الجنرال الهارب ..
بقلم/ منال القدسي
نشر منذ: 9 سنوات و شهر و 12 يوماً
السبت 14 فبراير-شباط 2015 10:40 ص

الجنرال الهارب!! هم يقولون إنك هربت ونحن نقول انك خرجت على أمل العودة، هم دمويين ويريدون ان يرون الدماء والأشلاء في كل شارع وأنت آثرت الإنسحاب عن المشهد حقناً للدماء.. خرجت من وسط محيط قذر امتلأ بالخيانات.. الجميع يعلم ذلك.

لقد تحدث الجميع عن الجنرال الهارب!! ولو كان بقى في صنعاء ماذا سيقولون عنه؟؟ دموياً!!. لكنهم لم يتحدثوا عن الذين حركوا الصواريخ في فج عطان ليقصفوا الفرقة ومذبح والستين!!..

أنسحب بكل هدوء ليجنب البلاد ويلات حرب لا يُحمد عُقباها فقالوا إنه هرب، ومن المؤسف ان كثيراً من الكُتاب والمُثقفين يتحاملون على الجنرال علي محسن.. تحاملهم عليه سواءً كان بقصد أو عن جهل أو متاجرة بالأقلام والذمم متناسيين مواقفه الوطنية المؤيدة لثورة الشباب الشعبية 2011م.. لا يتذكرون الدماء والمجازر التي كانت ستحدث لولا إنضمامه للثورة، لقد أحتفلوا حينها بإنضمامه للثورة في الساحات والمدن والقرى اليمنية وأعتبروه أكبر نصر للثورة، ثم عادوا لينقلبوا ويتنكروا لمواقفه الشجاعة، بل وتطاولوا عليه.. صمود الثورة في ساحات التغيير بعد مجزرة جمعة الكرامة في 18 مارس 2011م كان تحت حمايته وحماية رجاله البواسل ونعموا بالأمان والطمأنينة بعد تلك المجزرة بإنضمامه لثورة الشباب ومن المؤسف ان يعودوا ويتنكروا لتلك المواقف، بل ويتنكروا لدماء الشهداء من رجاله الأبطال الذين دافعوا عن ساحات التغيير وعن شباب الثورة.

أنسحب الجنرال بكل هدوء ونعتوه بالجنرال الهارب، في حين الثورة الشبابية قامت لإسقاط عفاش ومحاكمته وها هو بكل تحدي يتجول في شوارع صنعاء بسيارته ويجتمع بالقبائل ومن يسمون أنفسهم بالمشائخ والوجهاء الخونة ويغدق عليهم الأموال ويبيع ويشتري بمواقفهم حسب ما تقتضيه مصلحته وها هو يسخر زبانيته لإغراق البلاد ببحر من الدماء مجدداً، لا فرق بينه وبين الحوثة، فهما وجهان لعملة واحدة ترتعد أوصالهم لمجرد سماع إسم علي محسن.

حضرة الجنرال..

خروجك لم يكن الا حقناً للدماء، وهذا أمر لم يحدث!! غداً ستعو د وستنهال عليك أوسمة الشرف وستجد الأنذال قد أحاطوا بك دون خجل أو حياء.. لقد أخطأ الرئيس هادي حين حيدك لإرضاء عفاش والسيد وترك الشهيد حميد القشيبي يواجه الخونة والحرس الجمهوري والحوثيين ولكنه لم يرضيهم بل دفع الثمن غالياً وها هو يرزح تحت الإقامة الجبرية وكل من حاول ان يرضيهم على حسابك أنقلبوا عليه وأجزم أنهم نادمون على أخطاءهم ولكن لا جدوى من الندم الان.. واجزم ان الغالبية ممن أساؤا اليك نادمون وخجلهم يقتلهم امام الأفصاح عن إساءتهم اليك، فالجميع فقدوا بخروجك كرامتهم وانسانيتهم، حتى تلك الأقلام المأجورة الوقحة التي تمادت عليك باتت اليوم لاتجرؤ على انتقاد حمار يرفع شعار الصرخة.. المسيرات محضورة والحريات مقيدة حتى بنات المدارس تُفتش حقائبهن أمام بوابات المدارس.. التجار يدفعون أتاوات ومن لا يدفع منهم فانه مهدد بإلصاق أي تهمة به لإبتزازه.. المدراء تحت الإقامة الجبرية والوكلاء والمدراء من أتباع الميليشيات العفاشية تحولوا الى دمى تتحرك بخيوط الأثوار (يسمون أنفسهم ثوار).. حتى شركات القطاع الخاص يتدخلون بإدارتها وغدا سينصبون مندوب عنهم ليمثلهم في تلك الشركات.. والجامعات باتت رهينة بنفوذ تلك الجحافل المتخلفة.

