الخليج العربي في أوسلو وإيران وإسرائيل
بقلم/ د . محمد صالح المسفر
نشر منذ: 5 سنوات و 8 أشهر و 12 يوماً
الجمعة 22 فبراير-شباط 2019 07:10 م
 

أصبح الخليج العربي رهينة لإسرائيل وإدارة ترامب لضعف قياداته وارتمائها بأحضانهما لحماية عروشها.

مؤتمر وارسو تآمر على فلسطين وشعبها بأموال وقيادات عربية وكوشنر سيجوب دول الخليج لتأكيد مشروع وأد القضية.

الإمارات لا تحتاج لتملق إسرائيل أو أمريكا لتندفع نحو إسرائيل وتحط من مكانتها أمام مواطنيها والعرب والعالم الإسلامي.

وزير خارجية الإمارات "يشرعن" عدوان إسرائيل على سورية وغزة وهذا موقف لم نتعوده في سياسة الإمارات الخارجية في عهد مؤسس الدولة.

*    *    *

قد أتفهم موقف دول الجوار من الكيان الصهيوني وأحاول ان أجد تبريرا لسلوكهم السياسي تجاه ذلك النتوء الأوروبي (إسرائيل) داخل الوطن العربي.

لكني لم أصل إلى قناعة بحقهم في التواصل والتخاطب والتفاوض مع قيادات ذلك الكيان الذي ما برح "تحت التكوين" رغم مرور اكثر من سبعين عاما على تأسيسه في فلسطين.

ياسر عرفات رحمه الله عام 1991 وجد نفسه مرفوضا خليجيا نتيجة موقفه في مؤتمر القمة العربية التي عقدت في القاهرة 30 أكتوبر 1990 والتي اعتقد البعض من القادة العرب أن ياسر عرفات كان مؤيدا لاحتلال الكويت عراقيا، وللانصاف لم يكن ذلك التفسير صحيحا.

الخليج في حينه كان اكثر الدول العربية تمويلا لمنظمة التحرير الفلسطينية ولا استثني ليبيا والجزائر من دعم منظمة التحرير وقيادتها، ووجد نفسه -عرفات وقيادته- على الهامش في مؤتمر مدريد في أكتوبر 1991 الذي نظمته ودعت اليه الادارة الامريكية (جورج بوش) بالتنسيق مع الاتحاد السوفييتي (غورباتشوف) وكان الوفد الفلسطيني ضمن الوفد الأردني.

كان في واشنطن وفد فلسطيني ضم كلا من حنان عشراوي وحيدر عبد الشافي وآخرين، خشي ياسر عرفات من محادثات واشنطن ان تؤدي إلى عزله، فسارع الى تشكيل فريق للتفاوض سرا مع اسرائيل مباشرة في مدينة أوسلو.

وكان من ابطال ذلك الفريق محمود عباس وقريع واخرون، ونتج عن تلك الاجتماعات في اوسلو اتفاق عرف باتفاق اوسلو (الملعون) عام 1993 والذي ما برحت القضية الفلسطينية تعاني من نتائج ذلك المؤتمر الخبيث.

اليوم تأتي مؤامرة جديدة تحت شعار "صفقة القرن" اركان هذه الصفقة اليوم ليس من دول جوار فلسطين المحتلة ولكن من دول الخليج العربية البعيدة عن فلسطين جغرافيا، القادرة على تمويل كل حروب أمريكا ومصائبها وخاصة السعودية كما قال بذلك الرئيس الامريكي دونالد ترامب في الاسبوع الماضي "السعودية لا تملك شيئا آخر غير المال ونحن نحميها".

نتيجة لذلك تقول المعلومات الصادرة من واشنطن وتل ابيب ان السعودية بقيادة الامير محمد بن سلمان تعهدت بتمرير "صفقة القرن" واقناع أو اجبار الفلسطينيين على قبولها مقابل ذلك حماية شرعية الامير محمد بن سلمان لولاية العهد من بعد ابيه.

