سالم صالح محمد ( زيارة خاصة )
نشر منذ: 18 سنة و شهرين و 11 يوماً
الجمعة 13 يناير-كانون الثاني 2006 10:52 م

سامي كليب: مرحبا بكم أعزائي المشاهدين إلى حلقة جديدة من برنامج زيارة خاصة،

 نحن هنا عند النُصب التذكاري لشهداء جمهورية مصر العربية في اليمن، في الواقع قد ساعدت كثيرا بقيادة جمال عبد الناصر الثورة اليمنية لكن التدخلات المصرية والتدخلات العربية والدولية الأخرى ساهمت أيضا في اقتتال أهل البيت الواحد في اليمن، فضيفنا مثلا كان في قاعة اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني حين وقعت المجزرة الرهيبة، قُتل بعض رفاقه ونجا آخرون ليغرقوا فيما بعد بمشاكل الوحدة ومجازر الانفصال، إنه سالم صالح محمد مستشار الرئيس اليمني الحالي علي عبد الله صالح.

سالم صالح محمد: أول قرار اتخذته حكومة الثورة أو الحكومة اللي.. هو قرار منع الثأر، أخذ صلح عام طبعا كان الاقتتال في مناطق الجنوب أكثر من مناطق الشمال..

سامي كليب [مقاطعاً]: تم الالتزام فيه؟

سالم صالح محمد [متابعاً]: وتم الالتزام وانتهى الموضوع يعني لم تفكر الناس ولم تعد الناس إلى هذا المسلك على الإطلاق إلا في بعض المناطق، الآن الموضوع الثاني بعد الأمن والأمان واستتباب الأمور وتشكيل نظام واحد من المارة حتى باب المندب يعني أدخلنا فئات واسعة إلى العمل السياسي من العمال من الصيادين من الفلاحين لأول مرة في تاريخ البلد تقريبا تدخل مثل هذه الفئات لممارسة حقها في العمل السياسي والنقابي والمهني والحقوقي هذا مدخل عدن.

سامي كليب: مدخل عدن هذا تعرَّف عليه سالم صالح محمد وهو في العاشرة من عمره فقط فقبلها كان يعيش في منطقة يافا وهذه الصورة الكبيرة خلفه تختصر تاريخ وحاضر المنطقة التي منها ومن المناطق المجاورة انطلق الثوار ضد المستعمر البريطاني ولكن الفتى الذي أغرته الثورة لم يكن ربما يعتقد أنه يوما ما سيصبح أحد كبار مسؤولي الدولة بعد الاستقلال وأحد المساهمين بالوحدة مع الشمال ثم أحد المنفيين إلى الخارج حين غرقت الوحدة بحرب الانفصال، تاريخ طويل ومعقد نبدأه من مكان الولادة.

الميلاد وصورة جميلة بو حريد

"منطقة يافا المعروفة تاريخيا وهي سروا وحِميَر تقع في وسط اليمن وهذه المنطقة هي مناطق الحميريين تاريخيا وكانت لهم دولتهم ونظامهم وهم من أوائل من نصر الإسلام ونشروه وحملوا رايته إلى الأقطار العربية والأقطار الأخرى"
سالم صالح محمد: أنا وُلدت في قرية زيقان من مديرية يافا حاليا وهذه المنطقة هي منطقة يافا المعروفة تاريخيا وهي سروا حِميَر وتقع في وسط اليمن وهذه المنطقة هي مناطق الحميرين تاريخيا وكان لهم دولتهم ونظامهم وأيضا من أوائل من نصر الإسلام ونشروه من بعد انتصار الإسلام وحملوا رايته إلى الأقطار العربية والأقطار الأخرى، بالنسبة للتاريخ الحديث طبعا هذه المنطقة كغيرها من المناطق أيضا أو ما كانت تسمى بالمحميات الغربية، هي كانت تحت الرعاية والحماية البريطانية.

سامي كليب: عدن التي جثم الاحتلال البريطاني على صدرها مائة وتسعة وعشرين عاما كانت قاعدة الإمبراطورية البريطانية في الشرق الأوسط وهنا على بحرها الجميل الذي اصطحبني إليه سالم صالح محمد المستشار الرئاسي والقيادي السابق في الحزب الاشتراكي أقام الاستعمار البريطاني ميناءه الدولي الذي كان ثاني ميناء عالمي بعد نيويورك وقد لفت نظري حين زرت الميناء مع سالم صالح محمد أنه لا يوحي اليوم بتاريخه لها رغم إقامة المنطقة الحرة والجهود التي تُبذل منذ فترة لإحياء عدن بعدما عوقبت في أعقاب الحرب.

سالم صالح محمد: عدن ليست منطقة أحد ولا يدعي أحد أنها ملكيته، عدن مش فقط لليمن ولكن أيضا للمنطقة الإقليمية والمنطقة العربية وأيضا للعالم فميناء عدن مثلا إما إنه فيه حرب ضده أو إنه فيه تباطؤ من قبل الدولة في استقلال هذا المرفق العام، لما تأخذ مطار عدن شو بمطار عدن؟ أصبح الآن ولا قرية وبعض المرافق.. الآن تواجهنا معضلة الكهرباء تواجهنا أيضا البطالة تواجهنا، إذاً الاتجاه مش فقط تعميق الديمقراطية والاختلاف حول الديمقراطية وإنه هذا.. وإلى أي مدى الديمقراطية والسفير الأميركي قال كده ولاَّ السفير البريطاني كده ونقوِّم الدنيا ونقعدها حول الشعار، لا يا أخي الناس تنتظر حل المعضلة الاقتصادية، اليمن بلد فقير ويجب أن نعترف إنه بلد فقير.

سامي كليب: أهمية مرفق عدن لا تكمن فقط في شاطئه الجميل الذي لو تم الاهتمام بسياحته لكان من أجمل شواطئ العالم وإنما تكمن أيضا في الجبال العالية المشرفة على البحر والمرفق تمنح الرياح العاتية وتحمي السفن والبواخر وتعايش أهل عدن مع قوميات وديانات وثقافات عديدة لكن عدن تماما كالجنوب كانت متقدمة متحضرة فقط بالنسبة للمستعمر أما الأبناء الحقيقيون لليمن فكانوا مجرد وسائل لثروة المستعمر.

سالم صالح محمد: أستطيع أن أقول إن الثورة طبعا بعد أن انتصرت وتحقق الاستقلال الوطني وهذا مش فقط في الجنوب حتى أيضا في الشمال يعني حصل انبعاث جديد في حياة الشعب اليمني فبدأت طرقات بدأت شبكة تعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي واليوم الجامعات تقريبا تغطي معظم محافظات الجمهورية وبدأت أيضا شبكات المستشفيات والعيادات الصحية وخليني أقول لك لم يكن يوجد دكتور من مناطقنا ولا مهندس..

