سفاح صنعاء ..القاتل المتسلسل
بقلم/ طارق عثمان
نشر منذ: 10 سنوات و 5 أشهر و 26 يوماً
الإثنين 30 سبتمبر-أيلول 2013 04:22 م

في عالم الجريمة هناك ما يسمى بالقاتل المتسلسل أو الـ Serial Killer وهو شخص إقترف على الأقل 3 جرائم قتل منفصلة عن بعض بفاصل زمني مدفوعا بغريزة الإشباع النفسي والحصول على الإهتمام أو الإنتقام و يكون هناك رابط بين الضحايا من ناحية الفئة العمرية أو الجنس أو العرق أو المظهر وربما تتشابهة طريقة أو أداة تنفيذ الجريمة 

عرف هذا العالم الكثير من القتلة تخصصوا في الأطفال أو النساء أو كبار السن أو المنتمين لعرق معين أو بينهم رابط من نوع ما.

وكان التشابه في طريقة تنفيذ الجريمة أو بين الضحايا دائما ما يقود للسفاح ، إلا في اليمن فلأكثر من 3 عقود و ضحايا السريال كيلر وصلوا بالمئات و لم يتم القبض عليه رغم أن شخصيته معروفه ولا تحتاج لشارلوك هولمز ولا للأنسة ماربل أو هرقل بوارو ولا حتى كونان للكشف عنها.

يئوب السفاح إلى قبوه الرئاسي يوميا ليحتسي قهوة المساء ويقرأ الصحيفة ويقهقه ملىء شدقيه وهو يرى التعازي بضحايا اليوم المنصرم . ثم يبعث بخطاب سخرية من السلطات القائمة مثلما كان يفعل زودياك الذي يراسل الصحف بهذا الاسم المستعار متوعدا بالمزيد .لكن كمثل كل الضحايا هم أقل ذكاء من كل القتلة المتسلسلون فرغم الرسائل المشفرة التي يرسلها عن جريمته وموعدها بل عن ضحيته التالية لكن يقع الضحايا في حبائله دائما على مدار سنين كونهم غير قادرين على فك التشفير.

يوم الجمعة كتبت على صفحتي في الفيس بوك منشورا أقول فيه (تضامننا مع أسرة العقيد الذي سيتم اغتياله غدا) ... حذرني بعض الأصدقاء من هذا المنشور كانوا يمزحون بالطبع حين قالوا أن هذا سيشكل إدانة لي إن حدث شيء بالطبع

كنا جميعا صباح السبت على موعد مع جريمة اغتيال عقيد في حضرموت صعق البعض وهرع يكتب عن منشوري قلت لهم المسألة ليس فيها نبوءة بل هي توقع لحدث أصبح معتادا وسيستمر الحال في الأيام القادمة ، نحن أمام قاتل متسلسل ببساطة .

مرت 24 ساعة و سقطت ضحيتان عسكريتان إخريتان صباح الأحد إحداهما في تعز والأخرى في صنعاء .

ابتسم السريال كيلر لقد فاجأني وغير وتيرة نشاطه فأصطاد شخصيتين عسكريتين في يوم واحد .

مئات العقداء سقطوا بشكل شبه يومي و ما قلته لم تكن سوى ملاحظة عابرة يمكن أن تلفت نظر أي شخص يقرأ أخبار اليمن يوميا .

هناك قاتل متسلسل وهو يرتكب جرائمه في فترات زمنية قصيرة للغاية الهدف واحد والوسائل تتشابه في كل فترة زمنية بدأها بسيارات الهيلوكس وانتقل للطائرات وأخيرا الدراجات النارية .

و لفترة من الزمن كانت الحوادث على الخطوط السريعة هي الأسلوب المفضل للرجل الغامق ، كانت زوجته أحد ضحايا هذا الأسلوب وكان مدير جهاز مخابراته على موعد في 15 يناير 1981 على جبال مناخة مع 19 رصاصة اخترقت سيارته وجسده بعد محاولتين فاشلتين في نفس الطريق وكان مستشاره على موعد مع حادث مروري مدبر في طريق عدن في 13 يناير 2003 أما مستشاره الآخر أبو شوارب فكان الموت ينتظره بعد ذلك بعام في 17 فبراير 2004 م في حادث مروري مدبر في منطقة عبس و تثار الشكوك حول استهداف آخرين منهم الشيخ الأحمر المروري في السنغال.