يلاحظ المراقبون ان التحالف الوثيق بين السعودية والامارات والبحرين الاكثر اندفاعا نحو تنفيذ وتمويل صفقة القرن ليستتب الامر في المنطقة للثالوث الرهيب.

الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير خارجية الإمارات في مؤتمر المذلة للعرب جميعا المنعقد في وارسو قال ردا على سؤال احد الصحفيين بشأن العدوان الاسرائيلي على سورية: "لكل دولة الحق في أن تدافع عن نفسها"!

وهذا قول محمود، الا انه جاء في سياق تكرار الترحيب بالعدوان الاسرئيلي على سورية فالشيخ عبد الله من حيث يعلم او لا يعلم "يشرعن" للعدوان الإسرائيلي على سورية وكذلك على غزة وهذا موقف لم نتعوده في السياسة الخارجية الاماراتية في عهد مؤسس الدولة الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله.

والإمارات لا تحتاج لتملق إسرائيل او أمريكا لتقف هذه المواقف المندفعة نحو اسرائيل والتي تحط من مكانتها امام مواطنيها والشعب العربي والعالم الإسلامي.

والحديث عن الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية البحرين يطول فهو يتحدث كثيرا دون ان يختار كلماته التي لا تدينه ومملكة البحرين.

إنه "يعتبر التهديد الايراني اهم واخطر من القضية الفلسطينية" كان بودي ان يقول معاليه ان الخطر الايراني لا يقل عن الخطر الاسرائيلي تجاه البلاد العربية لكنه يخص ايران بالعداوة واسرائيل بالدولة المسالمة.

الشيخ خالد لم يكن موفقا في كل تصريحاته وبياناته السياسية. وفيما يتعلق بالسيد عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودية فلم اعد اهتم بما يقول لكثرة اقواله وقلة افعاله وسياسة خارجية السعودية تردت الى الحد الذي لا يشرف الدولة السعودية.

أعود الى السيد يوسف بن علوي وهو (وزير الدولة للشؤون الخارجية في عمان) رجل صاحب الدبلوماسية السرية الصامتة لا ينطق الا حين تستخدم معه أدوات التفجير الدبلوماسية، يجتمع مع نتنياهو ويزوره في مقره وليس له حاجة في ذلك حتى يسير إليه.

بل نتنياهو هو صاحب الحاجة الذي يبحث عن أي مسؤول عربي ليأخذ صورة معه ولا ندري ماذا قال بن علوي لنتنياهو ومن المتوقع ان ينطق نتنياهو عما دار في الاجتماع مع بن علوي ووزراء الثالوث الرهيب (السعودية، والامارات، والبحرين).

جملة القول الخليج العربي اليوم اصبح رهينة لاسرائيل والادارة الامريكية وذلك لضعف الكثير من القيادات الخليجية وارتمائهم في احضان الحماية الامريكية لعروشهم.

لكني على يقين بأن الادارات الامريكية لن تكون الضامن لبقاء هذه الانظمة وانما الشعب هو القادر على حماية نظامه وسيادة بلاده وبقاء قادته على هرم السلطة في كل دولة خليجية ان احسن هؤلاء القادة أعمالهم تجاه مواطنيهم.

اما ايران فلن يستطيع احد التحرش بها لأن قياداتها على قلب رجل واحد ومشروعها واضح وإدارة ترامب تعيش في بحر لجي من الازمات قد يطاح بها في اي وقت ويرفع الغطاء عن بعض حكامنا العرب، وتسود ايران ونكون جميعنا من الاخسرين.

آخر القول: مؤتمر وارسو، كان لحبك التآمر على فلسطين وشعبها بأموال وقيادات عربية، وغدا كوشنر وفريقه الصهيوني سيجوبون دول الخليج لتأكيد مشروع وأد القضية الفلسطينية.

ولا أستبعد أن ثلة من رجال سلطة عباس سيكونون شركاء في هذه المصيبة، وما لنا ألا نقول حسبنا الله ونعم الوكيل.

* د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر.