صالح و السلطة .. وهم العودة من بوابة الحوثية
بقلم/ يوسف الدعاس
نشر منذ: 10 سنوات و 9 أشهر و 15 يوماً
الثلاثاء 11 يونيو-حزيران 2013 04:45 م

حين اتجه نظام الرئيس السابق علي صالح إلى دعم ميلشيات الشباب المؤمن في صعده كانت الأغراض المعلنة من ذلك الدعم هو تحجيم نفوذ التيارات الإسلامية تحديدا حزب الاصلاح والتيار السلفي الذين كانا يسعيا الى التمدد الطبيعي في تلك المنطقة كبقية مناطق اليمن وخاصة المناطق القبلية حيث تعد بيئة خصبة للعمل الإسلامي وهو ما فطنه رواد هذه التيارات منذ وقت مبكر وهو ما كان يستشعره الرئيس السابق ويحسب له حسابه

حيث كانت صعده ولأهميتها التاريخية والسياسية والجغرافية تمثل أرضية خصبة (الى جانب تربتها الخصبة التي تنتج كل أنواع المزروعات) لأي نشاط فيها والدليل على ذلك هو ان الإمام الهادي حين دخل الى اليمن اتخذ من صعدة منطلقا لدعوته في الفكر الهادوي ، وكذلك جماعة السلفيين وشيخهم الراحل مقبل الوادعي نجحا في جذب الكثير من الأنصار من قبائل تلك المناطق كدماج وكتاف وغيرها الى صفوفهم وهو ما كان ينبئ عن توسع نفوذ التيار السلفي والتيار الإصلاحي الى حد ما هناك على حساب التيارات الأخرى وهو ما جعل رموز النظام السابق يستوعبوه ويتجهوا الى تقديم الدعم للأضداد للنفوذ السلفي والإصلاحي المتشكل من جهة ، ومن جهة أخرى صنع فزاعة مخيفة للجارة الشقيقة حيث موقع صعدة على الحدود واختلاق بؤرة صراع عقائدي عميق يغذي التوجه نحو توريث الحكم ويقضي على العقبات أمام هذا الطموح الغير المشروع وكسب الدعم الإقليمي باللعب على المتناقضات وضرب عصافير متعددة بحجر واحد .

واندلعت بعد ذلك حروب صعدة الذي بدأت في جزء من مديرية ، ثم في عدة مديريات ومناطق ثم توسعت الى محافظات مجاورة لتصل في الحرب السادسة إلى المناطق المتاخمة لأمانة العاصمة في بني حشيش وغيرها من مديريات صنعاء .

حيث قدم النظام لهذه الجماعة بالتواطؤ والدعم الخفي مختلف الأسلحة المتوسطة والثقيلة وسلم لها ألوية بكامل عتادها أدى الى تقوية نفوذ هذه الجماعة ليتزامن مع تراخي قبضة السلطات نتيجة الفساد والاستبداد وظهور مؤشرات انهيار البلد حيث بدأت التحذيرات الدولية وبدأت المنظمات التحذير من انهيار وشيك وصل الى القول على لسان مسئولة في منظمة أجنبية تعمل في اليمن : ( لم يعد أمام اليمنيين إلا ثلاثة خيارات هي : الثورة أو الهجرة أو الموت .

تواصل الدعم المادي والمعنوي من داخل أجهزة الدولة ومن الخارج وبدأت إيران الدخول الى خط اللعبة التي أصبحت إقليمية بدخول السعودية حرب مع هذه الجماعة واكتسابها صيت الشهرة بهزيمة جيشين نظاميين بوقت واحد أشبه بأسطورة حزب الله في سوريا وهو ما حدث بفتح النظام السابق القنوات الرسمية الدبلوماسية حين ذاك لتسهيل التواصل معها وهو ما كان حيث لا تستطيع الجماعة التحرك بغير القنوات الرسمية للدولة لابتزاز الجوار

ومع انطلاق الثورة الشبابية السلمية التي أجهزت على ما تبقى من منسأة النظام البالي المتآكل كنتيجة طبيعية لامتلاكه جذور السقوط والانهيار التي كان يحملها في جيناته وخرج صالح من السلطة ومثل خروجه نهاية للنظام الذي كان يعتبر نظام فردي استبدادي لا يرتكز على مؤسسات وإنما على قرارات الرأس الحاكم وانفرطت من أيديه خيوط اللعبة السياسية هذا بدوره فتح الباب واسعا أمام كل التيارات والجماعات بلا استثناء للظهور كنتيجة طبيعية لأفق الحرية الرحب الذي خلقه مناخ الثورة .

