آخر الاخبار

مشروع عملاق يربط الخليج بأوروبا عبر تركيا.. تعرَّف على مشروع ''طريق التنمية'' أهميته وانعكاساته على المنطقة ''انفوجرافيك'' الكشف عن الحديث الذي دار بين حكم الكلاسيكو وحكم تقنية الفيديو في لقطة هدف لامين يامال غير المحتسب ماذا قالت حركة حماس عن الشيخ الزنداني وبماذا وصفته؟ بيان قادما من مسقط.. المبعوث هانس غروندبرغ يطير إلى الرياض ويلتقي أول مسئول في الحكومة الشرعية وهذا مادار بينهما من مديرية الشعر إلى اسطنبول.. ما لا تعرفه عن الشيخ عبدالمجيد الزنداني: أبرز المحطات في حياته وأهم المناصب التي تقلدها والأعمال التي قام بها يسجل أرقام قياسية وتاريخية.. تفاصيل احتفالات لاعبي إنتر ميلان بعد حسم الكالتشيو النفط يرتفع في تعاملات آسيا المبكرة مع استمرار التركيز على الشرق الأوسط دعماً ل غزة.. اشتعال احتجاجات جديدة في العديد من الجامعات الأميركية اشتعال جبهات طاحنة في مناطق جديدة بين روسيا وأوكرانيا وبريطانيا تعلن عن مساعدات عسكرية ضخمة الجيش الإسرائيلي تباغت خان يونس...وصدور براءة أممية لـ«أونروا

رفقاً..بولدك أيها العااااااقّ !!
بقلم/ منير الغليسي
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و 27 يوماً
الأحد 25 إبريل-نيسان 2010 10:27 م

قد يهوي إنسان من شاهق : من جبل ، أو تل ، أو بناية . . بخطأ من عند نفسه ، أو من أحد بجواره ، أو ربما يلقي بنفسه بمحض إرادته وقصده . . انتحاراً ؛ لسبب من أسبـاب الدنيا ألمّ به ، أو صَـرْف مـن صـروف الـزمان دهـاه !! . . أو قد يغدر إنسان بآخرَ ؛ دفاعاً عن نفسه أو ماله أو عرضه ، فيلقي به في غَيَابة بئر ، أو فـي بحـر لجّيّ . . أو يستلّ سيفاً عليه ، أو أيّ سلاح كان ، فيزهق به نفسه . . كل ذلك متوقع !!

لكنْ .. ما لا يخطر على قلب إنس أو جنّ أو حيوان أو كائن حيّ من كوكب الأرض أو عالم الفضاء. . وما تأبى أن تسمعَ به أذُنٌ ، أو تراه عينٌ ، أو يشعر به حسّ . . أن يلقيَ أحدٌ منّا وبيديه كلتيهما وكامل وعيه وإرادته ودون إكراه من أحد . . بإنسان بريء ، ضعيف ، لا ذنب له ، فضلا عن أن يكون هذا الإنسان هو أقربَ الناس إليه نسباً . . فِلْذةُ كبده التي قٌدّت من دمه ولحمه ، ونبضُ قلبه الذي يُفزعه التفكيرُ إن توقف هنيهة ، وبؤبؤُ عينه التي يرى بها الحياة من حوله ، وزينتُه التي يتباهى بها في حياته . .

هذا ما تناهى إلى سمع العالم حين تناقلت وسائل إعلام عديدة خبر الأب الشاب ، الذي ألقى بأولاده الأربعة في (سد الفرات) من نهر الفرات بقرية (المنكوبة) من مدينة حلب في بلاد الشام ! ! . . ألقى بهم . . لا ليروّحوا عن أنفسهم ساعةً في محيط من الماء . . بل لتزهق أنفسهم الواحدة تلو الأخرى في لجّة الموت !. وهو يسمع صراخهم وغَمْغمتَهم حتى يخفت ذلك الصراخ ويتلاشى مع النفَس الأخير في الرمق الأخير ! ! . . ويبصر أجسادهم الغضّة الطرية تتهاوى الواحد بعد الآخر !.

وبينا هم على تلك الحال من العذاب والكرب في خضمّ الماء وظلمته . . وتصاعد أنفاسهم . . وضيق صدورهم . . وصراعهم مع الموت من أجل البقاء . . إذ هو في حال من المتعة . . والنشوة . . والفخر . . والانتصار للذات ! !

ويحك أيها الأبُ ! ! . . أيُُّ متعة تلتذّ لها ؟ ! . . وأيُّ نشوة تُسكرك! ! . . وأيُّ فخر ترفع هامتك له ؟ ! . . وأيُّ ذات تنتصر لها ؟ ! . . بل أيُّ قلب تحمله وأنت تلقي بأفئدتك في سدّ الموت ؟ ! . . وأيُّ عين لك ترى ذلك المشهدَ الموجعَ : الأول حتـى يغـرق ؟ ! . . والثانـي حتى يهلك ؟ ! . . والثالث حتى تخطـفـه يـدُ الـردى ؟ ! . . والرابـعُ . . . آهِ . . وواهِ ! ! الرابعُ حتى تفيضَ روحُه ولمّا يبلغْ عامَه الأولَ ! ! ولمّا يصلْ سنّ الفطام بعدُ حتى تكون أنت أنت من يفطمه من الحياة ؟ ! !

أيها الوحشُ المتلبّسُ صورةَ إنسان ! ! الوحوشُ أرفق منك . . . لا لا . . لا أقول : أرفق بصغارها وأحنّ وأرأف بها . . كلا . . كلا . . فلا مجال للمفاضلة . . فهي رفيقة بهم . . عطوف . . حنون . . رغم وصْفها بالوحشية ! ! أمّا أنت فنقيضها تماماً على رغم اتصافك بالآدمية والإنسانية ! ! . . لتعلن إذنْ براءتك منها . . ولتعلن الآدميةُ والإنسانية براءتها منك . . فلا أنت للوحوش تنتسب ؟ ! . . ولا أنت للإنسانية والآدمية تقترب ! !

أيّ كائن مسْـخ أنت . . . ؟ ! . .لا عذر لك مهما تذرعت بالأسباب ، واختلقت المبررات لفعلتك الشنعاء التي تتبرأ منها السموات والأرض ! !

لقد ارتكبت جُرمك بمن هم من صُـلبك . . فأنّى لك أن تحيا بعد ذلك ؟ ! . . وأيّ حياة تريد أن تحياها بعد أن أعدمت أطفالَك حياتَهم ؟ ! . . أربعة كُبْراهم لا تتجاوز خمس سنوات ! ! . . لم تشفع لهم دموعهم وصراخهم عندك أيها الجبل ! ! . . ليتك كنت جبلاً ! ! إذنْ لسوف تشّـقّق مادتُه رحمةً بهم . . وتخشع عظمته رقةً بحالهم . . ويتندّى منه ماءُ الوجل والخشية من الله - تعالى - على حياتهم ! !

لقد فعلت فعلتك التي فعلت بدم بارد ، لا أظنّه إلا من دم إبليس ! ! . . ثم استقَـلْـت سيّارتك لتعود إلى قريتك (المنكوبة) . . المفزوعة ، المفجوعة بفقد أربعة من أبنائها . . ولم تفزع أنت - وأنت من أنت منهم - إلى ضميرك . . إلى قلبك . . إلى أبوّتك ؟ ! !

هاأنت تعود إلى قريتك نشواناً ، قاصداً إغاظة أبيك المسكين . . المفجوع بأحفاده ، أحبّاء قلبه . .أبيك الذي كان خليقاً بك أن تكون أول أحبته ؛ برّا به وبأمك . . اللذَين من أجلك أوقفا عمرهما لأجل عمرك . . وعافيتهمـا مـن أجـل عافيتك . . وحياتهما لتسعد بحياتك ! ! . . وضحّيا من أجلك بكل نفيس ؛ حتى يستقيم عودك ، وتقف على قدميك ؛ فَيَرَياكَ وقد قرّت عينهما بثمرتهما الطيبة ! ! . . لكنْ هيهات هيهات ! ! فهاأنتذا تردّ جميلهما وإحسانهما إليك . . فتجزيَهما في كبَرهما الجزاء الأوفى . . هاأنتذا تفجعهما بمَن تعلّق قلبُهما ! ! . . يا لك من ولد عاقّ ! !

صرْتَ في عقدك الثالث ولم تصر إلى رشدك وعقلك ! ! . . ليتك لم تكن ولم تصر ! ! . . هـل أصابتـك لُـوثَةٌ ؟ ! ! . . أم اختلط عليك أمر الحياة والموت . . . ؟ ! ! . . أم هل ظننت – خاب ظنّك – وأنت ترمي بأولادك تباعاً في مستنقع الموت بأنك تحثّهم نحو جنّة خالقهم ؟ ! ! . . ماذا دهاك أيها الشابّ ؟ ! ! . . أيبكي الباكي عليهم ؟ ! ! . . أم يبكي عليك ؟ ! ! . . أم يبكي منك ؟ ! !

عجباً لأمرك ! ! . . أبسبب (عدّاد الماء) الذي اختلفت مع أبيك من أجله . . كان ما كان من فعلتك ؟ ! ! . . أظننت أنك من القوة والشباب قد بلغت مبلغاً يزيد لا ينقص ؟ ! ! . . أيُّ عقل هذا تحمله لتغيض أباك بقتل فلذات كبدك، وتعود إلى قريتك منتصراً لذاتك . . منتشياً بنفسك ؟ ! ! . . أما تعلم وأنت في عقدك الثالث ، وما أنت عليه من فتّوة وشباب . . أنّ مبتداك من ضعف ، ومنتهاك إلى ضعف . . ومصيرك إلى فناء لا تملك لنفسك صرفاً ولا نصرا ؟ ! !

واثكلَ أبيك وأمك وزوجك ! ! . . هل تراهم يعيشون بعد أن فجعتهم بأحبتهم وزهـرات حياتهم ؟ !. . ربمـا ! ! لكنْ . . أيّ حياة تُراهم يحيونها بعدهم إلا حياة الموت ! ! . . ولكنْ . . ليكن عزاؤهم في ذلك أن يد الموت التي انتشلتهم منك غرقاً في ذلك اليوم وتلك الساعة وذلك السبب . . كانت رفيقة بهم . . وهو خير لهم من أن يأتي يومٌ آخرُ غيرُ اليوم . . وساعةٌ أخرى غيرُ الساعة . . وسببٌ آخرُ غيرُ السبب ! ! . . . تقطّعُ أعضاءهم تقطيعا وتمزّق لحمهم تمزيقا! ! . . فاليد التي سَهُـل عليها أن ترمي بهم في لجّة الموت ليس بمستغرب منها أن تسفر عن مخالبها وجوارحها وتُعمل فيهم عملها . . نعم ليس مستغربا منها . . . ليس مستغرباً . . . ! !

* * * * *