هادي حينما يلعب بالنار!
بقلم/ إبراهيم عبدالقادر
نشر منذ: 10 سنوات و 3 أشهر و 25 يوماً
الجمعة 25 يوليو-تموز 2014 02:41 م

حينما أتى نائب الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي لمنصب الرئاسة عبر إستحقاق ثوري وشعبي نادرين كنا قد رحبنا به وهللنا له كثيرًا باعتباره شخصية مناسبة توافق عليها كل الأطراف وارتضوا به حاكمًا ليُسير أعمال الدولة المفقودة وينتصر لحقوق الناس ويُعيد الاعتبار لهيبة الدولة التي سُلبت منذ 50 عامًا. أتى عبد ربه لقيادة البلاد في مرحلة هي الأخطر عبر التاريخ ومنحناه وسام الشرف والبطولة كونه القائد الوحيد الذي أرتضى المنصب هذا وغامر بشخصه رغم كل المخاطر المتوقعة والأليمة التي كانت تُحيط ببلادنا من كل الجهات سياسيًا واجتماعيا وإقتصاديًا وقلنا عليه الرجل الذي لا مثيل له ووصفناه بوصف كبير وقلنا عليه " رجل دولة " وخاطرنا بذلك بحسن نية ورمينا خلفنا كل سواد الماضي الذي كان أحد عتاولته وأحسنا الظن بصدق وشرف.

أن تكون شخصية يحبها جميع الأطياف والإنتماءات وفي بلد كاليمن فهذا ضرب من الخيال لا سيما ونحن شعب إما مسيرين أو نُذعن للعاطفة التقليدية التي تتعامل مع الأشخاص والأحزاب والجماعات من منظور مهين ومنحط: ( مع الأقوى )؛ مهما كانت أعماله شريفة أو منحرفة حتى لو أنها مهيئة لقتل كل اليمنيين الأهم أننا مستعدين للسير خلف من يملك القوة في البلد أكانت القوة سياسية أو إقتصادية، وهذا ما لم يستغله الرئيس التوافقي " هادي " لمصلحة البلاد ليمضي بقوة للتغيير وإرساء دعائم النظام والقانون وبناء دولة العدالة والمساواة ببسط قوة الدولة السياسية، بل أستغل هذه المعطيات لبناء جدار فولاذي تحالفي يُشيد من خلاله بيته العتيدة التي لا يُهدد أمنها وقوتها أي شيء ومضى بكل جرأة منفردًا بالدولة وكأنها قطعة أرض ورثها كما يورث الأب لإبنه؛ مضى بكل قوته للسيطرة والإستيلاء على الدولة خارقًا القانون مستغلًا إنشغال الشعب بقوته راميًا كل شيء خلف الأسوار وبسط على الدولة التي هو موظف فيها وخادمًا للشعب وصادر المؤسسية فيها.

أربع سنوات تقريبًا هو عمر هادي رئيسًا للدولة؛ الدولة التي لم تحضر وغيبها قسريًا، أربع سنوات رغم كل سوءها إلا أنه وللتاريخ يحسب لهذا الرجل أنه أستطاع تفكيك كل القوى والأحزاب وجعلها منشغلة بذاتها ليُمرر أعنف الخطط عبر تاريخ الدولة اليمنية التائهة وأستطاع بفضل هذا كله أن ينجح قليلًا ويفشل كثيرًا كثيرًا على اعتبار التعامل مع ما يقوم به من منظور صلته بالشعب والعقل الجمعي. لا يمكن التعامل مع مرحلة هادي بنوع من اللاوعي أو أنها لا تعنينا لإنها مرتبطة بنا كمعنيين بكل ما يقوم به من تصرفات أكانت سلبية أو إيجابية، وهي مرحلة عنيفة زادها الرئيس التوافقي عنفًا وتعقيدًا بفضل سياسة التخدير والسيطرة والسطو، والتكويش الغير شريف.

هادي لا يُدرك أنه يلعب بالنار، ويبدو أنه لن يدرك، لم يتعظ ولم يعتبر بسلفه، ولم يشعر بالوقت والزمان المتغيرين الأساسيين في المنطقة ككل لم يحسب حساب أن غيره كان أذكى منه وفشل، بل تم إسقاطه، بل من المؤكد أنه لن يُمنح الـ 33 عامًا للبقاء؛ إن كان هادي يعتقد أنه بقدراته ـ التي يعتقد أنها عاجزة عن إسكات الشعوب ـ قادرًا على تنويم الشعب فهو واهم، وإن إعتقد أنه يستطيع تجاوز حقوق البسطاء والمقهورين بدغدغتهم والكذب عليهم فهو جاهل أحمق، يستطيع الموقف الأممي أن يجعلكم عبيدًا تابعين، لكنه وبكل تأكيد وجزمًا لن يجرؤ على تمرير قذارته على اليمنيين التي لا سيء منها إلّا هادي وأفعاله!