سامي كليب: طيب حين كان يمرض شخص مثلا في هذه المنطقة؟

سالم صالح محمد: اليوم يعني بمئات الدكاترة الأخصائيين من هذه المناطق..

سامي كليب: لا ولكن عبر التاريخ حين كان يمرض شخص مثلا في هذه المنطقة.

سالم صالح محمد: كان يُعالج بالكيّ.

سامي كليب: بالكيّ؟

سالم صالح محمد: بالكي أو عند المشعوذين.

سامي كليب: هل مثلا حضرتك فقدت أحدا من أعضاء عائلتك بسبب المرض ولم يستطع الشفاء؟

سالم صالح محمد: الله يرحمه والدي توفى بالكيّ يعني عنده كان مرض القلب لم يتمكن من العلاج فعمل كيّ هنا في منطقة صدرة وتوفى بعد أسبوع.

سامي كليب: الله يرحمه، توفى سنة 1965؟

سالم صالح محمد: عام 1965.

سامي كليب: عام 1965 تُوفي والدك وكنت أصبحت طبعا مسؤولا طلابيا في قطاع طلابي كبير وكنت أكملت دراستك في تاز ولكن قبل ذلك وددت أقف عند بعض المحطات الرئيسة في حياتك، أولا بالنسبة للعمر يعني لاحظت إنك كان عمرك أربعة عشر عاما حين بدأت عمليا أو ربما أقل بقليل النضال ضد المستعمر البريطاني ودخلت بمنظمة جنوب عدن كانت تُدعى آنذاك ثم فيما بعد ستة عشر عاما تقريبا أو أكثر بقليل يعني الجبهة القومية وحركة القوميين العرب كانت آنذاك، ما الذي دفعك إلى قتال المستعمر البريطاني؟ وهل فعلا هناك قصة أثرت بك تتعلق بالمناضلة الجزائرية جميلة بو حيرد؟

سالم صالح محمد: أولا فيما يتعلق بالدراسة يعني نحن كل المناطق اللي كانت محميات أو أيضا مناطق من الشمال لم يكن يسمح بالدراسة في المدارس الحكومية..

سامي كليب: بريطانيا، نعم.

سالم صالح محمد: يعني اللي تشرف عليها الحكومة البريطانية طبعا تعرف اللي تمولها الحكومة البريطانية تحت حاجة اسمها المخلقة يعني شهادة الميلاد ولكن درسنا في مدارس أهلية وفيما يتعلق بموضوع الانضمام إلى الثورة وكيف تم جاءنا طبعا من مناطق محدودة وتفتحت عيوننا في هذه المدينة العظيمة، أنا أعتبر عدن من أولى المدن يعني في المنطقة العربية تقريبا إن كانت بيروت حينها أو البحرين إلى حد ما في نفس أو ممكن نقول في مصر بعض المدن لكن عدن كانت متقدمة في ذلك الوقت يعني تفتحت.. يعني مش فقط عيوننا ولكن أيضا أفكارنا، أولا على المد القومي اللي كان طاغي في تلك الفترة وحركة التحرر الوطني من ناحية ومن ناحية أخرى فيه كان هنا واقع مؤلم بالنسبة لنا لا يسمح لنا بالتعليم، نحن حقوقنا ناقصة، النظرة إلينا نظرة يعني كانت تطلق على البدو أو القبائل يعني..

سامي كليب: البدو أو..؟

سالم صالح محمد: القبائل يعني أبناء المناطق اللي يأتون من الجبال فكان فيه تمييز وكان فيه تفرقة من قِبل الاحتلال البريطاني.

سامي كليب: كان فيه عنصرية واضحة يعني تجاهكم؟

سالم صالح محمد: لم تكن عنصرية واضحة، البريطانيون كانوا أزكى من ذلك ولكن في إطار الواقع كانت هذه المسائل ملموسة وموجودة.

سامي كليب: طيب، خبِّرني قصة جميلة بو حريد لو سمحت لأنها مهمة.

سالم صالح محمد: بالنسبة لها هآجي لها يعني أنا حينها انضميت كما تفضلت إلى منظمة جنوب اليمن الثورية هذه في بداية الستينيات وحينها بدأت أعتقد إذا ما أخذنا التاريخ بالتسلسل الثورة في الشمال ثورة 26 سبتمبر وجاءت مباشرة بعد سنة ثورة 14 أكتوبر، أنا كنت في.. طالب وكان عندي صور صغيرة في بيت عمي وعمي هو الوحيد الموجود في مدينة عدن اللي كان ساكن عنده أسرته والدي لم تكن أمي.. كانت لازالت موجودة في القرية فحطيت صورة عند عمي وعمي كان متحمسا للثورة الجزائرية ولجمال عبد الناصر يعني ككل أبناء المنطقة..

سامي كليب: كالكثير من أبناء اليمن.

سالم صالح محمد: يعني أبناء اليمن والعرب حينها، فحط عمي صورتي وصورة جميلة بو حريد وحينها لازلت أنا صغيرا طبعا كما يقولون حُب..

سامي كليب: عذري.

سالم صالح محمد: بنت الجيران يعني وبالشوف فعمي يسأل هذه البنت يقول لها أيهما أجمل هذه الصورة ولا هذه الصورة؟

سامي كليب: جميلة أو سالم؟

سالم صالح محمد: يسألها جميلة بو حيرد أو سالم صالح؟ فهي طبعا بترد عليه بشكل تلقائي يعني ومحافظة على كبريائها قالت لا جميلة بو حيرد، قال لها ليش هذه.. جزائرية سالم شو يساوي، فعمي قال لي.. قال لي شوف اللي تحبها ومركز أنك تتزوج عليها، قالت إن جميلة أو حيرد أفضل، فقلت له أنا بأؤكد لها وأقول لها أنه إن شاء الله أكون يعني أفضل من جميلة أبو حيرد في نضالي.

سامي كليب: وبدأت البحث عن من هي جميلة أبو حيرد..

سالم صالح محمد: فكانت هي أحد الحوافز طبعا في تكويني الذاتي.

سامي كليب: فقط بين هلالين هذه هي التي عدت وتزوجتها أم..؟

سالم صالح محمد: لا لم يصل لذلك.

