مكافئة للاعبي المنتخب اليمني وهذا ما قاله المدرب بعد الفوز على البحرين تعديل في موعد مباراة نهائي كأس الخليج في الكويت إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا دولة عربية تسجل أكبر اكتشاف للغاز في عام 2024 الكويت تعلن سحب الجنسية من 2087 امرأة إنستغرام تختبر خاصية مهمة طال انتظارها حملة تجسس صينية ضخمة.. اختراق شركة اتصالات أمريكية تاسعة اشتعال الموجهات من جديد في جبهة حجر بالضالع ومصرع قيادي بارز للمليشيات الكشف عن إستراتيجية جديدة وضربات اوسع ضد الحوثيين
أغرب ما يجري في اليمن، أن المؤسسة الرسمية في واد ومجريات الأحداث وواقع الحياة العامة ومعاناة الناس في واد آخر .. كل شيء في الوطن ينهار ويتعرض للتدمير ومؤسسات الدولة تتفرج ببرود قاتل، وكأن الأمر لا يعنيها، لا من قريب ولا من بعيد، وهو- بالتأكيد- من أغرب ما يمكن أن يحدث في أي بلد من بلدان العالم .
ففي الوقت الذي تتقاتل فيه المليشيات المسلحة للسيطرة على المعسكرات والمحافظات، والمدن حيث تتساقط الجثث في الشوارع والأحياء، وتُفخَّخُ النقاط الأمنية ويذبح المواطنون والجنود، وتنسف البيوت والمؤسسات في أبشع مظاهر العنف وتداعياته لا تقرأ ولا تسمع في اخبار الاعلام الرسمي اليمني إلا ما يجلي الانظار ويبهج النفوس، ويشنف الآذان، وكل شي " تمام التمام " و "سمن على عسل" - كما نقول نحن اليمنيون.
وهنا يبرز دور الاعلام من خلال صياغة ومنتجة الأخبار المفرحة والصور الوردية، التي تعبر عن "سعادة اليمن السعيد !!"،، وتعكس واقعا مزيفا لمجريات الاحداث في البلاد، عبر اشارات اخبارية رئاسية خفيفة وناعمة تعتبر إن ما يجري في البلاد هو مجرد" مماحكات وتجاذبات سياسية تؤثر سلبا على الأداء الحكومي والسكينة العامة"، ليثبت قادة البلاد ويؤكدون لأبناء الشعب الذي ينزف دما أن الوطن بخير ولا ينقص المواطنين إلا سلامة وأمن وأمان هذه القيادات "التاريخية" التي تسهر ليل نهار على سعادة ورفاه الشعب اليمني و تعمل بكدها وعرقها على "تنفيذ مخرجات الحوار الوطني" !!!.
فالرئاسة والحكومة منهمكتان في اصدار القرارات والتعيينات، وصرف ما تبقى من ميزانيات واعتمادات مالية للعام الجاري، والترتيب للمشاركة في فعاليات دولية من نوع مؤتمرات "حماية طبقة الأوزون" و " حماية اللهجات السواحلية الافريقية من ألاندثار" و" مخاطر انتاج التوليد بالطاقة الذرية " مع أن اليمن يفتقد في الاصل لتوليد الطاقة الكهربائية بالطرق التقليدية .
أما أحزاب التقاسم والمحاصصة "الوطنية" فهي الأخرى تتزاحم على كعكة الحكومة الجديدة، وتعيش حالة استنفار وهوس لا مثيل له، بحثا عن حقيبة وزارية أو منصب "دسم" على روائح الجثث وركام مخلفات النار.
والغريب المضحك والمبكي في آن، أن هذه الأحزاب التي ليس لبعضها أعضاء أو حتى مناصرين تعيش هستيريا اصدار البيانات والتصريحات النارية التي تحذر من "الاقصاء والتهميش، وتندد بأساليب الاستحواذ، والإلغاء" .. فهي تناضل وتنافح من اجل البقاء في "السلطة" أو الوصول اليها، لكنها بالمقابل ليست معنية بما يجري من سفك للدماء وخراب للبيوت وتدمير للوطن والدولة، وليست معنية حتى بالتحذير من مغبة ما يجري، فذلك أمر ليس في حسابها ولا يعنيها في شيء.
ولعل الحال هو نفسه مع اللجنة الأمنية العلياء، التي تمثل أمل وطموح الشعب اليمني في انقاذه وإخراجه من محنته، فأهم القرارات التي خرجت بها في ظل هذه المواجهات العبثية التي تجري في اكثر من خمس محافظات يمنية، وينزف الدم اليمني فيها بغزارة كما في مدن ومديريات البيضاء، واب ، وذمار، وحضرموت، هي " قرار استمرار منع الدرجات النارية من السير في العاصمة" حماية لأمن الدولة من الانبعاثات السامة لهذه الدرجات التي تملأ الشوارع ضجيجا، ومنعا لما يقلق مواكب الوزراء وكبار المسئولين، حتى وان كان الثمن قطع ارزاق الاسر المعدمة، ومنع من تبقى من البسطاء والمحرومين من أبناء الوطن من البحث عن دخل يومي يؤمن لهم ولأسرهم لقمة عيش كريمة وآمنة.
فلا شيء يقلق في هذا البلد السعيد، سواء أن هناك دولة منهارة، وانفلاتا أمنياً ضاربا اطنابه في كل مكان، ووحدة مهددة، ومدارس وجامعات مغلقة، ومواطنون يقتلون، ومليشيات مسلحة تتسابق على إحراق وتدمير ما تبقى من وطن .. ما يعني أن كل شيء تحت سيطرة الدولة والرعاة الدوليين والإقليميين، الذين يراقبون تنفيذ المبادرة الخليجية، ويرقبون التحركات المريبة للمعرقلين .. إذ أن ما يهم الدولة في صنعاء اليوم هو فقط " مخرجات الحوار الوطني" وما عداه فهو "مماحكات" لا يعني الرئاسة ولا يعني الحكومة، ولا الداخلية ولا الدفاع امره.
تلك هي حال صنعاء، المدينة الجميلة التي تسكن في قلب التاريخ، وتقاوم نتوءات العصر وشبق عشاق لا يفهمون في العشق، ولا صلة لهم بالحداثة ومعطيات العصر .. انها صنعاء "المليحة" في شعر البردوني، و"الحزن والفرح" في شعر المقالح، لا يزال في احشائها وطن يبتسم، وإنسان يحلم بيمن يعيش زمنا لا مكان فيه للفوضى، ولا متسع فيه للعبث واللامبالاة.
رئيس مركز الوحدة للدراسات الاستراتيجية