آخر الاخبار

تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! مجلس الوزراء يُغرق وزارة الدفاع بالثناء اللفظي ويتجاهل صرف رواتب الجيش واستحقاقات وزارة الدفاع المالية صناعة القرارات الرئاسية في زمن رئيس مجلس القيادة الرئاسي.. قرارات تعيين رغم اعتراض غالبية الرئاسي وقرات يتم تهريبها بسرية .. تفاصيل لجنة المناصرة والتأثير بمحافظة مأرب تعقد ورشة عمل ناقشت دور السلطة المحلية والأحزاب والمنظمات في مناصرة قضايا المرأة رسالة من أمهات وزوجات المختطفين لقيادات جماعة الحوثي : ''نأمل أن نجد آذانا صاغية'' في اجتماع بقصر معاشيق.. قرارات وموجهات جديدة للحكومة اليمنية خلال رمضان فقط.. رابع حادثة وفاة لمختطفين في سجون الإنقلاب الحوثي قضاة محكمة العدل الدولية بالإجماع يوجهون امرا لإسرائيل .. تفاصيل

واشنطن ولندن.. نهاية زواج المتعة :
بقلم/ فرات الدليمي
نشر منذ: 16 سنة و 6 أشهر و 17 يوماً
الأحد 09 سبتمبر-أيلول 2007 08:54 م

الشيء المهم الذي يعكسه التقرير أن بريطانيا يجب أن تنتهج سياسة خارجية لتحقيق مصالحها الخاصة وليست مصالح واشنطن، وفي ظل هذا التقرير لمجلس العموم البريطاني، هل يستفيد العرب من هذا التحول البريطاني؟

* هجوم عنيف وغير مسبوق شنته الصحافة الأمريكية على السياسة البريطانية، خاصة في العراق، وكتبت صحيفة "الواشنطن بوست" "إن بريطانيا فشلت بشكل سيئ جدا في مهمتها في البصرة". من جهة أخرى، انتقد أحد القادة البريطانيين الهجمات الجوية الأمريكية التي تؤدي إلى سقوط ضحايا مدنيين في أفغانستان "وتعود بعكس النتائج المرجوة في المعركة من أجل الفوز بعقول وقلوب الأفغان"، كما أن وزير الخارجية البريطاني الجديد ديفيد ميليباند، انتقد سياسة بوش في الاعتقالات وجوانتانامو. تأتي هذه الاتهامات المتبادلة في ظل ابتعاد غوردون براون عن سياسة سلفه توني بلير.

كانت صحيفة "الأوبزيرفر" البريطانية قد كتبت في الثامن من يونيو 2003، أن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير قد ذهب بعيدا في علاقته مع واشنطن، أكثر من أي رئيس وزراء بريطاني منذ عهد ونستون تشرتشل في الحرب العالمية الثانية، ورغم أن العلاقة بين البلدين توصف منذ الحرب الباردة " بالعلاقات الخاصة"، فإن المطلعين على بواطن الأمور بشأن العلاقة بين البلدين وخاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط، يدركون أن هناك صراعا خفيا بينهما؟ وقد جاء تقرير لجنة الشؤون الخارجية لمجلس العموم البريطاني Global Security : The Middle East ، الذي صدر في الثالث عشر من الشهر الحالي، لينتقد بصراح ة واضحة سياسة بلير في الشرق الأوسط، ويعطي لغوردون براون غطاء لسحب القوات البريطانية من العراق.

