لماذا يسعى المشترك لتحقيق مكاسب سياسية ويهدر دماء الشهداء وأهداف الثورة؟!
بقلم/ علي سالم منصور
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 16 يوماً
السبت 11 يونيو-حزيران 2011 06:07 م

تتحدث قيادات المشترك عن إتفاقها مع السلطة على أنَّ توقيع المبادرة الخليجية يعني (ذهاب الرئيس عن السلطة) وتكليف النائب (بما يعني نقل سلطات الرئيس إلى نائب الرئيس) ثم (تشكيل حكومة مؤقتة ترأسها المعارضة (المشترك)) وعلى أساس (50% من المشترك مع بقاء 50% من قيادات المؤتمر) في هذه الحكومة المؤقتة , وعلى أن تنجز مهام (تعديل الدستور) (إجراء الإنتخابات النيابية) خلال ستين يوماً , من إنجاز نقل السلطة لنائب الرئيس التي تم تحديدها بشهر كامل.

وفي هذا الإتفاق الذي يقوده (المشترك) مخاطر كثيرة جداً أهمهما :-

أولاً:-  إن هذا الإتفاق يُجهض تماماً وبشكل كلي (الثورة وأهدافها) التي نادت بإسقاط النظام , إذ يسعى (المشترك) إلى (بقاء النظام) من خلال هذا الإتفاق مقابل حصول المشترك على مكسب (خمسين في المئة) من مقاعد الحكومة المؤقتة (في البداية) مع حصوله على رئاسة هذه الحكومة.

ثانياً:-  إنّ (بقاء النظام) وإدارته للأحداث مع (المشترك) سيكون له تأثير سلبي كبير على النتائج في كل المجالات , وبخاصة وأن النظام يمتلك (المال) و(القوة) و(وسائل الإعلام) في حين أن الفترة القصيرة للمشترك في السلطة المؤقتة ستكون غير ملائمة لإحداث تغيير كبير في هذه المجالات الثلاثة.

إذ مازالت المبالغ الكبيرة والأرصدة التي سُحبت من البنوك في أماكن خاصة وليست في البنك المركزي , وستستخدم في إنجاز إجراءات (النظام) لكسب الناس وللإنتخابات وغيرها.

كما ستستخدم القوة العسكرية والأمنية والإستخباراتية والبلطجية في (التصفيات) الممنهجة (التي لاتدينها) لكل قيادات الثورة , والقيادات التي إنضمت إلى الثورة.

في مقابل ذلك لن يكون للمشترك تلك القوة (وهذا شيء مؤكد) ولن يكون لديه (المال) و(الجهاز الإعلامي) المؤثر بشكل يكون أقوى مما عند (النظام).

ثالثاً:-  كل السلبيات التي سيتم ظهورها بدءاً من (إجهاض الثورة الشبابية وأهدافها) ناتجة عن فهم المشترك لإسقاط النظام بأنّه يعني (إسقاط الرئيس) فقط , وهذا يعني بقاء كل الأسرة في مناصبها العسكرية والأمنية والإستخباراتية والإقتصادية والسياسية مع بقاء (النظام نفسه) في كل المرافق والمؤسسات كما هو , ماعدا (50%) من أحزاب المشترك في الحكومة.

وهذا يعني (بيع دماء الشهداء) بثمن بخس , وبيع الشباب الذي أصبحوا معوقين , وبيع الشباب الذين أصبحوا مطاردين من النظام وبخاصة من بدا من الشباب سياسياً وإعلامياً من النشطاء .

فهؤلاء كلهم يتخلى عنهم (المشترك) وفي مقدمة المشترك الحزبين العريقين (الإصلاح) و(الإشتراكي) وليس تخلياً محترماً , ولكنه التخلي الذي يبرز مثل البيع في سوق النخاسة (سوق الرقيق).

رابعاً:-  إنّ أي إنتخابات قادمة فيها إحتمالات كبيرة جداً على ضوء ماسبق في البند (ثانياً وثالثاً) أن يحصل النظام على 51% من الأصوات وهذا يعني أن يتفرَّد المؤتمر بالحكومة , ويمكن له بعد سنة مثلاً أن يعقد إجتماعاً للحزب ثم يختار رسمياً (علي عبدالله صالح) رئيساً .

والإحتمال الآخر وهو كبير أيضاً أن يـتشارك المؤتمر الحـكومة الأسـاسية بعد الإنتخـابات مع المشـترك (50% + 50%) أو (49,5% + 50,5%) أو ماشابه ذلك وهذا يعني بقاء كل هذه القيادات التي قتلت وسفكت وعاونت وأشارت وأوصت وصرَّحت وكذبت , في كل المراكز التي تشغلها إن لم يكن في معظمها.

ماذا يريد المشترك إذاً ؟!

يدفع بالشباب للموت والقتل والحرق ثم يذهب (رأس النظام) وانتهى الموضوع؟! لماذا الثورة إذاً؟! إذا كان المشترك يريد ذلك فقد عرض الرئيس تسليم السلطة قبل آخر 2011م بدون تضحيات وبدون قتال ونهب وضياع البلاد وتمزقها طوال هذه الأشهر.

إن المشترك يعلم تماماً إن الإتفاق لاينص سوى على (نقل السلطة من الرئيس إلى نائب الرئيس) فقط , وهم يعلمون أنّ هذا هو (إسقاط النظام) فقط بدون أي إشارة لإقصاء رموز النظام وألياته.

