رد المنوعات على غثاء الصفحات في زواج الصغيرات
بقلم/ مصبح بن عبدالله الغرابي
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 3 أيام
السبت 11 ديسمبر-كانون الأول 2010 06:45 م

بأبلغ درجات الحجة وأعلاها، وأنصع ألوان المحجة لمن راءها، وذلك عند العقلاء والمنصفين، نرد على هؤلاء الكُتّاب والمحررين، أطروحاتهم بأطروحاتهم، ونرد لهم بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا نظروا إليها بحق، وتأملوها بجد، بعيداً عن الهوى ونزغات الشيطان، بعيداً عن التعصب المقيت الحاجب لأنوار الفكر وسحائب التأمل الباعث للهداية والاهتداء؛ لأن أي موضوع حوار أو اختلاف وجهات نظر إذا قام أحد أطراف المناظرة أو المحاورة بطرح الموضوع وبدأ بالمسلّمات والقواسم والمشتركة وسلّم بها الآخر واعتمدها، ثم هيأ الكلام وزوقه، وقام بسرد أدلته وأحسن في اختيار عرضها بشكل موضوعي، ولم يترك فيها مطعن لطاعن، ولا لمز للامز، وتحلى بالصبر والرزانة والانضباط، وبعد عن التشنج والضجيج ورفع الأصوات، أذعن الآخر ولا شك لهذه الأدلة، والبراهين الواضحة، ولا يملك حيالها إلا التسليم، فكيف إذا قام هذا المحاور أو ذاك بسبك الكلمات وانتقى العبارات والاستدلال بأقوال محاوره، وجعله وكأنه يرد على نفسه بنفسه، وينقض كلامه بكلامه، هذا لعمري غاية البيان، وأقوى درجات الحجة والإلزام، ونحن إن شاء الله في هذا المقال سوف ننتهج هذا الأسلوب الرائع، ولم يتأتى لنا ذلك إلا بالمتابعة، ومعرفة الأقوال والكتابات في الموضوع المراد بحثه والتكلم فيه.

علّي نظم القوافي من معادنها ....... وما عليّ إذا لم تفهم البقرُ

زواج الصغيرات، ما زواج الصغيرات عنوان مقالنا، هذه المسألة التي كتب فيها الصغير والكبير، والعالم والجاهل، المبتدي والمنتهي، أشبعت كتابةً في الصحف ولا سيما الحكومية منها، بين مؤيد وكثير من المخالفين والمشنّعين، ولم يكتف القوم ببيان علماء اليمن بهذا الخصوص، اعتماداً على مقولة (هم رجال ونحن رجال)، بل كل واحد نصّب نفسه عالماً ومفتياً وقاضياً، وفُتح لذلك الباب على مصراعيه للرويبضات كل يدلو بدلوه، فاختلف المدلو باختلاف الدلاء، وكل إناء بما فيه ينضح، وغفل كل هؤلاء عن قول الباري جل وعلا في سورة النساء الآية (83) (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً).

ونحن في مقالنا هذا نتعرّض لإحدى كبريات الصحف الرسمية والمؤسسات الإعلامية التي تبنت مسألة زواج الصغيرات، وجعلتها شغلها الشاغل، فلا يكاد يصدر عدد من أعداد هذه الصحيفة إلا وفيه إشارة تصريح أو تلميح بهذه المسألة، بل جاء التبني على لسان رئيس تحريرها وهو مثبت في مضانه، بل الظاهر تبني الحكومة بجلالها لهذه المسألة أيضاً استجابة لضغوط منظمات دولية، وإن حاولت إمساك العصا من الوسط بين تلك المنظمات الدولية من جهة وبين علماء اليمن ومنهم بعض المرجعيات من جهة أخرى.

ونحن في هذا سوف يكون كلامنا ومقالنا منصباً على المخاطر التي ادّعاها المدّعون من جراء الزواج المبكر، وتشدق بها المتشدقون، وقانون العقاب الذي روّج وانتصر له الحقوقيون، لمن زوج ابنته دون سن الثامنة عشر على ما يدّعون باعتبارها قاصرة وصغيرة في نظر القانون.

