ما مقامُنا في الرياض؟!!
بقلم/ عادل الاحمدي
نشر منذ: 8 سنوات و 10 أشهر و 8 أيام
الأربعاء 20 مايو 2015 05:42 ص

خرج اليوم البيان الختامي لمؤتمر الرياض اليمني متضمناً نقاطاً عديدة عدا نقطة واحدة لم تدوّن في ذلك البيان ويكاد أغلبية المشاركين في المؤتمر مُجمعين عليها، يلخصها سؤال شاخص: ما مقامُنا في الرياض؟ إلى متى سنظل خارج بلادنا ومتى سنعود؟

هذا هو لسان حال الشاردين عن ديارهم والتائقين إليها في حين قد يظن العديد من أهلنا في الداخل أن جماعة الرياض مرتاحون لكونهم بعيدين عن المعاناة ومقيمين في عاصمة آمنة زاخرة بالماء والكهرباء والابتسامات الصافية.

والحق أن الرياض مدينة مضيافة وأهلها في غاية الذوق والمروءة، وحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لم تقصر معنا بل أنزلتنا خير منزل، فضلاً عن المقيمين من أبناء الجالية اليمنية الذين يغمرون من هاجر إليهم بترحاب لا نظير له، غير أن الغاية من سفرنا إلى خارج اليمن ليست الإقامة الدائمة، بل ترتيب الصفوف للعودة والعمل بمأمن من غوائل الحوثيين وصالح التي لم تراعِ ديناً ولا عُرفاً، لكن الأيام تمضي ومعاناة أهلنا في صنعاء وعدن وتعز وإب وحضرموت ومأرب وذمار وأبين والضالع والحديدة وصعدة وغيرها من المدن الحبيبة، تزداد يوماً عن يوم دونما برنامج واضح للعودة الظافرة والعيش مجددا في وطننا الحبيب بجوار أهلنا وناسنا.

كان الأمل يحدونا ألا نصوم رمضان إلا في صنعاء، ولاتزال آمالنا معقودة بالله العزيز الجليل أن يرفع الضرّ عنا وعن بلادنا وأن يعيدنا إليها سالمين، ووالله إنا لم نزل نقصُر الصلاة ونجمع، على نية أننا مسافرون لا مقيمون، غير أن ما كان يعوزنا في صنعاء ثم في عدن، هو ما يعوزنا الآن في الرياض وهو القيادة. وليس المقصود هنا التشكيك مطلقاً في شرعية الرئيس عبدربه منصور ولا نائبه خالد محفوظ بحاح فنحن معها بلا قيد أو شرط، ولكن المقصود أن قيادة الأزمة يمنياً، لا ترقى أبداً لحجم الصعوبات التي يعانيها أبناء اليمن في الداخل والخارج وحجم التضحيات التي نبذلها نحن وأشقاؤنا في مجلس التعاون ودول التحالف عموما الذين بذلوا ما عليهم والبقية منوطة بنا نحن اليمنيين.

مطلوب من الرئيس هادي ونائبه أن يفتحوا بابهم للمهاجرين معهم وأن يستمعوا لآرائهم، وأن ينظموا صفوف العودة لكي نختصر الطريق، فكل يوم يمر دون إحراز تقدّمٍ على الأرض معناه معاناة جديدة وفتنة جديدة، وعذاب مضاعف.

مطلوب من الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه أن ينتقلوا الآن إلى موقع القيادة الصحيحة ويرتبوا الصفوف بالميدان انطلاقاً من مأرب أو سيئون أو المهرة أو عدن. الشعب ينتظر بفارغ الصبر، ومعاناة الداخل لا يرقى إليها وصف، وقعودنا هكذا دونما حراك، حيّر الأشقاء والأصدقاء.

ولنقل إن مؤتمر الرياض كان هو بداية التحرك السليم، الذي يستوجب بعده تحركاً باتجاه اليمن وليس باتجاه جنيف ولا لندن ولا نيويورك، لقد كانت مقررات مؤتمر الرياض كافية وافية وهي خاتمة التنظير وخلاصة المنظّرين، ولمست رضا عنها من كافة المشاركين، فلماذا يراد لنا أن نخرج من حوار إلى آخر ومن عاصمة لأخرى في حين أهلنا يعيشون ظروفا قاهرة تستلزم معها أن نشعرهم أننا فعلاً نعيش معاناتهم ونفاوض بلسانهم. وننتظر الضوء الأخير لنكون جنود الزحف إلى صنعاء الكرامة بيت اليمنيين الكبير وعاصمتهم الماجدة.

أثناء ترديدنا النشيد الوطني اليوم في قصر الضيافة والمؤتمرات بالرياض شعرتُ وكأن كل ضيوف المؤتمر من مسؤولين خليجيين وغربيين يسمعون نشيدنا لأول مرة، لقد قرأوا الدموع في عيوننا وقرأنا الذهول والتقدير في عيونهم، قام المترجم المصري بإيصالي بعد جلسة الافتتاح إلى مقر سكني وكان مشغوفاً بنشيدنا الوطني وطريقة ترديدنا له، ويوم الاختتام سمعت كلاماً مماثلاً من أشقاء سعوديين وإماراتيين، ولو كان الترديد وحده يكفي لواصلناه أبد الدهر، لكن بلادنا تحتاج منا ما هو أكثر.

عائدون بمشيئة الله، سيلاً لا فريسة، وجحفلاً لا قطيعاً، وغيثاً لا جدب فيه ولا منّ ولا أذى، والله لا يغيّر ما بقوم "حتى يغيّروا ما بأنفسهم"، ولقد أخذ البُغاة بكل أسباب السقوط ولا يتبقى إلا أن نأخذ بكل أسباب الظفَر، ولا خيار لنا سواه.