سامي كليب: من جميلة أبو حيرد المناضلة الجزائرية التي تعرف إليها بالصدفة وعبر الصورة إلى الأفكار اليسارية التي كانت آنذاك تغزو الجنوب اليمني وتحديدا عدن، بدأ الفتى سالم صالح محمد يوسع آفاق معارفه الثورية والقومية فقرأ للشيوعيين تماما كما قرأ الأفكار القومية العربية لساطع الحصري وغيره وتتلمذ على الأفكار الناصرية التي سرعان ما تقاتلت مع الأفكار الشيوعية في اليمن ولكن الثقافة الأبرز تلقاها من حركة القوميين العرب ومعروف أن فرع اليمن لحركة القوميين العرب كان ثالث أهم الفروع العربية بعد فلسطين ولبنان، هذا الخليط من الأفكار والتيارات جعل اليمن الجنوبي ساحة للخلافات الدولية والعربية فلو غيَّمت في الاتحاد السوفيتي أو الصين أو كوبا كانت تمطر فوق عدن ولو غضب جمال عبد الناصر اهتز اليمن.

سالم صالح محمد: أولا خليني أقول لك يعني هذا رأيي الشخصي أنه نحن اليمن بيئة عجيبة في تقبل أية أفكار جديدة يعني خذ حتى الواقع الحالي يعني الديمقراطية إحنا مع الديمقراطية ما هي وكيف هي نحن يعني نتبنى كل شعاراتها لكن ما هو الواقع..

سامي كليب: طيب، عامل إيجابي أيضا ليس فقط سلبي.

سالم صالح محمد: الجانب الإيجابي واليمن تقبلت يعني وتتقبل دائما الأفكار الجديدة وتتعامل معها بعدين ما هو الذي ينطبق على الواقع هذا موضوع آخر، نحن نعم في.. منذ بداية الثورة نحن تأثرنا يعني لولا الدعم المصري العظيم يعني والدعم الناصري لليمن في ثورة 26 سبتمبر.. لما استطعنا أن نقوم بشيء هذه حقيقة لا ينكرها.. ينكرها غير الجاحد ولكن أيضا بعدها وبحكم الممارسة اللي حصلت من قِبل جهاز الاستخبارات بالتحديد الأجهزة الأمنية المصرية والتأثير اللي حصل في العلاقة بين تنظيمها اللي هو الجبهة القومية وبين..

سامي كليب: جبهة التحرير.

سالم صالح محمد: جبهة التحرير طبعا هذا عكس نفسه في البحث عن حلفاء جدد فأذكر أنه أول وفد أرسلته الجبهة القومية عن طريق.. اللي هو تنزانيا كان فيه الأخ علي سالم البيض وعبد الله الخامي رحمه الله إلى الصين نبحث عن دعم ولكن هذه الدول طبعا لديها أيضا اتجاهات فكرية معينة، الصين تريد من يتبنى فكرها وهو الفكر الماوي والاتحاد السوفيتي نفس الحكاية يتبنى.. يريد..

سامي كليب: والتروتسكيين.

سالم صالح محمد: لا يتبنى نظرية.. واللينينية بالتحديد أما الكوبيين فكانوا.. أنا أقول من الدول الشريفة قدموا دعما معينا في ذلك الوقت ما كان هدفه التأثير الأيديولوجي مع أنه كان عنده تيار تأثر في الجفارية حينه والخلاف اللي حصل بين جيفارا لكي يواصل الثورة وبين فيدل كاسترو لكي يبني الدولة..

ما بعد الاستعمار مجازر واغتيالات

سامي كليب: وتماما كما تلاعبت بريطانيا على الخلافات بين الجبهة القومية وجبهة التحرير وبين التيارات والشخصيات الحزبية التي سعت لمناهضة الاحتلال فإن اليمن الجنوبي الذي دحر الاحتلال البريطاني في الثلاثين من نوفمبر من عام 1967 غرق في اقتتال أهله بعد الاستقلال فسرعان ما دب الخلاف بين قادة الجبهة القومية وبقيت جذور الخلافات بين أهل البيت الواحد لسنوات طويلة، وقعت مشاكل واغتيالات حتى تُوجت بتلك المجزرة الرهيبة التي وقعت عام 1986، كان ضيفنا سالم صالح محمد داخل القاعة التي حصلت فيها المجزرة.

سالم صالح محمد: الحدث هيك مأساوي للغاية ومؤلم للغاية يعني النتيجة كانت 12 ألف قتيل وهؤلاء القتلى مش فقط من الناس يعني من المواطنين ومن القتال بين الجيش والجيش ولكن لا.. يعني من القيادات العليا فالكوادر وأبرزها القيادات في المعسكرات يعني كانت فاجعة كبيرة الحقيقة يعني هزت البلد، أقول ضربت يعني أقوى القوى وأعصابها وأركانها والسبب أنا في تقديري هي الديكتاتورية الشديدة هي ما كنا نسميه نحن في الحزب المركزية والمركزية الديمقراطية.. عليها الديمقراطية وما كان فيه وجود للديمقراطية في حياتنا يعني كان الأمين العام هو رئيس الدولة ورئيس الوزراء وكل شيء يعني متحكم بكل مفاصل الدولة وهذه هي دورات احتقان يعني تنفجر بهذا الشكل يعني فحصل الانفجار طبعا بتقديرات غير صائبة للوضع حينذاك.

سامي كليب: وكنت في الداخل حضرتك؟

سالم صالح محمد: أنا الحدث طبعا كنا في المكتب السياسي وكنا منقسمين يعني معروف يعني كان الأخ علي ناصر ومعه مجموعة وإحنا منا مجموعة بالذات عبد الفتاح إسماعيل وعلي عنتر والأخ علي سالم البيض فكنا حضرنا لتسوية الموضوع بعد المؤتمر بعدين أنهينا كل مسائل الخلاف لم تتبق غير قضية واحدة شكلية ولكن يبدو كان هناك قرار لتصفية هذه القيادة..

سامي كليب: قرار مِن مَن؟ مِن الرئيس علي ناصر محمد؟

سالم صالح محمد: مهما حصل الموقف ودخلوا علينا في القاعة وانفجر الموقف في يوم 13 يوم الاثنين 13 يناير الساعة العاشرة صباحا العاشرة وعشر دقائق الطلقة الأولى كانت علينا في قاعة المكتب السياسي دخلوا علينا اثنين من مرافقي علي ناصر بطريق التمويه واللي حط حقيبته ولف يعني وقتل الأخ علي عنتر و.. والآخر أطلق علينا بعدين بشكل كامل الرصاص، هناك من انبطح ونجا وهناك مَن كان يعني أو من حظه.. إحنا نجينا بأعجوبة..

سامي كليب: كيف نجيت حضرتك من..؟

سالم صالح محمد: أنا عندي تجربة المشكلة اللي كانت سابقة مع اللي حصلت برضه في نفس القاعة عندما تم الصراع مع الأخ سالم ربيع علي وأطلقوا علينا القذائف إلى تلك المنطقة بالضبط فطبعا أول ما أُطلقت الرصاصة انبطحنا وكان عندها بالقرب مني الأخ عبد الفتاح إسماعيل فانبطحنا على الأرض بعد الطلقات الأولى طبعا بدأنا نقاوم وكنا نسمع.. نميز الناس بالأصوات حسب المناطق يعني نعرف حراستنا من أصواتهم وهم يعرفوا فحضَّرنا بعدها كم قطعة سلاح للقاعة وتغير الموقف وكانت أيام مأسوية وصعبة.

سامي كليب: طيب، أنت شاهدت القتلى في الصالة التي أطلق..

سالم صالح محمد: طبعا أنا ربطت الأخ علي عنتر وأحد الإخوان صالح مصلح.. كانت كارثة أما الأخ علي شاهر يرحمه الله علي.. علي شاهر كان ينادي لحراسة علي عنتر يا عسكر.. يا عسكر فهو مستقيم فهم أطلقوا الرصاص بشكل.. بعدين رشاش آلي فأصيب برأسه الأخ علي شاهر وتُوفي في الحال، علي شاهر.. علي عنتر ظل فترة وحتى عندما التحقت أنا والأخ سعيد صالح قلت له أنه فيه عندنا بعض الجرحى ومنهم الأخ علي عنتر وصالح مصلح لازالوا، خرجت أنا وهم يعني مربوطين لم يفارقوا الحياة بعد، كان شيء مرعب وقاسي وصعب.

سامي كليب: في أثناء الحديث عن تلك المجزرة عدنا إلى مكان وقوعها، كانت هذه هي المرة الأولى التي يعود فيها سالم صالح محمد إلى حيث رأى رفاقه في قادة الحزب الاشتراكي يتناحرون ويغرقون بحمام الدم ومن صُدف القدر أو ربما من سخريته أننا حين وصلنا إلى المقر السابق للجنة المركزية للحزب الاشتراكي وجدنا هذه اللوحة التي تقول إذا أردت السلم فاستعد للحرب فالحرب أو الحروب هنا كادت تقضي ليست على السلم فقط وإنما على الحزب الاشتراكي كله ولكني لم أعرف ما إذا كانت اللوحة قديمة أم أن واضعيها هم من أنصار الشرعية الحالية الذين فوجؤوا واستغربوا سؤالي لهم عما إذا كان أحدهم في الحزب الاشتراكي وكأنما الانتماء إلى الحزب بات هنا تهمة ولكن كيف نجا سالم صالح محمد من الموت المحتم داخل قاعة المجزرة؟

سالم صالح محمد: الأشجار هذه اللي حمتنا وبعدين احتمينا نحن هنا في مبنى هنا وبدين طلعنا على هذا الجبل طبعا أصيبوا، أنا أُصبت هذه المرة هذا..

سامي كليب: هذا مركز القيادة؟

سالم صالح محمد: هذا كان مكتب علي ناصر هذا بالضبط.

سامي كليب: كان سالم صالح محمد يرشدني على مكان المجزرة وغرف القيادة ومقر الرئيس اليمني الجنوبي سابقا علي ناصر محمد الذي يقيم حاليا في دمشق حين تدخل رجل الأمن في المقر ليصحح له معلوماته فالمكان الذي كان يضج بالقيادات الجنوبية تغير وقد شاهدت فيه فقط عسكريين وقطيعا من الماعز.

سالم صالح محمد: أخ سامي المبني الثاني هذا الداخلي كان أيام.. بعد الوحدة لا كان مكتب علي ناصر بنوه الكويتيين مساعدة فسعيد صالح والجماعية اللي جاءوا ينقذوا الموقف راحوا هناك مش عارفين إن إحنا هنا والمذبحة في هذا المكان والناس هكذا يعني كهذه بعضنا البعض.. هذا طرف وأنا طرف..

سامي كليب: هون حصلت المذبحة؟

سالم صالح محمد: المذبحة في هذا المكان.

سامي كليب: هذا المكان؟

سالم صالح محمد: هذه القاعة قاعة المؤتمرات، هذا مكتب علي ناصر بالضبط شوف.

[موجز الأنباء]

سامي كليب: في حنايا هذه الغرف انعقد إذاً اجتماع اللجنة المركزية وكانت العلاقة بين قادة الحزب الاشتراكي ومسؤولي الدولة في أوج تأزمها وجاءت نصائح كثيرة بعدم عقد الاجتماع خشية المجزرة خصوصا أن البعض كان هدد باللجوء إلى السلاح ولكن النصائح ذهبت سُدى ووقعت المجزرة، فهل أن الرئيس السابق علي ناصر محمد هو الذي يتحمل مسؤوليتها؟ ولماذا؟

سالم صالح محمد: بكل تأكيد هو يتحملها أمام الله وأمام نفسه وتقريبا تكلم في هذا الموضوع وبعدها أنا أقول إن هذه الأحداث المأسوية أفضت إلى شيء عظيم هي الوحدة يعني والوحدة غبَّت ما قبلها، بعدها طبعا نحن التقينا بالأخ علي ناصر كثيرا وتقريبا استعرضنا مثل هذا الموضوع..

سامي كليب: بعد المجزرة؟

سالم صالح محمد: وكان الكل مقر أن مثل هذا العمل كان عملا مأسويا وسببه هو الديكتاتورية المفرطة والعقلية اللي تفكر دائما بهذا الشكل تحتكر كل شيء.. كل شيء ولا تسمح للآخرين بشيء تكون النتيجة بهذا الشكل..

سامي كليب: بس الغريب أنه حسب ما فهمت أنه بقى التفاوض بينكم وبين الرئيس علي ناصر محمد وحضرتك شخصيا حتى آخر لحظة وكانت الأمور ستسير على ما يرام، يعني ما الذي قلب الصورة وأدى إلى المجزرة في الداخل؟

سالم صالح محمد: لا هي كان فيه خطة وطرحت في شهر مايو من نفس السنة من نفس السنة الماضية عسكرية وأمنية وهم كانوا يشتغلوا على أساسها يعني وكان عندهم قرار أنه لا يمكن قبول الطرف الآخر بأي شكل من الأشكال وحذروا ذلك حتى على الصعيد العربي وعلى الصعيد الدولي يعني كان لابد أن يمشوا فيه.. لابد أن يمشوا فيه يعني كانت المسألة مسألة وقت وكادت الأمور أن تتفجر في المؤتمر لولا تدخل نذكره بالخير الأخ جورج..

