أين يقف قطار التسوية في اليمن؟
بقلم/ د: حسين عبدالقادر هرهره
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 14 يوماً
الإثنين 01 أغسطس-آب 2011 11:08 م

تعج الساحة السياسية في اليمن بتغيرات مستمرة لا تكاد تهدأ حتى تتحرك مرة أخرى، والغرض من هذه الحركة والمبادرات التي لم تتوقف في محطة نهائية هو الوصول إلى معادلة ترضي الأطراف الخارجية لان اليمنيين قد حسموا خيارهم بالتغيير ولكن الأطراف الخارجية تريده تغييرا يلبي مصالحها ولهذا بالرغم من علم تلك الأطراف أن النظام السياسي في اليمن أصبح مرفوضا من شعبه ومريضا كمرض رئيسه، لكنها ولأهداف كثيرة ومصالح تخشى فقدانها بسقوط النظام فقد وقفت تسند النظام المتهالك في اليمن حتى يتعب الشعب اليمني، وقضية النفط والغاز وارتفاع الأسعار وانقطاع الكهرباء وشح المواد الغذائية إنما هو جزء من هذه الخطة التي يهدف المخططون من خلالها الوصول بالشعب اليمني إلى المحطة الأخيرة التي يوافق من خلالها على كل الشروط المطروحة والتي تلبي جزء يسير من طموحاته وتبقي على الجزء الاكبر من مصالح الأطراف الخارجية، وهناك مؤشرات كثيرة على صحة هذا التحليل وعلى راس تلك المؤشرات ما حدث في قضية الرئيس المحروق وكيف تم اخفاء كل شيء عن وضعه الصحي عن اليمنيين لمدة شهر كامل ولم يعرف اليمنيون هل هو حي او ميت، لقد كانت تلك واحدة من عدة امور عملت الاطراف الخارجية على تطويقها لانها تعلم ان النظام في اليمن هو الرئيس وليس هناك حزب يمكن ان يدير العملية لان هذه الامور هي ديكور سياسي لبقاء الرئيس، وانظروا الى ما يفعله نائب الرئيس الذي اثبت انه جزء من الديكور وان الرئيس بخبثه ودهائه عرف كيف يختار رجاله اللذين لا يمكن ان يقفوا بشجاعة في اي موقف الا بوجوده شخصيا.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ما هي المحطة الأخيرة التي يقف عندها قطار التسوية في اليمن؟

من وجهة نظري ان التسوية السياسية في بلادنا لا تتجاوز أطروحتين الأولى هي الأطروحة الخارجية التي تدندن عليها الإدارة الأمريكية وبعض دول الخليج المجاورة والتي سوف تسرق من الشعب اليمني ثورته وترمي له العظمة وتأكل تلك الأطراف اللحمة وهي ان يتم توقيع الاتفاقية الخليجية من قبل الرئيس ويتم نقل الصلاحيات الى نائب الرئيس هادي وتشكل حكومة مناصفة بين المشترك النائم والذي أذعن لهذه الضغوط بهدف الخروج بأي حصة بعد ان حرمهم الرئيس صالح من الحلم حتى بالحصول على وزارة منذ عشرون عاما، وحرامية حزب المؤتمر وابناء الرئيس اللذين لديهم استعداد ان يبيعوا البلد لمن يدفع اكثر وقد باعوها كثيرا وكرروا بيعها بطرق مختلفة مرة ببيع الغاز شبه مجاني ومرة ببيع البترول وعدم توريد ايرادات بيعه الا بما يسكت المعارضة ومرة بتوقيع اتفاقية الحدود الشمالية والتنازل عن حقوق اليمن كليا فيها(طبعا هذا ليس مجانا) ومرة بتسليم ميناء عدن لدولة منافسه يهمها تدميره وعدم السماح له بمنافستها، ومرة ببيع حقول النفط بما يعادل ايراد سنة واحدة من تلك الحقول، وهذه المجموعة بهذه الصورة سوف تستلم نصف الحقائب الوزارية بعد ثورة الشعب اليمني وتقديم كل تلك التضحيات، وبعد ذلك سوف تتم انتخابات، وانتم أدرى ماذا سيحدث في تلك الانتخابات لان الحزب الحاكم لديه من الوسائل والأساليب ما يغير بها أي انتخابات حاله بذلك مثل حال بقية الأحزاب الحاكمة في الدول العربية، والنهاية سوف نقول على الدنيا السلام وسوف تندب الأمهات على أبنائهن الذين سفكت دمائهم على مذبح الحرية وماتوا ليحيا شعبهم ويتحرر من نير العبودية وهذا هو الطرح الأول والذي اعتبر حدوثه انتكاسة لكل الثورات العربية وليس لليمنيين فنتائجه كارثية لا يعلم مداها إلا رب العالمين.

الطرح الثاني اسميه طرح التحرير الكامل والثورة الشعبية التي سوف تغير وجه اليمن وتخرجها إلى النور وتعيد لها مكانتها كدولة لشعب عظيم له تاريخ في نهضة العالم منذ القدم، ويتلخص هذا الطرح برفض شعبي لكل الطروحات التي تسمح بعودة الرئيس أو استمرار أبنائه أو بقاء حزبه، وهذا الطرح لاشك انه مكلف جدا فاقتصاد اليمن يكاد أن ينهار، وسوف يستمر سقوط الضحايا من الثوار، وسوف يتحمل أبناء الشعب اليمني صنوف من العذاب والقهر ولكنه سيكون تطهير يتم من خلاله اعادة بنيان هذه الدولة على اسس سليمة، والحل في هذا الطرح له وجهتين اولاهما بقاء سلمية الثورة وتحمل نتائج هذا القرار والصبر عليه ويمتاز هذا القرار انه بالرغم من تدهور كافة الاوضاع الا ان بقايا قوة الدولة التي ترتكز عليها خصوصا الحرس الجمهوري والامن المركزي وغيرهما سوف تتفكك رويدا رويدا حتى تنهار وتنسحب من النظام وتنظم الى الثورة وبذلك سيتم السيطرة سلميا على الدولة وسيتم اعادة بنائها ولكن اذا طالت الفترة فسوف تكون نتائجها مدمرة على اليمن، الوجهة الثانية ان الامور قد تاخذ شكل المواجهة العسكرية لانهاء المشكلة ولاشك ان هذا الامر له ايجابياته وسلبياته فالايجابيات ان الحسم العسكري سوف ينهي المشكلة باقل قدر من التكاليف لان الثورة قد كسبت الى جانبها كثير من مراكز القوة القادرة على المواجهة ولا يمكن لاي قوة مهما كان تسليحها ان تواجه ثورة شعبية بالملايين، اما السلبيات فان الدمار الذي قد تحدثه المواجهات قد يؤخر عملية الاصلاح الاقتصادي عند بناء الدولة لان الطرف الخاسر سوف يتعمد تدمير كل شيء كما هو حاصل في ليبيا حيث يقوم القذافي بكتائبه بتدمير محطات استخراج النفط وتخزينه وقد يحدث ذلك في اليمن لان الحس الوطني غائب لدى حكومة صالح وابنائه وسوف لن يسمحوا بضياع مكتسباتهم التي نهبوها من حقوق الشعب اليمني بسهولة. ولكن بالنتيجة فان الطرح الثاني وهو عدم الخضوع للمبادرة الخليجية سوف يؤدي الى انجاز الثورة وتحقيق كل مطالبها وسوف ننعم بدولة محترمة يستظل كل ابنائها تحت شعارها ولا يعتبرون انتمائهم اليها فضيحة كما هو حاصل الآن بسبب هذا الحكم المتخلف.