سنة الله وإرادة الشعوب
بقلم/ سلطان الذيب
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و 8 أيام
الإثنين 17 يناير-كانون الثاني 2011 06:10 م

الحرية فطرة إنسانية ومنحة ربانية وضرورة إسلامية، إنها انفكاك من استعباد العباد وهضم الحقوق في البلاد  إلى العيش بكرامة وليصبح النفس والعرض والدين بسلامة.

ولاشك أن تونس سئمت الاستبداد وتاقت لهذه الحرية ولو سبقها أمور صعاب لان ذلك يهون في سبيل التخلص من سيف مسلط على الرقاب متمثل في حاكم مستبد وخلفه جلاد.

لا ريب أن إرادة الشعوب عظيمة وعاقبة سومها ألوان الاستبداد وخيمة وإذا فٌعلت الإرادة فليس بمقدور أي احد الهروب إنها سنة الله وإرادة الشعوب .

سنة الله عندما قال سبحانه ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْك مَنْ تَشَاء وَتَنْزِع الْمُلْك مِمَّنْ تَشَاء وَتُعِزّ مَنْ تَشَاء وَتُذِلّ مَنْ تَشَاء بِيَدِك الْخَيْر إِنَّك عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير) لكنهم غرتهم القصور وجعلوا القران خلف الظهور فأصبحت الدائرة عليهم تدور وكان عاقبتهم الويل والثبور والقصاص بين يد الله يوم النشور.

 تسارعت الأحداث وتوحدت الأكتاف وجيشت الطاقات واشتدت العزائم وصقلت القدرات وكثر عشاق الحرية فاستعدوا للنزال ولو بصدور عارية .

عندما توحد ت القلوب والغايات ثبتت حتى النهايات وجاءها ما تصبو إليه من الأمنيات لأن الوحدة في الصف والكلمة والعمل تصنع المستحيلات أوما قال الشاعر:

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت أحادا

هب الشعب بالكامل فانخرطت سبحة الباطل ونٌغصّت عليه المآكل وبلغ الأمر غايته وفر الطاغوت بجبن وخور وضعف فما أعظم إرادة الشعوب.

ما حدث في تونس لهو شيء غير عادي بل لقد تفاجئ به الكثير حتى من أهل تونس أنفسهم لكنها الأمة عندما تصحو من نومها وتهب من غفوتها فمهما تجبر الطاغوت وعلا إلا انه أوهن من بيت العنكبوت .

تونس هبت لأنها استجابت لدعوة شاعرها المجيد حين قال شعرا سديد:

إذا الشعب يوما أراد الحياة  فلابد أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجـــلي  ولابد للقيد أن ينكسر

حين حارب النظام البائد في تونس الدين أصبح رئيسه لاجئ كالمسكين لان المصطفى صلى الله عليه وسلم قال" لن يشادد الدين أحد إلا غلبه " فوالله لقد غلبه بل وملكه سلبه .

 وحين طمس كل مظاهر الإسلام لم تمر أيام حتى تم الاستسلام ..حارب الحجاب والأذان فأصبح في خبر كان.

حكّم أهله وأقاربه على الناس وترك العدل وهو الأساس، وسلط عليهم كل جبار تعيس ولكنه فر وتركهم ولسان حاله يقول بمقولة إبليس .

عندما قال الإلمام القرضاوي إن تونس لابد وان تفتح من جديد فهب شباب تونس وقالوا بكل تأكيد وصلت دعوتك أيها الشيخ الشجاع الصنديد .

انتصر أبطال تونس لكل مظلوم ومكلوم لكل امرأة نزع حجابها قسرا وكل شاب منع من حقه ظلما ولكل عاطل عاش كمدا ولكل جائع لم يجد خبزا .

انتصروا للمآذن والمساجد ولكل راكع وساجد ، انتصروا للأخلاق والقيم لأنه بضياعها تضيع الأمم أوليس شوقي قال في ذلك شعرا وأتم

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت  فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

انتصروا للمضطهدين والمبعدين والمنفيين أمثال المرزوقي و الشيخ راشد الغنوشي .

وبعد أن تحقق ما قرت به العيون وطابت به الأنفس كان ولابد لأحرار تونس أن يحافظوا على منجزهم العظيم من أن يضيع هباء أو أن يختطف من قبل أزلام النظام البائد ويعود الظلم هو السائد ولكن هيهات هيهات وبعدا للطغاة لان شعب تونس كالبحر الهادر يزفر كل ظالم وفاجر.

فهنيئا لكم أيها الشعب الجبار هذا الانتصار وسدد الله خطاكم لتعيدوا مجدكم وتعاليم دينكم وبكل افتخار إنكم معجزة من المعجزات وسر من الأسرار فرحم الله قتلاكم الأبرار وحماكم من الأشرار والبائدون لهم الخزي والعار.

وأخيراٍ نقول استمتع أيها الشعب العظيم بحريتك وعش قرير العين لان إرادتك الصلبة التحمت مع سنن الله في الكون فكانت يد الله لكم عون.