هو الذي يريكم آياته
بقلم/ حميد البخيتي
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و يوم واحد
الخميس 12 يناير-كانون الثاني 2012 06:26 م

العامل الإيماني يجب أن يكون حاضرا وبقوه في معركة الجماهير مع الطغاة وأعوانهم ذلك بأن الطغاة هم أعداء الله في الأرض اعتدوا على خلقه مثلما اعتدوا على أمره (ألا له الخلق والأمر)

أما اعتداؤهم على الخلق فقد أهانوا المخلوق الذي كرمه الله عندما قال "ولقد كرمنا بني ادم" وأما اعتداؤهم على الأمر فقد خالفوا منهجه القائم على التوحيد المنافي للشرك والعدل المنافي للظلم والإحسان المنافي للإساءة "إن الله يأمر بالعدل والإحسان" وبالتالي لا مناص في هذه المعركة من اللجوء الصادق إلى الله، والاستعانة بجنابه ‘والتوكل عليه ‘والاعتصام بحبله في مواجهة الطغاة والقتلة والمجرمين "ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم "

والمتأمل في أحداث الربيع العربي يجد لله آيات عظاما لا يملك المرء أمام هذه الآيات إلا أن ينحني راكعا ويخر ساجدا ويستسلم مذعنا لعظمة القاهر فوق عباده الحكيم الخبير .

تشتد السنون , ويحل القحط , ويدب اليأس ويستحكم القنوط في عقول أحرار الأمة ويستيأس المصلحون ويظنون أنهم قد خذلوا, ويتغير منطق الأشياء ليقول وفقا لمعطيات الواقع : لا يقظة... لا تغيير... لا نهوض... , قطار التوريث انطلق في جمهوريات المنطقة العربية بسرعة الريح فلم يتمكن أحد من إيقافه لدرجة أن احد زعماء التوريث قال لمعترضي قطاره فاتكم القطار,... كررها ثلاثا لثقته المطلقة بنجاح مشروعه التوريثي, أما مصانع الاستبداد فقد أقيمت في كل جمهورية من هذه الجمهوريات وزودت بأرقى وأحدث وسائل التكنولوجيا بهدف ترويج الاستبداد وعصر نته ,وتقديمه للجماهير منتجا جذابا بقالب عصري حديث , كما زودت هذه المصانع بقدرة فائقة لصناعة المستبدين , تنتهي صلاحية المستبد الكبير أو تقترب من النهاية ,فنجد وبسرعة فائقة مستبدا صغيرا قد ظهر, يأفل نجم المستبد الأب فيظهر في الأفق نجم المستبد الابن وهكذا وجدت الشعوب نفسها تنقل من مستبد إلى مستبد كأنها متاع أو سلع تباع , والشيء الملفت أن غالبية المصانع في هذه الجمهوريات كانت فاشلة إلا مصانع الاستبداد والتوريث فقد كانت من أنجح المصانع ولعل السبب في ذلك أن القائمين على هذه المصانع كانوا مستبدين من الدرجة الأولى ومؤهلين يمتلكون الخبرة والكفاءة في هذا المجال في حين أن القائمين على المصانع الأخرى لم يكونوا مؤهلين و لا يملكون أي خبرة أو كفاءة.

كان مصنع الاستبداد والتوريث السوري أول مصنع عربي يدشن إنتاجه و ينجح في إنتاج المستبدين الصغار وتنزيلهم إلى ارض الواقع , وبرغم عدم نضج المنتج واكتمال نموه آنذاك إلا أن شركاء الاستبداد والتوريث صوتوا بالإجماع على صلاحيته كمستبد وبالفعل لم تمض سوى سنوات معدودات حتى أثبت للعالم بأنه على مستوى عال من الاستبداد.

وما إن نجح التوريث في سوريا حتى حصل سباق محموم لدى مصانع التوريث في هذه الجمهوريات ,فقد تحرك المصنع المصري للتوريث وعمل بكامل طاقته الإنتاجية في حين أن المصنع اليمني للتوريث كان قد باشر إنتاجه من وقت مبكر وبسرعة أكبر.

كما أن تبادل الخبرات والكفاءات والأفكار بين أصحاب هذه المشاريع كان على درجة عالية من التنسيق مما عزز القناعة لدى المواطن العربي بأن قطار التوريث قد فات وأنه لا يمكن إيقافه أو حتى اعتراضه و تسللت هذه القناعة إلى نفوس كثير من المصلحين من أبناء هذه الأمة حتى دب إليهم اليأس واستسلموا للقنوط إلا قلة قليلة ممن نور الله بصائرهم وشرح صدورهم استمروا في مواصلة مشروعهم الإصلاحي التغييري بما لديهم من إمكانات متواضعة طالبين العون من الله مستغيثين به فجاء الغوث من السماء على بساط " وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد " لنرى عظمة القاهر فوق عباده الحكيم الخبير تتجلى فنعلم بأن وعد الله حق ونثق بأن منطق" وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته " كان أقوى من منطق "أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي" بل أقوى من كل منطق لقد كان أقوى من اليأس واشد من القنوط, وأسرع من المكر وصدق الله القائل "ومكروا مكرا ومكرنا مكرا فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين.