عيدروس النقيب ومهارات التنقيب
بقلم/ عمرو محمد الرياشي
نشر منذ: 12 سنة و 3 أشهر و 3 أيام
الجمعة 23 ديسمبر-كانون الأول 2011 04:58 م

أحيٍ شعب اليمن بتحية الإسلام الجامع لكل معنى عدل وحرية فقد تجرع الشعب اليمني الكثير من وجبات الكوارث السياسية الدسمة التي أثرت سلبا على حياة اليمينين وجعلت منهم شعارا ورمزا لعدم الاستقرار والقلاقل والحروب والاقتتال ... وهذا التاريخ الخاص بأحداث شهدها اليمن في متناول اليمنيين جميعا يقرءا ويسترجع منه الكثير من الإحداث ويأخذ منه العظة والعبرة خاصة أكان من النخب السياسية أو من المتابعين للإحداث في المشهد السياسي اليمني حتى تتكون نهج سياسي يعتمد على عدم تكرار الأخطاء التي ارتكبتها تلك النخب السياسية في حقب زمنية ماضية جعلت من اليمنيين مسرحا للتضحية بهم من اجل تحقيق مصالح ومكاسب ضيقة سواء كانت حزبية أو قبلية أو مناطقية وحتى مذهبية ففي نهاية الأمر لن يكون هناك نجاح بمعناه الحقيقي لأي مشروع نهضوي ليرى النور حتى يتأسس على تقديم مصلحة الأمة اليمنية على كل مشروع فئوي ضيق .

لكن للأسف نرى بين الحين والأخر من يرمي أهم صفحات التاريخ اليمني بأحداثه الدامية خلف ظهره ويقتص من التاريخ ما يحلو له .... ما أريد أن انقله من خلال هذه المقالة هو ما يتناوله بعض الكتاب بخصوص القضية الجنوبية بشكل غير كامل ومبتور واستئثار القضية في محتوي مناطقي وحقبة تاريخية غير مكتملة لا تتعد أربع سنوات من أجل إظهار فكرة تروق لهوى من يكتب ويروج لها .

ناصبين أنفسهم أوصياء على أبناء جنوب القلب اليمني فما زال البعض يعيش بعقلية زمن التشطير ربما لتحقيق بعض المصالح الشخصية آو خدمة لأجندة خفية .

لا يمكن الاختلاف أبدا عن ما حدث لأبناء جنوب القلب اليمني من ظلم ولإقصاء وتهميش من قبل نظام صالح فلهذا التسلط من قبل نظام صالح كان له امتداده وأسبابه السياسية التي تعود إلى ما قبل مايو 90م وساعدته في فعل ذلك وليس صحيحا أن الأمر كان وليد حرب 94م وتصوير الأمر وكأنها حرب مناطقية وإحتلال كما يروج لها البعض .

يأتينا البعض ويقول أن الوحدة اليمنية قتلت في 94م لكن الحقيقة أنها قتلت بالتأمر بقتل الشهيد الحمدي وبعدها سالم ربيع علي والسبب ببساطة شديدة أن القيادة السياسية في ذالك التاريخ كانت على نهج سياسي وطني حقيقي مخلص و مساوي للإرادة الشعبية لشطري القلب اليمني أن ذاك وهذا ما جعل اليمن يخسر أفضل رئيسين مرا على حكم اليمن بمباركة خارجية وتقاعس داخلي .

لذا حرب عام 1994م كانت محطة من محطات الانتكاسات التي كُتبت وسجلت في صفحات التاريخ اليمني تحمل امتداد لقضايا سياسية تسبق هذا التاريخ بعشرات السنين والذي يحاول البعض عدم ذكره و إدخاله في شرح القضية السياسية الخاصة بجنوب القلب اليمني وما جرى من أحداث في صيف 1994م .

ربما يكون الهدف هو إخفاء حقيقة الأحداث وجوهرها البعيد كل البعد عن الإطار المناطقي والشطري بقدر ما هي من تأمر سياسي نفذتها نخب سياسية لجني مكاسب سياسية .

فنرى ابطال مجزرة 13 يناير يتهافتون بإسم قضية جنوب القلب اليمني ويظهرون مشاريع وأفكار ويخالفهم احد شركاءهم في مكان الإجتماع و التخطيط والأفكار أيضا وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنهم مازالوا يعيشون بنفس عقليات الزمن الذي حكموا فيه جنوب القلب اليمني !!!!!

