قراءة .. للثورة اليمنية
بقلم/ م. عبدالرحمن العوذلي
نشر منذ: 12 سنة و 3 أشهر و 20 يوماً
الثلاثاء 06 ديسمبر-كانون الأول 2011 05:58 م

وصفت الثورة اليمنية من قبل العديد من المفكريين والمحللين والمتابعين بأنها أعظم ثورات الربيع العربي على الإطلاق نظرا لما أظهره الشعب اليمني من رقي وحضارة في ثورته السلمية فقد رفع السلمية شعارا ومازال يحتفظ بهذا الشعار الى اليوم رغم كل محاولات النظام لإستفزاز هذا الشعب بشتى الطرق ،أيضا لما يحتويه اليمن من خصوصيات مجتمعية وقبلية وتوفر السلاح بأرقام كبيرة وفلكية ،كل هذه الأسباب وغيرها جعلت المتنبأيين والمتابعين يتخوفون من شبح الحرب الأهلية والصراعات الداخلية التي يمكن أن تنزلق اليها اليمن في أي لحضة من اللحضات ،الكل كان يحذر من النموذج الصومالي اللذي لطالما رأى اليمنيون نتائجه واقعا ملموسا على الأرض من خلال اللاجئين الصومالين المنتشرين في كل أنحاء اليمن .

 حاول النظام مرارا الوصول الى إقناع العالم بأنه إذا ترك السلطة فالحرب الأهلية هي البديل وبأن ظاهرة الإرهاب ستنتشر وتتفشى وفي ذلك الوقت لن يستطيع أحد السيطرة عليها ، سوق النظام نفسه للعالم بأن لا بديل له على الإطلاق ولكن الرهان كل الرهان كان على وعي الشعب اليمني وتحديدا فئة الشباب التي تملك دفة القيادة في هذه الثورة وبالفعل كان الشباب عند مستوى عالي من الوعي والثقافة وإدراك الامور وعواقبها مما جعلهم يتمسكون في السلمية كحل أوحد للتخلص من النظام البائد رغم كل التنكيل والقتل اللذي واجهوه ولا يزالون يواجهونه بشكل يومي ،الشباب بدوره كان متابعا بشكل لافت لنماذج ثورات الربيع العربي ونتائجها فتونس و مصر لازالت تعاني من الإرتدادات والهزات اللاحقة بالزلزال المستمرة في تصحيح مسار الثورة في كلا البلدين ، النموذج الليبي مرفوضا شعبيا في اليمن لإدراك اليمنيين عواقب ذلك جيدا ، أدرك الكل صعوبة تحقيق النموذج التونسي المصري في اليمن للتوازن العسكري الموجود مما جعل اليمن يملك أنموذجه الخاص به المتمثل في الحل السياسي الناتج عن المبادرة الخليجية المدعومة من كل الجهات الإقليمية والعالمية .

 الأنموذج السياسي إذا ما حقق كل اهداف الشباب وحقق النتائج الطلوبة في التغيير فسيكون أنموذجا يحتذى به فعلا ،وقع الجانبين المبادرة أخيرا بعد سجال طويل ومراوغات سئم منها الشعب اليمني وسئمت منها كل القوى الإقليمية وقد استفاد النظام من المبادرة واستثمرها بشتى الطرق وماطل في توقيعها حتى النهاية حين أدرك انه إما التوقيع أو العقوبات ونحن ندرك أن النظام لم يوقع محبة في الشعب اليمني وإنما خوفا من تجميد الأرصدة التي هددت بها بعض الدول الاوروبية وخوفا من قرار مجلس الأمن في حالة عدم التوقيع ،ومن هنا وقع النظام وبدأت ما يسمى بمرحلة الشراكة وقد حاول النظام تصوير ذلك وكأن الشعب اليمني قد حصل على نصف ثورة وأن كل ما في الأمر هو أزمة سياسية بين المشترك والمؤتمر وانتهت بالتوقيع ،لكن المفاجأة كانت من شباب الثورة حيث إزداد حماسهم وقويت شوكتهم ورأوا في التوقيع ضعفا للنظام وتحقيقا لأول أهداف ثورتهم المجيدة ، هذاالوعي من قبل الشباب لمجريات الأمور بالفعل فاجأالكثير من المتابعين والمراقبين ،لقد ظهر الوعي السياسي لشباب حديث السن لكنه يجيد قراءة الحدث بطريقة فذة وعمق واستراتيجية وفك لشفرات السياسة وأفشل الشباب الثائر كل خطط النظام في إيجاد فجوة بينه وبين قيادات المشترك "الجناح السياسي للثورة "مما جعل ردة فعل النظام في الإتجاه نحو العنف وكالعادة يشن حملة همجية بوحشية على الحالمة التي كانت شرارة الثورة الاولى ولتي لا تزال هي ملهمتها .

نحن مدركون كل الإدراك أن الفترة الإنتقالية ستكون عصيبة وأن النظام سيمارس العنف مجدد وذلك كله لإقحام المشترك وكأنه شريك في العنف ولأن المشترك والمجلس الوطني هو من سيترأس حكومة الوفاق وبالتالي حسب توزيع الحقائب الوزارية فالداخلية من نصيب المعارضة التي بدورها يجب أن تضبط الأمن وتحافظ على سلامة المعتصمين كأولويه عظمى لمهامها القادمة ،من هنا سيتحرك النظام في إثارة القلاقل هنا وهناك ولكن أيضا ستبوء بالفشل حتما وأيضا هنا بالرهان على وعي الشباب اليمني .

Eng.abdulrahmann@gmail.com