سامي كليب: حاوي؟

سالم صالح محمد: لا حبش كان موجودا معنا في المؤتمر بعض الأخوة، الأحزاب الشيوعية وبعض الإخوان طبعا كانوا جهة على جهة.. ما كانوش واخذين الموضوع بجهاتين وبجهود مشتركة للوصول إلى حل مشترك.

سامي كليب: يعني لتكن هذه المسألة أكثر وضوحا إنه مثلا يوم المجزرة اليوم الذي غادر من هنا الأمين العام السابق رحمه الله جورج حاوي الذي قُتل منذ فترة بتفجير سيارته وكان معه على ما أعتقد نديم عبد الصمد القيادي الآخر في الحزب الشيوعي، يوم غادر من هنا بعد وساطة حصلت المجزرة هل كان الحزب الشيوعي اللبناني والشيوعيون اللبنانيون داعمين لعلي ناصر محمد في هذه الخطة؟

سالم صالح محمد: الموقف حين الاتحاد السوفيتي وموقف بعض الأحزاب الشيوعية مش كلها طبعا كانت تميل وتعتقد أن الطرف الآخر هو الطرف القبلي الطرف اللي يمسوه ما عنده القدرة على فكر الاشتراكية العلمية فبعض الأحزاب الشيوعية.. هناك الحزب الشيوعي اللبناني طبعا مش كله لكن بعض القيادات كانت تميل ولم تقم بالحوار هي التقت الأخ جورج حاوي يرحمه الله وهو تحدث في آخر مقابلة تقريبا معك.

سامي كليب: معي صحيح.

سالم صالح محمد: عن.. لأنه كان لم يتحدث بهذه الحقيقة عن مسؤولية الأمين العام والرئيس السابق حول هذه الأحداث فكانوا يشعروا من إن عناصر معينة في المكتب السياسي هي أقرب إليه فكرا وأقرب إليهم تنظيما في الحركة الشيوعية هذه ولهذا عندما التقوا بعلي عنتر أو التقوا ببعض منا ما كانوش يحاولوا إن هذا الشيء يتوصل إلى كده وإنه كده كانوا يستمعوا بوجهة نظرهم حين الشهيد علي عنتر عندما التقى بجورج حاوي كان يمزح معه أو كان محتدا شوية يعني.. إنه بكرة لازم بيقع شيء يعني بمعنى إيه لأنه آخر كلمة وأنا شهدتها يقول علي عنتر لصالح آه يا صالح هذه الديمقراطية اللي تقولوا عليها..

سامي كليب: طيب، جورج حاوي قال إن علي عنتر قال له سأقضي عليه وانتحر.

سالم صالح محمد: لا، علي عنتر يرحمه الله شخصية كانت في تكوينه كان المزاح عنده وأحيانا نكتة وأحيانا الموقف الجاد وأحيانا الموقف العفوي والتلقائي يعني شخصيته مكونة بهذا الشكل اللي يعرفه عندما أنا حاورت الأخ علي ناصر آخر لقاء لي يوم السبت يعني قبيل يوم واحد من الأحداث فقلت له يا أخي ممكن نحله نحن، حلينا موضوع اللجنة المركزية نحن حلينا موضوع المكتب السياسي قال لي بجملة إيش باغي الدائرة يا أخي خليه يأتي بدالي في دائرة الإعلام والثقافة، قال على حسابك قلت فليكون أنا مستعد أكون فيه مدير مكتب أحد منكم يعني خلينا نحن بالبلد ولكن ما كان حد يسمع يعني مع الأسف الشديد ترتيبات من قبلهم أصحاب القرارات بالذات كانت جاهزة.

سامي كليب: وقعت المجزرة وقُتل مَن قُتل فيها، نجح بعض قادة الحزب الاشتراكي بالنجاة، سار الرفاق على دماء رفاقهم وسقطت إيديولوجية الرفاق صريعة برصاص التنافس القيادي وشاء القدر أن ينجو ضيفنا سالم صالح محمد من المجزرة ولجأ إلى وزارة الدفاع المشرفة على هذا البحر الجميل ولكن ما هي حقيقة دعم الروس للرئيس علي ناصر محمد في الأيام الأولى لتلك الحرب؟

سالم صالح محمد: الروس في اليوم الأول والثاني كانوا لا زالوا موجودين أما في اليوم.. الجنرال اللي كان موجود وقتها في وزارة الدفاع وقعد أنا وهو وشرحت له الموقف وفعلا تبين الموقف..

سامي كليب: يعني فيه ناس كانوا عم بيديروا معركة علي ناصر محمد؟

سالم صالح محمد: يومين.. ظلت العملية إلى آخر هذا الشهر بل يعني تدمير وزارة الدفاع بالكامل إنها انتهت بالكامل يقال إنها أوحت بغلطها ما كان في إمكانهم مَن يمتلك هذا السلاح التدميري بالكامل فوزارة الدفاع كانت هنا يعني دُمرت بالكامل يعني لم تفتح طريق غرفة العمليات لأنها كانت معمولة ضد الأسلحة النووية.

سامي كليب: لشخص مثلك يعني ناضل في الثورة أو كان يحلم بتغيير وجه اليمن كله وليس فقط الجنوب يجد نفسه في هذا الوضع داخل مجزرة تقاتل الرفاق، قُتل البعض، البعض الآخر يعني ينتقم، كيف يشعر إنسان مثلك بهذه اللحظة؟

سالم صالح محمد: والله هذا السؤال أنا سألت عليه ناصر أنا ما التقينا في دمشق بعد الوحدة يعني قلت له أنا كنت صديقك وهؤلاء أصدقاؤك يعني ما الذي.. قال لي أرجوك اغلق الملف، قلت له لا أسأل سؤال لماذا يعني.. ما هو الشيء إلي دفع إنك تأخذ قرار التصفية الجسدية؟ هل هي شهوة السلطة؟

سامي كليب: شو كان جوابه؟

سالم صالح محمد: هو جوابه إليّ أن نغلق الملف، نحن أغلقناه طبعا أغلقناه بالعمل العظيم اللي قمنا فيه بتوحيد اليمن ولكن أنا أقول لكل حاكم وكل مسؤول عربي يسمعني أو مَن يأتي إلى السلطة أنه ارحم نفسك يعني وفكر دائما بالحلول المثلى يعني حلول إنه اللي يتفكر أنك ممكن تقضي عليه اليوم ممكن يقابلك غدا لأن الله سبحانه وتعالى هو اللي خلق الناس والحياة والموت بين أيديه هو تمام ولهذا يعني أعتقد أن الحوار هو الشيء الأمثل يعني للحاكم والمحكوم لمن بيده السلطة واللي ما بده السلطة لمن يستطيع أن يفجر يعني قنبلة كمعارضة مثلا ويقتل فيها أبرياء أو اللي أيضا بيده الأمر وبيده سواء الهراوة أو بيده البندقية يقضي.. يطلق النار على المواطنين..

