علي عبدالله صالح ليس هو الرجل السيئ الوحيد
بقلم/ حميد عقبي
نشر منذ: 9 سنوات و 11 شهراً
الخميس 18 ديسمبر-كانون الأول 2014 09:13 ص

تراجع اسم اليمن لم تعد القناوات الفضائية و لا الصحف تتداول الكثير من اخباره، البلد يعيش هناك منعزلا تعبث به جماعات و صراعات بعيدة جدا عن مهنة السياسة، من المخجل ان نسمي تلك الاحزاب بالسياسية كون اغلب الاحزاب بل كلها لا تتعارك او تختلف سياسيا لمصلحة البلد ـ الاختلافات و الصراعات التي تحدث حاليا الدافع الاساسي لها المصلحة الشخصية لفئة قليلة من القيادات المتعفنة الشائخة التي تنكرت للمبادئ و القيم، و هي تدافع اليوم باستماتة قوية لحماية مدخراتها المادية و الثروة التي تم نهبها و يتواصل مسلسل النهب و التدمير و ارسال الاموال الى الخارج لشراء بيوت و عقارات و ضمان مستقبل الاولاد، عندما تتعمق اكثر في كينونة الكثير من الاحزاب السياسية حتى تلك التي تسمي نفسها قومية و مدنية ستجد ان الوضع كارثي، كل شيء يسير لخدمة الزعامة و عشيرتها، هذا ليس حديثا بل ربما منذ زمن بعيدا، لناخذ مثالا بسيطا حزب البعث الاشتراكي القومي (جناح العراق) ستجد ان الحزب يعني قاسم سلام الرجل الاول و الاخير هو من يقرر ان يقف في صف المعارضة او السلطة، تحول من حزب معارض في لمحة البصر الى حزب ضمن تحالف الاحزاب الوطنية المتحالفة مع حزب المؤتمر الشعبي الذي يقودة الرئيس علي عبدالله صالح رغم انه من المفروض ان نظرة الحزب قومية و علمانية و الكثير من الأطر الفكرية الا ان كل هذا مجرد جانب نظري غير فاعل و الحقيقة ان كل ما هوشرجبي اي ينتمي الى اسرة سلام ستجده في المقدمة و المستفيد الاول و الاخير من الحزب.
لو انتقلنا الى الحزب الناصري سنجد ايضا الفئة المقربة الى سلطان العتواني و غيره هم الحزب و المستفيد الاول، و هكذا تم مسخ الحزب الاشتراكي و افراغه من عمقه الفكري، ثم الكارثة الكبرى ان الاحزاب التي لها شعارات مدنية و علمانية تتحد في تحالف بشع مصلحي مع حزب الاصلاح الديني الذي هو في الاساس لخدمة مجموعة قليلة من الزعامات القبلية على راسها كان الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر و ابنائه و العسكري الجنرال على محسن الاحمر و بعض الزاعمات الدينية، كل هذه الفئات ظلت تعمل لمصالحها الخاصة و تعطي المناصب و المهام للعشيرة و الاسرة القريبة، اما عن حزب المؤتمر الشعبي فالحزب كوكتيل عجيب لكن المستفيد كان كل ما هو ارياني او اكوع و كذلك بقية اصهار الرئيس صالح و شلة المصالح اي في النهاية ان اغلب الاحزاب السياسية في اليمن انحرفت في المسار السياسي و نسيت مصالح الناس فكان تحالفها و اختلافها يكون نابع من مصلحة شخصية تخص الزعماء و القيادات فقط، لذا لم يتم رسم معالم و ملامح الدولة اليمنية بشكل رصين، كانت توجد دولة في الظاهر تم رسم هذه الدولة باتفاقات المصالح حتى الاختلافات كانت شكلية ربما لخلق حالة من المناخ الديمقراطي مما دفع علي عبدالله صالح لاستضافة و عقد مؤتمر الديمقراطيات الناشئة فالرجل منذ تولية السلطة كان البعض يصفه بصدام الصغير و فعلا استفاد استفادة كبيرة من دعم مادي و سياسي من نظام صدام حسين في ذلك الوقت و استمر الدعم الى يوم سقوط بغداد و بعدها جاءت الكثير من القيادات البعثية لخدمة نظام صالح و ماتزال الى اليوم بعض هذه القيادات تخدم الرجل مقابل المال.
