احمد علي السيد رائد المسرح وسلطان العلماء (2-3)
بقلم/ د.عبدالمنعم الشيباني
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و 5 أيام
السبت 21 إبريل-نيسان 2012 04:32 م

المرحلة الذهبية دائماً هي مرحلة التأسيس وكانت مديرية الشمايتين رائدة في التأسيس للعمل الحزبي الإصلاحي بشقيه التربوي والسياسي عن طريق مراكز للإنطلاق ابرزها (معهد الفوز- راسن) و(مدرسة الوحدة- شرق بني شيبة) و(مدرسة فجر صدان- المقارمة)، وبالرغم ان (مجمع الشهيد احمد سيف)بـ المسَّاحين ظهر بعد عام 1994 وبالرغم ان مدير المجمَّع كان ينتمي الى الحزب الاشتراكي (عبد الجليل سعيد فارع) الا ان المجمَّع المذكور ترك بصماتٍ تربويةٍ وابداعيةٍ ملموسةٍ استفاد منها تيار شباب الإصلاح أكثر من غيرهم من الأحزاب وربما يعود السبب الى الروح التربوية الجميلة والناضجة التي غلبت على الطابع الحزبي للمدير الناجح عبد الجليل سعيد فارع وربما لتأثير الحاج قائد ردمان (زعيم الإصلاح بالمسَّاحين، الرجل السخي والمحترم والمحب لأهل العلم وقادة العلم والباذل -من اجل نجاح العملية التربوية- كلَّ تضحية)، انجبت هذه المدرسة-او المجمَّع- جيلاً رائداً من امثال المهندس عماد الجنيد وعقيل علي شمسان ونائل عبد الجليل ومنذر القيفي، اما عن فريق المسرح فقد كان ناشطاً ومن ابرز الوجوه يحضرنا هنا حامد الشبطة ومحمد السنور ومن المنشدين امين الصوملي وايضا الرائع سعيد عبدالجليل....ولكن دعونا ننتقل الى غرب بني شيبة (جنِّن) التي غنى لها المطرب السوري (فهد بلاَّن) في الستينيات من اغنية كتب كلماتها الدكتور سعيد الشيباني نجم بني شيبة اللامع في الستينيات بـ عدن، هذه قلعة أخرى من قلاع الإصلاح التربوية للعهد الذهبي التسعيني في سنواته الأربع الأولى تحديداً، نتحدث عن معهد كانت له صولةً وجولةً في الإنشاد والمسرح معاً هو (معهد المثنى بن حارثة -غرب بني شيبه-عّرَش)، يديره القيادي الإصلاحي الشيخ عبد الحفيظ فارع، او لنقل بعبارة اخرى كان لفريق بني شيبة الغرب (عموماً) بقيادة عبد الحفيظ فارع اكثر من نشاط واكثر من مهرجان حافل، وهذا يشمل الفريق الإصلاحي كله (معهد المثنى ومدرسة الإصلاح معاً) وكان يدير مدرسة الإصلاح غرب بني شيبة –مدرسة انشأها الحاج احمد عبد الله الشيباني صاحب مصنع الطلاء والكيماويات وسمَّاها الناس من تلقاء انفسهم وبكل عفوية "مدرسة الإصلاح" قبيل ظهور حزب الإصلاح نفسه- كان يدير هذه المدرسة احمد عبد الله سعيد المعروف بـ (الفقي)- شيخ وقاضٍ ووكيل شريعة ومشارع وخطيب، وهو "مؤتمري ميثاقي" متعاون مع الإصلاح في المنطقة في تلك المرحلة الذهبية (فقط) ثم انقلب (الفقي) قبيل انتخابات 1997 بعام وصار عدواً لدوداً للإصلاح حتى هذه اللحظة وهو المشهور بـ (الفقي المكحَّلْ ) حتى انه كان من جملة هتاف الجماهير في غرب بني شيبة ايام الزخم الثوري للربيع اليمني (ياعلي ارحلْ ارحلْ.. وخذ معك المكحَّلْ) وهذه قصة أخرى لامحل لها هنا.. من روائع مسرحيات فريق مدرسة الإصلاح ومعهد المثنى (فريق عبد الحفيظ فارع الشيباني) مسرحية مشهورة لاتقل تأثيراً في نفوس الجماهير من مسرحية (القاضية سوسن) لـ احمد علي السيد..، لكن هذه المسرحية كانت من تأليف وإخراج انور عبد الواسع بعنوان : (نعم للكبدة..لا للفاصولية) من ابرز ابطال التمثيل في هذه المسرحية الممثل الكوميدي المبدع واللامع عبد الرزاق محمد احمد الشيباني (عَرَش) والمسرحية تسخر من شعار (نعم للدستور) من وجهة نظر الإصلاح المعارض لـ (الدستور العلماني) حسب خطابات ومحاضرات الشيخ عبد المجيد الزنداني وقتئذٍ.. مسرحية (نعم للكبدة..