آخر الاخبار

تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! مجلس الوزراء يُغرق وزارة الدفاع بالثناء اللفظي ويتجاهل صرف رواتب الجيش واستحقاقات وزارة الدفاع المالية صناعة القرارات الرئاسية في زمن رئيس مجلس القيادة الرئاسي.. قرارات تعيين رغم اعتراض غالبية الرئاسي وقرات يتم تهريبها بسرية .. تفاصيل لجنة المناصرة والتأثير بمحافظة مأرب تعقد ورشة عمل ناقشت دور السلطة المحلية والأحزاب والمنظمات في مناصرة قضايا المرأة رسالة من أمهات وزوجات المختطفين لقيادات جماعة الحوثي : ''نأمل أن نجد آذانا صاغية'' في اجتماع بقصر معاشيق.. قرارات وموجهات جديدة للحكومة اليمنية خلال رمضان فقط.. رابع حادثة وفاة لمختطفين في سجون الإنقلاب الحوثي قضاة محكمة العدل الدولية بالإجماع يوجهون امرا لإسرائيل .. تفاصيل

الأمة العربية وأزمة رؤية المستقبل
بقلم/ عبد الله زيد صلاح
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 18 يوماً
الجمعة 08 أكتوبر-تشرين الأول 2010 03:44 م

لا شك في أن معمارية الحضارة الإنسانية تنبني مداميكها على أرضية الإبداع الإنساني بشكل عام، أي: أنها لا تنفرد بفكر أمة دون أخرى؛ ولذا يتطلب من كل أمة معاهدة قوامها الفكري في مختلف صوره (الدينية والتاريخية والثقافية) حتى يسهم في بناء حضارة الإنسان، وكذلك مراجعة أنساقه وفلسفته ورؤيته؛ كونه يتسم بدينامية الحركة وقابلية التفتق على متغيرات الحياة، ويتوهم من يعتقد أن تراكمية الفكر تدخل في نطاق الثبوت، كون هذا الوهم ينتقص من حجم هذا الفكر وذخيرته القادرة على استيعاب إمكانيات العصر ومسايرة إنجازاته التي لا تتنافى ـ في الحقيقة ـ مع غايات الفكر ورؤاه، باعتباره عملية إبداعية تشي بدرجات من الارتقاء والسمو.

ولعل من البين أن الأمة التي لا تحسن فنية التعامل مع فكرها، ولا تطور من تقنياتها المعرفية، ولا تعرف أين تحلق اليوم، فإنها بالتأكيد لا تعي أن يحط ركبها غداً. ومن هنا فالشاخص إلى حال الأمة العربية اليوم يجد أن مساحتها الجغرافية تكتظ بإفرازات لا تتناغم مع فكر الأمة، ولا تهيئ مناخات الارتقاء أو التجاوز، وذلك من خلال وضع هذا الفكر في مرتبة الجمود والتكلس، أو من جانب آخر تعليبه وتحريم مساس كينونته أو مقاربتها، وهي ـ في الواقع ـ ثقافة تشعل في جوانبها أزمة رؤية المستقبل، فليست ثمة استراتيجية تتبناها الأمة لتحقيق مصالحها والحفاظ على مكوناتها الثقافية والمادية، بل إن السائد مثول ثقافة الإلغاء والتطرف والعنف لتتمكن شيئاً فشيئاً في تسيير ركب هذه الأمة، وخلق قوة تدميرية تنسف كل مقومات الحياة. ولا يخفى أن هناك جماعات دينية متطرفة تتبنى هذه الثقافة من خلال توظيف الدين لخدمة مصالحها وتحويله إلى سيف بتار يقطع باسمه رأس كل مخالف لفكرها أو منهجها، وهذا صنيع يتبرأ منه الدين الإسلامي العظيم الذي جاء ليكرم الإنسان ويمنحه حرية القول والفكر.

إن منهجية الجماعات المتطرفة باسم الدين خطرٌ يهدد فكر الأمة العربية والإسلامية ويسوقه إلى مهاوي الردَّى،؛ لأنها لا تؤمن بمعطيات الواقع ولا ترغب في إحياء روحه وقيمه، بل تسعى إلى فرض سلطتها الفكرية باعتبارها الحق المبين، وما دونها كفر وفسوق وزندقة. ومما يؤسف له إن بعض تلك الجماعات تترعرع في حضن السلطات السياسية تبعاً لحسابات خاطئة، وهذا يعزز من انتهاكاتها لذات الإنسان وقمع إبداعه وحرية تفكيره وتدمير رؤيته المستقبلية.

لا يُفهم من هذا القول أن مسئولية أزمة رؤية مستقبل الأمة تقتصر على تلك الجماعات بمفردها، إذ تشترك معها النخب الثقافية والعلمية والإبداعية، حيث تبدو منفرطة العقد لا تمتلك وحدانية الأداة / المنهج، أو الرؤية للتغيير أو تسويق ثقافتها، وذلك لأنها تعيش في بروج عالية محكمة الإغلاق لا ينفذ منها أيُّ صوتٍ إلى الواقع المعيش، وإن تردد الصدى فهو مشوش ومفكك يفتقد الجرأة والثقة بالنفس ، ومن ثم فهو غير قادر على التحرر أو التنوير، وهذا ما فتح المجال أمام تسيد ثقافة الإلغاء والكراهية والعنف بين شرائح شتى في هذه الأمة، وكذلك غياب تكاثف الجهود، وروح التسامح والتفاعل والمبادرة، زد على ذلك إن هذه النخب في غالبيتها تداهن السلطة السياسية، وترتمي في حضنها، وتبعاً لذلك فهي ترتهن لحبائل مفسدة السلطة.

إن الإسراف في مقاطعة فكر الأمة والتخبط في مسايرة روح العصر وإنجازاته، أو التنكر له من قبل مؤسسات الأمة الدينية والثقافية والسياسية، وكذلك انحدار الوعي لدى الإنسان العربي، وغياب تجليات التعايش بين مكونات الأمة، قد أنتج أزمة رؤية واقع الأمة ومستقبلها، ومن هنا سادت الضبابية واشتدت عتمتها في مسالك الأمة العربية، فالمستقبل لا يعرف أحدٌ وجهته؛ لأن عقل الراهن مكبلٌ لا ينتج شيئاً وإن أنتج لا يُحترم.

* باحث دكتوراه ــ اليمن