الهند وإسرائيل وإطلاق الأقمار الصناعية التجسسية
بقلم/ مأرب برس - متابعات
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و 25 يوماً
الثلاثاء 01 مايو 2012 05:40 م
 
 

كشفت مجلة الجيش الإسرائيلية "يسرائيل ديفينتس" على موقعها الإلكتروني، عن أن "قمر التجسس الصناعي الهندي "ديسات -1" الذي أطلق بنجاح نهاية الأسبوع الماضي، هو عبارة عن نتيجة تعاون ضخم وتوأمة للقمر الصناعي "ديسات -2" والذي أطلق العام 2009 بعد شرائه من قِبل هيئة الصناعات الجوية الإسرائيلية". وأشارت المجلة

العسكرية الإسرائيلية إلى أن "القمرين المذكورين هما قمرا رادار ومؤهلان للإمداد، وأضافت أن "القمر الصناعي الأول كانت قد اشترته الهند مقابل 110ملايين دولار، والتي تعتبره الصحافة الهندية كإنتاج محلي، ولكن يمكن التقدير أن التعاون الوطيد بين الهند وإسرائيل ساعد الهند فى تطوير القمر وإنتاجه".

وأوضحت المجلة العسكرية أن "إسرائيل تشغل اليوم أقمارًا صناعية مع أنظمة بصرية منظمة"، وأشارت إلى أن "أوفيك" و"تاخستار" أقمار صناعية رادار تشبه إلى حد كبير القمرين الصناعيين التى تقوم الهند بتشغيلهما، وهما من الصناعات الجوية الإسرائيلية".

وتعتبر العلاقات العسكرية والأمنية بين نيودلهي وتل أبيب إستراتيجية تنطوي على أهمية كبرى عقب تعزيز تلك العلاقات في مطلع التسعينات على حساب العلاقات العربية – الهندية، ومع بداية الألفية الجديدة تطورت العلاقات بين الهند وإسرائيل بشكل سريع ومتواتر.

وكشفت دراسة إسرائيلية تحت عنوان "الصادرات الأمنية الإسرائيلية للهند "التحديات والمخاوف" أن "العلاقات بين نيوديلهي وتل أبيب كانت مجمدة طوال 40 عامًا بعد رفض الأولى إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فى مقابل الحفاظ على علاقاتها مع الدول العربية. لكن هذا الوضع شهد تغيرًا جذريًا فى العام 1991، بعد أن رأت الهند ضرورة الانفتاح على العالم فى ظل سياسية التحرر الاقتصادي، وفى كانون الثاني/ يناير العام 1992 دشنت البلدان علاقاتهما الدبلوماسية، والتى استمرت فى التطور، حتى شهدت تغيرًا جذريًا فى العام 1999، بعد تعاون أمني وثيق بين البلدين، وتزويد تل أبيب الجيش الهندي بأحدث الأسلحة القتالية. ومنذ ذلك الحين أصحبت إسرائيل أكبر مورد أسلحة للجيش الهندي، الذي يقوم بقتل المسلمين فى كشمير يوميًا بواسطتها, واحتلت روسيا وفرنسا مكانة كأكبر موردين للسلاح والعتاد العسكري للهند.

وتجزم الدراسة الصهيونية أن مبيعات الأسلحة الإسرائيلية للهند خلال العامين الماضيين تجاوزت قيمتها ملياري دولار تقريبًا. كما شهدت السنوات الأخيرة تعاونًا وثيقًا فى مجال ما يُسمى بـ"محاربة الإرهاب" والتعاون المخابراتي، والذي تزايد بشكل ملحوظ عقب تفجيرات بومباي فى تشرين الثاني/ نوفمبر العام 2008 والتي استهدفت أيضًا مواقع يهودية وسائحين إسرائيليين.

واستعرضت الدراسة الإسرائيلية أهم صفقات الأسلحة بين تل أبيب ونيوديلهي خلال عامين، والتي تعكس التطور السريع في العلاقات العسكرية بين البلدين، والتي يمكن تلخيصها فى النقاط التالية

"صفقة طائرات التجسس من طراز فالكون، تلك الصفقة التي تم توقيعها العام 2004 وبلغت قيمتها 1.1مليار دولار، وعلى الرغم من العراقيل والعقبات التى واجهتها، لكن هذا النوع من الطائرات بها تكنولوجيا أميركية، وأن الصفقة خرجت للنور وتسلم سلاح الطيران الهندي أول طائرة من هذا الطراز العام الماضي، وهناك طائرتان أخريان من الطراز نفسه ستستلمها الهند العام المقبل. وتشير المصادر إلى أن "نيوديلهي أبدت اهتمامًا أكبر بهذا النوع من الطائرات، لذا ستطالب تل أبيب بثلاث طائرات جديدة من هذا الطراز".