سامي كليب: هل حاولتم فيما بعد اغتيال علي ناصر محمد؟

سالم صالح محمد: لا على الإطلاق، لا نحن دخلنا أو سافرنا يعني يلا إنه أول القيادة اللي استلمت الوضع بالكاد لملمت الأمور يعني لو تشوف عدن كيف كانت دمرت عدن دمرت يعني تماما يعني..

سامي كليب: دُمرت عدن في المرة الأولى بسبب اغتيال أهلها حصلت اختطافات وانفلت الوضع ووقعت اغتيالات نجحت القيادة التي تلت في تهدئة الوضع كان نتاج حيدر أبو بكر العطاس رئيسا لمجلس الرئاسة وعلي سالم البيض أمينا عاما للحزب الاشتراكي والدكتور ياسين نعمان رئيسا للوزراء فقادة الحزب الاشتراكي الذين سعوا لترتيب الوضع بعد مجزرة عام 1986وصاغوا الوحدة مع الشمال هم أنفسهم الذين غرقوا بالحرب حين كادت الوحدة تسقط بفخ الانفصال، فهل كان زعيم الجنوب علي سالم البيض يريد الوحدة فعلا؟

ما بعد المجزرة ومحاولات الوحدة

سالم صالح محمد: خليني أولا أعطي حقيقة تاريخية وهي أن حركة القومية العرب والجبهة القومية وكل التنظيمات إلي كانت في الجنوب هي تنظيمات وحدوية وفي برامجها ولا في التواجد شخصية اجتماعية ولا أيضا من مشايخنا الوطنين إلي انتفضوا ضد الاستعمار وقاتلوه في أو من السلاطين الوطني إلا.. أو قضية الوحدة أو الوطن الواحد وفي ذهنه أو في مسلكه..

سامي كليب: بس أنتم كاشتراكيين كنتم من أجل تصدير الثورة لا..

سالم صالح محمد: لا مش هذه لا هذه أولا كحقيقة يعني نحن كتنظيم وطني أو كأي واحد وطني يعني ينظر إلى قضية الوطن نظرة واحدة يعني إذا ما قسمتني فأنا يمينا أو كما يقولوا يدي اليمين في جزء من الشمال ويدي في جزء من الجنوب يعني ولكن هناك أيضا مَن.. فيه تيار ما ننكره كان فيه تيار داخل الجبهة القومية أو أيضا في الحزب الاشتراكي كان ينظر إلى استغلالية الحزب واستغلالية الجنوب.

سامي كليب: مثلا بالحزب الاشتراكي مَن؟

"أجزم أن من حقق الوحدة وما قبلها من رفاقنا سواء من القحطان الشعبي رئيسا وسالم ربيع علي وعبد الفتاح إسماعيل وعلي ناصر وعلي سالم البيض هؤلاء كانوا مؤمنين بالوحدة وكان شعارنا لنناضل لتحقيق الوحدة اليمنية والدفاع عن الثورة اليمنية"
سالم صالح محمد: ما نسميه ولكن لا أنا أستطيع أن أيضا أُجزم أن من حقق الوحدة وما قبلها من رفاقنا سواء من القحطان الشعبي رئيسا وسالم ربيع علي وعبد الفتاح إسماعيل وعلي ناصر وعلي سالم البيض هؤلاء كانوا مؤمنين بالوحدة بل يعني إن شعارنا لنناضل يعني هذا الشعار إلي كان مرفوع لتحقيق الوحدة اليمنية والدفاع عن الثورة اليمنية شعارات استراتيجية وكبيرة يمكن أنا ما يتحملها ومع ذلك كان يعني شعارنا الدائم، أما مسألة هل نحققها بالصيغة اللي نحن عليها في ذلك الوقت؟ نعم، هناك من كان يفكر إن الاشتراكية هي الحل.

سامي كليب: بالنسبة لمسألة تصدير الثورة إنه كان جزء من الفكر الاشتراكي آنذاك موجود هنا في جنوب اليمن ولكن فوجئت في خلال الحديث معك قبل يومين قبل تسجيل هذه الحلقة أنه كان السوفيت ينصحونكم بعدم تصدير الثورة وبأنه الاتفاق مثلا مع الجيران مثلا مع السعودية الاتفاق مع الشمال وعدم يعني خوض حروب لأجل تصدير الثورة وما إلى ذلك..

سالم صالح محمد: كانوا ينصحونا فعلا بيقولوا أنتم على مقربة من مكة أنتم وين رايحين بهذا التشدد أو هذا التطرف وعليكم فعلا أن تبذلوا جهودا لخلق علاقات مُثلى مع إخوانكم في الشمال مع جيرانكم في المملكة العربية السعودية مع أنه ما كان فيه علاقات دبلوماسية حينها بين المملكة العربية السعودية والاتحاد السوفيتي..

سامي كليب: بس يبدو أنه حضرتك لا.. حول هذه المسألة هناك نقطة أنا لافتتني أنه الإمام أساسا من 1928 عاقد معاهدة مع لينين وقتها يعني..

سالم صالح محمد: نعم، الملك فيصل يرحمه الله.

سامي كليب: كان فيه علاقات..

سالم صالح محمد: هو من قابل لينين وكان أرسله والده الملك عبد العزيز وكانت علاقتهم مُثلى..

سامي كليب: لا إمام اليمن.. إمام اليمن أيضا..

سالم صالح محمد: اليمن هذا هو أول مَن لكم دينكم وليّ دين، معروفة الحكاية واعترف بحكومة لينين ولكن أيضا الملك عبد العزيز نفس الحكاية وأرسل له حينها أرسل سفير الاتحاد السوفيتي أرسلوا حكيموف وهو من المناطق المسلمة وبعدها في الحرب تقريبا العالمية دسَّت عليه المخابرات الغربية عند لينين وقالوا إن هذا يصلي مع الملك عبد العزيز وأنه هذا ما له علاقة فيكم ومش عارف إيه فسحبوه وتقريبا أُعدم..

سامي كليب: أُعدم صح..

سالم صالح محمد: فعلم الملك عبد العزيز وعندما أرادوا أن يغيروا السفير قال لهم لا أرسلوا لي حكيموف صديقي هذا، قالوا حكيموف أُعدم قال لهم خلاص..

