آخر الاخبار

شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن أبرز خطوة رسمية لتعزيز الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني في اليمن وزير الأوقاف يفتتح أكاديمية الإرشاد مدير عام شرطة مأرب يطالب برفع الجاهزية الأمنية وحسن التعامل مع المواطنين أردوغان في تصريح ناري يحمل الموت والحرب يتوعد أكراد سوريا بدفنهم مع أسلحتهم إذا لم يسلموا السلاح عاجل: محكمة في عدن تبرئ الصحفي أحمد ماهر وتحكم بإطلاق سراحه فوراً الاستهداف الإسرائيلي للبنية التحتية في اليمن يخدم الحوثيين ... الإقتصاديون يكشفون الذرائع الحوثية الإدارة السورية الجديدة توجه أول تحذير لإيران رداً على تصريحات خامنئي.. ماذا قال؟

الإيدز الجماعي
بقلم/ موسى النمراني
نشر منذ: 12 سنة و شهرين و 3 أيام
الأحد 21 أكتوبر-تشرين الأول 2012 05:04 م
 

أصابنا مرض جعلنا نفكر بطريقة عجيبة، كلنا نريد أن تصل الطريق إلى قرانا ولكن لا نسمح أن تمر من أموالنا، نريد شوارع واسعة في حاراتنا ولكن لا تأخذ من أراضينا، نتحدث عن الشرف والنضال وكيف تموت الحرة دون أن تأكل بثدييها ومع أول ضائقة أو وهم فرصة نحط رحالنا على أبواب من نعرف أنهم لصوص وخونة، نعاني من القمامة أمام منازلنا ولا يقبل احد أن يشارك في حملة نظافة أو أن يدعمها حتى، نصل إلى المسجد المحاط بسيول من المجاري الطافحة لنسمع الخطيب يتحدث عن معاناة إخوة لنا في مكان ما لانعرف جهته من الأرض فلا نفعل شيء لمعاناتهم ولا لمعاناتنا.

نشتم الفساد والمفسدين وفي نفس الوقت ندفع رشوة لنحصل على وظيفة ونشتري كتب مدارس أولادنا من السوق السوداء، وندفع رشوة للحصول على منح دراسية! ونؤمن بوجوب قطع يد السارق ولكننا في نفس الوقت نشتري تلفونات نعرف أنها مسروقة وأحذية نعرف أنها مسروقة وأسطوانات غاز أيضا، نعاني من نقص كتب المدارس ونقص المدرسين فتصدر لنا الوزارة قرار بمنع معاقبة الطلبة .. هل هناك عقاب أكبر من حرمانهم من الكتب والمدرسين؟

تكون أرواحنا حساسة جدا وقلوبنا طيبة ودموعنا قريبة إذا كنا مظلومين ونستغرب كيف يفكر الظلمة وكيف ينامون وكيف يهنأ لهم العيش، ولكن إذا كنا نحن الظلمة نفكر أننا أصلا نصلح أخطاء الحياة وننظر إلى ضحايانا باحتقار، ننسى ما سلبناه منهم ونمن عليهم بأننا لم نأخذ منهم كل شيء.

نبحث عن الخرافة لنتمسك بها ونبحث عن أي سبب لنهرب من حقائق العلم ونتحايل على أذكى برامج الكمبيوتر وفي نفس الوقت نطالب الحكومة بحماية الحقوق الفكرية!

نعاني من غياب الدولة بكل معانيها وفي ذات الوقت نؤلف كتب ونعقد ندوات نحذر فيها من خطر الدولة العلمانية وكأننا في دولة الخلافة الراشدة !

نطالب النساء بالعفة ونعاكسهن في الشوارع والتلفونات والفيسبوك ونقول في القانون أن من قتلت شخصا دفاعا عن شرفها لا عقوبة عليها وحين تدافع المرأة عن شرفها نحكم عليها بالإعدام!

أمامي الآن قضيتان في هذا الموضوع بالذات الأولى تعرضت لاعتداء لكنها دافعت عن نفسها وقتلت الشخص المعتدي، لكنها الآن متورطة في السجن ومحكومة بالإعدام والسبب الوحيد أنها امرأة، والقضية الثانية فتاة اختطفت من الشارع العام مع والدتها أمام الناس في النهار ونقلهما الخاطف من الباص إلى باص آخر وتعرضتا للضرب ، ربط الخاطف الأم إلى شجرة في مكان مفتوح، في الوقت الذي اغتصب فيه ابنتها أمام عينها وكانت أختها الكبرى تتقدم ببلاغ لدى قسم الشرطة، ولكن لأن الشرطة في خدمة الشعب فقد رفض الضابط التعاون معها، قال لها أن الخاطف بلطجي معروف!! ولا أدري هل كان يقصد معروف بأنه بلطجي أم معروف لدينا ونحن لا نؤذي معاريفنا؟

مالذي حدث بالضبط حتى عطل أعصاب النخوة والشهامة والشرف والأخلاق الحميدة وأحدث في مجتمعنا كل هذا الدمار المعنوي لدرجة تدفع الأسر للتخلي عن بناتهم إذا دخلن إلى السجن ولو كن بريئات أو على حق ؟

مالذي جعل من مشهد اختطاف طفلة ووالدتها من مكان عام أمام عدد غير محدود من الناس مشهدا عاديا لا يستدعي أي ردة فعل؟

ومالذي حدث حتى أغرى ضباط الشرطة بالامتناع عن تأدية وظائفهم إذا كان المستفيدين منها من الضعفاء والمساكين، مع أن القانون لا يفرق بين غني وفقير من ناحية شمول الجميع بالحماية والرعاية؟

هناك خلل أصاب منظومة القيم والأخلاق خلل منع من عقاب المسئ ومكافأة المحسن، خلل عرقل القدرة على التفكير المنطقي، القدرة على الشعور بالمسئولية .. خلل قتل القدرة على الإحساس ويمكنني أن أسمي هذا الخلل بأنه مرض الإيدز الجماعي .. نقص الإحساس بالمسئولية ونقصان المناعة تجاه الأخطاء .. ولهذا تستمر الأخطاء وتنمو الجرائم حتى تشكل سيلا يجرف المجتمع دون رحمة.