مارب .. خط الدفاع الاخير للجمهورية
بقلم/ عبدالناصر سلام
نشر منذ: 9 سنوات و شهرين و 13 يوماً
الثلاثاء 13 يناير-كانون الثاني 2015 09:36 ص

تعتبر مأرب مخزون الطاقة والعمود الفقري للجمهورية التي تتهاوى امام ضربات اعدائها من ابناء جلدتها , الحوثي يتحين الفرص للانقضاض عليها , في متلازمة السلطة والطاقة ندرك ان من يسيطر على الطاقة يتحكم بالسلطة , في وطن لم يستوعب ويفرق بعد الفرق بين مفهومي السلطة والدولة .

تستعد مأرب لحرب شرسة بين قبائلها من جهة وجماعة الحوثي وبعض الوحدات العسكرية الموالية لصالح من جهة اخرى , ولم تعد تلك الاطراف تنتظر سوى الشرارة التي ستشتعل اليمن لها بأكملها , تأتي الشرارة تل والشرارة ولكن دون أي نار تبدو على الافق , ذلك ان اليمن تعتمد على الطاقة الكهربائية والغاز المنزلي بنسبة تقارب الـ 70 % الامر الذي يهدد بإغراق العاصمة واغلب مدن اليمن بالظلام ناهيكم عن الازمة الغازية التي سيعاني منها اغلب المواطنين لعدة اشهر قبل ان يستطيع اي طرف ان يحسم المعركة لصالحه .

قبل اسبوعين هجم مسلحون قبليون يتبعون لقبائل مأرب على كتيبة عسكرية تابعة لقوات الاحتياط كانت قادمة من محافظة شبوة متجهة نحو العاصمة صنعاء , واستولوا على 13 دبابة واسلحة اخرى ثقيلة ومتوسطة , بدعوى ان تلك القافلة كانت ذاهبة لمساندة حركة الحوثي التي تحشد قواتها في اطراف المحافظة للانقضاض عليها بحسب اتهامات قبائل مأرب , وهو الامر الذي استدعى من زعيم الحركة الحوثية التهديد بدخول اللجان الشعبية التابعة له , في خطابه بمناسبة المولد النبوي .

في الاسبوعين الاخيرين اشتعلت المواقع الاخبارية والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي بموضوع الحرب في مأرب , مما يدل على اهمية تلك المحافظة بالنسبة للجمهورية اليمنية نتيجة لما تدره على الميزانية الحكومية من اموال النفط والغاز والتي تعتمد الميزانية على ما نسبته 70% من واردات تلك المحافظة .

يدرك الحوثي اهمية السيطرة على مأرب في سياق مشروعه الغامض والذي تدل مؤشرات عده انه يسير نحو السيطرة على الثروة النفطية للتحكم بمفاصل السلطة وبالتالي التحكم بالسياسات الداخلية والخارجية من قبله , ويدرك في ذات الوقت ان اي حرب سيخوضها مع قبائل مأرب الذين هددوا باستهداف وإيقاف النفط والغاز ومحطات الكهرباء سيفتح عليه ابواب جهنم نتيجة المعاناة التي سيعيشها الشعب اليمني والذي سينقم على الحوثي ويحمله مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع , وهو ما أخر الحرب الى وقتنا هذا , دون ان يعني هذا ان تلك الاطراف ليست في وارد الدخول في الحرب .

يبقى السؤال الذي يخالج رؤوس اليمنيين في ماهية الدور الذي يمكن للحكومة ان تلعبه للقيام بواجباتها كونها هي الجهة الرسمية ذات المسؤولية في الاول والاخير عما يجري من صراعات داخلية ؟ واذا لم يكن لديها اي سلطات من شأنها الحد من تلك الصراعات فما هي اسباب بقائها في السلطة ولماذا لا تقدم استقالتها لحكومة ذات كفاءة وفعالية ؟

مشكلة القوى السياسية في اليمن على حد تعبير احد الكتاب اليمنيين ان تلك القوى وضعت كل بيضها في صنعاء الامر الذي جعلها وسيجعلها تحت رحمة الحوثي لزمن طويل . وهذا ما يفسر و يجيب عن جزء صغير من السؤالين أعلاه , غير ان ذلك السكوت ليس مبرراً كون الجمهورية تمر في مرحلة تاريخية مصيرية هي الاخطر على مدى تاريخها الحديث والمعاصر, كون الوطن مهدد بالتفكك والدخول في دوامة من الصراعات الدموية والتي ستأخذ ابعاد اخرى للصراع .

بعد دخول الحوثي صنعاء وسيطرته عليها , دخل الاصلاح في اتفاق شفهي مع الحوثيين مغلبا مصالحة الحزبية والشخصية لقادته على المصلحة الوطنية فكان ان نكث الحوثي ذلك الاتفاق بعد ان خرج بشرعية بقائه في صنعاء من قبل اكبر مكون على الساحة السياسية اليمنية فدخل مديرية ارحب معقل الاصلاح ودمر مقراته وفجر منازل قادته في تلك المناطق الامر الذي جعل الاصلاح يخسر جزء من شعبيته لصالح الحوثي والذين رأوا في تصرف الاصلاح غدرا بأفراد تنظيمه على حساب مصالح قادته في صنعاء .

صالح هو الاخر مازال حليف الحوثي دافعا بحزبه كله في معارك الحوثي السياسية والحربية ولن يلبث ان يدرك ان الحوثي سيغدر به بعد ان يتأكد الاخير ان القوة قد اصبحت له وحده فسيكون صالح وحزبه هو الورقة التي يعلق عليها الحوثي اخطاءه ليقضي عليه بدوره . اليسار ايضا استطاع الحوثي استمالته لصالحه في حربه مع الاصلاح الى ان سيطر على صنعاء .

يقول هيجل : في مكان ما ان جميع الاحداث والشخصيات العظيمة في تاريخ العالم تظهر اذا جاز القول , مرتين . وقد نسي ان يضيف والكلام هنا لماركس : المرة الاولى كمأساة والمرة الثانية كمسخرة , فإذا كان صالح هو مأساة اليمن فالحوثي لا ريب سيكون مسخرتها , لتتكرر بدورها مسخرة الثامن عشر من الذي يحكي كيفية سيطرة لويس بونابارت ابن شقيق نابليون على كافة صلاحيات المؤسسات الدستورية في فرنسا التي عاشت اطرافها السياسية في صراع سياسي فيما بينها ليتوج نابليون الثالث نفسه امبراطورا لفرنسا على وقع ذلك الخصام لتذهب الجمهورية بعد ذلك ادراج الرياح .

 

ولن تلبث ان تعود الجمهورية .