آخر الاخبار
إلا القتل يا هؤلاء
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 10 سنوات و 9 أشهر و 14 يوماً
الأربعاء 12 يونيو-حزيران 2013 05:51 م

أحداث الأمن القومي التي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى من " الحوثيين" أنصار الله وغيرهم من المارة وطالبين الله الذين لا ذنب لهم غير أنهم مروا من المكان أو قتلهم الفضول فأرادوا أن يروا ما يحصل.

مصادر الأمن القومي تتحدث عن معلومات ومكالمات هاتفية ضبطت عن عملية اقتحام لمبنى الأمن القومي من قبل الحوثيين لإطلاق سراح معتقلين وإتلاف وثائق وعن مسلحين حوثيين وعن سلاح تم تسريبه من أكثر من مدخل لمكان الاعتصام لجماعة " الحوثيين".

و"أنصار الله" يتحدثون بحرقة وألم شديد عن دماء زكية سالت برصاص حي وقناصة ويصرون أن المسيرة كانت سلمياً والاعتصام ونصب خيمة كان سلمياً للمطالبة بالإفراج عن معتقلين في الأمن القومي ودائماً بعد أن تسيل الدماء يبحث كل طرف عما يؤكد كلامه ويثبت مصداقيته.

ولكن هل هناك أكثر صدقاً من الدماء التي سالت أنها دليل أحمر قاني سواء كانت لحوثيين أو لآخرين لا علاقة لهم بالأحزاب والحزبية والجماعات التي كثرت هذه الأيام وليس آخرها جماعة " أخدام الله "، في الأخير هي دماء يمنية زكية طاهرة لا يجوز أن تسفك تحت أي مبرر كان.

أن تتم الإدانة بأقوى العبارات فهذا أمر طيب ومطلوب ومرفوض تبرير عمليات القتل مهما كانت المبررات وأن يتم فتح لجنة تحقيق محايدة فهذا أمر مطلوب ولكن أين هي نتائج لجان التحقيقات السابقة منذ ستينات وسبعينات وثمانينات وتسعينات والألفين؟ وما بعدها فلقد سالت دماء يمنية زكية طاهرة كثيرة من مختلف الفرقاء والتيارات السياسية وخاصة تيار اليسار والقوميين في الشمال والجنوب سابقاً وفي الجمهورية اليمنية التي قتلتها حرب صيف 94م.

القتل مدان ومستهجن وغير مقبول ومرفوض.. إلا القتل يا هؤلاء مهما كانت المعلومات التي تلقاها الأمن القومي من مصادر موثوقة أو سربت له كان يمكن تلافي القتل واستخدام الرصاص الحي فهناك أساليب كثيرة لمواجهة خطر اقتحام الأمن القومي إن سلمنا بذلك ولا أعتقد أن الحيلة أعجزت رجال الأمن القومي وقوات الأمن والجيش عن التعامل مع أمر كهذا بدون إراقة الدماء فهناك خراطيم المياه ومسيلات الدموع وأطواق وأحزمة بشرية من قوات الأمن وحتى إنزال فرق مدربة من الجيش وضرب طرق حصار شديد على المكان إذا لزم الأمر.

لقد انضم الحوثيون إلى محارق الدم في ستة حروب في صعدة وحرف سفيان فقتلوا – بضم القاف وقتلوا – بفتح القاف وعانت صعدة وأبناؤها وحرف سفيان كمناطق قتال وعانت مناطق أخرى: حجة والجوف ومأرب وصنعاء وعمران وأمانة العاصمة وإب وتعز وعدن والضالع ويافع ومختلف مناطق اليمن لدفعها فاتورة ست حروب من أبنائها.

لنفترض أن الحوثيين أرادوا أن يقلدوا الإصلاحيين في الإفراج عن المعتقلين فلماذا في الأولى غاب السلاح وحظر الاعتصام والإضراب عن الطعام وتم التصعيد السلمي وفي الثانية حظر السلاح وتطايرت الأشلاء وسالت الدماء من أول ساعة؟ المطلوب إجابة سريعة من أجهزة الأمن وبالذات القومي بعيداً عن تضخيم الأمور والحديث عن مؤامرة كبرى هناك خطأ ارتكب بسرعة استخدام الرصاص الحي قبل أي وسائل أخرى.

لا نريد أن نستبق لجنة التحقيق ولا نريد أن نسمع تصعيداً وتصعيداً مضاداً.. المطلوب تهدئة النفوس والتعامل بحذر كبير لأن الأمر خطير وقد يكون له تداعيات أخرى أكبر ونحن في أيام حوار وطني كان يفترض أن لا تتم عمليات مثل هذه سواء تلك التي تمت حول المعتقلين بالسجن المركزي لإطلاق سراح المتهمين بحادث جامع دار الرئاسة أو ما تم في اعتصام أو أمام الأمن القومي للإفراج عن معتقلين.

أليس هناك أساليب أخرى لتحقيق المطالب ولماذا الآن بالذات يتم التصعيد حول قضايا يمكن أن تحل بالحوار والتفاوض؟.. فالمعتقلون لابد من إطلاق سراحهم أو محاكمتهم لكن إن كانت عمليات المطالبة بالإفراج عنهم ستسبب إراقة دماء فليبقوا معتقلين فدم المسلم على المسلم حرام، ومعالجة ضرر بارتكاب ضرر أكبر منه أمر غير مقبول بل " حماقة كبرى".

فإن كان إخواننا "أنصار الله" يفكرون بممارسة السياسة وتحقيق المطالب بأسلوب الجهاد وحماسة المقاتلين ورفع درجة الفداء والتضحية فإن ذلك أسلوب كلفته عالية فمنذ الثورة الشبابية الشعبية السلمية اتفق الناس على النضال وممارسة السياسة بأساليب سلمية فالمسيرات والاعتصامات والاحتجاجات ليست ذهاباً إلى أرض معركة وإنما هي وسائل ضغط وإيصال رسائل فإن لم تؤدِّ غرضها يعاد تكرارها مراتٍ عديدة حتى يتحقق الهدف بمرونة وصبر وجلد.

وأجهزة الأمن وقواتها والجيش أيضاً لابد من التشديد بعدم استخدام الرصاص الحي وقتل الناس إلا في الضرورات القصوى للدفاع عن النفس في مواجهة السلاح وعلى الجميع من كل الأطياف والمشارب والأعمار والأجيال إدانة استخدام القوة والرصاص الحي ضد المدنيين بشدة والمسيرات والاعتصامات، ونجرم ذلك ولابد أن يتوقف شلال الدم اليمني وإلا الدم سيجر إلى دماء أخرى ولن نخلص من ذلك بل سندخل النفق الدامي!

وأخيراً :لا جهاد ومعارك دامية في السياسة والمطالبات والاحتجاجات نضال سلمي جسور وصبور ومستمر واختيار حصيف ودقيق ومثمر للأهداف ولا تقبل أي مبررات لممارسة القتل ورحم الله شهداء أحداث الأمن القومي وشفا الله الجرحى ونتمنى أن لا تتكرر في مكان آخر.