حقيقة لا أعلم سبب تعمد الدكتور عيدروس النقيب عدم طرحه لأحداث فترة ما قبل قيام الوحدة اليمنية في عام 90م وبعض مفاصل حرب 94م ولماذا غادر ابناء جنوب القلب اليمني هربا الى خارج الحدود ... ربما نسي أو تناسى لماذا طلب علي سالم البيض مغادرة علي ناصر صنعاء حتى يتم رفع علم الوحدة في الضالع .... وماذا عن التيار الجهادي من أبناء جنوب القلب اليمني وكان لطارق الفضلي دورا كبيرا ضد الحزب الاشتراكي حزب الدكتور النقيب قبل 94م وإثناء الحرب.. الم يكن لهذا التيار الديني كما فعل الآخرون دورا استخدمه نظام صالح في حربه ضد الحزب الاشتراكي وماذا عن قوات علي ناصر وقياداته التي شاركت مع صالح في حربه في صيف 1994م

الفكرة التي أريد أن أوصلها أن النخب السياسية هي من تصنع الكوارث وتبحث لها عن من يؤيدها من الشعوب لتكمل مسيرة التدمير بدلا عن الإصلاح والتعمير .

لذا حرب صيف 94م شارك فيها أبناء الجنوب أيضا ضد الحزب الاشتراكي وكان لهم دور في دخول عدن .... فأين انتم من طرح ذلك؟

حقيقة عتبي على الدكتور النقيب طرحه للقضية الجنوبية بشكل ناقص وجعل الأمر وكان المعضلة هي مناطقية شطرية على مختلف وسائل الاعلام وهذا الطرح مرفوض لان العقليات السياسية التي تكتب عن قضايا اليمن ومنها قضية جنوب القلب اليمني للأسف لم تعد تقدم مصلحة أمة وشعب وتضحيات امتزج فيها الدم اليمني شماله وجنوبه فلا طائل من وطن يحبه أهله ولا يجد فيه الكرامة وأهل اليمن هم من تركوا أوطانهم قبل مايو 1990م وبعده فلا جديد في الأمر في ظل النخب السياسية التي حكمت اليمن فدمرت معنى الحياة الكريمة لليمنيين جميعا .

ولكن الواقع يفاجئنا دائما ويكشف لنا أن بعض الأقلام يغلب عليها الارتباط المناطقي بالرغم من يحمل درجة علمية كان ينبغي ان تكون سببا في شرح أي قضية سياسية من منظور اوسع واشمل وبعيد عن النظرة العنصرية وبالاخص في هذه الظروف التي تمر بها اليمن لكن الطبع دائما يغلب التطبع فأصبح كل ينظر حسب مفهوم وتصرف كمن يظن أنه ملك البلاد والعباد وكأنه كما قال معاوية \"نحن الزمان من رفعناه ارتفع ومن وضعناه اتضع\".

لذا البعد عن الحقيقة وطمس تاريخ الرفاق أصبح يشكل تعقيد في تشخيص كثير من مشاكل اليمن وحلها وقضية جنوب القلب اليمني إحداها .

لقد أدمنت بعض النخب السياسية وأقلامها إظهار جزء من المشهد السياسي ليحتل الواجهة ويخفي باقي الحقيقة لتظل خفية وغائبة لغاية في النفس لتستأثر بالقدر الأكبر من الأضواء وخاصة من يريدون إتباع مسار هذه الأضواء وأعني من تروق لهم الفكرة والنهج ... في حين أن الجزء الخفي هو مفصل الحقيقة ومحورها الذي يكمل المشهد السياسي بكارثيته وإخفاقاته و أجندتها التي دائما تدفع الشعوب ثمنا باهظا لهذه الكوارث تحت عدة شعارات تختلف مسمياتها بين كل فترة زمنية وأخرى لكن النتيجة واحدة الشعب اليمني يعيش في وطنه دونما أن يجد معنى للعدل والكرامة سواء قبل مايو 90م وبعده وإن وجد في غفلة من الزمن من يريد أن يوجد لليمنيين مخرجا من النفق المظلم نحو وطن يكرم شعبه نرى ان صاحب المشروع لا يستمر في نهجه حتى يختفي هو ومشروعه..... فأين انتم من هذا ؟

لذا نجد من يبقى طويلا من النخب السياسية يكونون غير مدفوعين بحب الوطن خالصا ... بل نجد أن هناك حسابات وتطلعات تمارس الدور الوصائي أو اللعب بأوتار مناطقية منتحلة صفة حب الوطن كذبا كيف والبعض من فئة المعارضة خمسة نجوم.