لا للفاصولية) نجحت نجاحاً مؤثراً في حشد عواطف الجمهور باتجاه تعزيز الطرح الإصلاحي تماماً كـ نجاح مسرحية (القاضية سوسن)..، ولكن الأقوى تأثيراً بالنسبة للمسرح بقالب كوميدي يشد الجماهير كانت (دائماً وابداً) مسرحيات (معهد الفوز -راسن) تلاميذ وفريق علي الظبْي، والمسرحيات من تأليف وإخراج وتمثيل كوكبة من الكوميديين البارعين كـ فؤاد عبد الله راشد الجريب وعبد الله محمد الخيبة واحمد سلطان احمد وغيرهم وكانوا اكثر امتاعاً وكوميديةً وإضحاكاً وتشويقاً للجمهور والسبب ربمايعود الى طبيعة لهجة اهل راسن (لهجة الخبت) حتى ان مسرحياتهم وصلت الى المخا والوازعية وموزع والخوخة ومناطق الساحل الغربي واقصى الحدود الجنوبية كما ذكرنا من قبل، بالإضافة الى مديرية الشمايتين التي يلقون فيها حضوراً شعبياً كبيراً، ولشدة تأثير المسرح (مقارمة وراسن وقريَّشة ايضاً) كان اعتى الحزبيين المعارضين للإصلاح لا يستطيعون مقاومة التأثير الكوميدي لهذه المسرحيات ..كذلك كان فريق الإنشاد متميزاً وزاخراً بالأصوات الجاذبة والجميلة والمتنوعة في الوقت نفسه سواءً فرقة اناشيد معهد الفوز بقيادة عبد الله الخيبة وابرزهم عازف الإيقاع المنشد عبده عبدالله وكذا عازف الإيقاع صلاح عبده محمد نعمان ، ثم شقيقه البرعم الصغير زيد عبده محمد نعمان (ضمن فريق اناشيدي آخر هو براعم معهد الفوز) او فريق المقارمة.. وفي المقارمة كان فريق الإنشاد قوياً بقيادة البرعم وليد احمد علي (الضوّا) صاحب الموشحات الجميلة، واما في غرب بني شيبة فقد كان الأفضل حالاً من الشرق (مدرسة الوحدة) من حيث فريق الأناشيد على الأقل بقيادة تشكيلات كثيرة من الكبار والبراعم ابرزهم (داود) صاحب الصوت الرخيم وقيل انه صار الآن مطرباً هاوياً.. الأهم هنا-موضوع المقالة- تأثير المسرح بكل اقطابه المختلفة في الشمايتين -ومنها فريق القريَّشة –كي لاننسى-بقيادة الممثل الكوميدي المدهش ياسر الزريقي (ياسر السقاف) وزميله الزريقي الآخر الذي اشتهر شهرة واسعة في المديرية بتقليده شخصية وخطابات وحركات واصوات علي سالم البيض– هذا مع تسليط الضوء بشكل مركّز ومحدد على ابداعية وكوميدية احمد علي السيد الذي كان يخطف الباب الجمهور منافساً بذلك فريق مسرح راسن، ويتفوق فريق احمد علي السيد بدقة كتابة السيناريو واستلهام خلاصة الفكر التربوي والسياسي للإصلاح والمفاهيم المطلوب انزالها للجمهور بشكل مدروس فيماكان يغلب على فريق راسن الارتجالية وسرعة انشاء اي مسرحية حتى ولو من غير تخطيط مسبق وكان هذا عيب وميزة في الوقت نفسه لفريق راسن والميزة كانت قدرتهم على تأليف اسكيتشات جاهزة (من فوق الملحَّة).. الجدير بالذكر ان فريق مدرسة الوحدة شرق بني شيبة كان الأقل اداءً وجودةً في الإنشاد والتمثيل، وابرز الممثلين لتلك الفترة منيف الحزيمي وتعلَّم فن التمثيل بـ معهد الفوز راسن ومن المنشدين محمد عبد الله علي حسن، ومع ذلك ظلت صورة احمد علي السيد (بطل حلقاتنا الثلاث هذه) الأكثر حضوراً في اذهان الجماهير، انه رائد المسرح وعملاق الكوميديا الهادفة الذي صار بعد ذلك علماً من اعلام الفقه الشافعي في القرن الواحد والعشرين، هذا ماسنعرفه في الحلقة القادمة والأخيرة.

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــع

a.monim@gmail.com