ما اود ان اصل اليه هو ان علي عبدالله صالح ليس هو الرجل السيئ الوحيد و ليس هو الوحيد سبب هذا البلاء الذي يعصف بالبلاد رغم انه هو منتج و صانع حركة و جماعة الحوثي حيث قام بدعم حركة الشباب المؤمن لتحجيم انتشار التيار السلفي الوهابي في صعدة ثم كان الاختلاف و قامت الحروب فزج بغريمة علي محس الاحمر و كان يتمنى ان يكسر شوكته فدعم بطرق غير مباشرة جماعة الحوثي لتصمد في حروبها السبعة، علي محسن يعلم ذلك فقام باستغلال الحرب و اطالتها ليجني المليارات و ثروة ضخمة تسللت الى جيبة الخاص فكانت الحرب فاكهة لذيذة لكل الاطراف و الخاسر الاكبر كان الشعب، في اليمن لا توجد سياسات ثابتة و مسارات سياسية متوازنة لذا من الصعب على اي محلل سياسي ان يعرف ماذا سيحدث؟ و لماذا يحدث هذا اليوم؟ و كيف ستكون الاحداث غدا ؟
لعل السبب هو ان المصلحة الخاصة جدا لفئة قليلة من الزعامات هي التي تحكم الامور لمصالحها هي فقط اما مسالة الشعب و الحفاظ على الدولة و مكتسبات الثورة كل هذا كلام اعلامي، اليوم جماعة الحوثي تحكم و تكاد تسيطر على كل مقاليد الدولة و لها في كل وزارة و مؤسسة سيادية لجنة شعبية فلا يحق للوزير في اي وزارة ان يذهب الى دورة المياة لقضاء حاجتة العادية الا باذن من هذه اللجان، اي هو مسير و ليس مخير هو مجرد موظف يمكن ركله في اي لحظة، و هذا ينطبق على كل من يجلس على اي كراسي، المنصب اليوم مجرد شكل ـ المتحكم الحقيقي هم جماعة الحوثي و الصراع صراع مصالح فقط، نسمع ان اختلافات و صراعات مع حزب الاصلاح الديني ثم نسمع ان قادة حزب الاصلاح و زعاماته تحج الى صعدة للقاء أية الله عبدالملك الحوثي ثم تكون مناوشات هنا و هناك و توسع للقاعدة و اختلافات في الجنوب ثم نسمع ان اتفاقات بين قادة الحراك الجنوبي و السيد الحوثي ثم يقال ربما يدخل الحوثي عدن و هكذا لا صدق في التوقعات، لعل مشكلة الجنوب اليمني المطالب بالحرية و الاستقلال و فك الارتباط عن الشمال ايضا بسبب قيادته التي يظهر انها تفكر في مصالحها الخاصة اكثر من مصلحة شعبها الذي يأمل ان يذوق طعم العدل و الحرية و الكرامة بعد ان سحقها نظام صالح و بدعم و تقاسم المصالح مع الاحزاب السياسية التي تسمي نفسها معارضة، فهذه الاحزاب لم تنتصر يوما و تقف لمواجهة ظلم و فساد السلطة المدمر و المهين للجنوب العربي لعل هناك اتفاق خطير ان يتم الانفصال و لكن ان يعود الجنوب اليمني الى جنوب تعصف به الكوارث و الصراعات و تاخذ جماعة القاعدة نصيب الاسد في سيطرتها على مناطق مهمة كون جماعة القاعدة في اليمن جزء من التكوين، هذا الكوكتيل العجيب من المصالح التي نسميها احزاب سياسية و حياة سياسية.
جماعة تنظيم القاعدة حزب سياسي معترف به، يعترف به جميع الاطراف و التعامل وفق مصالح مادية بحتة، ما يحدث الان ان جماعة الحوثي اي حزب انصار الله الذي يحكم اليمن الشمالي هو في تحاور مع تنظيم القاعدة و ستكون هناك تفاهمات بتمديد حالة الفوضئ و ان يظل عبده ربه هادي رجل المرحلة المهم على راس السلطة الشكلية، الرجل هذا ممثل بارع عندما يتحدث مع وسائل الاعلام و يتحدث عن مخاطر غياب الدولة و تدمير المؤسسات الديمقراطية هو يؤدي دوره باتقان و يأخذ الاجر المادي المناسب. غياب و تدمير الدولة التي كانت قبل ذلك لها هيكل شكلي، هذا الهيكل يسقط اليوم و الزعامات الفاشلة الشائخة التي تقود الاحزاب السياسية تتعارك في وحل الخلافات قد تتفق و يعود شكل الدولة، هذا سيحدث ان ضخت فئة من الخارج عدة مليارات من الدولارات هذه الكعكة سيكون لها تاثير سحري، كون الزعامات الفاسدة ستركض الى طاولة الاتفاق و هذا حدث في الماضي عشرات المرات و ربما يحدث الان و غدا، مثلا السعودية جارة اليمن قد تضحي ببعض المليارات لعودة شكل الدولة اليمنية و ربما حدث اتفاق سعودي قطري بشأن اليمن، ايران لعلها تعلم كيف تسير الامور في اليمن و مع اي جهة تتعامل و الامر ليس صعبا لو ضخت ايران المال في جيوب زعامة الاصلاح و بقية الاحزاب سوف تكسبهم في صفها، لا توجد مبادئ و لا قيم لدى قادة الاحزاب و من يمسكون بمناصب سيادية و قادة الجيش، الكل يهرول و يغيير جلده و مذهبه و انتمائه الساسي من اجل المال، في ضوء هذه المعادلة من يدفع اكثر سيكسب اكثر اقصد الجهات الخارجية، لعل هذه الجهات قد تصل الى اتفاق و اظن هذا سيحدث قريبا لتظل اليمن دون مستقبل حقيقي اي شكل وهمي للدولة لا يهم ان يكون صراعات داخلية مسلحة دموية المهم ان يكون امن السعودية مضمون و كذلك امن سلطنة عمان و الا يتم مس المصالح الامريكية و تواجدها العسكري في مضيق باب المندب و ان تظل مصالح الشركات الكبيرة مضمون اعني شركات النفط و الغاز و المعادن، كل طرف يريد ضمان مصالحه و يطمئن عليها، المتضرر الوحيد هو الشعب في الشمال و الجنوب الذي سيجني الكثير من الظلم و الاهانة و الفقر و المرض و الجهل