وحسبما ذكرته الصحف البريطانية أخيرا، فإن براون ينتظر نتيجة التقرير الذي سيقدمه قائد القوات الأمريكية بتريوس وسفير الولايات المتحدة راين كروكر إلى الكونغرس في منتصف سبتمبر القادم، حول الاستراتيجية الأمريكية في العراق ومدى نجاح خطة بوش، وبكل صراحة يصف التقرير البريطاني، أن استراتيجية بوش في العراق فاشلة، ويتوقع مع أكتوبر القادم أن تسحب لندن قواتها 5500 جندي بريطاني من العراق، وقد يشجع براون تزايد شعبية حزب العمال البريطاني كما أظهر استطلاع لمعهد بوجوف في صحيفة "صنداي تايمز"، قد تدفع براون للدعوة لانتخابات مبكرة لمجلس العموم في نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل، وتواجه الحكومة الأسترالية أيضا ضغطا شعبيا لسحب القوات الأسترالية من العراق، وكما ذكر وزير الخارجية الأسترالي، ألكسندر داونر، أن بقاء القوات في العراق "بالغ التكلفة" خاصة بعد تراجع التأييد الشعبي للحرب وعدم تحقيق تقدم ملموس في العراق.

بريطانيا لها مصالحها الخاصة في الشرق الأوسط سياسية واقتصادية واستراتيجية، التجارة والاستثمارات في المنطقة، وهي علاقات تاريخية في المنطقة ليست بالضرورة متفقة مع المصالح البريطانية وقد تتعارض أحيانا معها.

وإذا رجعنا إلى الوراء، نهاية الحرب العالمية الثانية فقد كان التنافس على أشده بين البلدين للسيطرة على الطاقة، فكان انقلاب حسني الزعيم في سوريا عام 1949، قد هندسته الاستخبارات الأمريكية من أجل مد خط أنابيب التابلاين للسواحل السورية لتسهيل عملية نقل البترول، ودعمت لندن نكاية في واشنطن انقلاب سامي الحناوي ضد حسني الزعيم، كما أن الولايات المتحدة كانت في بداية تولي مصدق رئاسة الوزارة في إيران وتأميم البترول الذي تسيطر عليه برتيش بتروليم، كانت تؤيد التأميم، وكان ترومان مؤيدا لمصدق، وعندما جاء أيزنهاور الجمهوري، وبعدما عقدت صفقة مع الحكومة البريطانية حول البترول الإيراني تمت الإطاحة بمصدق بانقلاب مشترك بين الاستخبارات الأمريكية والبريطانية، قادها كيم روزفلت، وقد أيدت إدارة كنيدي ثورة اليمن 1962 في الوقت الذي عارضتها الحكومة البريطانية.

ورغم العلاقات الحميمة بين الرئيس رونالد ريغان عام 1982 ورئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر، فعندما حدثت أزمت الفولكلاند بين بريطانيا والأرجنتين، وحاولت واشنطن التوسط بينهما، واقترحت إرسال قوات أمريكية للفصل، يقال إن تاتشر قد أغلقت الهاتف في وجه ريغان ووبخته، لدرجة أنه علق على ذلك للمحيطين به، إنها حمقاء، وأدت لاستقالة وزير الخارجية الأمريكي ألكسندر هيج، رغم أن بعض المراقبين يربط الاستقالة بغزو إسرائيل لبنان، عندما أيد الاجتياح 40 كيلومترا داخل لبنان، ثم وصل شارون إلى بيروت، ولكن قصة الاستقالة مرتبطة بالفولكلاند وشك تاتشر بأن هيج وراء تشجيع الأرجنتين في احتلال جزر الفولكلاند، وحتى في صفقات السلاح فإن لندن حساسة جدا من الصفقات الأمريكية على حساب الشركات البريطانية.

وبالعودة لتقرير مجلس العموم البريطاني، فإنه يؤكد على خطورة استمرار السير خلف بوش، فقد أدت سياسته وتأييد بلير له إلى تراجع سمعة بريطانيا في الشرق الأوسط، وخاصة في الدول العربية والإسلامية، وينتقد سياسة بلير تجاه إسرائيل فالمعروف أن بلير حتى قبل وصوله للحكم من المؤيدين لإسرائيل، فيؤيد الانفتاح على حركة حماس ويعتبر مقاطعة الحكومة الفلسطينية بعد اتفاق مكة المكرمة، بأنها سياسة فاشلة، واستطاعت حماس إطلاق صراح الصحافي البريطاني، ألن جونستون، وبريطانيا من الناحية التاريخية، ذات خبرة طويلة في التعامل مع الجماعات الإسلامية في الهند وإفريقيا والعالم العربي وإيران.

