طلاب اليمن في الجزائر... فهل من مجيب!!
بقلم/ رياض صريم
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و 26 يوماً
الأحد 30 ديسمبر-كانون الأول 2012 08:38 م

للعام الرابع على التوالي –وهي الفترة التي قضاها الملحق الثقافي هناك تقريبا- وأنا أتابع عن كثب قضايا الطلاب اليمنيين الدارسين في الجزائر وما يمسهم من ضيم وظلم من قبل الملحق الثقافي، وكنت قد كتبت الكثير من المقالات عن هذا الأمر، غير أن الجهات المعنية لم تهتم بالأمر بأي شكل من الأشكال، لا قبل الثورة ولا بعدها، وهو ما يدعو للتساؤل: هل من مجيب أيتها الجهات المعنية، أم أنكم جميعا متواطئون ضد الطلبة.

كان الطلبة منذ فترة ليست بالبعيدة قد اعتصموا في أواخر أيام باصرة في الملحقية الثقافية في الجزائر، وبعد أن أغلت الجهات المعنية طلباتهم نقلوا اعتصاماتهم عبر أسرهم إلى أمام وزارة التعليم العالي اليمنية وكذا أمام مجلس النواب ولكن محاولاتهم تلك باءت بالفشل واستمرت معاناتهم حتى اللحظة، وهاهم يعتصمون هذه الأيام في الجزائر منذ أكثر من نصف شهر وقبلها اعتصموا بأيام قليلة لأكثر من أسبوع وأغلقوا أبواب الملحقية، وتخلل تلك الاعتصامات الكثير من المناشدات المبعوثة من قبلهم إلى الجهات المعنية ولكن دون أن تستمع الجهات المعنية، وتبعا لذلك استفحل الأمر وعانى الطلبة ويلات العذاب من الملحق الثقافي الذي يتهمه الطلبة بالتعامل الفض ومخالفة القانون وقطع منحهم لأسباب شخصية وعلى هواه وأمزجته المتقلبة.

لا أخفيكم أن الطلبة قد بعثوا إلي أكثر من مرة على بريدي الخاص بكثير من الوثائق الصادرة من هيئة مكافحة الفساد وكلها تدين الملحق الثقافي رشاد شايع ومساعده المالي عبده سيف ومساعده الأكاديمي الذي تم إنهاء فترته راجح الأسد، وكانت تلك الوثائق تثبت أن هيئة مكافح الفساد قد قررت توقيف الملحق الثقافي واستدعته للتحقيق معه، ومن ثم بعد ذلك بفترة وجيزة أحالت ملفه إلى نيابة الأموال العامة، لكن يبدو أن هذا الملحق الثقافي مدعوم من جهات كبيرة في أجهزة الدولة وإلا لكان قد خضع لكل توجيهات وتوصيات هيئة مكافحة الفساد وبدون تردد لأنها لم تأتِ بطبيعة الحال من فراغ، وإنما انطلقت من دراسة لكثير من الوثائق والأدلة الدامغة ضده... ولكن...

وفي نفس السياق كان الطلبة قد منحوني رزمة لا بأس بها من شكاواهم المتكررة التي بعثوها إلى الجهات المعنية في مجلس النواب ورئاسة الوزراء ووزارة المالية وزارة التعليم العالي اليمنية، كلها تشكو من فساد وتعنت وتسلط هذا الملحق الثقافي، وكانت الجهات المعنية تصدر الكثير من التوجيهات لكن الملحق الثقافي لم يكن يلتزم بها، ولم يكن يهتم لأمر من يوجه بها، فاستمرت الحكاية بحسب تعليق أحد الطلبة.

وزارة التعليم العالي كانت قد اعترفت على لسان نائب وزير التعليم العالي محمد مطهر في برنامج تلفزيوني على قناة اليمن الفضائية أن الملحق الثقافي في الجزائر من أسوأ الملحقين الثقافيين على مدى تاريخ الوزارة، وأضاف هذا الرجل أن الوزارة قد حاولت كثيرا تغيير الملحق إلا أنها لم تستطع نتيجة لضغوطات قوية يتلقونها من جهات لم يسمها حينها منعاً للحرج كما قال، والعجيب أن الجهات تلك لا تزال تمارس نفس الضغوطات، دون حسبان لما يمارسه هذا الملحق من جبروت وطغيان بحسب قول الطلبة ضدهم.

إن ما لفت نظري في إضراب الطلبة الآن هو تزايد عددهم هذه المرة وإصرارهم على عدم التراجع حتى إقالة الملحق الثقافي، وهو حقهم المشروع، وعلى الجهات المعنية الإصغاء لهم، وسرعة تلبية طلباتهم لأنها قد باتت ضرورة ملحة ولا حل بديلا عنها مطلقا، خصوصا وقد استفحل الأمر إلى درجة لا تطاق.

كما أن من اللافت أيضا محاولة الملحق الثقافي المستميتة في البقاء في الملحقية الثقافية برغم أن فترة عمله هناك قد انتهت قانونيا منذ ستة أشهر، وفي هذا الصدد يسعى الملحق الثقافي إلى الترويج أن اعتصام الطلبة يأتي بصبغة سياسية، وهو ما ينفيه الطلبة في بياناتهم التي قرأتها والتي ينشرونها بشكل يومي في الصحافة اليمنية وغير اليمنية (ورقية وإلكترونية)، ويصرون على أنها ذات صبغة حقوقية صرف، وأنها «تسعى إلى الإطاحة بالفساد» وإنهاء معاناتهم وتغيير الصورة السيئة التي يرسمها هذا الرجل عنهم لدى الجهات المعنية في الجزائر كما تشير إلى ذلك بياناتهم ومناشداتهم وشكاواهم المتكررة.

لكن هل سيستمع أولو الشأن في اليمن قبل أن ينزلق الأمر وقبل أن يحدث للطلبة حادث ما خصوصا وأنهم يدخلون في الإضراب عن الطعام لليوم الرابع تقريبا؟

وهل ستلبي الجهات المعنية طلباتهم وتقوم بالتحقيق الشامل والعميق في القضية ومحاسبة كافة الجهات التي تواطأت ضد هؤلاء الطلبة والتي ساهمت في استمرار معاناتهم وجعلت الملحق الثقافي يسومهم سوء العذاب؟ هل تصغي منظمات المجتمع المدني والحقوق والحريات لما يحدث وتقف مناصرة لهؤلاء الطلبة في أماكن اغترابهم لمزدوج (غربة الوطن وغربة الملحق)، وهل ستتفاعل وسائل الأعلام بشكل واسع مع هذه القضية؟