ان ما حدث في اليمن ما كان ليحدث لولا تحالف قوى الشر، فكل الحوارات والإجتماعات لم ولن تجدي نفعاً لانها حوارات مع أطراف ضعيفة هزيلة وطرف مستقوي بهمجيته.. حوارات غير متوازنة ولن تتوازن إلا في عودتك، وها هم يغرقون في حوارات وحوارات واتفاقيات وتفاصيل اتفاقيات على طاولات الموفنبيك ولكن على ارض الواقع لم يتغير شيئ وماهي إلا مضيعة للوقت على حساب مستقبل البلاد ووحدته، فقوى الشر متحالفة وماضية في تنفيذ كل ما خططت له.. وكل من يقف امامها سيكون مصيره الموت او الإعتقال او رهن الإقامة الجبرية.. لا فرق بين رئيس جمهورية أو وزير او رئيس وزراء أو حتى صحفي وتحت شعار ان لم تكن معنا فأنت ضدنا.

لقد تحدث عفاش وهدد بالصوملة وقال ان الدماء ستسيل الى الركب وهدد بالحرب الاهلية وهو ماضِ فيما قاله، انه نيرون لن يهدأ له بال الا بعد ان يحرق صنعاء عن بكرة ابيها ويشعل حروباً مذهبية. 

يتحدثون عن الحوثة وهم يعلمون ان حدود الحوثي لا تتجاوز جزء من صعدة لولا الاسلحة التي نهبها من الجيش اليمني وخيانات قادة الالوية وكبار الضباط.

من الغريب ان نُفاجأ ان من استغل واستعبد الشعب ونهب ثروات البلاد على مدى 33 عاماً مازال يصر على حقه في استعباد الشعب ويختلق المسرحيات الهزلية ليعود ثانية للحكم بصورة مباشرة او غير مباشرة وينقاد مثقفين ومفكرين وراء تلك المسرحيات الهزلية عن قصد او دون قصد، ليتحول الى البطل الوحيد المنقذ.

ما يستغرب له المرء ان كل الاطراف مدعوة للعودة الى البلاد لترقيع فضائح عفاش والحوثي، على الرغم من ان هناك اطراف ارتكبت مجازر واطراف ارتكبت خيانات إلا أنها مدعوة للعودة تحت مبرر انقاذ الوطن والوحدة.. إلا أنه لا احداً يتطرق الى عودة اللواء علي محسن!! ومهما كانت المبررات فتلك هي رغبة عفاش والسيد، والمؤسف ان يجاري هذه الرغبة معظم القوى.

لقد دفع الجنرال الثمن غالياً لإنحيازه لثورة 11 فبراير.. ثلاثة عقود عاش الجنرال الرجل الثاني في النظام وما كان أحد يجرؤ على إنتقاده بل الجميع يطلب رضاه وترتعش الأيادي عند مصافحته وتنحني الهامات له، وحين أختار الحق وانحاز لثورة الشباب دفع في 3 سنوات ثمن خروجه عن عباءة 3 عقود..

أيها الجنرال خروجك من صنعاء لم يحقن الدماء بل فتح الطريق للمليشيات وللخونة ولعفاش ان يطلوا بوجههم القبيح وافعالهم النكرة ليصبوا حقدهم انهارا ويتسابقون لتفجير حرب إنتقامية مذهبية.. بخروجك امتهن الشرف العسكري للعسكرين الشرفاء اما الخونة من باعوا شرفهم العسكري وتبجحوا بخيانتهم فلم يجدوا من يكبح نزواتهم المادية الميكافيلية..

خروجك من صنعاء اخل بكل التوازنات وسمح للسفهاء والخونة بالظهور علنا والتبجح بخياناتهم والتباهي بما يضمرونه من حقد وكراهية تجاه اليمن وابناء اليمن.. خروجك من صنعاء لم يحقن الدماء في صنعاء بل ان البلاد بكاملها مهددة بالغرق ببحر من الدماء وجحيم مستعر سيعصف بالأخضر واليابس.

ننتظر عودتك أيها البطل وحتماً ما ستعود.. عُدّ الى اقليم الجند او أقليم سبأ لتنطلق منها للم الشمل وكبح لجام المغامرين الخونة، فإقليم الجند لا يعرف المناطقية والمذهبية، ولا تنظر الى بعض التفاهات التي تصدر عن بعض المأجورين في اقليم الجند.. مرحباً بك في اقليم الجند فتعز كانت ومازالت حضن للجميع دون تمييز.. فكيف سيكون حالها وهي تحتضن بطلا وطنيا.

تحيةً لك أيها البطل أينما كنت فمواقفك الوطنية الى جانب شباب الثورة وحفاظك على الشرف العسكري وتضحياتك لا ينكرها إلا جاحد، ونعتذر لك عن أي خطأ ارتكبه السفهاء بحقك ومهما كانت فداحة الأخطاء في حقك فانت اكبر من ذلك.. عُدّ فعودتك ستكون بمثابة عودة الأبطال الفاتحين، ونتمنى ان يكون رجوعك قريباً فالوطن في امس الحاجة اليك.. والى لقاء قريب انشاء الله.