عبد الباري عطوان:من عامل الى الاعلامي الاول
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 15 سنة و 5 أشهر و 6 أيام
الإثنين 20 أكتوبر-تشرين الأول 2008 08:57 ص

تشي رحلة عبد الباري عطوان، رئيس تحرير جريدة االقدس العربيب في لندن، والوجه المعروف اعلاميا في وسائط الإعلام العربية والاجنبية، بحس شاعري، لانها تحاول استعادة ارض هي ارض الكلمات كما سماها الشاعر الكبير محمود درويش، وهو بالمناسبة يسميه في مذكراته مع اداورد سعيد بالفلسطينيين العظيمين. وهي رحلة تغطي اربعة عقود من الر حيل والبحث الدائم عن فرصة ومكان في العالم، هي رحلة تستبطن في داخلها فكرة االعصاميةب ورفض ان يخضع الفلسطيني لشروط السياسة والظروف وان يكون ضحية للخرائط، فهو كإنسان يجب ان لا يفقد الامل بالعودة لحلمه الاول، وهو ما يتمناه الكاتب هنا في السطور الاخيرة من مذكراته ولكن في اتجاه آخر يجب ان يواصل البحث واجتراح الممكن.

للوهلة الاولى تبدو مذكرات عطوان اارض الكلمات: رحلة فلسطينية من المخيم الى الصفحة الاولىب عادية في طموحها اذ انها تقدم سيرة صحافي وكاتب ارتبطت صورته بالدفاع عن العراق وفلسطين وقضايا المضطهدين ضد الهيمنة الامريكية الجديدة في المنطقة العربية. اضافة لكون عطوان منذ لقائه مع زعيم القاعدة في اللقاء الصحافي المعروف عام 1996 اصبح معلقا عن قضايا القاعدة وما يتعلق بما اسمته امريكا االارهاب الاسلاميب وكان نتاج العلاقة كمعلق ومحلل ومهتم بمصير القاعدة وتطوراتها كتابه الاول ا اسرار القاعدةب الذي ترجم الى عدة لغات منها العربية. نفهم ان عطوان لم يكن يطمح لكتابة سيرته، لكن الفكرة جاءت من الناشرة والاديبة اللبنانية الراحلة مي غصوب، مؤسسة دار الساقي للنشر في لندن، وهي نفسها كاتبة سيرة عن رحلة مغادرتها من بيروت، التي قدمت من خلالها اطياف الحرب الاهلية، ولهذا يكرس الكاتب الكتاب لذكراها. لا يقدم لنا عطوان سيرة سياسية او تفاصيل حياته الصحافية ذلك ان كاتب المذكرات او اي نوع منها يقع احيانا في خداع التفاصيل الكثيرة. فكتابة السيرة من اكثر الانواع الادبية خداعا لان الكاتب يحاول ان يبرر، ويخترع روايته عن التاريخ والاحداث، وفي السير الذاتية يتجادل التاريخ بالأنا. ويبدو هذا واضحا في مجمل الرواية التاريخية عن الثورة المصرية عام 1952 اذ اننا امام روايتين، تلك التي رواها وقدمها ادباء المحنة من الاخوان المسلمين، وتلك التي قدمها مؤرخو الثورة ومعها رواية الدولة عن نفسها وصورتها. في رواية عطوان يضعنا عن رحلته هو نفسه خلال احداث اربعة عقود وهي سيرته ورؤيته للاحداث، اذ انها تبدأ في الحقيقة منذ خروجه من رفح الى عمان لمتابعة دراسته في عمان اواخر الستينات ومن هنا يبدأ خيط الاحداث بالتطور ليقودنا الى لندن وقصة صحيفة االقدس العربيب التي يقول انها مشروع عربي للصحافة المستقلة التي تدافع عن حرية الرأي والمضطهدين وتبشر بكتابة جديدة.

