مأرب.. الصورة بعيون مختلفة
بقلم/ كاتب صحفي/حسين الصادر
نشر منذ: 6 سنوات و 4 أشهر و 20 يوماً
الإثنين 06 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 08:13 م
 


زار الرحالة الألماني هانز هولفريتز اليمن من الباب الخلفي وألف كتابه الشهير اليمن من الباب الخلفي في العام 1930 م وتاتي زيارة هولفريتز بعد زيارة "أمين الريحاني" صاحب ملوك العرب بعشر سنوات ذكر كلا الرجلين معانتهما فيما يتعلق برحلتهما الى البلاد المنسية "اليمن " وكان هناك اختلاف بين أهداف الزيارة لكلاً منهم فالريحاني مفكر عربي مهاجر قصد من زيارته جمع العرب ونقل افكار التحديث الى بلاده العربية , على خلاف هانزهولفريتز الذي كان يهدف الى الوصول الى "مملكة سبا" وقد ظل الوصول الى مملكة سبا هدف قديم في مدارس الاستشراق الأوربي منذ القرن الخامس عشر الميلادي .

ويرى بعض الباحثين في حينه ان الهدف حينذاك يهدف الى العثور على نصوص للكتاب المقدس يمكن الاستدلال من خلالها على دعم فكرة الإصلاح الديني "للبروتستانت المذهب المسيحي المتحرر " وقد أستطاع البرتقاليون الوصول الى "براقش" عاصمة مملكة معين في منتصف القرن السادس عشر عبر الصحراء من حضرموت .

وأعتقد أن هوليفريتز أستدل بفكرة البرتقاليين للوصول عبر الصحراء "الى مملكة سبا" وتحرك من عدن الى حضرموت ومنها الى مارب تحطم حلم هوليفريتز عندما تم اعتقاله من قبل الأمام في جنوب شرق مارب وإحضاره الى صنعاء وعندما وصل بمحاذات الأثار السبئية القديمة لا يفصله عنها الا جبل البلق , لم يستطيع ان يخفي حزنه على مرافقيه ويستمر في البكئ وكأن لسان حاله يقول "ما مع العاشق صبر غير الدموع "

وهكذا ظلت فكرة ان تكون مارب مدينة مخفية وغير مرئية فكرة ثابته وأساسية عند الحكام خلال عقود طويلة من الزمن .
وقد تم نسج الكثير من الحكايات الخرافية حول مارب وسكانها ولعبت السياسة دور كبير في نسج الحكايات وتوظيفها لتحقيق غايات وأهداف تخدم الحاكم .
وكشف الصراع الحالي حجم السلوك المشين والدعاية السوداء المنظمة على مارب وكانت هذه الدعاية أحد الوسائل المستخدمة للحرب على مارب ونجحت بشكل كبير في رسم صورة سلبية وقاتمة عن مارب واستمرت طيلة العشرين عام الأخيرة , كانت منظمة وقوية لا تحرم استخدام أي وسيلة للوصول الى الهدف تم استخدام المنظمات التي تعمل في اليمن وكذلك السفارات والسلك الدبلوماسي وكشفت الحرب الدعائية الحاقدة والمغرضة , في الوقت نفسه أكتشف اليمنيون "مارب الأرض والأنسان بأنفسهم .

قال لي نازحون كثر قدموا الى مارب كنا خائفين بشكل كبير من الذهاب الى مارب وكأننا ذاهبين الى أرض يسكنها عفاريت وجن .فقد استطاعت الدعاية أقناع غالبية كبيرة من اليمنيين "بخرافة ان مارب أرض يسكنها جن وعفاريت ومثلما نجحت الدعاية في الداخل نجحت في الخارج بشكل أكثر .

خلال الحرب أرتفع حجم الدعاية كجزء أساسي من الحرب وواجهت مارب حملات دعائية جبارة , استطاع ابناء مارب امتصاص الدعاية وساعدهم سلوكهم النبيل وكرمهم وحسهم الوطني على النقل الصورة الحقيقية على الرغم من عدم امتلاكهم وسائل اعلامية حتى ولو بالحد الأدنى .
وظلت مارب بعيدة عن عيون الإعلام الأجنبي وخاصة فيما يتعلق بالتحقيقات والاستطلاعات الميدانية وتلقت خلال فترة الحرب سيل من الدعايات المغرضة .

وفي يوم الثالث من أكتوبر الماضي وصل الى مارب فريق اعلامي أوربي أمريكي يضم صحافيين من معظم وسائل الاعلام الأشهر في غرب أوربا والولايات المتحدة يضم العشرات من الرجال والنساء .
تحدث الفريق مع طيف واسع من الناس وفي المقدمة اللواء سلطان العرادة محافظ مارب الذي تحدث وأجاب بصراحة وصدق على معظم اسئلة الفريق تحدث عن الحرب والسلام والنازحين والأسرى والتنمية التي انفردت بها مارب في زمن الحرب
وما لفت نظري هو استعداد سلطة مارب لعودة خطوط الكهرباء الغازية الى العمل ورفض الانقلابين للمبادرة ونترك الباقي للوسائل التي أجرت الحديث .
أتسم حديث العراده بالصدق والصراحة كزعيم شعبي بعيداً عن برتوكولات السياسة ولغة الدبلوماسية المراوغة .

التقى الفريق الإعلامي العاملين في المنظمات الحقوقية المحلية والتقى وجها وأعيان من مارب وكذلك برلمانيين من ابرزهم رئيس كتلة المستقلين الشيخ علي عبدربه القاضي وقاده عسكريين منهم واللواء مفرح بحيبح .
زار الفريق أهم المعالم التاريخية في مارب واستمع الى الناس العاديين في الأسوق ورجال الأعمال وتجار القات "القات" الذي لفت نظرهم كثيراً
أعتقد ان زيارة هذا الفريق الإعلامي على قدر كبير من الأهمية وان الطريق الأوحد والوحيد للتواصل مع مارب قد أنكسر .
ولا نعرف بالضبط كيف ستكون الصورة بعيون مختلفة ؟