كي لا يتحول الصديق اليمني إلى "أسامة بن لادن"
بقلم/ همدان العليي
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 15 يوماً
الأحد 10 يناير-كانون الثاني 2010 05:41 م

من المعرف أنه لا يمكن حصر خطر الفكر القاعدي المُتطرف داخل حدود جغرافية مُحددة، فكما هو موجود في اليمن والسعودية وباكستان وأفغانستان، فهو موجود أيضاً في الدول العُظمى مثل أمريكا وبريطانيا وأسبانيا بل أن الخلايا التي تحمل هذا الفكر الشائه موجودة في كثير من الدول بشكل علني كان أو سرّي.. وهذا يعني بأن تهمة تمويل هذه الخلايا المُتطرفة من قِبل حكومات بعينها تهمة غير منطقية وتعكس مدى عدم واقعية القائلين بها والذين يلصقون بخصومهم كثيراً من التُهم الجُزافية فقط لأنهم في الطرف الآخر سياسياً..!

في اليمن هناك جُملة من العوامل الاقتصادية-بالدرجة الأولى- والسياسية والاجتماعية التي لا شك أنها تُساعد على جعل الأرض اليمنية أرضاً خصبةً، ومُناخاً مُناسباً لاستشراء هذا الفكر المنحرف عن المبادئ والقيم الإسلامية السمحة، وهذا الأمر مدعاةً للقلق الداخلي والإقليمي والدولي.. وحول هذا الصدد وفي ظِل انشغال العائلة الدولية، كثيراً ما أبدت الحكومة اليمنية مخاوفها من تردي الأوضاع والوصول إلى هذه المرحلة التي نعيشها اليوم، والتي أعتبرها شخصياً أولية حيث لا زالت الحكومة اليمنية مُتمسكة ومُتحكمة بزمام الأمور الأساسية فيها، فقد حذّرت -الحكومة اليمنية- في السابق من مغبة عدم الوقوف إلى جانب اليمن الفقير في موارده وثرواته، والكثيف سكانيا، علاوة على ذلك أن اليمن مُجاور لبلدان شقيقة حباها الله بالخير في وقتنا الحاضر.. وعندما تطايرت بعض شظايا الأزمة اليمنية وسقطت في عُقر دار بعض الدول المُجاورة والعالمية مهددة أمنهم، أذعنت العائلة الدولية بجدية لهذه المخاوف، وللأسف رافق هذا الإذعان تهويل إعلامي كبير لبعض الأحداث في اليمن، كما نتجت عن هذه القناعات التي تأخرت قليلاً، نوايا لدول صديقة مفادها وهدفها مُساعدة اليمن للتخلص من مشكلة القاعدة في هذه الرقعة الجغرافية الحساسة حرصاً على الأمن الدولي.

في الحقيقة نحن اليمانيين نُقدِّر ونُثمّن ونُرحّب بهذه المساعي الطيبة الرامية إلى مُساعدة اليمن من قبِل بعض الدول الصديقة، لكن يجب الإشارة إلى وجوبيه تقليل حدة الخطاب الإعلامي في تناول الأحداث، كما يجب أن يوضّح الأصدقاء عبر خطاباتهم نوعية المُساعدات التي سيقدمونها لليمن كي يفهم الشعب اليمني، تحاشياً إثارته واستفزازه إذا ما تم فهم هذه المساعدات على أنها تدخل عسكري مباشر في اليمن، لأن هذا النوع من المُساعدات لن يقبل به أهل اليمن البتة، فهم لا يُرحبون إلا بمن يحملون الورود في أيديهم، ويُظهرون الابتسامة على شفاههم، ويكنون الحب في قلبوهم لأهل اليمن، سواء جاءوا ضيوفاً على اليمن أو ساكنين فيها، ولا اعتقد أنه ثمة أكرم وأطيب من هذا الشعب حينها، أما من يأتون إلى اليمن حاملين للبندقية، فسوف يدفعون بالرجال والنساء والأطفال إلى أن يكونوا بأكملهم "أسامة بن لادن" حتى وإن كان حامل البندقية الغير يمني قادماً إلى اليمن ليُدخل أهله الجنة، ويُخلصهم من النار.

قبل أيام سألتني والدتي -حفظها الله- عن صحة ما يُشاع مؤخراً في المجالس والمحافل حتى في الجامعات، حيث قالت: هل حقاً "الأمريكان" قادمون ليحاربوا اليمن كما حاربوا العراق وأفغانستان؟! وهذا السؤال يصول ويجول ويتردد في الشارع اليمني بكثافة هذه الأيام، والسبب هو التهويل الإعلامي في الوسائل المرئية وبعض التقارير والتصريحات التي نشرتها بعض الصحف الغربية والتي بدورها ستُتيح فرصة ذهبية للقاعدة إذا ما استثمرت هذه التصريحات والتقارير الإعلامية في تعبئة وتأليب الشارع اليمني العاطفي على الغرب، وبالتالي إجباره-الشعب اليمني- على التحول عن بكرة أبيه إلى إرهابي ومُتبني للفكر القاعدي، لأن هذا الشعب يرفض مُجرد فكرة إنشاء قواعد عسكرية في السواحل اليمنية ويعتبره غزواً، فما بالك بدخول قوات عسكرية أجنبية الأرض اليمنية لتطلق النار على يمنيين..!! ومن المهم هنا الاستدلال بالجماعات "الحوثية" التي تُقاتل الدولة في شمال اليمن، حيث انها تُقاتل لمجرد أن زعماء هذه الجماعات أقنعوا أتباعهم بوجود بوارج ومُقاتلات أمريكية في المياه اليمنية بحماية من الحكومة اليمنية وهذا ما يستثير حفيظة المواطن اليمني، ولهذا نحن هنا نطلب من الأصدقاء بأن يتعاملوا مع ما يحدث في اليمن بشيء من الحكمة والعقل والدقة، كي نتحاشى أن يُقال في المُستقبل " أرادوا تكحيلها فأعموها"..!

Hamdan_alaly@hotmail.com