جمهورية المخيم الفاضلة

كثيرا ما يقال ان االقصةب الفلسطينية هي واحدة، حياة وادعة زراعية في قرية او بلدة، رحيل للمخيم، ثم كفاح وحنين للوطن االفردوس المفقودب وهنا في مجمل الحكاية الفلسطينية يتم التركيز على فكرة االتغريبة الفلسطينيةب ولهذا عندما عرضت المحطات العربية مسلسل التغريبة الفلسطينية الذي كتب نصه وليد سيف، وجد كل فلسطيني صورة عنه في تلك الحكاية، ولكن حكاية وليد سيف توقفت حيث بدأت رواية عبدالباري عطوان. لا يفهم من هذا ان هناك تقارباً بين الحكايتين لكن ما حدث للفلسطيني بعد الخروج وتكون المخيم وولادة اجياله وذاكرته اصبح رهن ابنائه. وعطوان يكتب بهذه الصفة من ولد بعد النكبة بعامين في خان يونس وتوزعت طفولته وصباه بين مخيمي دير البلح ورفح. وهو مثل اي فلسطيني يتحدث عن وطنه الصغير المسروق ااشدودب كأي فلسطيني حفظ ذاكرة المكان بطريقة فولكلورية تهم الانثروبولوجيين. لكنه عندما يتحدث عن مدرسته ومدرسيه في مدارس وكالات الغوث وشقاوات الصبيان وصباه قرب البحر يكون اقرب للحقيقة، لان اشدود وان مر بها في زياراته الاخيرة، حيث اصبحت مستوطنة للمهاجرين الروس، لم تعد الا صورة من الماضي. في المخيم يحدثنا عطوان عن اثر النكبة على والده، فالرحلة من القرية الى اللامكان، حولت طبيعة كفاح الفلسطيني من مواجهة القادمين الغرباء في القرية الى مواجهة الحياة ومتطلباتها، لا يعني هذا نسيان الهم الاكبر وهو المشاركة في تحرير فلسطين. يقول عطوان انه ورث الكثير عن والده ا محمدب الذي توفي باكرا، القرحة التي وأدت شبابه مبكرا وتقاطيع وجهه، فهو على خلاف اشقائه وشقيقاته لم يرث ملامح امه الجميلة ازريفةب ويقول انه حمل اسمين اعبدالباريب وسعيد فبينهما جاءت هويته. يحدثنا عطوان عن رحلتين قام بهما والده للقرية التي احتلها الصهاينة من اجل الاطمئنان على البيت واخذ بندقيته التي اصبحت مصدر عذاب له عندما سجن وعذب في السجن الذي كانت تشرف عليه الادارة المصرية، وعندما مات الوالد مات حانقا على الاشقاء الذين عذبوه وسجنوه لانه كان يريد الدفاع عن وطنه وحقه. في ذاكرة الصبي يختزن عطوان قصصا عن فولكلور المخيم، شقاوات الصبيان وسرقة حقول الخيار ، و االتشعبطب على اشجار النخيل لسرقة بعض من تمراتها، وانغماس باللعب على الشاطئ والسباحة وهو يقص علينا قصصا فيها من المرح والسخرية المرة عن غياب الفرص واختراع الفلسطيني وسائله للنجاة والتسلية، فهو يتحدث عن عمله مع الصيادين الذين يستخدمون الديناميت لصيد الاسماك ونجاته من سمكة قرش هاجمت قارب صيدهم. وينقل لنا قصصا عن الغيبة والنميمة في المخيم، امرأة سيئة السمعة مع رجال الشرطة سيئي السمعة. ويقول عطوان ان امبروكةب تلك المرأة التي داست على قيم المجتمع تظل امرأة جديرة بالانتباه فهي مصدر اعجاب ليس لتصرفاتها ولكن لشجاعتها. والغريب ان مبروكة قتلت اثناء الانتفاضة لعمالتها وانتهى واحد من ابنائها شهيدا، حيث غسلت شهادته عار الام. وهناك ابله المخيم الذي قتلته رصاصات المحتلين وهو في طريقه لبيت المرأة التي كانت تعتني به على كل االاصعدة.ا