ويعتبر التقرير أن المبادرة العربية مناسبة لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وتدعو الاتحاد الأوروبي للانفتاح على الحكومة الوطنية الفلسطينية وضد حصار غزة على اعتبار أن ذلك يدفع للتطرف وليس للاعتدال مما يعقد الصراع.

ولكن اللافت للانتباه انتقاد التقرير موقف الحكومة البريطانية من الحرب الإسرائيلية على لبنان، ويدعو للحوار مع حزب الله في لبنان، وانتقد عدم تأييد لندن وقف الحرب في بدايتها، لأنها كانت تلهث خلف إدارة بوش التي رفضت رايس وقف إطلاق النار في بدايتها تحت شعار الشرق الأوسط الجديد. إن التقرير يدين ممارسات الجيش الإسرائيلي في لبنان وتدمير البنية التحية فيه. إن التقرير يؤيد الاتصالات مع سوريا بشأن لبنان والعراق وأهمية الدور السوري في عملية سلام شاملة في المنطقة.

حاولت إدارة الرئيس بوش عزل سوريا وربطها بمحور إيران، ولكن التقرير يدعو إلى أن مصلحة بريطانيا والاستقرار في المنطقة يحتاج للدور السوري، وفي الوقت الذي تحاول بعض الأوساط السياسية في واشنطن، خلق تجمع لمعارضة سورية كما فعلت في العراق عندما صنعت أحمد الجلبي كزعيم معارض، فإن واشنطن دفعت الغادري لزيارة إسرائيل، كورقة ضغط على سوريا. التقرير البريطاني يعتبر الانفتاح البريطاني مع سوريا يصب في مصلحة بريطانيا، وقد تستفيد الشركات البريطانية في غياب المنافسة الأمريكية لها في سوريا، علما بأن تقرير بيكر - هملتون أيد ودفع إدارة بوش للحوار مع سوريا.

واللافت أيضا في التقرير، الذي جاء في 236 صفحة، اهتمامه بدفع الحكومة البريطانية إلى الحوار مع الجماعات الإسلامية، وقد ذكر التقرير أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر قوة سياسية مهمة في مصر، ويأتي ذلك من خبرة بريطانيا في مصر عندما تأسست الجماعة 1928، وأصبحت كما تقول التقارير البريطانية، قوة مهمة لها تأثيرها في الحياة السياسية المصرية رغم ما تعرضت له من محاولات تحجيم وتصفية لإبعادها عن الحياة السياسية.

وتأتي أهمية التقرير في الدور السياسي الذي يلعبه مجلس العموم البريطاني، حتى إن بعض السياسيين يعتبر أن المجلس يمارس " دكتاتورية مجلس العموم"، فالحكومة والمعارضة من مجلس العموم، وحسبما نقلته "صندي تلغراف"، من مصادر وزارة الدفاع البريطانية، أن هناك قناعة عامة بين قادة الجيش البريطاني، باستمرار احتفاظ بريطانيا بوجود قواتها في العراق بعد نقل السيطرة الأمنية عن البصرة للقوات العراقية في شهر نوفمبر القادم، ويظهر أن هناك قبولا متزايدا بأن المهمة في العراق تواجه فشلا استراتيجيا، وأن الحرب أصبحت خاسرة، هل ورطت بريطانيا جورج بوش الابن في العراق أم اللوبي الإسرائيلي في واشنطن والمحافظون الجدد؟

يذكر جورج بوش الأب، أن مارجريت تاتشر هي التي شجعته على إرسال قواته، نصف مليون جندي لإخراج العراق من الكويت، كانت تاتشر في وقت الغزو في الثاني من أغسطس 1990، في لقاء مع الرئيس بوش الأب في كولورادو، هل كان وجودها مصادفة أم كانت على علم بذلك؟ بريطانيا تتميز بالدهاء والخبث، وكم ورطت غيرها في مشكلات سياسية معقدة، حتى أخذ المثل يضرب بسياسة بريطانيا بأنها عقادة العقد.