وقامت الهند بشراء نحو أربعة ردارات من طراز " EL-M2083 " من شركة ألتا للأنظمة العسكرية الإسرائيلية، وتم وضعها على الحدود الهندية الباكستانية. ومهمة تلك الردارات رصد الاختراقات الجوية من جانب الطيران الباكستاني، وقدرت قيمة تلك الصفقة بنحو 600مليون دولار. وهنا تؤكد الدراسة أن تفجيرات بومباي دفعت الحكومة الهندية فى الفترة الاخيرة لشراء مزيد من هذه الردارات لحماية مجالها الجوى من أي اختراقات، وكان هذا أحد الدروس المستفادة من تلك التفجيرات.

وكشفت الدراسة الإسرائيلية "النقاب عن شراء الهند لأنظمة دفاع جوية من إسرائيل خلال عامين فقط تقدر بأكثر من مليار دولار". وفى هذا الاطار، أبرم البلدان صفقتين ضخمتين، الأولى صفقة صواريخ "باراك8" وهى صواريخ بحرية مضادة للطائرات والصواريخ البحرية التي يصل مداها لنحو70 كيلو مترًا، وتقدر هذه الصفقة بنحو 1.4مليار دولار. أما الصفقة الثانية فهي شراء الجيش الهندي لأنظمة سبايدر الإسرائيلية وهي منظمة جوية دفاعية متنقلة.

وشهد المجال الفضائي بين البلدين هو الآخر تعاونًا متزايدًا، إذ نجحت الهند بالتعاون السري مع إسرائيل فى إطلاق قمر التجسس RISAT-2 واِدعت نيو ديلهي فى البداية بأنه مخصص للأغراض المدنية، لكنه اتضح أنه يحمل جهاز رادار إسرائيلي عسكري من طراز سار. وكشفت الدراسة عن أن "القمر العسكري الهندي يشبه كثيرًا قمر التجسس الإسرائيلي الشهير تيك سار الذي أطلقته تل أبيب للفضاء فى كانون الثاني/ يناير العام 2008 من قاعدة صواريخ هندية.

وأنهت هيئة الصناعات الجوية الإسرائيلية تحديث طائرات هجومية يمتلكها الجيش الهندي من طراز "مي24"، كما تتردد أنباء، وهوما أكدتها الدراسة الإستراتيجية الصهيونية من اعتزام اتفاق الهند وإسرائيل على قيام الأخيرة بتطوير طائرات النقل الهندية من طراز "آن32"، ويمتلك الجيش الهندي 100طائرة من هذا الطراز الأوكراني الأصل.

وأحدث صفقات التعاون الأمني والعسكري بين تل أبيب ونيوديلهي حسبما أكدت الدراسة "تزويد إسرائيل الجيش الهندي بالطائرات من دون طيار الهجومية من طراز هاربون، ولم تتطرق الدراسة إلى الصفقات العسكرية السرية بين البلدين.

فى مقابل الصادرات العسكرية الصهيونية للهند استعرضت الدراسة التى أعدها الخبير الصهيوني يفتاح شابير "الصادرات الهندية للكيان الصهيوني" وأشارت إلى أنه على الرغم من التفوق الهندي فى مجال الصناعات العسكرية، لاسيما فى المجال الفضائي، لكنها حاولت إغراء إسرائيل بشراء منتجاتها العسكرية، ومن بين تلك الصفقات تزويد الهند الجيش الصهيوني فى العام 2004 بطائرات عمودية من طراز Dhruv كما أنه تتردد أخيرًا أقاويل بشأن تزويد الهند الجيش الصهيوني بصواريخ بحرية من طراز " BrahMos "، وهى صواريخ مضادة للسفن تعتزم تل أبيب شراءها لتحقيق تفوق بحري على الأسطول المصري فى منطقة جنوب شرق البحر المتوسط.