محطة اردنية صعبة

في حياة عطوان اماكن صنعت قصته، المخيم يظل مركزها لكن الاماكن تتحول الى مدن واولى هذه الاماكن كانت عمان، عاصمة الاردن التي ذهب اليها لاكمال دراسته الثانوية، ووقع من اجل ذلك على بيان بعدم العودة لرفح ان اراد الخروج من القطاع، ويتحدث عن رحلة الخروج للعالم فبمجرد مغادرته المخيم دخل عالما مختلفا هو عالم المدينة الذي سيصنع حياته، وتبدو مدن الضفة ومدن الخليل جديدة عليه. وعلى خلاف كتاب المذكرات يتجاوز رحلة اجتياز الجسر بين الضفة والاردن، ونجده في عمان يسكن مع العمال والسخرة في غرف كئيبة غير صحية، ومع ان ذاكرته عن عمان ليست جميلة اذ فيها شعر بصعوبة التحرك كفلسطيني وعمل في مصنع للطماطم االبندورةب وهو عمل متعب ومرهق للنفس والجسد، ثم عمله في بلدية عمان في رش المبيدات، الا أنه في عمان تفتح على عالم القراءة مما عزز فكرته في ان يصبح صحافيا وهي الفكرة التي عبرت عندما انتقلت العائلة من دير البلح الى مخيم رفح بعد وفاة والده حيث اصبح رب العائلة نظرا لغياب شقيقه الاكبر عبدالفتاح في السعودية. عاش عطوان في عمان في وقت كانت فيه الثورة الفلسطينية مركزية في حياة البلد، وهو ان كتب عن تاريخ الثورة هناك الا انه لا ينقل الا حسا بسيطا عما كان يجري في هذا البلد، من نزعات ثورية والتي جاءت بعد ان اعلن الملك حسين قولته الشهيرة اكلنا فدائيونب بعد انتصار الكرامة. ومع ذلك يشير الى اعجابه بالفكرة التي كان يدعو اليها مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الدكتور جورج حبش، حيث شهد تدريبات لبعض عناصرها في مصنع الحلويات الذي عمل به سائقا وموزعا للحلويات على دكاكين العاصمة. لكن اهم ما يميز رحلته في العاصمة الاردنية حديثه عن غزل البنات وكونه مركز اعجابهن خاصة في ايامه الاخيرة، والانفتاح هذا يختفي عندما يرحل الى مصر، حيث لم تكن هناك امامه فرصة لاثارة اعجابهن، فهن اي البنات من عائلات غنية، ومن جنسيات عربية مختلفة، وهو لم يكن مهتما بالحديث معهن الا كزميلات في الجامعة. بعد عمان يرحل عطوان للاسكندرية لفترة حيث يكمل دراسته هناك، ويتحدث بمرح عن مصر الناصرية التي قدم فيها نفسه كثوري، وكيف ظل ناصر رمزه في الامس والآن وغدا، وكيف القى خطابا نيابة عن الثورة الفلسطينية في ساحة التحرير ، ودراسته في مدرسة االعروة الوثقىب التي لم تكن الا صورة ممسوخة عن مدرسة الاصلاح الاسلامي التي دعا اليها الافغاني وعبده. في الاسكندرية، مدينة التنوع يعيش عطوان لحظة وفاة االزعيمب جمال عبد الناصر، فقد كان لحظة اعلان الوفاة في السينما يشاهد افلاما عندما دخل شخص اخذ يعنف المشاهدين لانهم يتمتعون والزعيم اماتب.

القاهرة كانت المحطة الثالثة او الرابعة من رحلة عطوان، حيث كان طالبا في جامعتها في قسم الصحافة، جامعة القاهرة، وفي مدرسة الصحافة يتدرب في مجلة االمصور'، ويختار تغطية النجوم واخبار الفن لدهشة المسؤول عن تدريب الطلاب، والذي كان يعتقد ان كل فلسطيني يحب ان يكون سياسيا. في القاهرة يعيش بعض الشقاوات البريئة مثل دخوله النادي الليلي للاستماع لعليا التونسية، وكيف قامر بمصروف شهر لحضور حفلة لفريد الاطرش، لكن القاهرة بمرح سكانها تظل مكانا اجمل من عمان كما يشي سياق السيرة. في العاصمة المصرية اكتشف عطوان أنه موسيقار فاشل عندما حاول تعلم العود على يد استاذ مشهور في العود، مع انه يقدم صورته بطريقة نمطية، ويركز على كرشه وعمامته كما اكدتها افلام تلك الفترة.