سقطت صعدة، وتلتها عمران، بتواطئ مرعب، وخيانة قذرة من قبل أجهزة الدولة وبضوء أخضر من الرئاسة، ومناطق كثيرة مهددة بالسقوط بأيدي مليشيا الحوثي، وأجهزة هادي تُدرك كل هذه المعطيات، ولكن يظهر بعمق مدى التواطئ العنيف الذي يبدأ بتسهيلات معلنة وينتهي بتسليم ناعم لمؤسسات الدولة وبقوة الحديد والنار ولا خيار آخر، غير أن هادي يبدو وكأنه مجرد موظف تابع لمكتب أممي والمطلوب منه التنفيذ في إطار تفتيت البلاد وتمزيقها وتوزيعها بين شقين جنوب وشمال، وما يقوم به في الشمال ليس بمعزل عن تحقيق ما يُراد لهذه البلاد من سوء ومكر قذر، وهو ما جعل هادي يتصرف بعيدًا عن الشعب والواجبات المنوطة به، فخلق المشاكل وباع وأشترى وأنتهى به المطاف لضرب كل القوى ببعضها وليت هذا هدف شخصي يخصه هو، وإنما هدف أممي تبنته الرياض.

لم يمت عميد الشهداء (القشيبي) بل ذهب لربه بطلًا وعظيمًا، مات ليفضح هؤلاء جميعًا، هادي ووزير دفاعه، حكومتهم التي لا يبدو فيها الشرف إلّا تهمة، باع هادي رجل عسكري موظف بقرار رئاسي ويستلم راتبه كغيره من الضباط والأفراد، ويقوم بعمله في المكان المحدد له من قبل وزارة الدفاع، وأستبدله بمليشيا الموت الحوثية، ليخرج علينا فيما بعد وبكل جرأة ليقول:

أنسو الماضي!

أي نسيان لماضي كنت أنت سبب لحدوثة، بل وبإزهاق الدم وضياع الحقوق والسطو على الممتلكات العامة؟!

تم تسليم عمران للدولة! هكذا يقولون، وسبقه خبر هكذا نصه:

تم سقوط عمران بأيدي مليشيا الموت الحوثية؛ السقوط تسبب فيه من أعطاهم الضوء الأخضر الرئاسي، فعلى من يلعبون هؤلاء الأغبياء؟!

لم يمت عميد الشهداء (القشيبي) بل كان ذهابة لربه خير وسيلة ليصحو النائم، ويصرخ الصامت، ويفهم الأحمق والمتغابي، الصورة التي كانت في ميدان "السبعين" ليست سوى إنتفاضة غضب لو ترك لها المجال لدمرت كل الأسوار والحصون، وأقتعلت كل الأنياب، لا يراهنون هؤلاء على شيء سوى على كرامتهم وعرضهم المتعلقان بدولتهم التي يرون المتنفذين يبيعونها كعاهرة في ميدان التسول والإنبطاح، لم ينادي هؤلاء الشُرفاء إلّا للجميع وبهم؛ بما فيهم أولئك الخونة الذين أرتضوا أن يبيعوا شرفهم مقابل حفنة دولارات جعلتهم عديمو الأخلاق، فاقدي المصداقية، مجرد قتلة أفّاكين، طالبوا الدولة التي يبيعها هادي بالتقسيط أن تكون حرة لا ساقطة، فمن يُراهن على هذا الشعب سيحترق بنار غضبه، ووصوته الهادر المزلزل لكل شيء ولا يعرف معنًا للحواجز أو العوائق، وعلى هادي أن يُدرك هذا قبل فوات الأوان.

أخيرًا:

على هادي أن يفهم رسالة الشعب من ميدان السبعين، السبعين رمزية عالقة في الذهن الجمعي اليمني، عليه أيضًا أن يعي ويتدارك نفسه قبل أن تخرج الجموع ضده، ومؤكد أن خروج كهذا لن يكون تقليديًا وإنما حازمًا جازمًا، لقد صبر الشعب كثيرًا، وبمقدوره أن يمنح الجميع فرصًا كثيرة، لكنه بكل تأكيد لا ينام ولا يغفو ولكنه يراقب عن كثب، وحين تُتاح له الفرصة لا يعرف الحواجز أو العوائق وسيدك كل الجدارات الفولاذية التي بناها المستوطنون الهاديون الصالحيون.

تحية لرجالات الجوف العظماء الذين كانوا الصوت الأقوى لهذا الشعب، وقطعوا الطريق الخبيث على وزارة الدفاع ورئاسة هادي الغير جمهورية.