التغيير بالتعليم كلمة حق اريد بها باطل
بقلم/ د. محمد البنا
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 17 يوماً
الجمعة 28 أكتوبر-تشرين الأول 2011 07:48 م

قال وزير التعليم العالي ان التغيير يبدء من التعليم, وقامت وسائل اعلام السلطة بالترويج لهذه المقولة باتجاه جامعة صنعاء وتمركز جنود الفرقة فيها مما تسبب في وقف الدراسة فيها, وتركت بقية المؤسسات التعليمية والخدمية التي تتمركز فيها قوات صالح. لكن لو نظرنا الى مقولة الوزير والتمعن في معناها سنجد انها تعني تغيير التعليم بكل مستوياته بما يؤدي الى خلق شخصية يمنية متمكنة ومتوازنة وخلاقة ومتكاملة, وليس مثلما هو عليه التعليم الان.

فكيف يمكن تغيير التعليم؟

ان تصحيح وضعية التعليم يكون اولا بالاختيار الصحيح للقائمين عليه وبشكل متوازي في التعليم الاساسي والجامعي. فاختيار عضو هيئة التدريس الجامعي بعيدا عن الوساطة والمحسوبية والاستقطاب السياسي وتوفير كل الامكانيات المادية والمعنوية له وللمؤسسة التعليمية. غير اننا نجد ان هناك اشخاص متميزين علميا وعمليا يتم التعاقد معهم لسنوات طويلة في حين يتم تعيين اخرين اقل مستوى علميا وعمليا وبدون خبرة ويترك اولئك المتعاقدين لتنفيذ المهام الصعبة, ويمكن الرجوع لطلاب الجامعات اليمنية للتاكد. لذا يمكن الغاء التعاقدات طويلة الامد واستبدالها بوضع نظام متشدد لقبول اعضاء هيئة التدريس بشروط علمية بحته على ان يوضع المقبولين قبل اصدار قرارات تعيينهم في فترة اختبارية لمدة سنة براتب تعاقدي فاذا اثبتوا جدارة يتم تعيينهم في الدرجات الوظيفية براتب كامل لمدة سنتين عليهم خلالها تادية مهام الوظيفة التي تعينوا بها اضافة الى تقديمهم بحثين علميين خلالها كلا في مجال تخصصه العلمي فاذا اتموها بجدارة يتم تثبيتهم. حيث نجد الكثير من اعضاء الهيئة التعليمية الجامعية ممن مضى على تعيينهم سنين عديدة دون ان يقدموا بحثا علميا واحدا ويتم ترقيتهم بحسب سنوات الخدمة او سياسيا او بابحاث شكلية لاترقى في تسميتها ابحاث ناهيك عن ارتباطها بالعلم والمعارف العلمية. كما يجب الغاء الترقيات الاكاديمية في الجامعات بحسب سنوات الخدمة واحالت الاكاديميين الذين لا يستطيعون كتابة الابحاث العلمية في الفترة المقررة الى العمل في وزارة التربية.

ثانيا تصحيح وضعية التعليم الاساسي والثانوي عبر تعيين مدرسين من حاملي الشهادة الجامعية الاولى ومافوقها للتدريس في كل المراحل بدا من اول ابتدائي, وايجاد توازن بين كمية المعارف والمعلومات في الجانبين العلمي والادبي, اضافة الى محاربة ظاهرة الغش من اول مراحل التعليم وتشريع اجراءات عقابية قاسية ضد من يمارس هذه الظاهرة او يساعد على ممارستها بشكل متسلسل من الرسوب في المادة المعنية الى اعادة السنة الدراسية واخيرا الطرد دون أي حق في الدراسة في المدارس الخاصة.

ثالثا اذا تمت الامور بشكل صحيح في المراحل الاساسية والثانوية, يكون القبول في الجامعات ليس على اساس العدد بل المعدل الممتاز في الثانوية مضاف اليه معدل ممتاز في امتحان القبول الجامعي وجعل القبول في التعليم الموازي بنفس الشروط اضافة الى شرط عدم انقضاء فترة ثلاث سنوات على تاريخ الحصول على شهادة الثانوية العامة. يلي ذلك الغاء نظام الملازم اذا تم توفير تعليم جامعي حقيقي بقاعدة مادية حقيقية, وجعل مشاريع التخرج مشاريع علمية حقيقية تلامس الواقع, اضافة الى توزيع العلامات بين الاختبارات الشهرية والعملي والحضور والمناقشة والامتحان...

فاذا استطاعت الدولة الان او في المستقبل ايجاد تعليم حقيقي, فانه من الطبيعي ان التغيير في المجتمع سيكون بالفعل عبر مخرجات ذلك التعليم دون الحاجة الى الاعتصامات والمظاهرات. اما ما يحدث الان ولاغراض سياسية من ارغام الطلاب على تقبل اقل القليل وبكيفية لاترتبط بالعلم والتعليم برابط وبظروف مادية (الغلاء والمواصلات) ونفسية (حرب وقتل وضحايا وانقطاع مستمر للكهرباء) لاتساعد على التعلم وتقبل المعلومات, فهذا والله هو التجهيل بعينه, وهذا ما يجب تغييره اولا بالفعل.