المؤتمر العفاشي العام
بقلم/ محمود شرف الدين
نشر منذ: 12 سنة و شهرين و 20 يوماً
الجمعة 06 يناير-كانون الثاني 2012 12:24 ص

أعتقد أن كل لبيب في العمل السياسي يتفق معي في أن بقاء المؤتمر الشعبي بدون فاسديه بعد الثورة أمر لا بد منه، ويحرص عليه الجميع باستثناء المؤتمر الشعبي نفسه، فبالرغم من كل ما جرى خلال شهور الثورة العشرة من أحداث ودروس وعبر - تمنى الكل أن يستفيد منها في إعادة الاعتبار له أمام الشعب وإثبات حرصه على الوطن وأمنه واستقراره- إلا أنه يتمادى في أخطائه ويقدم نفسه على أنه كيان تابع لصالح وعائلته.

فهاهو المؤتمر اليوم مع أفول صالح لازال يتمسك به، ويربط مصيره بمصيره، وإذا ببركانه اليوم يتوعد بإفشال انتخاب عبده ربه نائب المؤتمر رئيسا للجمهورية لماذا؟ ومن المستفيد؟ لا أعلم سوى أن ذلك أكد لي أن من تبقى في قيادة المؤتمر لم يعوا بعد، أن الثورة أوصلتهم إلى سن الرشد لكي يتحرروا من البقاء تحت سيطرة أسرة تستخدمهم لترتيب أوضاعها والهروب بحياتها وبثروات الوطن التي نهبوها، ولم يدركوا بعد أن صالح أصبح عبئا ثقيلا على المؤتمر، بل لقد انساقت هذه القيادات بعد رغباته وأهوائه حتى أسقطت كثيرا من أوراق حزبها فأبقته غصنا يابسا في مزرعة مليئة بالأشجار الخضراء ينتظر أن يلحق برئيسه الذي أحله دار البوار، وكاد أن يقضي عليه عندما جعله يتبني توريث السلطة لنجله سابقا، والمدافع عن الفسدة حاليا، برفضه تطهير أجهزة الدولة من حثالة فاسدة يجمع حتى المؤتمريون على فسادهم، وأول من دعوا لإقالتهم، جراء ممارسات السوء التي فجرت ضد النظام وأسرته الثورة الشعبية، وتليها اليوم ثورة مجتمعية إدارية، كون هذه العناصر لا تقل سوءا عن صالح في التفكير بنفسها بعيدا عن المجتمع ومصلحته وحاجته .

وبخطوة تسيء للمؤتمر أكثر مما هو سيئ وتؤكد أنه لا زال المؤتمر العفاشي العام، حضر من نعول عليهم تدارك جهالة وحماقة صالح كي يرتصون بجواره في اجتماع عبثي بل جنوني وهو يدعو فيه بلاطجته إلى ضرب وقتل المعتصمين المحتجين في مؤسسات الدولة، ويحرض على الوقيعة والفتنة، وضد حكومة الوفاق، لولا حصافة هادي الذي رد عليه بشجاعة موضحا أن الوضع الآن أفضل مما كان عليه قبل شهر .

