آخر الاخبار

اليابان تقر ثاني أكبر ميزانية لها والإنفاق على الدفاع أبرز المؤشرات الولايات المتحدة تعرض 10 ملايين دولار مكافأة مقابل معلومات عن القطة السوداء بعد التوترات في البحر الأحمر.. سفن حربية روسية تدخل على الخط معارك شرسة في غزة ليلاً... والضربات الإسرائيلية تسقط 66 قتيلاً بعد 6 مجازر خلال 24 الساعة الماضية .. غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة القصف الإسرائيلي رئيس مقاومة صنعاء الشيخ منصور الحنق يوجه مطالب عاجلة للمجلس الرئاسي بخصوص جرحى الجيش الوطني .. والمقاومة تكرم 500 جريح تفاصيل يوم دامي على الحوثيين في الضالع وجثث قتلاهم لاتزال مرمية.. مصادر تروي ما حدث في باب غلق بمنطقة العود اليمن تبتعث ثلاثة من الحفاظ لتمثيل اليمن في المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته بجيبوتي قصة موت جديدة تخرج من سجون الحوثيين.. مختطف في ذمار يموت تحت التعذيب ومنظمة حقوقية تنشر التفاصيل واحصائية صادمة حملة إلكترونية لإحياء أربعينية مدير دائرة التصنيع الحربي اللواء مهندس حسن بن جلال

مصر في النفق المظلم
بقلم/ مصطفى راجح
نشر منذ: 10 سنوات و 7 أشهر و 10 أيام
الجمعة 16 أغسطس-آب 2013 04:22 م

بهذه المجزرة ضد الإنسانية تفتح سلطة الانقلاب البوليسية أبواب النفق المظلم أمام مصر. بهذا الصلف المتوحش تهيئ السلطة البوليسية الغاشمة الأرضية في المنطقة كلها للعنف والإرهاب. المسألة ليست اختيارا أو تهديدا من قبل جماعة الإخوان بل قراءة للواقع المادي الملموس. فعندما تستهين بحق الناس في الحياة وتقصف أعمارهم بدم بارد فانت تزرع الأرض بالكراهية والحقد والانتقام. وعندما تغلق أبواب النشاط السياسي السلمي وتلغي حق الناس وحرياتهم في الاحتجاج والاعتصام والتعبير السلمي عن توجهاتهم وآرائهم فانت تعلن بالفم المليان سيادة قانون القوة وأخلاق الغابة. فعلى أرضية اليأس والقهر والظلم والإقصاء لا تنمو سوى بذور الكراهية والحقد والعنف والانتقام. فلا تستغربوا غداً أو بعد غد عندما تنمو تنظيمات العنف والإرهاب وتتضاءل تيارات النشاط السياسي السلمي. هذه امكانية قائمة واحتمال ينبغي أن نتوقعه ويتوقعه أي قارئ للواقع ونتائج التوجه الوحشي السائد الان في القاهرة وبقية المدن المصرية. ومن يتطلع لعالم عربي تسوده الديمقراطية والعدالة والحريات عليه ان يرفع صوته الآن ضد مجزرة قتل المعتصمين في القاهرة. السكوت على هذه الوحشية لا معنى له سوى قبولنا بخلع انسانيتنا ومباركتنا لعهد جديد من القمع والوحشية ًوالبوليسية والظلم والقهر أسوأ بكثير من الذي تصورنا أننا تجاوزناه في 2011.

***

الاستئصال والاجتثاث لن يقتصر على الإخوان بل سيشمل أمن مصر واستقرارها. دعكم طبعا من الكائنات المجهرية والتكوينات الصالونية ؛ فهذه لا تحتاج الى اجتثاث لان صوتها العالي الان في زفة الانقلاب يؤشر الى حاجة السلطة البوليسية للبراويز والاطارات ولا يؤشر الى ثقلها على الارض وتأثير تياراتها.

تجارب الاجتثاث والاستئصال مريرة وصفحاتها سوداء ومظلمة في التاريخ القريب والبعيد. السلطة البوليسية الجديدة / القديمة في مصر تفتح أبواب الجحيم أمام البلد الطيب المسالم. هذه الاستهانة بحق الناس في الحياة وقتلهم بهذه الوحشية لمجرد أنهم قرروا الاعتصام والتعبير السلمي عن توجهاتهم السياسية تحول الوطن الى غابة. الاستهانة بحياة المعتصمين وقصف أعمارهم بصلف مقيت وغرور قبيح يستدعي من جديد قانون القوة الغاشمة ليسود في حياة مصر كلها.

***

أثبت الإخوان المسلمون أنهم أكثر انحيازاً للديمقراطية والحرية من اللذين يجعجعون بها ويسوقون أنفسهم تحت عناوينها. هذا المشهد الملهم للجموع التي تتمسك بإرادتها السلمية في مواجهة القنص والقنابل والمجنزرات يصنع التاريخ العربي الجديد. تاريخ الشعوب الحرة وليس تاريخ السلطات المستبدة. تاريخ الشعوب الحية وليس تاريخ النخب الصالونية. تاريخ الفقراء الأحرار المتطلعين للديمقراطية والحرية والعدالة وليس تاريخ المحتكرين الطفيليين للتجارة والثروة والسلطة والنفوذ. تاريخ الكرامة والحرية والعدالة وليس تاريخ القتلة واللصوص والبلطجية والنخبوية.

***

لم يختبئ قادة الإخوان في بيوتهم، في الصالونات المكيفة. لم ينقلوا زوجاتهم وأبناءهم وبناتهم وذويهم الى الأماكن الآمنة أو يسفروهم خارج مصر. بل نزلوا بأجسادهم وأولادهم وبناتهم وأهلهم وأقاربهم الى ساحات الاعتصام السلمي. نزلوا ليرفعوا راية الحرية والكرامة والديمقراطية في مواجهة القوة الغاشمة والسلطة البوليسية والانقلاب العسكري. نزلوا وهم يدركون جيداً أنهم جميعا يخاطرون بحياتهم أمام سلطة غاشمة لا تقيم للحياة وزنا ولا للقانون اعتبارا. سلطة أتت لتقويض الديمقراطية الوليدة والحريات الجديدة التي أنجزتها ثورة 25 يناير ؛ بل والاستهانة بالحق المقدس ؛ حق الحياة ؛ الذي أجمعت على تقديسه كل الديانات والقيم والمواثيق والأعراف القديمة والجيدة.

نزلوا من أجل الكرامة والديمقراطية والحرية. مستندين الى مخزون قيمي وحضاري كبير يختزنه الإسلام وتزخر به قيمه ومبادئه ومضامينه الإنسانية التي تتجاوز العرق واللون واللغة لتحلق في رحاب البشرية كلها.

وعلى الأسفلت سال دمهم جنبا الى جنب وكتفا بكتف لا فرق بين قائد أو عضو عادي أو مشارك في الاعتصام من خارج الجماعة أتى انتصارا للمبدأ وليس استجابة للانتماء.

هذا المشهد النادر وهذه الارادة الصلبة والتضامن الإنساني تحت راية الحرية والديمقراطية يؤسس لوطن جديد. هذه التضحيات تبهرنا وتبشرنا بمستقبل أفضل حتى وان كان الواقع عابس في ظلامه ، والمستقبل لا يرى سوى من كوة الضوء البهي التي يصنعها شهداء الحرية في كوة صغيرة من الوطن العربي الكبير اسمها رابعة العدوية وميدان النهضة.