وعلى الرغم من تعاظم التعاون الأمني والعسكري بين إسرائيل والهند، لكن الدراسة لم تخفِ مخاوف المسؤولين فى تل أبيب من أن هذه العلاقات قد تذهب أدراج الرياح، وقد تعصف بها أي أزمة قد تنشب بين البلدين على غرار العلاقات التركية-الإسرائيلية. وفى هذا الإطار رصدت الدراسة الإسرائيلية الصادرة عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي عدة عوامل تهدد العلاقات العسكرية بين البلدين، مشيرة فى الوقت ذاته إلى "ضرورة تأمل المسئولين الإسرائيليين فى تلك التحديات، لتجنب أي نكسة تلحق بتلك العلاقات".

وأولى هذه العوامل العلاقات العربية –الهندية، إذ أوضحت الدراسة أنه "كما قامت العلاقات الإسرائيلية - الهندية على حساب العلاقات العربية الهندية, لكن ليس بالسهولة أن تتخلى نيوديلهي عن علاقاتها التاريخية عن الدول العربية ودعم القضية الفلسطينية باعتبارها قادة دول عدم الانحياز وقائدة مسيرة التحرر فى العالم من الاستعمار".هذه العلاقات حسبما أكدت الدراسة قد تعصف بالعلاقات الجديدة الوطيدة مع إسرائيل، وهو ما يدفع الحكومة الهندية للتعامل سرًا فى كثير من الصفقات العسكرية مع إسرائيل.

وثاني تلك العوامل تنامي اتجاه معارض داخل الهند للتعاون العسكري مع إسرائيل، وهو ما دفع السلطات الهندية فى التحقيق مع مسؤولين هنود كبار تلقوا رشاوى من أجل إتمام صفقات عسكرية إسرائيلية.

أما ثالث العوامل التي تهدد مستقبل التعاون العسكري بين الهند وإسرائيل هو الولايات المتحدة الأميركية، فعلى الرغم من التحالف الإستراتيجي مع إسرائيل، لكن تخشى واشنطن من انتقال تكنولوجياتها العسكرية التي تقدمها لإسرائيل من الانتقال بدورها للهند، وهوما يؤثر على ميزان القوى التي ترغب واشنطن في الحفاظ عليه في منطقة جنوب آسيا. وأن هناك الكثيرمن الصفقات بين الهند وإسرائيل قد أُلغيت بسبب الولايات المتحدة الأميركية.

وآخر العوامل التى تهدد مستقبل العلاقات الهندية-الإسرائيلية العلاقات التاريخية الوطيدة بين نيودلهي وطهران، لاسيما وأن الأولى تولي أهمية عليا للعلاقات التجارية والاقتصادية مع طهران، لاسيما وأنها ترتبط بها نفطيًا ارتباطًا شديدًا. ونوهت الدراسة إلى أنه "على الرغم من تلك العلاقات الوطيدة، لكن إيران لن يمكنها عرقلة العلاقات العسكرية وصفقات الأسلحة بين نيودلهي وتل أبيب، لكن المخاوف الصهيونية تكمن حسبما أكدت الدراسة الإسرائيلية- فى نقل التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية إلى إيران عبر الهند في حال تدهور العلاقات بين البلدين، بسبب القضية الفلسطينية على غرار ما حدث في العلاقات بين تركيا وإسرائيل".

وفى ختام الدراسة التي أعدها الخبير الصهيوني يفتاح شابير أكد أنه "على الرغم من التطور السريع للعلاقات العسكرية بين الهند وإسرائيل، واعتبار الهند الزبون الأكبر لشراء الأسلحة والأجهزة العسكرية الصهيونية ، لكنه لا يمكن وصف تلك العلاقات بأنها علاقات إستراتيجية من الدرجة الأولى, لاسيما وأن الهند تتطلع للاستقلال فى مجال التصنيع العسكري، وتحقيق قدرت ذاتية عسكرية".

كما أن التعاطف الهندي مع العرب لاسيما مع الفلسطينيين قد يضع نهاية مبكرة وفى أى وقت للعلاقات بين البلدين. وانتهت الدراسة لنتيجة مفادها أنه على الرغم من أن العلاقات بين الهند وإسرائيل تعد إنجازًا كبيرًا بالنسبة لتل أبيب، لكن العلاقات بينهما لم تصل بعد إلى درجة التحالف الإستراتيجي، وأن العلاقات الحالية مجرد نافذة فرص جديدة غير مضمونة البقاء لفترة طويلة، على الرغم مما تروج له الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عن قوة العلاقات بين البلدين.

*العرب اليوم