فالتيارات السلفية أنشأت لها أحزاب سياسية ، والأحزاب القومية فك عنها الحصار الذي كان مفروضا عليها وضخت فيها دماء شبابية جديدة وظهرت أحزاب سياسية جديدة برؤى مختلفة ، وتوسعت أحزاب سياسية وظهر ثقلها الكبير كما هو حال حزب الإصلاح وتوسعت جماعة الحوثي التي استفادت بأكبر قدر مع احتفاظها بأدواتها التقليدية الغير سلمية في التوسع والسعي لفرض النفوذ واستخدام العنف ضد المخالف لها في الرأي في أكثر من منطقة وحدها من استمرت هذه الجماعة بعلاقتها وخطوط تواصلها وإمداداتها مع رموز النظام السابق وتارة تخفي هذا التحالف وتارة تظهره حيث التقت الأهداف للوصول للسلطة بأي ثمن كان وبين أمنيات رموز النظام السابق للعودة للسلطة بالتحالف وظهرت لقاءات الرئيس السابق مع الدكتور عبد الملك المتوكل ومع الأستاذ حسن زيد زعيمي حزبين رئيسيين ضمن أجنحة المشترك اتضح للجميع مدى التحالف الوثيق والاستراتيجي بينهم وبين رموز النظام السابق بغرض ضرب اللقاء المشترك ومن هنا يمكن الذهاب الى تفسير الدكتور ياسين سعيد نعمان الأخير بقوله أن القوى المعيقة للتغيير نجحت في اختراق المشترك وتمارس العبث من الداخل وهو ما فهمه الحوثيون وترجموه بالإساءة للدكتور ياسين في قاعة مؤتمر الحوار .

وما يمكن فهمه هو التقاء أهداف الطرفين المتصارعين ظاهريا في صعده مسبقا بعد غض الطرف من قبل الحوثيين عن مقتل زعيمهم حسين الحوثي بأمر مباشر من رئيس النظام السابق ولكن الأدوات التي نفذت ممثلة بالجيش الذي تلقى أوامره من القيادة العليا وهو ما يكشف بجلاء الأعيب السياسة وتقلباتها اذ لا ثابت في عالم السياسة وإنما المصالح والمكاسب هي من تحكم .

اليوم وبعد كل تلك الأحداث تتكامل الظروف والعوامل للتحالف بين القوى المتربصة بالتغيير والعملية السياسية وبين القوى المسلحة المتربصة بالسلطة التي تسعى للوصول والانقضاض على السلطة بأي ثمن بعد دخول عوامل إقليمية مساعدة من دعم مادي ولوجستي من ايران وهو ما يسعى إليه الطرفان للوصول الى السلطة بأي وسيلة .

الورقة الأقوى في يد الرئيس السابق حاليا هي الورقة الحوثية المتبقية في يده للعودة منها الى السلطة باعتقاده بعد فقدان أوراق الجيش والقبيلة وورقة الإرهاب التي تبخرت ، وورقة المؤتمر الشعبي العام التي بات على مفترق طرق وينادي بعض أعضائه بإنقاذه من الداخل وإبعاد صالح من رئاسته فهل ستظل دول والسعودية تحديدا تنظر الى التحالف المشبوه والعلني بين صالح وجماعة الحوثي وتتعامل معه كورقة ضغط ضد النظام السياسي الجديد بعد ان لاحظ المراقبون تغيير موقف السعودية من الرئيس السابق والاستقبال الرسمي الذي حظي به على متن طائرة رئاسية إماراتية خاصة ومؤخرا تسريب خبر تقديم دعم مادي له عبر قناة العربية باسم شراء مذكرات الزعيم بمبلغ مليون دولار لبثها حصريا ولا يزال المجتمع الدولي ينظر للحوثيين من زاوية انهم ورقة في يد النظام السابق وهو ما يبدو من خلال تسمية علي صالح وعلي سالم البيض بقرار مجلس الأمن كمعرقلي التسوية باعتبارهما متزعما كل أحداث العنف وضرب الاستقرار ومن ضمنها أفعال الحراك المسلح وجماعة الحوثي .

ما هي الخطوات القادمة للمجتمع الدولي ومجلس الأمن ورعاة المبادرة التي رأوا بالمبادرة الخليجية الحل الأنسب للوضع اليمني برفع يد طهران عنها وهم يشاهدوا العبث واستهداف السيطرة على السلطة بالقوة كما بدأت مؤشراته باستهداف تدمير سلاح الجو وأخيرا بالهجوم على مقرات أجهزة أمنية كما حصل مؤخرا في الهجوم على مبنى الأمن القومي في صنعاء وهل سيقفون مكتوفي الأيدي وهم يرون ممارسات إجهاض العملية السياسية والحوار الوطني القائم كل يوم تتخذ أساليب جديدة وملتوية من داخل العملية السياسية .