القتل المشترك
بقلم/ محمد بن ناصر الحزمي
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 18 يوماً
الثلاثاء 28 سبتمبر-أيلول 2010 05:00 م

نكاد كل يوم في بلادنا نسمع عن قتل هنا وقتل هناك وكأننا نعيش حربا أهلية بل لا ابالغ اذا قلت أن معدل من يقتلون أو يموتون في حوادث السير شهريا يفوق من يقتلون في الصومال،ففي بلادنا توحد القتل واختلفت الأسباب، فالأسباب عديدة إما ثارات ناتجة عن تعصب قبلي، أو قتل على أساس تعصب مناطقي أو قتل على أساس الاشتباه بتهمة الإرهاب، أو قتل بتهمة الولاء للأمريكان ،تعددت الأسباب والقتل واحد ، والعجيب أن هناك تباين في الرؤى بين كل من السلطة والقاعدة والحوثيين والانفصاليين الا ان الجميع اشتركوا في ممارسة القتل ،والسؤال المطروح ما المبرر الشرعي للقتلة بكل أصنافهم ومشاربهم ؟ ومن ثم ما ذنب الذين يقتلون وليس لهم ذنب قد ارتكبوه؟ لا مسوغ شرعي لمثل هذا العمل الشنيع ، ان القتل في شرعنا الاسلامي يعد من أكبر الجرائم قال تعالى (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) وهو من أكبر الكبائر قال صلى الله عليه وسلم ‏(أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَوْلُ الزُّورِ أَوْ قَالَ وَشَهَادَةُ الزُّورِ). هذه نظرة الاسلام الى من يقتل ويعتدي على النفس البشرية بغير حق ، فالذي يقتل باسم القبلية والمناطقية والمذهبية مجرم لا يراعي شريعة الله ولا حرمة هذا الدم المعصوم ، فمن يشرع القتل بهذه الطريقة فانه يرسي بذلك تشريعا سينطبق عليه، ويعطي مبررا لأمراض النفوس وضعاف الإيمان من الطرف الأخر ليبادلونه نفس الأسلوب ،وبهذا تسود الجريمة ، وتنتهك الأعراض ،وتسفك الدماء ، والذي يقتل باسم مكافحة الإرهاب لا يقل إجراما من أولئك ، فالمتهم في شريعتنا يجب أن يعرض على القضاء وهو يفصل في ما يتهم به، وهو بريء حتى تثبت ادانته وهذا عكس ما تقوم به السلطة فهي تقتل بالشبهة أو بحكم صدر في أمريكا وينفذ في اليمن ،فأنور العولقي مثلا هل اطلعت الحكومة اليمنية على ملف الادلة التي تدينه بزعم أمريكا أم أنها لا تعلم عن ذلك شيء وما دام مذنبا في نظر أمريكا يجب ان يقتل اذا تم العثور عليه بأي طريقة كي نستلم المعونات التي لم تطعم الشعب من جوع، ولم تأمنه من خوف، ان ارسال الطائرات والقوات بالتعاون مع أعداء الله بحجة مكافحة الارهاب فتنسف البيوت بما فيها وسقط الأبرياء، كما حدث في المعجلة وما حدث في مارب وما يحدث في شبوة وغيرها فهذا هو التعاون على الاثم والعدون ،فاذا كان هذا النوع من التعاون محرم بين المؤمنين بقوله تعالى (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) فهو أشد تحريما عندما يكون مع أعداء الله المجرمين، وكذلك من يقوم بقتل الجنود الآمنين الذين يقومون بوظيفتهم بحراسة المنشأت ، والمؤسسات أو يكونون سائرين في الطرقات ، او يقومون بواجبهم الشرعي ،انها جريمة قتل لا مبرر لها فالجندي مسلم معصوم دمه مثله مثل أي مواطن ، او من يفجر حزاما ناسفا في مسلمين آمنين أومستأمنين أو معاهدين ،ان من يرتكب جريمة القتل ، في كل ما ذكرنا ليس له سند شرعي أو أخلاقي ، سواء نزعات هوى ، قاعدتها مذهبية أو مناطقية ، او مصلحة شخصية ، أو عمالة غربية، أو غلو أفقد صاحبه بوصلة الحق

ان على الحكومة وأصحاب القرار ان يتخذوا قرارات عاجلة لوقف هذه المكينة التي تطحن رؤوس المواطنين وتستنزف القدرات من أساسها، وأقول الحكومة لأنها من بيدها إيقافها ويبدأ هذا باقامة العدل، ورد المظالم ،والالتزام بشرع الله وبالدستور الذي ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم

وعليها أن توقف تعاونها الأمني مع من لا يريد لنا أمنا الا بقدر ما نوفر له ذلك مقابل فقدنا له وما باكستان عنا ببعيد ،والتي دخلت في حرب أهلية لن تخرج منها كما يلوح في الأفق وهي حرب بتمويل غربي يلعقه تجار الحروب ويدفع ثمنه الشعب الباكستاني , وما سلطة عباس وما تقوم به من حماية للمحتل فتقتل وتسحل وتعذب وتسجن مقابل هذه الدولارات الخسيسة ببعيد ايضا

وعلى الحكومة أن تتوقف عن انتهاك الدستور بالتعامل مع من يشتبه بهم فليس من المعقول أن يقوم الامن القومي أو السياسي بسجن الناس سنوات دون ان يعرضوا على القضاء لا لجرم ارتكبوه سوى الاشتباه ، ان البعض يدخل السجن مشتبها به فيخرج منتقما وقد لا يعرف فكر القاعدة ولا غيره

وعلى أصحاب القرار أن يتخذوا القرار بحوار جاد يخرج البلاد من أزمتها السياسية

وعلى أصحاب القرار ان يتركوا اللعب بالورقة المذهبية فإنها أشد فتكا بمن يلعبها

وعلى من يتعطش لسفك الدماء أن يتذكر بان الجزاء من جنس العمل وان الله عز وجل لهم بالمرصاد فإذا لم تنالهم عدالة الله في الدنيا فلن يفلتوا منها يوم القيامة .