لقد أغرق صالح المؤتمر في أخطائه فمن قلع العداد إلى دعم الفساد جهات وأفرادا واعتبار الشاطر وحيدر وعبد الخالق القاضي وبقية الفسدة بأنهم ثوابت يحافظ عليها بسوئها كما يحافظ المؤتمر الآن على صالح بسوئه وبأخطائه الفادحة، حتى أنه ليكاد أن يغرق معه، وللأسف اليوم لا تزال بقايا قيادته تكرس أن المؤتمر لا يزال صالح وصالح هو المؤتمر، وأنهم معه في قتل الأبرياء وقطع الخدمات وحجز القاطرات، ومواصلة مشروعه المتمثل في إفساد المؤسسات، وتلبية كل ما أرادته الأسرة الفاسدة الحريصة على مصالحها فقط، فمتى يعي ذلك المؤتمر؟ وأي حزب هذا؟ الذي يتمسك بشخص كان رئيسه وأزيح من السلطة لفشله ولفساده بضغط شعبي لا مثيل له، كما أنه يطالب مقرا بجرائمه بضمانات تحميه من العقاب، أي حزب وعمار وطارق و أحمد ويحيى وغيرهم من المراهقين الصغار من أسرة صالح هم من يرسمون خططه وتوجهاته ويحددون وزراءه وبرامجه بعد أن نقلوه إلى زاوية أسرية ضيقة؟ أين قيادات المؤتمر اليوم ليعلنوا الخروج عن التبعية العمياء لهؤلاء من خلال موقف لهم يقول لا لإدخال الوطن في فتنة وحرب من أجل أسرة تريد أن تكون نهايتها مع نهايته، بعكس ما يبدو عليه الوعي السياسي لدى القوى في الطرف الآخر المشترك وحلفائه من حرص على بقائه كحزب فاعل أكثر من حرص قياداته التي ظلت طوال تاريخها بلا موقف فتبلدت وتعودت على التبعية في أحلك الظروف والأزمات السياسية، وظلت مهامهم وأدوارهم كما هي الآن مقتصرة على إدارة البلطجة وتنفيذ أوامر الذات الصالحية، والراعي والبركاني خير شاهد على ذلك .

لقد أصبح الحديث عن العقلاء داخل المؤتمر بعد خروج العدالة والبناء كلاما على عواهنه كالوهم الذي يلوكه بعض المحللين عن دهاء صالح المزعوم والذي لا مؤشرات عليه فلا ذكاء ولا دهاء لمن يصر على التمسك بسلطة إلى أن يخرج منها مرغما ومهانا وكان بإمكانه تركها طوعا وسيحقق بذلك منجزا تاريخيا، أين الدهاء في من يقتل وينهب ويبحث عن ضمانة وهو يعلم أن لا قانون يحميه من العدالة، وأين الدهاء ممن يورط حزبه ويرمي بأخطائه عليه؟

إن غضب المؤتمر على الفسدة الذين ثار عليهم موظفوهم بمؤسسات الدولة يؤكد أن هؤلاء الفسدة هم ممثلون له ومهمته العمل على بقائهم أو إعادتهم ليحرق آخر أوراقه، في وقت ينتظر فيه الشعب منه موقفا متغيرا يدعم الوفاق وينبذ الفساد والشقاق، ويعمل على إصلاح كل ما أخذ عليه من أخطاء كلفت الوطن الكثير، وأن لا يتكئ على الحصانة حتى يحتفظ له بمساحة يتحرك عليها بعد إعادة الهيكلة، وعجزه عن تغطية حقبة ضلعت أكثرية قياداته في فسادها وأخطائها وبالتالي سيكونون عرضة للمساءلة. فهل يعي بقايا قيادة المؤتمر ضرورة وأهمية الإبقاء على المؤتمر بدون صالح وعائلته وبلاطجته أم أنهم سيظلون وراء الوهم يمسكون بشخص مذنب أحرق نفسه وشخصيته، وأصبح مهانا في الشوارع والأزقة يذمه حتى الأطفال، ولا يخجل من أن يبحث له عن ضمانات تعصمه من أمر الله وثورة الشعب، أمثل هذا الشخص هو من تتمسكون به زعيما لكم لمرحلة قادمة؟ ستجتهد كل القوى في أن تقدم فيها من سيحوز على رضا وقبول جيل الثورة الذي لن ينظر إلى صالح إلا على أنه مجرد قمامة لعصر حكم ديكتاتوري
أسري فاسد ومتخلف، ومجرم ينتظر المحاكمة، وشخص سيعمل بما لديه من مال أخذه من الخزينة، وبما لديه من بلاطجة مدفوعي الأجر على إعاقة بناء اليمن الجديد، ليقول أن عهده البائد كان أفضل
.

إن صالح لا يريد الآن سوى الحفاظ على حياته وحماية أسرته من المحاكمة ولا يهمه المؤتمر أو غيره فأين أنتم يا قيادات المؤتمر؟ هل سيظل المؤتمر العفاشي العام؟ .