق غير التعاطي معهم على أرض الواقع إذ تجد بون شاسع بين شخصيته الأدبيه المثالية و بين شخصيته الواقعيه .. باستثناء عملاق الأدب الأدب العربي عبدالعزيزالمقالح الذي تلفى فيه الشخصيتان متطابقتان تماماً فانت تتعاطى مع عملاق الأدب وعملاق الإنسانيه في ان واحد .. فمخزونه الاخلاقي المتسامي حد الدهشه يمنح مصطلح الأدب معناه الاخلاقي السلوكي كقيمه مضافه الى المعنى البلاغي اللغوي .. ومن ثم فهو يمثل ذروة سنام الأدب التعبيري والأدب الاخلاقي في ذات الآن