يُقلقنا كصحفيين أن نظل ضحايا باستمرار
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 11 سنة و شهرين و يومين
الأربعاء 23 يناير-كانون الثاني 2013 05:14 م

بمجرد سماعي خبر الاعتداء على طاقم قناة الجزيرة مباشر بمدينة ذمار، تبادر إلى ذهني سيناريو تتشارك فيه مختلف المحافظات والعاصمة, بأن أشخاصاً ممن تمت تعبئتهم وتحريضهم ضد الإعلام الخارجي والمعارض هم من أقدموا على ذلك من ذات أنفسهم أو بإيعاز من شخصيات بالمحافظة.

وسيناريو آخر لقصة الاعتداء بنيته في ذهني بناءً على تجربة شخصية سابقة لي في مدينة ذمار تتميز بها عن بقية المحافظات والمدن اليمنية, حيث يتجمع حولك لأجل الكاميرا المارة في الشارع ويلحون عليك أن تأخذ رأيهم أو تسألهم كيفما كان, المهم وبالمختصر تلتقط لهم صوراً تظهر على الشاشة أو يجبرونك إجباراً.

لم يتبادر إلى ذهني أبداً الرواية التي سردها الزميل محمد القاضي والتي تفيد بأنه “وأثناء قيام طاقم القناة بالبث الحي من الشارع العام وسط مدينة ذمار تجمع عدد كبير من المواطنين حولنا للمشاركة في الاستطلاع عن أوضاعهم المعيشية, وتفاجأنا حينها بصوت قوي، وعند ذهابنا إلى مصدر الصوت وجدنا سيارة البث الخاصة بالقناة قد أُعتدي عليها”.

هذه حادثة كان يمكن ابتلاعها قبل عام من الآن أو أكثر, وطبعاً حينها كان سيصاحبها اعتداء جسدي على الطاقم, ولكنها وسابقاتها من الحوادث التي افتتح بها عام 2013 تشير إلى أن الصحفيين لازالوا يعملون في بيئة غير آمنة ومناخ خطر ولا يعلمون من أين يأتيهم الخطر.

قبلها التقيت الزميل جبر صبر وكشف لي جروحاً لازالت آثارها على جسده، جراء اعتداء جنود أمن وتجاوزته إلى طفله ذي الـ5 أعوام والذي كان برفقته, فيما لازال كل ما كان بحوزته من أدوات ومال منهوباً ولم يجد حتى أذناً صاغية لدى أحد من قيادات وزارة الداخلية. 

كان جبر مواطناً قبل أن يكون صحفياً, وحينما همّ الجنود بالاعتداء عليه كشأن المشاركين في اعتصام، تصادف تواجده مع طفله بالقرب منه, استنجد بصفته الصحفية لكي ينفذ بجلده مما يتعرض له بقية المواطنين من اعتداء وحشي, فوجدهم أشد وحشية وزادت وتيرة اعتدائهم، وقال أولهم :بل أنتم المحرضون.

هي سلسلة اعتداءات تنذر بخطر يحدق بالصحفيين وحرياتهم ويؤثر على أدائهم ومهنيتهم، وسببه ليس فقط الإيعاز من قيادات هنا وهناك, ولكن للتحريض منه نصيب, وهو ما كنا نتمنى أن لا يستمر في عهد نظام جديد نرى رموزه في قطيعة تامة مع سابقه .

غير أن القلق كان قد ازداد حجمه لديّ حينما قرأت ما كتبه مصدر قيل إنه مسؤول في موقع وزارة الدفاع واستهدف الزميل القدير خالد الحمادي، مراسل صحيفة القدس العربي, لشخصه وتخوينه وليس نفي وتوضيح ماورد في تقرير من معلومات بطريقة مسؤولة وأخلاقية.

 ومع بداية العام الجاري تزامن نشاط نيابة الصحافة والمطبوعات التي استدعت الزميل سامي السامعي وزميلاً آخر في قناة السعيدة ورئيس تحرير صحيفة الأمناء الصادرة من مدينة عدن, فيما أصرت محكمة في البيضاء على الاستمرار في النظر بقضية ضد الزميل ماجد كاروت على ذمة قضية فيها ما يبعث على الضحك أكثر من البكاء.

فقد نشر أحدهم في صفحة ماجد في (فيسبوك) معلومات تتعلق بفساد مسؤول بإحدى المحافظات, وجرجروه إلى المحكمة دون أن يعلم, ولازالت القضية قائمة بصورة تؤكد وجود تعنت واضح, ولا أعلم وفق أي قانون تتم محاكمته, فحتى وزارة الإعلام ترفض منح مراسلي الصحف الالكترونية الخارجية تراخيص كغيرهم بحجة عدم وجود قانون ينظم ذلك.

ولأن العام لازال في بدايته ونتمنى أن لايكون أسوأ من سابقيه, نطالب حكومة الوفاق الوطني، وخاصة وزراء الدفاع والداخلية والعدل، بمنع تضاعف الخطر على الصحفيين وحريتهم بإيقاف التحريض والتعبئة ضد الصحفيين ووسائل الإعلام والتحقيق في الاعتداءات الواقعة ضدهم وتقديم المعتدين والمسؤولين عنهم للعدالة وقبل ذلك بترشيد استخدام القضاء لشنق حرية الإعلام.

قبل انتخاب الرئيس هادي في فبراير 2012م كتبت هنا أطالبه بوضع حل سريع وحاسم لقضية سجن زميلنا عبدالإله شائع المسجون ظلماً لأكثر من عامين ونصف, ولم يفرج عنه، وحالته الصحية تزداد سوءاً, وقبل عام على الذكرى الأولى لم نعد فقط نطالب بالإفراج عنه ولكننا قلقون على بقيتنا.

 فهل نجد ـ نحن الصحفيين ـ لديكم فخامة الرئيس ولدى وزراء حكومة الوفاق ما يبعد عنا الخطر وما يمنعنا من القلق؟, وهل نلمس قراراً حاسماً يعيد أخانا عبدالإله إلى أطفاله وينهي معاناته ومعاناة أسرته؟, نثق بقدرتكم على ذلك وحرصكم على حرية الإعلام وحياة الصحفيين ورفع الظلم عنهم.