وهنا يبرز تساؤل : أي حكومة مدنية نريد مع بقاء النظام؟

لماذا نكذب على الشباب , وماذا سيكون موقفنا من مئات الشهداء الذين سقطوا في ساحات الحرية والتغيير, ومئات الشهداء الذين سقطوا من أنصار الثورة في صنعاء والحيمة وأرحب ونهم والبيضاء ويافع وألاف الجرحى والمعوقين من الشباب – طبعاً حتى الأن – وقرابة 200 شهيد سقطوا من المواطنين في مصنع أبين بسبب من هذه الثورة وتداعياتها , وبين كل هؤلاء عشرات الأطفال والنساء , ومازال القصف والقتل مستمراً ومازال المئات وربَّما الألاف في السجون والإختطاف أو مفقودون , هل هذه هي (المسئولية التي تحمّلها المشترك) ؟!

وماذا تريد الثورة :-

إسقاط النظام يعني سقوطه كنظام بدءاً من رأس النظام حتى كل رموزه العائلية والسياسية والإعلامية والحكومية وغيرها (التي شاركت معه في الموقف ضد الثورة وظلّت معه سياسياً وإعلامياً ووقوفاً في كل أحوال القتل والحرق والحرب ضد الشعب اليمني الثائر).

أي إجراءات تحقق هذا الهدف هي المطلوبة وبوضوح , بالرغم من إيماننا أن الخطوة الأساس هي في رحيل (رموز النظام العائلي) أولاً بدون أي قيد أو شرط ثم بعد ذلك وعبر المحاكم لبقية رموز النظام أو كل من يُدان.

هذه هي البداية الصحيحة لبناء (المجتمع المدني والحكومة المدنية , والمواطنة الحقيقية التي يخضع فيها كل الناس للقانون فقط) ولاشخص أو أسرة أو مكانة فوق القانون فكل الناس سواسية , وهنا فقط وفي ظل قضاء عادل ونزيه ومستقل يتحقق (العدل) في ظل هذه الحكومة المدنية .

فهل يعي المشترك ذلك ؟!

وهل المشترك قادر على مواجهة (التاريخ) بإيجابية ؟! وإحترام هذه الثورة وأهدافها ؟!!

وهل يعرف المشترك أن موافقته تلك (مع النظام) من جهة , ثم حضوره إلى الشباب والقول لهم إفعلوا ماشئتم نحن وقعنا (تكتيك) !!

فهذا دفع للشباب للمحرقة تلو المحرقة , وبيع للشهداء وللدماء بثمن بخس , بل وتخريب للبلد طوال هذه الأشهر , بدون أي جدوى سوى مكاسب للمشترك فقط .

وأخيراً .. فإننا كشباب مستقلين غير منتسبين للأحزاب في عدد من التكتلات والائتلافات الشبابية في الثورة السلمية، ندين ونستنكر حادث الاغتيال الذي تعرض له علي عبدالله صالح وعدد من معاونيه في مسجد النهدين في الرئاسة، ونعتبر ذلك الحادث متنافياً مع قيم وأخلاقيات المجتمع اليمني وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، ومع مبادئ وأهداف ثورتنا السلمية. ونطالب بالتحقيق في الحادث وإيضاح النتائج للرأي العام وتقديم الجناة والمتورطين للعدالة لينالوا جزاؤهم العادل والرادع.

ونحن نعتبر ذلك الحادث عبارة عن سيناريو يقف وراءه بعض الجهات الداخلية والإقليمية والدولية هدفه الأساسي إجهاض ثورة الشباب السلمية ، ولكن هيهات لهم ذلك، فذلك أمر بعيد المنال عليهم ،ولن يوقفنا ولن يثنينا ذلك الحادث عن صمودنا واستمرارنا في ثورتنا السلمية حتى تحقيق كامل الأهداف التي قامت من أجل تحقيقها مهما كلفنا ذلك من تضحيات ومهما كانت المؤامرات، فنحن على يقين من النصر والله معنا ولن نخاف.

كما أننا ندين ونستنكر كافة أعمال القمع والقتل التي يرتكبها النظام وبلاطجته في مختلف محافظات الجمهورية ضد أبناء شعبنا اليمني في الاعتصامات والتظاهرات والمسيرات السلمية ، وذلك أيضاً أمرٌ يتنافى مع قيمنا ومبادئنا وشريعتنا الإسلامية ودستور الجمهورية اليمنية، كما أنه يتنافى مع أهم واجبات الدولة تجاه مواطنيها في توفير الأمن والحماية لهم حسب نصوص الدستور اليمني، ويفقد النظام شرعيته طبقاً للفقه السياسي والعرف السياسي الدولي.

  فسلمية ثورتنا وسمو أهدافها وتوكلنا على الله سبحانه وتعالى هو مصدر قوتنا في استرداد حقوقنا وتحقيق مطالبنا المشروعة، فهو القوي العزيز وهو نصيرنا، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ومادمنا على الحق فلن يخذلنا فهو عوننا وسندنا في رد كيد الكائدين ومؤامراتهم وبالاً وخزيا وعاراً عليهم ، ونصرا وعزاً وتمكيناً لثورتنا السلمية في تحقيق مطالبنا المشروعة.