كان الرابط بين هؤلاء يشبه الرابط بين ضحايا هنري هوارد شيطان شيكاغو الذي بنى فندقا وبدأ في قتل العمال الواحد تلو الآخر للإحتفاظ بالتصميم السري للفندق الذي احتوى على العديد من الممرات السرية والأبواب والسلالم الخفية ثم انتقل لنزلاء الفندق حتى وصل العدد إلى 50 ضحية خلال 4 سنوات فقط.

لم تكن حوادث الأرض وحدها هي ما يحبه السفاح بل حوادث السماء أيضا.

ففي مشهد يليق بأخيه كانت الهيلوكابتر تنفجر كمفرقعة في حفل كرنفالي فوق حضرموت لتقتل أشخاص بدأوا في المناكفة و المطالبة بمزيد من الكعكة وزادت ثرثرتهم حول جريمة القتل الأولى لهانيبال ليكتر صنعاء التي راح ضحيتها الشهيد الحمدي بعد تلك الجريمة تحول القتل هوسا يشبه هوس جزار روستوف الذي بدأ القتل بطفلة وقفت ضد نزواته ليقتل خلال 12 سنة 53 طفلا وامرأة .

بقيت الطائرات طريقة محببة يلجأ إليها بين الفينة والأخرى كلما أحب أن يلف جريمته بالبهرجة الإعلامية .

بعد الثورة تحول سفاح صنعاء إلى killer clown أو السفاح المهرج الذي يضحك الأطفال نهارا ويقتلهم ليلا . تحول السريال كيلر للموتورات كوسيلة للقتل تصادر بشكل شبه يومي حياة شخص أو شخصين من كبار الضباط . يضحكنا بتصريحاته وتحركاته البهلوانية ثم يختطف قياداتنا العسكرية الواحد تلو الآخر

يستمر الرابط موجود بين الجرائم المتسلسلة وهي أن الضحايا هم أشخاص يقفون ضد طموحات القاتل المتسلسل

في 28 ديسمبر 2002 كان مهندس اللقاء المشترك الشهيد جار الله عمر يتلقى الرصاصات أمام العالم في جريمة هزت اليمن كلها .

نجح اللقاء المشترك رغم الجريمة وبقي قادة اللقاء هدفا للقتل فتعرض الدكتور عبد الوهاب محمود رئيس المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك لوابل من الرصاص أمطر سيارته في شارع مجاهد قيل حينها أن الحادث مروري !!! الهايلوكس كانت على موعد مع سلطان العتواني الأمين العام للتنظيم الوحدوي الناصري في جولة الكميم ، وفي يوليو 2011 كانت سيارة اليدومي هي الأخرى على موعد مع الرصاص .

كان الصحفيون مزعجون جدا وتم إخراس البعض سقط عبد الحبيب سالم و عبد الله سعد وعبد العزيز السقاف صرعى .

عرف الرجل السلطة مع ولادة كازبرس بيتروفس القاتل المتسلسل في جمهورية لاتفيا أي في عام 1978 م

تخصص كازبرس في قتل العجائز فقط وهو ما يفعله سفاح صنعاء فهو يتلذذ بقتل كل فترة باستهداف أحد كبار السن من القادة السياسيين والعسكريين والأمنيين .

الجريمة مستمرة والسكوت مستمرا في اليمن وكأننا جزء من فلم صمت الحملان .

قبل 8 سنوت كتب الاعلامي اللبناني زاهي وهبي قصيدة بعنوان فخامة القاتل

قال زاهي في مطلع قصيدته

من التالي؟

سؤال بتنا نطرحه على أنفسنا كل لحظة.

مَن منّا سوف يودّع مَن؟

مَن منّا سوف يضيء شمعة لمَن؟

مَن منّا سوف يزرع وردة على اسم مَن؟

وراء نعش مَن سوف نسير غداً؟

أي أمّ سوف تنزوي في ثياب الحداد؟

أي زوجة سوف يطفح كيل حزنها وأساها؟

أي ابنة سوف تقطف وردة لروح أبيها؟

قبل أن تغرب شمس اليوم الإثنين ربما توافينا الأخبار بخبر مقتل شخص جديد وربما يتأخر الأمر ليوم آخر قريب جدا لكن ستتواصل الجرائم و سيتواصل سقوط الضحايا وسيتواصل السكوت المذل من قبل السلطة عن السفاح .