بين أيدينا هذه الأيام نموذج للدور الوصائي الذي تمارسه بعض النخب في اليمن ممثلة تحدي صارخ للإرادة الشعبية والتفافا عليها، حتى أنني أزعم أن ما قامت به بعض الأقلام من كتابات وبعض النخب السياسية من ممارسات يعد تجسيدا حقيقي وواقعي و نموذجيا للمعضلة التي قامت من أجلها الثورة الشبابية فقد عشنا وما زلنا نعيش الثورة وأبطالها الكرام الأحرار يتحركون على الأرض، مدفوعين في ذلك بمحبة الوطن و ليس لديهم أية حسابات ولا تطلعات أو أجندات مناطقية أو فئوية بل ينظرون لليمن بمنظار واحد نحو حل مشكلات اليمن جميعها وإعادة الهوية اليمنية لمسارها الصحيح ولكننا نرى أن هناك مؤشرات خطيرة في خلق التفاف على الثورة الشبابية بخلق فتيل فتنة وبوابتها القضية الجنوبية وإحداث شرخ ليس بالمطالبة بحلها ولكن بجعل القضية بعيده عن ما يطالب به الثوار ومخالفة لأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر... نعم القضية الجنوبية لها خصوصيتها السياسية وحلها بالطرق العائمة التي يقترح لها البعض كالانفصال و غيرها من أنصاف حلول كمن يلتجأ من الرمضاء للنار، ليبدأ تتمة المخطط في الانسحاب الخروص من الثورة وأهدافها تحت مبرر دعاوى ذات المدلول المناطقي لشحن الأجواء وتسعير الأوضاع وإشعالها، وجعل الأمور تسير وفق منحى مقيت لشق وحدة الصف اليمني الثوري كي لا يستمر توحد الشعب اليمني بعد الملحمة التي خاضها ضد نظام صالح العائلي الظالم... بينما يظل المواطن اليمني يشاهد من كل هذا كيف أن التأجيج للصراع المناطقي الشطري والمذهبي على أشده وتنافس بقايا النظام وبقايا الثورة المتصارعين على كرسي الزعامة .

فإن أردنا حل مشاكل اليمن وعلى رأسها القضية الجنوبية يجب إقامة مؤسسات مدنية دستورية قوية تستطيع حل جميع الجروح الغائرة التي أنتجها النظام وعلى رأسها قضية جنوب القلب اليمني وبوابتها الملف الاقتصادي وخلق مناخ يكون اليمن شراكة لليمنين جميعا في السراء والضراء .. فلا أعلم كيف يمكن وضع الدواء على الداء ولا نملك اليد الأمينة التي ستضع الدواء في ظل مبادرة أبقت للنظام اذرع تخريبية مازال لها تاثير سلبي حتى الان .

فليعلم القاصي والداني أن العقلية التي همشت مدينة عدن هي نفسها العقلية التي همشت صنعاء وهشمت تعز ... ومن سرق ونهب بترول حضرموت هو من سرق بترول مأرب .. واليد التي قتلت أعضاء الحزب الاشتراكي وقادته وأبناء جنوبي القلب اليمني هي نفسها التي قتلت وهمشت رموز من شمال القلب اليمني مثل الحمدي والنعمان والعواضي وعبدالرقيب وقتلت ابناء شمال القلب اليمني في المناطق الوسطى وصعده .

حقيقة لحسن الحظ أن أبطالنا الثوار في ساحات الحرية والكرامة من شباب وشابات اليمن يحتفون اليوم بالرموز التي هُمِشَت طوال العقود الماضية وينصفونها(الحمدي وسالم ربيع علي وغيرهم ..)

وأخيرا يجب على تلك النخب أن تغير رسالة لغة الشعارات الشطرية وأنها وحدها هي من تحتكر الحقيقة والصواب .... لتعلم إن إرادة الجماهير اليمنية واختيارها لقد فرضت بثورتها رفض مبدءا الوصاية ... لاننا أحوج اليوم من أي وقت مضى إلى توحيد الصف اليمني ورسم مستقبل الوطني اليمني الجديد لكي ترسو سفينة الوطن على بر الأمان وتحقيق العدالة لجميع اليمنيين حاملين معهم مبادئ ثورات سبتمبر وأكتوبر .