موقف الإدارة الأمريكية من حركة الحوثي والقاعدة.. أوراق مزدوجة بين اليمن وواشنطن!!
بقلم/ علي الجرادي
نشر منذ: 14 سنة و 3 أشهر و 4 أيام
الإثنين 21 ديسمبر-كانون الأول 2009 07:08 م

منذ عام 2004م وحتى عام 2009م أخفقت الحكومة اليمنية في إقناع واشنطن بضم حركة الحوثي إلى قائمة الإرهاب، وينسحب الإخفاق على حكومة المملكة العربية السعودية مؤخرا بقول وزير خارجية اليمن د. القربي للجزيرة في برنامج الملف \"عدم إدراج الإدارة الأمريكية لتمرد الحوثي ضمن الحركات الإرهابية إحدى نقاط الخلاف الجوهرية معهم\"!!

بالتوازي مع هذا الرفض صدرت تعليقات من سياسيين وتقارير بحثية من واشنطن تتهم الحكومة اليمنية بالتغاضي عن أنشطة \"القاعدة\" وبعضهم استخدم لهجة دبلوماسية بالقول \"إن الحكومة لا تتخذ الإجراءات الكافية لمحاربتهم\" وهناك من ذهب بعيدا باتهام الحكومة بصيغة تحالفية غامضة. ويوم الخميس 17 ديسمبر كان أوباما يهنئ الرئيس بمكالمة تلفونية عن نجاح ما أسمته اليمن بمهمة نوعية استباقية ضد تنظيم القاعدة في أبين وأرحب وأمانة العاصمة رغم الضحايا المدنيين من الأبرياء والأطفال والنساء، واللافت في التهنئة -حسب وسائل الإعلام الرسمية اليمنية- أن أوباما \"أعرب عن تفهم بلاده لقلق الحكومة اليمنية تجاه تمرد حركة الحوثي\".

ما يعني أن التفهم الأمريكي للقلق شمالا مقابل السماح بالضرب جنوبا وفي العاصمة ضد القاعدة، وكانت \"الديلي تلتغراف\" البريطانية تحدثت عن إرسال الولايات المتحدة قوات خاصة لتدريب وحدات منتقاة في الجيش اليمني (14 ديسمبر) وربما هذه المرة تجنبت وسائل الإعلام الأمريكي كشف المستور كما حدث في مقتل الحارثي عام 2002م حين تبنت الحكومة اليمنية العملية ثم فضحتها الصحف الأمريكية بنشر تفاصيل العملية التي تمت بطائرة بدون طيار واستخدام صاروخ \"نار الجحيم\" في صحراء مأرب.

واشنطن والحوثي.. البيضة والحجر

قبل تنفيذ عملية 17 ديسمبر 2009م في العاصمة وأبين استبقها مكتب الحوثي بثلاثة أيام ونشر مقطع فيديو يعرض صور جثث لأشخاص يقول إنهم قضوا جراء قصف بطائرات أمريكية لملجأ أسرى استشهد منهم 122 شخصا وأصيب 44 آخرين، هذه الفاجعة لم يتوقف عندها أحد، الحكومة لم تعلق والتزمت الصمت ولا يعنيها مصير 188 يمنيا بضربة قاضية، الإدارة الأمريكية نفت ذلك وقالت إنها تقدم فقط التدريبات والنصح لليمن والسعودية وحلفائها في المنطقة.

ومثلما رسمت ملامح الدهشة والغرابة في أن يغامر الحوثي بالتحرش بالمملكة \"إذ يستحيل فعل ذلك وهو تحت الضغط المباشر للجيش اليمني\" –حسب الفوزان من صحيفة الوطن السعودية- فإن الدهشة نفسها تعود مجددا مع اتهام الحوثي للطيران الأمريكي بقصف أسراه بينما يرفض الأمريكان إدراجه ضمن حركة الإرهاب.

وهو ما يرجح تفسيرا لما يحدث بأن الحوثي عبر قيادات عليا في جسم النظام اليمني كان على اطلاع بالمساومات الأمريكية اليمنية بشأن الضربة التي ستوجه للقاعدة –وبحسب مصادر إعلامية فقد تم تأجيلها أكثر من مرة، وأن نتيجة المساومة هي سماح الحكومة اليمنية للأمريكان بضرب القاعدة مقابل تفهم الإدارة الأمريكية للقلق اليمني إزاء الحوثي وعدم ملاحقته قضائيا فأراد الحوثي مساومة الأمريكان باتهامهم بقصف الأسرى وكسب تعاطف شعبي في الداخل وتبرعات مالية في العالم لحركة تواجه \"الطيران الأمريكي والجيش اليمني والجيش السعودي\".. تأملوا صناعة المعجزات!!

