بين كورونا والحوثي!
بقلم/ توفيق السامعي
نشر منذ: 4 سنوات و 7 أشهر و 3 أيام
السبت 11 إبريل-نيسان 2020 07:48 م

لم ينقص الشعب اليمني مزيد من الأوبئة، فكفى بالحوثي وباءً أشد فتكاً من كل الأوبئة التي قد تصيب الإنسان اليمني وغير اليمني.

لم يكن عبثاً القول أن الإمامة مقترنة بالأوبئة، وعادت تلك الأوبئة دفعة واحدة مع الإمامة الحوثية الجديدة، فقد شهد اليمن منذ الانقلاب الحوثي عدة أوبئة؛ إنفلونزا الخنازير، والكوليرا، والملاريا، والمكرفس، وحمى الضنك، والحمى الفيروسية، ولا ندري بعد ما الذي يخبئه الزمن لنا بعد كل هذا، فقد كان الوباء الحوثي هو الذي كسر الغطاء لكل تلك الأوبئة المغطاة في مخبئها، فهل بقي متسع لكورونا في اليمن؟!

واقع أصبحنا نعيش فيه في ظل تزاحم كل هذه الأوبئة، بالإضافة إلى المجاعات، فما عسى أبا الطيب المتنبي لو كان بيننا أن يقول عن الحال الذي وقعنا فيه وهو الذي صور ما حل به من حمى وقد ظن أن كل بنات الدهر قد تكالبت عليه:

أبنتَ الدهر عندي كل بنت         فكيف وصلتِ أنتِ من الزحامِ؟!

فتح الحوثي الطريق وأفسح كل شيء ومهده أمام كل هذه الأوبئة، لكنه فاقها مجتمعة ضرراً وشراً باليمن.

لو جمعنا كل ضحايا هذه الأوبئة ما بلغت معشار من قتلهم الحوثي في اليمن أو تسبب في قتلهم، لذلك لم نقل جزافاً أنه أخطر من كورونا ومن كل الأوبئة مجتمعة.

هذه الأوبئة تصيب الإنسان، وكثير منهم من ينج من شراكها ومكائدها، لكن الكثير ممن يقع في شراك الحوثي لا ينجو أبداً، فشره لم يقتصر على الإنسان فحسب بل تعداه إلى الحجر والشجر والحيوان، وأفسد على اليمنيين برهم وبحرهم وجوهم.

بالأمس فقط فجر أربعة حصون وقلاع تاريخية في حجة يا سادة كما فجر من قبل مئات المساجد والمدارس وآلاف البيوت.

إنه انتقام من التاريخ، يطمس كل شيء من ذاكرة اليمنيين التي يتشبث بها اليمنيون ككواكب مضيئة دروبهم والتي تذكرهم بعزتهم بأنفسهم بمجدهم بحضارتهم لآلاف السنين، بينما يريد الحوثي أن يقزم كل ذلك إلى شخص في سلالة عنصرية تظل تقتل ملايين اليمنيين منذ مئات السنين وحتى قيام الساعة إن لم يتم عمل حل جذري لهذه المشكلة.

يحاول في كل مرة غسل أدمغة النشء في كل مكان يستولي عليه باسم الدورات التثقيفية التي يلقنهم فيها الثقافة الفارسية والمشاريع الهدامة كمن يسقيهم زيتاً ليسهل اشتعالهم وبسرعة للدفع بهم في محارق المعارك، ليلوث اليمن بأفكار ضالة هدامة تزرع ألغاماً مجتمعياً قابلة للإنفجار في كل جيل وحين، لتبقى جذوة الصراع مشتعلة بلا نهاية.

لو أحصينا وفيات العالم كله بكورونا لن يصلوا إلى نصف الرقم الذي فتك بهم وباء الحوثي في اليمن فقط ناهيكم عن بقية المناطق.

كورونا سيكون جائحة عابرة لن يستمر طويلاً كما مرت الجائحات الأخرى من قبله، لكن الجائحة الحوثية تغرس أطنابها في التراب اليمنية كشجرة الزقوم سيصل أذاها وخبثها إلى كل المنطقة.

مغفل من يظن أن باستطاعته التفاهم مع الجائحة الحوثية وبإمكانه أن يغلق عليه بابه أو حدوده، فلم تعد الحدود متارس صد لأقدام خيول لا تستطيع عبورها، بل أصبحت تكنولوجيا وطائرات مسيرة تؤذي كل من لا يعجب الحوثيين ولا يتبع أجندتهم.

بالأمس القريب فقط أعلن عن هدنة شاملة مع الحوثي لمدة معينة وإذا به يقصف مارب بالصواريخ، وتعز بالقذائف، ويحاول الزحف على مواقع الجيش في الجوف وتعز وصرواح والبيضاء.

بات العالم قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى لقاح لفايروس كورونا، لكن لقاح الحوثي مستعصٍ تماماً لا يمكن اختراع علاج له إلا ما عرفه وخبره اليمنيون ردحاً من الزمن، فهم أصحاب تجربة ناجعة من العلاجات المضادة لمثل الفايروس الحوثي، فقد مرت عليهم فايروسات مماثلة من قبل وكافحوها بطرقهم الخاصة لكنهم دفعوا أثماناً باهظة جداً حتى توصلوا لهذا اللقاح الفعال.

سينكفئ العالم على نفسه، وسيظل الفايروس الحوثي قاتلاً فتاكاً لكن باليمنيين فقط، وطالما كان محصوراً في الأرض اليمنية فليس ثمة ما يقلق لبعض الدول إن لم تكن هي من تعمل على إنعاشه بين فترة وأخرى، فقد كان صنيعتها وربيبها، يتدخل جريفيث بتر الدين الحوثي في اللحظة المناسبة لمده بأنبوب الأكسجين قبل أن يدخل الإنعاش.

مكافحة الفايروس الحوثي لم يعد اليوم شأناً يمنياً بحتاً وإن كان يقع معظم العبء على اليمنيين، إلا أنه قد يجتاز الحدود ويعدي بضرره كل المنطقة، فهو يحاول جاهداً تطوير نفسه لفعل ذلك والتكيف مع مختلف الطقوس كما يفعل كورونا اليوم أو أشد فعلاً وتكيفاً.