لقد أعادت بريطانيا قنواتها مع ليبيا، سواء من التدريب أو صفقات السلاح، قد تؤدي إلى إخراج المقراحي من السجن ليتم المدة في ليبيا، وقد زار بلير ليبيا قبل استقالته، لدعم العلاقات الاقتصادية وفتح الباب للشركات البريطانية، الدول العظمى تتنافس على الموارد الاقتصادية والتجارة والأسواق، وبريطانيا تحتاج إلى دعم اقتصادها، والقفز على علاقاتها الخاصة مع واشنطن في علاقات مع الدول العربية والإسلامية، وفتح القنوات مع الجماعات الإسلامية التي لها تأثيرها في المجتمع كما يعلق التقرير، وينشط الساسة البريطانيون في الزيارات والاجتماعات مع المعارضة التي فتحت لندن ذراعيها لاستقبالها حتى تسهل المراقبة وفتح القنوات قد تصل لصفقات للوصول للحكم.

وكما ذكر وزير الخارجية البريطاني في حكومة براون، ديفيد ميليباند، في محاضرة له في سشام هاوس في 19 يوليو الماضي، مذكرا المستمعين بقول وزير الخارجية البريطاني في القرن التاسع عشر لورد بالمرستون " ليس هناك تحالف دائم وصداقة دائمة"، هل كان ميليباند يشير لعلاقة لندن ببوش، وأن براون يريد الطلاق في العلاقات البريطانية –الأمريكية بعد أن تورطت واشنطن في أكثر من نزاع إقليمي، وقد زار ميليباند باكستان، مؤكدا ضرورة التعاون البريطاني الباكستاني، كان الوزير البريطاني في أفغانستان في الوقت الذي كانت تهدد إدارة بوش خرق السيادة الباكستانية لمطاردة حركة طالبان والقاعدة. إنه اختلاف في المنهج الإنجليزي ومنطق الكابوي الأمريكي.

وقد أعلن براون أثناء اجتماعه مع بوش في يوليو الماضي أن هناك اختلافات بين الموقف البريطاني والأمريكي وخاصة في الشرق الأوسط. إن بريطانيا تعيد حساباتها وتفتح قنواتها مع حركات تعتبرها واشنطن إرهابية، وفي وقت تجد واشنطن نفسها مقيدة بالوضع الداخلي والانتخابات والصراع بين الديمقراطيين والجمهوريين، فالدبلوماسية البريطانية تتحرك بنشاط، وفي وقت يعين بوش بلير مبعوثا للشرق الأوسط واللجنة الرباعية، فإن براون عين السياسي البريطاني وليمز مبعوثا خاصا له في الشرق الأوسط، مما يعني أن توجهات براون الخاصة والسياسة البريطانية تتجه في عهد بلير إلى سياسة تتجاوز أخطاء توني بلير.

الشيء المهم الذي يعكسه التقرير أن بريطانيا يجب أن تنتهج سياسة خارجية لتحقيق مصالحها الخاصة وليست مصالح واشنطن، وفي ظل هذا التقرير لمجلس العموم البريطاني، هل يستفيد العرب من هذا التحول البريطاني؟ وكما قال بالمرستون قبل أكثر من قرن، إنه لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة هل يقيم العرب سياستهم من منطلق المصالح الخاصة لهم، وفرض مطالبهم على واشنطن؟ فإذا غاب الاتحاد السوفيتي وأفقد العرب المناورة بين واشنطن وموسكو، فهل يستفيد العرب من خلافات لندن وواشنطن، التي على المصالح، فيسعى العرب لكسب الدعم البريطاني الذي يبقى مؤثرا وأكثر فعالية، رغم قوة العملاق الأمريكي التي أخذت في التراجع؟