سامي كليب: طيب، بالنسبة للعلاقة مع السعودية يبدو أنه أنت كنت من الذين كتبوا النقاط الست لأول علاقة فعلية قامت مع المملكة العربية السعودية؟

سالم صالح محمد: نعم، أنا أما كنت ضمن الوفد اللي يترأسه الأخ محمد صالح وزير الخارجية حينذاك وأنا كنت سكرتير العلاقات الدولية في تنظيم الجبهة القومية وبدأت المباحثات السرية بدأناها من 1974 وانتهت تقريبا في 1976 متوجة بإعلان العلاقات..

سامي كليب: مَن التقيتم آنذاك؟

سالم صالح محمد: التقينا يرحمه الله الملك فهد وكان حينها لازال وليّ العهد حوالي ثلاث مرات، أحد المرات كان في القاهرة وفي جدة وفي الرياض.. كما التقينا كان يفاوضنا..

سامي كليب: شو كان يتهمكم؟ كان يتهمكم أنه ملحدين ولا..

سالم صالح محمد: لا كانوا مهذبين للغاية..

سامي كليب: حين كنا نصور هذه الحلقة ونعود من خلال أرشيف المستشار الرئاسي اليمني سالم صالح محمد إلى تاريخ الجنوب والصراعات والوحدة والأزمة والحرب وُجدت لديه عشرات الصور التي نجت من ويلات الحرب والتي يخفي بعضها حقيقة ما يظهر فالصور هنا كثيرة للقيادة الجنوبية متكاتفة ومتآلفة بينما معظم القيادات لم يعد موجودا إلا في الصور فهم أما قُتلوا أو نُفيوا أو قرروا الابتعاد عن السياسة.

سالم صالح محمد: أنا بالنسبة لي كل من أعرفه أمد يد الصداقة والحب إليه طبعا قد نختلف سياسيا نختلف آراء.. أفكار لكن مدتي على الإطلالة تختلف ولهذا منذ أن عرفت كل الرؤساء أو القادة علاقتي فيهم دائما ودية والباقي عليهم هم أصحاب القرار مش أنا..

سامي كليب: شو ودية كنت راح تموت شو ودية؟

سالم صالح محمد: أيوة يعني أنا من جانبي كنت ودِّي إلى آخر لحظة الدفاع عن النفس..

سامي كليب: حين تم احتلال عدن ضُرب بيتك ونُهب..

سالم صالح محمد: طبعا لا نُهب يعني نُهب مرتين..

سامي كليب: تعرض أحد من عائلتك..

سالم صالح محمد: لا الحمد لله لا.. يعني..

سامي كليب: بس يبدو أنه شقيقك وأنت في الإمارات تعرض لتفجير سيارته..

سالم صالح محمد: هذه بعد ما عاد من الخارج..

سامي كليب: أو منزله..

سالم صالح محمد: بعد ما عاد من الخارج بنته تعرضت لتفجير صغير يعني في ذلك الوقت نوع من الاستفزاز ولكن الحمد لله..

سامي كليب: مين تبين، مَن يقف خلف التفجير؟

سالم صالح محمد: والله أنا أتهم الطرف الثالث اللي كان يؤجج الصراع ومن مصلحته أن تظل اليمن تعيش حرب..

سامي كليب: مَن الطرف الثالث؟ شو فوازير رمضان؟

سالم صالح محمد: أنا أتهم الإرهاب والتطرف دائما.

سامي كليب: حين عاد سالم صالح محمد من دولة الإمارات العربية إلى اليمن بطائرة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أتُّهم أنه عاد بصفقة ولكن الذين يعرفون المستشار الرئاسي والقيادي الاشتراكي السابق يدركون أنه غالبا ما كان رجل حوار وتسويات حتى في عز التأزم بين الجنوب والشمال وبين الحزب الاشتراكي وحزبي المؤتمر والإصلاح فحين غرقت مسيرة الوحدة بفخ الانفصال وبدأت نذائر الحرب تسيطر على اليمن السعيد التقى سالم صالح محمد بالرئيس علي عبد الله صالح في صنعاء ثم عاد إلى الجنوب وعقد في منزله اجتماعا للقيادات العسكرية بغية تفادي لغة السلاح..

سالم صالح محمد: عندما الاعتكاف الأول أو الثاني للأخ علي سامي بيه في عدن استدعنا الأخ الرئيس علي عبد الله صالح أنا والأخ صالح عبيج أحمد كان حينها وزير النقل وهيثم قاسم وزير الدفاع وطبعا معروف أن تكوين القوات المسلحة هي من هذه المناطق يعني خاصة بعد أحداث 1986 فكان الموقف أنه خلُّونا نجنب القوات المسلحة موضوع الحرب وموضوع الاحتكاك في هذه المسائل وخلونا نحن السياسيين ها نختلف نتفق..

سامي كليب: هذا رأي الرئيس علي عبد الله صالح.

سالم صالح محمد: رأي الرئيس علي عبد الله صالح وأنا أوافقه كنت وقعدنا ثلاث أيام من شان نحل المشكلة موضوع القوات المسلحة في ذلك الوقت كانت مشكلة فيما يتعلق بدمجها وحقوقها يعني وخاصة الألوية اللي طلعت من الجنوب إلى الشمال وفعلا على أثرها أنا جيت لهنا والتقيت بمجموعة يعني كبيرة جدا من فوق يعني تقريبا في حدود مائة وثلاثين من رتبة مقدم وما فوق يعني وناقشت معهم بشكل واضح هذه المسألة وما طرحه الأخ الرئيس وما يعني اتفقنا عليه كان الرأي أنه ليش يعني كافي انقسام خليني أقول لك أنه حصلت الحرب حصلت نتائجها معروفة وأضرت بنا جميعا أضرت بالشعب اليمني بمكتسباته يعني طعنة من الطعنات اللي وجهت لنا ولكن يعني كان فيه هناك مَن حتى.. مَن كان يقاتل في هذا الصف منقسم.. منقسم على نفسه..

سامي كليب: البعض يريد القتال؟

سالم صالح محمد: يعني نحن اليمنيين إيش يعني أحيانا مثل القبيلة يعني قبيلتك بالتالي أنت لازم تكون معها وأنت تكون مثلا في المؤسسة اللي لازم تحمي هذا الوضع لكن مضطر وإلا يقولوا عليك إيش ففيه تداخلات وفيه أيضا بعض الأمور اللي من الصعب الآن تصنيفه هل هذا هو انفصالي ولا هذا هو وحدوي هل هذا تقدمي ولا هل هذا..

