اللعبة السياسية!
بقلم/ محمود الحرازي
نشر منذ: 9 سنوات و 5 أشهر و 12 يوماً
الثلاثاء 04 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 09:19 ص

في حين يطالب المختلفون والمغرضون بحكومة كفاءات وطنية عبر تعيين وزراء من ذوي الكفاءات بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية يظهر تناقضهم والغرض الحقيقي لمثل هذه الازمات, حيث وان رأس هرم هذه الحكومة محكوم بالتقاسم بين رؤساء الاحزاب السياسية والتنظيمات المسلحة المشكلون لها.

تتملك زعماء الاحزاب والتنظيمات المكونة لهذه الحكومة هواجس الخوف والاختلافات التي سرعان ما تنتقل عدواها الى وزراء كل حزب من الاحزاب المشكلة للحكومة تجاه وزراء الاحزاب والتنظيمات الاخرى, خاصة اذا علمنا ان الاتفاق على تفويض رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لم يكن على اساس مخطط ومنظم, بل جاء نتيجة استجابة او للرد على اجتماع مجلس حكماء اليمن كما ادعى منظموه.

لم تقتصر هذه الهواجس والاختلافات بين زعماء الاحزاب والتنظيمات السياسية, بل سرعان ما تنتقل عدواها بين وزراء كل حزب الى الحد الذي تفشت حتى بين افراد المجتمع لدرجة قد تجد مناصري الاحزاب من افراد الشعب يختلفون لاختلاف زعماء الاحزاب والعكس.

فرئيس حزب المؤتمر يختلف مع زعماء الاحزاب والتنظيمات الاخرى المشكلة للحكومة, وتتملكه هواجس الخوف من معظمهم, وتتفاوت نسبة تقبله لحزب او تنظيم مسلح حسب المصلحة المشتركة التي غالبا ما تكون في شكل تحالف سري للاطاحة او تصفية خصوم معينين من افراد الحزب الاخر, وينطبق نفس الامر على بقية الاحزاب والتنظيمات الاخرى.

تظل الشكوك قائمة وتخيم على قدرة رئيس الجمهورية ورئيس وزراءه الجديد على تحقيق النجاح في ظل الاختلافات وهواجس الخوف من الاخر التي تدب في نفوس الاحزاب والتنظيمات الاخرى في الحكومة المرتقبة والمشكلون لها ولا تلبث ان تصيب عدوى هذه الاختلافات بعض ان لم يكن كل وزير حزبي ليصبح اداة لتنفيذ امزجة ورغبات وقرارات زعيم حزبه حتى لو كانت اعوج من ذيل الكلب.

في الواقع فوجود حزبين سياسيين, وتنظيمين احدهما مسلح, والاخر مناهض, فضلا عن الحقائب الوزارية التي تتبع رئيس الجمهورية في تعيين وزرائها, يدل دلالة واضحة على التقاسم وان الحكومة المرتقبة كما كانت سابقتها تحكم بعدد احزابها وتنظيماتها وليس رئيس حكومتها فقط, مما يجعل فرص نجاحها ضئيلة ولا مناص من فشلها الا بتغليب مصلحة الوطن لدى رؤساء الاحزاب انفسهم وليس اعضائها.

في مجملها ليست اكثر من مجرد لعبة حزب او تنظيم يطمح الى محاولة فرض وزراء تابعين له بغض النظر عن انتمائهم لهذا الحزب او ذاك, وربما من اجل هيكلة التشكيلة الحكومية السابقة نظرا للضعف الواضح لدى رئيس الدولة. هذا الحزب او التنظيم هو من اطلق بالونة مجلس حكماء اليمن لاختبار مدى الاستجابة لفرض آرائه, وهو من يحاول ان يحرك الدولة والحكومة وفقا لمعتقداته وافكاره ومن وراء ستار.

فوضى واكثر تعانيها الدولة اليوم ويتأثر بها الشعب تأثرا بالغا. فنحن عائشون في نوع من التفاهة والفراغ السياسي والفكري والاخلاقي في ظل غياب البديل كما يقال ويشاع بل ويفرض علينا, في حين تستمر المحطات التلفزيونية العربية والعالمية ببث صور باعثة على اليأس والشعور بالاحباط التام, ليس في بلادنا فقط بل في اكثر من دولة.

والى آخر المأساة التي لا حاجة لسردها, ويشعر كل واحد منا بأنه متفرج على الاحداث لا غير, فعليه ان يؤمن اولا لقمة العيش وكل مشاكل الحياة اليومية, ويتساءل الكثيرون ما الرأي الذي يدور في اذهان الناس نتيجة الوضع الذي يرثى له. مع رئيس الدولة ام ضده؟ ام مع الحكومة او ضدها؟ ام مع الاحزاب والتنظيمات السياسية ام ضدها؟ هذه هي الصرخة التي لم نجد لها جواب الا سخافة مئات الندوات واللقاءات والمؤتمرات التي لم ينتج منها أي حل او بديل.