الخطأ الذي يكرره الرئيس هادي في كل خطاب ولقاء
بقلم/ رياض الأحمدي
نشر منذ: 10 سنوات و 10 أشهر و 14 يوماً
الإثنين 13 مايو 2013 10:16 ص

ثار اليمنيون في العام 2011 من أجل التغيير وتصحيح مسار الأوضاع، ومن أجل فرص ‏أفضل للحياة وتحقيق أهداف الثورة الخالدة (سبتمبر وأكتوبر)، مدركين أن علي عبدالله صالح ‏الذي كان قد سيطر وعائلته على السلطة ليسوا جديرين ولا هم بحجم اليمن وأحلامه الوطنية ‏الكبرى.. ‏

يومذاك كان الثوار يدركون أنه بعد إسقاط صالح لن يكون هناك في المستقبل مكان لتكرار ‏تجربته في تحويل النظام الجمهوري إلى شكلي وإحالته إلى عائلي، لكن البعض فقط كان يدرك ‏أن التحديات تختلف من مرحلة لأخرى، وتحديات هذه المرحلة هي بناء الدولة والحفاظ على ‏وحدة الوطن، فالرئيس الجديد لن يكون علي عبدالله صالح، لكنه قد يكون أخطر على اليمن إذا ‏فرط بالوحدة الوطنية وقرب المشاريع الصغيرة والقروية، وذلك ما يحدث اليوم.. للأسف ‏الشديد. ‏

وسيكون من إحباط العمل أننا أسقطنا نظاماً عائلياً، ونفشل في الحديث عن خطورة ما يدور ‏أمام أعيننا في العهد الجديد، غير آبهين بما يترتب على التهاون بالسيادة الوطنية ومن اعطاء ‏شرعية سياسية للمشاريع المعادية لوحدة واستقلال تراب الوطن وسيطرة الدولة على كافة ‏أراضيها والمجاميع الأجنبية التي تهيكل الجيش والأمن. ‏

علينا أن نبدأ من الآن بمحاسبة النخبة السياسية ورئيس الجمهورية حول ما يجري.. إن ‏إلقائهم بالتهمة على خارطة الوطن وعلى الشعب، جريمة وخيانة سيحاسبون عليها، وهم اليوم ‏يتسابقون للتنظير للفيدرالية التي تؤدي في مجملها إلى تمزيق مؤكد للدولة في مثل هذه ‏الظروف... وأن يبدو التواطؤ معها من المسؤول الأول عن البلاد عبدربه منصور هادي، فهذه ‏خيانة للقسم الذي أقسمه بالحفاظ على الوطن ووحدته وأمنه واستقراره. فالاتحاد يلغي الوحدة، ‏وعندما يُقال وحدة البلاد، أي أن هذا كيان واحد، أما عندما يُقال اتحاد، فإن ذلك يعني عدد من ‏الكيانات المتحدة.. لكنها من حيث المبدأ كيانات داخلية مؤهلة لتتحول إلى دويلات في أية ‏لحظة. ‏والدليل على ذلك، أن كل الذين يطرحون الاتحادية أو الفيدرالية يفترضون فشل الوحدة. مع أننا نعلم أن من فشل هو نظام ما بعد 94 والمشكلة في الفساد لا بالبلاد.

عبدربه منصور هادي الذي كان جندياً في الجيش الاتحادي الذي شكله المستعمر البريطاني ‏في جنوب اليمن، عليه أن لا ينجر للأطروحات الاتحادية، حتى لا يُقال إنه جاء لتحقيق الحلم ‏البريطاني وإنه ما لازال مربوطاً بخطام إلى ماضيه، ولم يفهم بعد أنه رئيس للجمهورية ‏اليمنية وعليه أن يكون بقدر المسؤولية في الحفاظ عليها وترك التنظير. حتى لو فرضنا أن ‏الفيدرالية حل، فهي في هذه المرحلة التي لا وجود فيها لدولة قوية، تعتبر خطوة إلى التمزيق.. ‏

يكرر الرئيس هادي في معظم خطاباته ولقاءاته أنه حان القضاء على 50 عاماً من ‏الصراعات والآلام التي يعاني منها اليمنيون، وهذه الـ50 عاماً يقصد بها ما بعد قيام الثورة ‏اليمنية الخالدة (سبتمبر 1962- أكتوبر1963)، وهو بدون قصد على الأرجح يكررها، لأن ‏مؤداها الذي لا يفكر به هو إعادة اليمن إلى الاحتلال البريطاني الإمامي. ‏

هل كان اليمنيون قبل 50 عاماً في جنة الخلد؟ لماذا الاستهتار بالأجيال اليمنية ، والقاء ‏التهمة على 50 عاماً يمنياً أخطأ اليمنيون خلالها وأصابوا؟ حتى الذين يرددون أن جنوب ‏الوطن كان في عهد الاستعمار بحال أفضل، هم لا يختلفون عن أولئك الذين يسبحون ويحمدون ‏نعمة ما قبل 90.. ‏

قبل 50 عاماً كان اليمن يعيش ظلاماً في ظلام، ومحتل كهنوتي سلالي وانجليزي، حتى في ‏مقاييس الخارج كان العالم يشهد حروباً راح ضحيتها عشرات الملايين.. كان هناك العشرات ‏من السلاطين والعملاء والسادة هم من يعيش على حساب عامة الشعب.. فأي ضحك على ‏الشعب وعلى الأجيال المتأخرة يأتي هؤلاء ويبشرون بالقضاء على الجمهورية والثورة الخالدة ‏التي قدم الشعب في سبيلها عشرات الآلاف من الأرواح.‏

أنت أيها الجالس على كرسي رئاسة الجمهورية صعدت بك غضبة شعب سلمك زمام بلاد ‏ومصير أمة، ولا تعرف أن سبتمبر وأكتوبر هما فجر هذا الشعب وأحد مقدساته، وهو مذهب ‏وطني وليس مجرد تسميات وتواريخ.. ولولا سبتمبر وأكتوبر ومايو ما أصبحت اليوم كيمني ‏فيما وصلت إليه.. وإذا كان ولابد أننا سنعيد هذا الوطن إلى الإمامة والانجليز.. فلا كانت ‏مرحلة انتقالية ولا كان نجاحها، ولقد كان علي عبدالله صالح أكثر ثقة بنفسه منك، وكان يظن ‏أنه أكثر معرفة بهذا الشعب منك. ‏

يستمع الرئيس عبدربه منصور هادي إلى النغمات الاشتراكية ويغطي عينيه بلصقة يحيى ‏العراسي ويحيط جوانبه بأسوار نجله جلال وبعض المناطقيين، ويستظل بالغطاء الدولي، ولا ‏ينظر لا في التاريخ ولا إلى الشعب ولا إلى ثورة صعدت به إلى الحكم وسلمته بلداً.. يعيش ‏أبعد ما يكون عن الشعب، هو ومؤتمر حواره الذي جمع إليه القوى المتمردة على الوطن ‏بأغلبية وأدخل القوى الوطنية كشاهد زور.. يتزحلق بعيداً... وتتصاعد الدعوات المناطقية ‏ويتوسع المشروع الإمامي في عهده.. فكيف لنا نفهم كل ذلك؟. ‏