سامي كليب: طيب خرج الاجتماع بموقف منقسم حول مبدأ الحرب؟

سالم صالح محمد: لا كان أنا سافرت وكانوا الناس لأنه كان هناك بعدين لجان حربية ومخصصة للأخوة الأردنيين اشتركوا في الموضوع وكان الاتجاه على أساس أنه لا حرب يعني..

سامي كليب: حين وقعت الحرب بين الشمال والجنوب أو بين مَن وُصفوا بقوات الشرعية من جهة والانفصاليين من جهة ثانية، اتهم رئيس اليمن الجنوبي سابقا علي سالم البيض والذي أصبح نائبا للرئيس اليمني بعد الوحدة اتُّهم بأنه كان سببا للانفصال والحرب آنذاك تحالف الرئيس علي عبد الله صالح مع حزب الإصلاح بقيادة رئيس البرلمان وزعيم قبائل حاشد الشيخ عبد الله الأحمر وعدد من زعماء القبائل الآخرين وحسم الحرب لصالحه فانهزم علي سالم البيض والحزب الاشتراكي الذي أُقصي آنذاك عن السلطة فهل كان علي سالم البيض يريد الانفصال فعلا أم أنه اضطر للجوء إلى ذاك الخيار الانتحاري الأخير؟

سالم صالح محمد: ما حصل أنا أقول ومش دفاع عن علي سالم البيض يعني هو اللي وقع القرار مَن يوقع على القرار هو يتحمل مسؤوليته أمام الشعب وأمام الله وأمام ضميره.

سامي كليب: قرار الانفصال.

سالم صالح محمد: قرار الوحدة أولا.. قرار الوحدة فالكل اتجه إلى صنعاء وكان فيه هناك من يقول لا خلونا يعني إذا أردت رأي الحزب وما كان يفكر عليه وعندي دراسة قعدنا عليها سنة فهو كان يريد الوحدة تدريجيا كان يريد الوحدة على أساس أولا تبدأ بما نسميها مش فدرالية بما قبلها يعني لمدة خمس سنين عشر سنوات..

سامي كليب: نوع من اللامركزية يعني..

سالم صالح محمد: لا يعني يكون فيه تنسيق في الهيئات في السياسة الخارجية في هذا لكن ما يتم الدمج هذا الفوري اللي اتفقوا عليه الرئيسين في النفق وهو نفق يمكن نشاهده بعدين فالأمانة هو هذا الموقف اللي كان سائد يعني ما حصل بعدين من تطورات وما حصل من احتكاكات وما الذي فعلا أوصل يعني الأخ علي سالم إلى مثل هذا القرار هذا موضوع آخر وهو حديث طويل..

سامي كليب: لا هو الموضوع.. يعني هو الموضوع هو أساسا هو الموضوع لأنه حتى اليوم في الواقع علي سالم البيض لم يتحدث حتى الآن منذ خرج مهزوما من الحرب ولا أحد يستطيع أن يؤكد لك فعلا أنه كان اضطر للانفصال أو لطلب الانفصال أو حُشر في هذه الزاوية أو أنه فعلا كان يريد الانفصال من أجل إقامة جمهورية مستقلة والعودة إلى نوع من الاستقلال..

سالم صالح محمد: هي حصلت تداعيات كبيرة يعني طبعا التداعيات حصلت ما قبل توقيع وثيقة العهد والاتفاق وما بعد وثيقة العهد ومع الأسف خليني أقول لك أن أي قائد يعني أقول تنفرط من يده المسبحة يعني طبعا عندما يصبح الوضع تحت تأثير أو تدخل أطراف أخرى محلية وإقليمية ودولية الأمر ما يعود في يد القائد والقرار لم يعد بيد القائد، نحن يا سيدي إلى ما قبل طبعا توقيع الاتفاقية كان بالإمكان التحكم بالأمر ولكن بعدها عندما حصلت الاحتكاكات بين الألوية التابعة للجنوب أو التابعة للشمال وبدأت الأمور تنفرط وبدأ كل فريق يأخذ استعداده للحرب.

سامي كليب: وقعت الحرب، اهتز اليمن، تقدمت قوات الشمال الشرعية باتجاه الجنوب المتهم بالانفصال، حُسمت المعركة لصالح الرئيس علي عبد الله صالح وحلفائه وهزم الحزب الاشتراكي، حُكم على الانفصاليين بالإعدام ونُشرت لائحة باسم ستة عشر انفصاليا كانت نقمة السلطة اليمنية عليهم كبيرة ولكن بعد سنوات عفا الرئيس علي عبد الله صالح عن الجميع، شجع كل اليمنيين على العودة لا بل وفي أثناء رحلة له إلى الإمارات التقى بضيفنا سالم صالح محمد وأعاده بطائرته وعينه مستشارا له فهل بقى حتى اليوم اشتراكيا؟

سالم صالح محمد: أنا دائما يعني أعتبر المؤتمر الشعبي العام حزب الوسط يعني هو جمع كل المعتدلين من الإصلاح ومن الاشتراكي ومن أيضا الساحة الأخرى المستقلين وتشكل اعتبره الوسط..

سامي كليب: هل أنت أقرب إليه؟

سالم صالح محمد: ولهذا نحن أقرب يعني الآن تقريبا نحن كنا في الاشتراكي يعني الاتجاه الذي قاد إلى تحقيق الوحدة أقرب إلى المؤتمر..

سامي كليب: التاريخ قد يحاسب المسؤولين عن الانفصال في اليمن وقد يقرر بوضوح مَن كان السبب والتاريخ قد يحفظ للرئيس علي عبد الله صالح أهم تجربة في التاريخ الحديث للعرب هي تجربة الوحدة التي وإن تعمدت بالدم فهي نجحت وعاد الحزب الاشتراكي إلى السلطة وفق توازنات جديدة ولكن الأكيد أن سالم صالح محمد المستشار الرئاسي اليمني الذي عاد إلى بلاده بعد أن خبر تجربة النفي والغربة قد يفكر وهو ينظر صوب البحر الجميل عند سواحل عدن اليوم أن اقتتال أهل البيت الواحد في الجنوب ثم اقتتال الجنوب والشمال كان أشد سوء على اليمن ربما من الاستعمار نفسه، اليمن ربح الوحدة ولكن عدن تبدو بحاجة إلى رعاية خاصة رعاية إنمائية واقتصادية لكي لا تشعر بأن الوحدة جرت على حسابها.

المصدر: الجزيرة

حوار مع طارق سويدان
أحمد عايضمقابلة مع مدير مستشفى الرئيس
أحمد عايض
عبد الله الأحمر.. آفاق الحرب والسلام ج2
عبد الله الأحمر.. القبلية والسلطة ج1
مشاهدة المزيد