نهاية دراسة كل طالب الجامعية وحمله الشهادة، تعني بداية مرحلة جديدة لكل طالب، الا الفلسطيني الذي لا يعرف ما هي محطته الثانية، وعلى خلاف تبادل العناوين والارقام ليس للفلسطيني عنوان، وهو ما واجهه عندما طلب استاذه فؤاد شهاب عنوانه، فلم يكن لديه عنوان، وكان راغبا في اكمال دراسته العليا في الجامعة لكن الامن منعه، ومن هنا لم يجد الا السفر االهريبةب الى ليبيا في رحلة طويلة كسائق رجل اعمال مات سائقه. كانت ليبيا اول مرحلة في عمله الصحافي ويذكر انه عمل في الصحافة بسبب مقال عن ايران وبروز اصحاب العمائم السوداء، والذي نشر في الصفحات الاولى بسبب تغير الموقف الرسمي الليبي من الشاه، لكن الحياة الصحافية في ليبيا لم تكن مثالية لصحافي شاب ففيها من القيود ما فيها، وتدخل الجهات العليا، ومن هنا قرر السفر لجدة، التي كانت حجرا اخر في عمله الاعلامي، فهو وان لم ينجح في البداية الا باعطاء دروس خصوصية لاميرة سعودية الا انه عمل في صحيفة االمدينةب التي شكل فيها رؤيته، لكن جدة مثل اي مدينة عربية ليست مدينة مثالية للعمل الصحافي. وجاءت الفرصة من خلال العمل في صحيفة عربية ستصدر من لندن، حيث تلقى عرضا قبله بعد تردد وبناء على نصح احد معارفه الذي قال له ان لندن تظل احسن من اي مدينة عربية. جاء عطوان للندن، وعمل في الصحيفة الجديدة لكنه تركها بسبب خلاف على طريقة تغطية الانتفاضة، ففوز فريق كرة انكليزي كان اهم من توعية الناس بما يجري لاطفال الحجارة. وبعد استقالته من الصحيفة عمل عطوان مديرا لمكتب االمدينةب في لندن. لكن العاصمة البريطانية هي التي تركت اثرها عليه، في مجال الرؤية والطريقة التي نظر فيها للامور وهي المدينة التي اتخذها موطنا له. ويقدم هنا نظرات عديدة عن الصدمة الثقافية، ووحدة الغريب فيها وحياة العازب ومحاولته للدراسة، وعلاقاته الشخصية مع صديقين من اصدقائه الخلص، بكر عويضة وعادل بشتاوي، وهو لا يكشف الا ما هو ضروري عن خفايا العمل الاعلامي. وفي مركز هذا يكتب تاريخ مولوده االقدس العربيب التي ولدت اخداجاب ثم تطورت وعملت على اختراق السياج المفروض عليها كونها صحيفة اتغردب خارج السرب، وكيف ولدت من نقاش على هامش المؤتمر الوطني الفلسطيني، في الجزائر عندما طرح الفكرة وليد ابو الزلف، من جريدة االقدسب المقدسية. ولم تكن الصحيفة في مسيرتها التي قاربت العشرين من دون مصاعب، فقد صعدت جبلا شامخا، قابلت في اثنائه مشاكل من محصلي الضريبة، ومن الدعاوى القضائية ومن التهديدات من جهات متعددة، ويشير الى تهديدات تلقاها من الامن الاردني بان ذراعه طويلة، قادرة على الوصول اليه واخرى من الامن السوري، وثالثة من منظمة كوكلوكس كلان العنصرية الامريكية التي تخصصت في قتل السود، ويشير الى الشائعات التي تنتشر عن دعم صدام حسين له، ويقول انه التقى مع القائم باعمال السفارة العراقية في لندن مرة، مظفر امين في عشاء، وعرض مساعدة الجريدة ماليا، الا انه رفض العرض. ويشير لمشاكل التوزيع والطاقم الصغير واهم اازمةب عانتها الصحيفة عندما جاء محصلو الضرائب لاغلاق الصحيفة ووقوف العاملين مع مستقبلها. يقول عطوان انه مارس كتابة القصة في بدايات حياته الصحافية لكنه تركها بسبب انشغاله بالعمل الصحافي مما دعا احد زملائه الى الكتابة قائلا ان القصة خسرت كاتبا مهما. في السيرة الحالية نلاحظ حسا من الدراما والقطع والاقتصاد في التفاصيل والرحيل للمجهول كما في مشهد وصوله طرابلس حيث حمل حقيبته على ظهره وسار للمجهول، كصورة عن طريقة الكتابة الادبية. ظهور عطوان في عناوين الاخبار والصفحات الاولى تأكد من خلال تجربته الصحافية وعبر قناة االجزيرةب وتأكدت اكثر بمقابلته الصحافية مع زعيم القاعدة بن لادن.

