في أحد الإحياء بالعاصمة صنعاء أثناء توقفي للشراء من أحد المحلات التجارية, سمعته يتحدث عن الوحدة, كانت لهجته الجميلة توحي أنه من أبناء محافظة عدن ويبدو من ملامح وجهه أنه في العقد الخامس من عمره, وقفت لحظات بجوار المحاسب في ذلك المكان لأصغي إلى بقية كلامه, لحظتها كان يتحدث بصوت مرتفع, كي يُسمع من حوله أو كأنه يريد أن يوصل رسالة ما لإخوانه في شمال الوطن, كان يقول لا تصدقوا أن هناك حبا لهذا الوطن لمن يدعي أو يطالب بالانفصال, لقد ذقنا الأمرّين منهم, وهنا وجدتها فرصةً لأرد عليه وأنا أبتسم في وجهه.. من هم – ياعم - فرد "وعيناه فيها ملامح الغضب": "أصحاب الزمرة والطغمة".. وأردف قائلا: "يا ولدي أنا من الجنوب, وأريدك أن تعلم أن من يصرخ الآن بالانفصال هم كلهم من مواليد الوحدة, لا علم لهم ما لقينا في الجنوب من حروب ومجازر على يد هؤلاء القتلة الذين يدعون أنهم أوصياء على الشعب الجنوبي.
فقلت له: "لماذا الشباب فقط هم من يريد الانفصال".. فرد سريعا: "مغرر بهم، وقعوا ضحية أخطاء النظام السابق وخاصة بسبب عمليات الإقصاء والتهميش لأبناء الجنوب, إضافة إلى تأجيج عواطفهم نحو الانفصال عبر وسائل الإعلام حق علي سالم البيض, فقلت هل هذا السبب فقط, فرد سريعا: ياولدي هؤلاء الآن يغرسون كراهية هذا الوطن في هذا الجيل حتى وصل بهم الحد أن ينكروا أن أصلهم يمني, في حين كل العرب يعلمون أن أصل العرب هم أهل اليمن ونحن مصدر العروبة والرجولة.
جبال الحب يا أهل اليمن:
وجدت أن أكبر وسيلة تؤجج الكراهية في قلوب أبناء اليمن هي قناة نائب الرئيس السابق علي سالم البيض"عدن لايف" الممولة من طهران, هذه القناة التي أحرقت كل قيم الإخوة والتصالح من قلوب أهل اليمن, وانأ أشد على قرار وزارة الخارجية اليمنية عندما خاطبت الجهات الرسمية في لبنان لإغلاق هذه القناة التي يمكن أن نطلق عليها قناة الحقد والكراهية, التي يديرها إعلاميا من بيروت أحد الشخصيات الإعلامية الكبيرة المقربة من حسن نصر الله، القيادي الشيعي الموالي لإيران.
هذه القناة أصبحت اليوم أحد المنابر التي تصدّر سمومها لداخل الوطن, وتؤجج لحرب داخلية عبر بث سمومها الحاقدة لإذكاء الصراع الداخلي في اليمن.
دعوة لإغلاق "عدن لايف":
أنا أعتبر أن أولى الخطوات لإنجاح الحوار الوطني هو إغلاق هذه القناة قبل البدء في تنفيذ النقاط العشرين التي تخص القضية الجنوبية, لأنه من المحال أن نصل إلى أي اتفاق أو قواسم مشتركة مادام هناك من يذكي نار الحرب، ويؤجج براكين الحقد بين أبناء اليمن.
قناة "عدن لايف" يجب أن تحاكم، ويجب أن تُغلق اليوم قبل غدٍ؛ لأنها أصبحت قناة تهدف إلى عرقلة كل المشاريع والخطى التي يقودها الحكماء سواء في الشمال أو الجنوب لإنجاح مؤتمر الحوار الوطني, وظهرت في كل تغطيتها الإعلامية أنها قناة تنفذ أجندة خارجية, وعميلة لأذناب الدول التي ترى أن مصالحها التوسعية في المنطقة تبدأ بانفصال الشمال عن الجنوب.
يجب أن يكون خطاب وسائل الإعلام اليوم هو زرع قيم الحب في قلوب أبناء الوطن, ويجب بناء جبال من الحب فيما بيننا حتى نستطيع أن نخرج من مأزق الخلاف الداخلي لنتفرغ لبناء يمن جديد, يتسع لكل أبناء الوطن.