فمقالنا ليس بحثاً فقهياً ولا قانونياً للمسألة تلك، وإنما محاولة إلزام هؤلاء، وإلقامهم للحجة على لسانهم بلسانهم من مواد صحفهم وأخبارهم وهي لحوادث حدثت بعالمنا هنا وهناك، ضمن صفحة (المنوعات) للكاتب المبدع/ نصر صالح استلهمنا منها العظة والعبرة، واستشفنا منها الفائدة، وسوف نقوم بالاستدلال بها والرد على الورش المنعقدة والمرتكزة على تلك المسألة هذه الأيام في عدة محافظات بمباركة كبار الشخصيات في مجالسنا المحلية، بدعم لوجستي ومادي أوربّي سخي، وإلى أولى هذه الحوادث تتلخص وقائع هذه القضية بأن المتهم كان يحب فتاة وهي في العاشرة من عمرها، ومع نهاية العام الماضي عندما بلغت سن الرابعة عشر، تقدم لخطبتها من أهلها، إلا أن والدها رفض، وبعد ذلك أخذت الفتاة تتردد على شقة المتهم، وهناك يمارس معها الجنس برضاها، إلى أن بلغت معاشرته لها (54) مرة، اكتشف بأنها حامل منه، ثم قاما بتسليم نفسيهما للشرطة، ووجدت هيئة المحكمة بأن قانون العقوبات لم يرد فيه نص يجرّم فعل مواقعة أنثى برضاها لم تبلغ الخامسة عشر من عمرها، وبالتالي فإن هناك فراغ تشريعي.. أ.هـ.

نقول لهؤلاء الإخوة أين المخاطر الصحية المدّعاة التي تعرضت لها هذه الفتاة من جراء الممارسة الجنسية أو الحمل المبكر وهي في سن الرابعة عشر، وأنتم تمنعون الزواج المبكر بهذه الحجة وغيرها من الأوهام، ثم هناك فراغ تشريعي ومأمن من العقاب فيمن مارست الجنس برضاها في هذا السن، وأنتم تزيدون الطين بلّة بأن تحاولوا سن قانون يجرّم من يزوج ابنته دون سن الثامنة عشر بشكل شرعي، كيف يفهم سعيكم هذا محمود أو مذموم، أم كيف هي المخاطر ومدى مصداقيتها يا رحماء الطفولة، ومناصري قضايا المرأة؟.

الحادثة الثانية, ووردت في الجمهورية العدد (14961) الصادر بتاريخ 5/11/2010م، ضمن صفحة المنوعات) عنوان الخبر (طفلة في العاشرة من العمر تلد طفلاً من أب قاصر). وضعت صغيرة أسبانية (10) أعوام، طفلاً في جنوب أسبانيا، بالإضافة إلى الأم الطفلة فإن والد الطفل الوليد أيضاً قاصر، ووفقاً لما ذكرته السلطات الأسبانية الثلاثاء، فأن الفتاة ووليدها في حالة جيدة، واستطاعا مغادرة المستشفى، ويزن الوليد 2.5 كيلو جرام...أ.هـ.

قلنا تلك الفتاة عربية، وهذه غربية فأين المخاطر، والأم ووليدها بصحة جيدة، هذا مع صغر سن الفتاة الواضح، ألا يدل على عدم مصداقية هذه المخاطر المدّعاة من صحية ونفسية وبيولوجية و... و... التي يتم المشاغبة بها على من يقول بزواج الصغيرات (بالشروط التي بينها الإسلام والقانون اليمني) وأهمها أن تكون قادرة على الجماع ونص القانون (لا يمكن المعقود له من الدخول بها ولا تزف إليه إلا بعد أن تكون صالحة للوطئ) ويؤيد ذلك في حال قدرة الفتاة واستطاعتها واستعدادها النفسي والبدني للزواج..

هاتين الحادثتان فيهما الكفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، مع تمنياتنا ودعائنا للإخوة المانعين بالهداية والتوفيق.

mag19692000@hotmail.com