لقاء مع بن لادن

لكن القاعدة كانت جزءا من ثالوث اثر على حياته وشهرته وهو ثالوث متناقض عرفات ـ صدام ـ بن لادن. فقد استطاع عطوان التحرك بين اطراف المثلث دون مشاكل الا بعضا منها مع الراحل ياسر عرفات. بن لادن التقاه عام 1996 اما صدام فلم يره اثناء واحد من مؤتمرات القمة العربية في بداية الثمانينات من القرن الماضي انعقد في تونس وعرفات عاش معه وخبره عن قرب وعلاقته معه تعود الى اكثر من ربع قرن، وهو يكتب هنا بثقة عن عرفات،غضبه وطريقته في الادارة وكونه رجل علاقات عامة من الدرجة الاولى، وعرفات الانسان والزوج والمحب، مشيرا الى ان البعض تحدث عن زيجات عرفية للرئيس الراحل وزوجته سها التي لاحظ غرام عرفات بها اثناء رحلة للهند، وعرفات ما بعد اوسلو، الذي وافق على اللعبة لشعوره ان امريكا بدأت تحضر بديلا عنه في الضفة، وعزلته الاخيرة، والاقتراح المصري الذي وضعه عمر سليمان مدير المخابرات المصرية على الطاولة امام عرفات لانهاء حياته السياسية. بالنسبة لصدام لم يلتق به عطوان مع انه تلقى رسائل منه، ودفاع عطوان لا يعني دفاعا عن سجل صدام في الحكم لكن عن العراق الذي يواجه مؤامرة امريكية. ويتحدث عن حرب الخليج الاولى عام 1991 والسبب الذي جعل صدام يمارس العناد ويرفض الخروج من الكويت،في رحلة عطوان للندن، يسجل صورة عن تاريخ العرب فيها، ويكتب عن قريتهم في اايجوارد رودب وعن الخداع الذي كان يتعرض له الاغنياء منهم، وعن النوادي الليلية التي تستورد بنات من شمال افريقيا يتعرضن للاستغلال من قوادين وترمى فيها الاموال هكذا ااذا كان اليونانيون يكسرون الصحون فاننا نحن العرب نشك الدولارات في وسط الراقصات'، وقصة الصحيفة مع راقصة اسمها املايينب التي انتهت بتسوية خارج المحكمة معها. ويكتب عن اليسار البريطاني الذي يبدأ رافضا راديكاليا ثم ينتهي لتبني مواقف المؤسسة الرسمية باستثناء اسماء معينة من مثل ارثر سكارغيل الذي دافع عن الاتحادات العمالية وتوني بن وعن علاقته مع جورج غالواي. وفي هذا الاتجاه يسجل ملاحظة صحيحة ان اليسار العربي ليس بريئاً هو الاخر فهو اما يركب القطار الامريكي او يصبح اسلاميا. واهم ما في قصة لندن، هي ملاحظته لانتشار الاسلاميين في لندن، ومقابلته مرة مع حارس أحد النوادي عندما كان يكتب تقريرا عن السياحة العربية، هذا الحارس صار ابو حمزة المصري، ويتحدث عن السعودية ومشاكلها مع المعارضين الاسلاميين، ومقابلته مع ابو قتادة المعروف في الصحافة البريطانية بكونه اسفير بن لادن في اوروباب وابو مصعب السوري الذي طلب منه ان يكون مراسل الصحيفة في كابول، ويحمد الله انه لم يفعل. ويكتب عطوان عن غرامه بالرياضة وكرة القدم التي اورثها لابنه خالد، وزواجه االتقليديب من رفيقة عمره باسمة وقلقه على اولاده وتقصيره في تعليمهم العربية ورحلة العودة الى فلسطين ثلاث مرات وامنية النهاية هناك قريبا من تراب والده وامه. قصة عطوان استثنائية من ناحية ظروفها وتفاصيلها تركز على جانب الكدح والعمل الدائب ومحاولة الالغاء كما فعلت صحيفة سعودية عندما حجبت صورته التي ظهرت في لقاء وفد من المسلمين للقاء رئيس الوزراء البريطاني السابق. كما يشير فيها الى انقطاع التواصل مع ادوارد سعيد على خلفية فكرة الاقصاء، مع انه لم يفقد احترامه له ككاتب منجز في الادب والسياسة. قصة مليئة بالكثير من التفاصيل، فيها مرح قد يحبه او لا يحبه القراء ولكنها اسيرة فلسطينيةب عاشت على الحافة بين المنفى والعودة، وظلت تحن لرائحة الام والوطن، سارت في متعرجات كثيرة، مدن ووجوه واحداث، ولكنها ارادت التماهي بحلم العالم الممتد كبحر غزة والانحياز للبسطاء والفقراء. في السابق كنت افضل من بين السير الذاتية التي كتبها فلسطينيون ، مهاجرون، مناضلون، منفيون، سيرة ابو اياد افلسطيني بلا هويةب التي كتبها بالتعاون مع اريك رولو، وسيرة او يوميات المربي والفيلسوف خليل السكاكيني اكذا انا يا دنياب التي ارتبطت بمراحل تكويني وسأضيف اليهما سيرة عطوان اارض الكلماتب.

* ابراهيم درويش

' كاتب من اسرة 'القدس العربي'