إيران وأمريكا.. تبتلعان الجزيرة والخليج!!

- يرفض الأمريكان إدراج الحوثي كحركة إرهابية.. وهي نقطة الخلاف مع الحكومة اليمنية وربما ساومت في قضية القاعدة.

- يرفض الأمريكان اتهام إيران بدعم الحوثي، وقال مساعد وزير الخارجية الأمريكي في حوار المنامة الأسبوع الماضي \"لكي أكون صريحا ليس لدينا أي معلومات مستقلة عن دعم إيران لحركة الحوثي في اليمن\".

وفي مقابل الموقف الرسمي الأمريكي يتساءل مركز \"ستراتفور\" الأمريكي للاستشارات الأمنية في ولاية تكساس عن مهمة القوات الأمريكية والدولية في البحر الأحمر وخليج عدن ويستغرب من تهريب السلاح للحوثيين إلى ميدي ويقول: \"القوات الإيرانية البحرية المتواجدة في البحر الأحمر وخليج عدن تقوم بعملية تهريب الأسلحة من أحد الموانئ الإرتيرية إلى السواحل اليمنية\".

وتستغرب وكالة الأنباء الروسية \"ألا تساعد الولايات المتحدة الأمريكية حلفاءها السعودية واليمن في حربهما ضد المتمردين الحوثيين\" وهي تتواجد بأساطيلها العسكرية في حماية الممرات الدولية التي تقع بالقرب من خليج عدن ومحاربة تهريب الأسلحة والقرصنة التي تتعرض لها السفن التجارية على البحر الأحمر وخليج عدن\".

نعيد المفارقات أو بالأصح المقاربات الأمريكية لمصالحها في المنطقة على حساب \"حلفاء مغفلين\" بعد استغراب للموقف الأمريكي إزاء الدفاع عن إيران رغم التقارير الأمريكية التي تحذر واشنطن بل واعتبرت حركة الحوثي تهديداً لأمن أمريكا، لكن الإدارة الأمريكية ارتأت امتصاص أي لغط فقام الجنرال ديفيد ندريوس قائد القيادة المركزية بالجيش الأمريكي بذر الرماد على العيون قائلا \"واشنطن تدعم اليمن أمنيا وعسكريا في سياق التعاون العسكري\" وفي تصريح آخر \"إن الإدارة الأمريكية تقدم النصح والتدريب لليمن والسعودية\".

فهل نحن إزاء إدارتين للولايات المتحدة كما هو شأن إيران (ولاية الفقيه وحكومة نجاد)؟ ليس الأمر كذلك، حتى في إيران صلاحية المرشد مطلقة وهو الوجه الرسمي لإيران أكثر من الحكومة والإدارة الأمريكية التي ترفض إدراج الحوثي كحركة إرهابية كما تريد الحكومتان السعودية واليمنية، وتنافح عن إيران وتنفي دعمها للحوثي، وتسمح أساطيلها بتهريب السلاح عبر خليج عدن والبحر الأحمر، هي نفس الإدارة التي تقدم النصح والتدريب لليمن والسعودية وتعلن التزامها بأمن أصدقائها في المنطقة!!

ضمن عدد من المصالح الأمريكية بينها السيطرة على خطوط الملاحة الدولية \"باب المندب\" أهمها بيع أسلحة للجميع واستخدام حركات التمرد للضغط على البلدين فإنها أيضا ستستخدم كورقة رابحة في مرحلة التفاوض الأمريكي الإيراني الذي بدأ مرحلة الغزل بتبييض صفحة إيران إزاء دعم حركة الحوثي في اليمن والسعودية!!

وربما نشهد في الفترة القادمة تنازلا أمريكيا لإيران بمساحة ومصالح ونفوذ في المنطقة.

والحكومة اليمنية والسعودية معا.. يكفيهم التزام الإدارة الأمريكية بأمنهم حتى مع السماح بتغذية النزاع وتهريب السلاح.. ما أشبه الليلة بالبارحة.. الحكومة السعودية ستجد نفسها في مأزق قادم لحظة \"اقتسام الأسد والنمر\" لحصة النفوذ أما الحكومة اليمنية فلا زالت ترتبط مع إيران بعلاقة أغلظ من شعرة معاوية.

نحن بحاجة لإعادة قراءة ملابسات الضوء الأخضر الأمريكي لصدام بغزو العراق، وهذه المرة لن تكون الضحية إيران فهي الأقوى ولكن العرب وحدهم الضحية!!.