اعذرني أيها الجندي فأنت لا تستحق البذلة التي ترتديها.
بقلم/ مصطفى حسان
نشر منذ: 11 سنة و شهرين
الجمعة 25 يناير-كانون الثاني 2013 03:22 م

لا يلومني احد فقد طفح الكيل ونحن نبحث عن التغير ونريد أن نستورده ولم نكتشف أين يبيت هذا التغير وأين تكمن المشكلة , لو اكتشفنا أن المشكلة هي منا نحن وغيرنا من تصرفاتنا ومن أنفسنا لوصلنا إلى التغيير المنشود والذي يتمسح به الجميع .

اليوم وحيث الوفود تصل إلى ساحة استعراض العضلات وتوظيف المناسبات , حيث الاجتماع الأول لهامان وفرعون 

في تمام الساعة الحادية عشرة قبل الظهيرة , مررت بجولة بيت بوس , ثم توقفت وهلة من الزمن , وشد خاطري منظر يتجمع فيه خليط من رجال المرور ورجال النجدة ,وفي جوارهم سيارة من العيار الثقيل , نزل منها رجال كأنهم بعثوا من قبورهم شعر كل واحد منهم كأنه أصابته عاصفة , يحملون الأسلحة في أيام قالوا عنها إن فيها حملة لنزع الأسلحة ومنع دخولها إلى أمانة العاصمة قلت في نفسي يبدو أن النجدة والمرور قد اجمعوا أمرهم على أن يخلصوا هذه المرة للوطن , جادين في تطبيق القانون على الصغير والكبير على السيد وغير السيد , طال الحديث بين حماة الديار وبين البلطجي أو ما شابه ذالك ليخرج الأخير , السحر الذي لا يقف أمامه إلا من ثبته الله , ورأى القناعة كنزا , عبارة عن مبلغ من المال , ويقول للجندي أنه في عجلة من أمره , يريد اللحاق بالسيد والاستمتاع بسماع خطابه الحماسي , لكن الجنود ومعهم المرور . مازالوا متمسكين بإرادتهم و يجب أن ينزع السلاح أو سيأخذونه إلى الإدارة , في هذه اللحظة كنت واقفا أراقب بصمت , و أتمنى أن استمتع بموقف رجولي يحسب لهذا الجندي ومن معه من رجال المرور , كنت ادعوا الله تعالى أن يثبت الجنود , ويرزقهم القناعة الكافية لجعلهم يتمسكوا بعزيمتهم وتصرفهم الصحيح والذي يجب أن يكون .

وتكون أول بشارات التغيير الذي نحلم به وان الجنود قد غيروا من أنفسهم , وفهموا معنى الزى الذي يرتدونه .

عاد المشعفل مرة أخرى وادخل يده إلى جيبه ليزيد المبلغ , وهو بذالك يحاول إبرام الصفقة واللحاق بالسيد . عند هذه الحالة خيب ظني الجندي العزيز وجعله هذا المبلغ يجثوا على ركبتيه , وهو يلبس ذالك الزي وتلك الهامة . لقد اشترى كرامة الجندي بأبخس ثمن , ومد الجندي الذي وكله أصحابه وبقوا هم إما متربصين بفريسة أخرى أو متابعين نتيجة الحوار ومنتظرين الغنيمة . اخذ بيده المبلغ وكان الأحق بتلك اليد أن تقطع لأن مثل هذا لا يشرف وطن ولا يمكن أن يحمي وطناً ولا يصنع أمناً . اليوم باع وغدا سيبيع أيضا وبأبخس الأثمان والعيب أن يصبح ثمن الأمن والوطن مجرد حق القات .

لم أتمالك نفسي واعتراني الفضول , وذهبت إلى الجندي المخضرم والنار تغلي في عروقي لأقف امام الجندي , قائلا له :

لماذا جعلته يمضي مع انك عارف أن السلاح ممنوع ومع ذالك جعلته يمشي وليس هو فقط بل السيارة مدججة بالمسلحين

قال حضرة الجندي : أيش أسوي قلت خذ السلاح وإلا بلغ الإدارة كيف ترضى بهذا المبلغ وأنت مسئول عن الأمن وتحافظ عليه

قال والذل يملئ عينيه لو اتصلت إلى الإدارة ايش الفايدة هم سوف يأخذون منه هذا المبلغ ويعتذروا له ومن ثم يتركوه يرحل بسلام.

قلت لذالك الجندي ليست مسؤوليتك أن تقلد الناس أو تراقب تصرفاتهم اعمل واجبك واترك الآخر :

قلت أعذرني فأنت لا تستحق الزي الذي ترديه ولا تعرف معنى الوطن ولا تتمتع بروح الوطنية :

قال الجندي المحروس بغضب كلمة سب فيها الوطنية وأم الوطنية ليس من الجيد أن أكتب ما قال هنا.

في الأخير عندما أتكلم فهذا لا يعني أن كل الجنود يمكن أن يبيعوا ثوابتهم ومبادئهم بل هناك جنود مخلصين محبين لوطنهم سيدفعون أرواحهم من اجله لكن ابحثوا بأنفسكم لتقدروا أيهما الأغلب . إذا يجب أن نراجع أخلاق جنودنا قبل أن نعمل لهم حفل تخرج ويجب إعادة صياغتهم وتعليمهم ماذا يعني الوطن وكيف نحميه, نرفع لديهم الوازع الإيماني حتى يكونوا أقوياء عند الشدة والمحن. سلمكم الله من فتنة المال وشر عذاب القبر والنار .